تـــــــــابــــــــع
"الصلاة – الصلاة "
ثم إنه يستحب للعروسين بعد ذلك أن يصليا ركعتين خفيفتين , ويدعوان الله عز وجل بعد الصلاة بالبركة في هذا الجمع الميمون المبارك.
فعن شقيق قال: جاء رجل يقال له : أبو حزير فقال : إني تزوجت جارية شابة , وإني أخاف أن تفركني (1), فقال: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن الإلف من الله , والفرك من الشيطان يريد أن يكره إليكم ما أحل الله لكم فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين وقل : اللهم بارك لي في أهلي وبارك لهم في , اللهم اجمع بيننا ما جمعت بخير , وفرق بيننا إذا فرقت إلى الخير.
وهكذا يرفع الإسلام من معنويات الزوجين في هذه الليلة بالدعاء والصلاة مما يوحى إليهما أن الغاية الأولى من الزواج ليست المتعة فحسب, بل أداء واجب ديني, وإنجاب أولاد يخدمون دينهم وأمتهم كما ذكرنا آنفاً.
"مقدمات لابد منها"
وبعد الإنتهاء من الصلاة تبدأ العملية الجنسية كما أرادها الإسلام , ومن عظمة هذا الدين أنه جعل لها مقدمات أدخلها في قائمة الآداب والمستحبات فلابد قبل أن يأتي الزوج عروسه, أن تكون هناك مداعبات, وملاعبات من قبلة, وكلمة وعناق, والحقيقة أن هذه المقدمات ليست خاصة بليلة الزفاف وحدها, بل إنها مطلوبة عند كل اتصال والتقاء جنسي بين الرجل وامرأته, ولا يخفى ما في القبلة , والملاعبة والعناق, من التهيئة النفسية للمباشرة, واستثارة الغريزة الجنسية, والرجل الذي يهمل الملاعبة وأخواتها هو في الحقيقة إنسان لم يفهم عن الحياة الزوجية شيئا وقد ذكر أحد العلماء الغربيين في بعض بحوثه أن الرجل الذي يهمل الملاعبة مجرم أثيم يتصف بالخشونة, والوقاحة الحيوانية, لأن إهمال الملاعبة يضايق المرأة, ويثير اشمئزازها, بل يؤذيها إيذاء خالصا, فيجب أن يهتم الزوج وزوجه بالملاعبة والمداعبة اهتماما كلياً, أ هـ.
وصلى الله وسلم على الرسول المعظم, فقد سبق كل من قال , وتفوق على كل من تحدث وتكلم.
فقد اعتبر صلى الله عليه وسلم كل من يهمل المداعبة, والملاعبة من أهل العجز.
روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاثة من العجز, وعد منها ... وأن يقارب الرجل أهله أو زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها..." (2)
ولولا أهمية هذا الأمر ما بصر أصحابه به , ولكنه بصر ووضح.
ألم يقل لجابر بن عبدالله حين أخبره أنه تزوج ثيباً: فهلا بكرا تلاعبك وتلاعبها, تضاحكك, وتضاحكها" (3)
وفي رواية مسلم أنه قال له : "فأين أنت من العذراء ولعابها" (4) وفي رواية الطبراني أنه قال له: "فهلا بكرا تعضك وتعضها" (5)
وبعد الملاعبة , وبلوغ النشوة يبدأ الزوج في إزالة البكارة, ولابد هنا من توجيهات ننبه الزوج المسلم إليها.
الحذر أيها الزوج:
اعلم أن عروسك لا بد خائفة من إزالة هذا الغشاء وهذا الخوف له معان وأسباب أعمق من الخوف من آلام بدنية عابرة, فإن إزالة البكارة معناها الإنتقال من حال إلى حال, وبدء فصل جديد من أهم فصول الحياة النسوية, ومن أهم الحوادث في حياتها.
فلا تلجأ إلى العنف كما يفعل بعض الجهلاء من ضرب للزوجات في أول لقاء يتم بينهما, وهذا جهل فاضح, وغياء مستفحل.
فالعروس مهما بلغ حبها لك , وتقديرها لشخصك, فهي لا تخلو في هذه اللحظة من التعب النفسي, فهذا أول عهدها بالرجال, فهون عليها الأمر , وبين لها أن هذا الغشاء يتمزق في أثناء العمل الأول من الملامسة , حتى تعود إليها الراحة النفسية الكاملة.
واعلم كذلك أنه يجب عليك أن تكون في كامل راحتك النفسية حتى تستطيع القيام بهذا العمل كما ذكر أهل الذكر من الأطباء.
وإذا لم يتمزق غشاء البكارة بسهولة وسرعة , فيجب على الزوج أن يؤجل العمل إلى اليوم التالي أو ما بعده, لأنه إذا استمر في محاولاته مدة طويلة أو كررها بعد فترة قصيرة أو لجأ إلى العنف, فلن يجنى من ذلك إلا زيادة حساسية عروسه للآلام وزيادة خوفها العصبي, وبذلك يزيد الصعاب ويضيع فرصة النجاح في الإيلاج وإزالة هذا الحاجز بسهولة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)تفركني: أي تبغضني ومنه حديث النبي صلى الله عليه وسلم : لا يفرك مؤمن مؤمنة : أي لا يبغضها.
(2)رواه الديلمي في مسند الفردوس. (3)رواه البخاري فتح الباري 9/513, ومسلم 4/176, النسائي 6/61
(4)رواه مسلم 4/175-176 وقد وردت كلمة لعابها في مسلم بكسر اللام , ووقع في بعض نسخ البخاري وحمل الجمهور تلاعبها على اللعب المعروف , وقال بعضهم هو من اللعاب وهو الريق والمقصود القبلة.
(5)رواه الطبراني في المعجم الكبير 19/149-150 عن الربيع بن كعب, عن أبيه.