كشف العلماء الأستراليون في قسم الصناعات الأولية التابع لحكومة "ميلبورن" المحلية النقاب عن مركٌب مضاد للبكتيريا، وفعال مائة مرة أكثر من البنسيلين(عقار مضاد للجراثيم)، في حليب "والابي" (Wallaby) وهو كنغر صغير يعيش في أستراليا. هذا وذكر الباحثون أنهم حددوا مادة قوية جداً، في حليب الكنغر، مسماة (AGG01)، أثبتت مفعولاً خارقاً مضاداً لتشكيلة واسعة من الفطريات والبكتيريا المسببة للأمراض، بما فيها أنواع البكتيريا الخارقة الجديدة المقاومة للأدوية.
من جانبهم، يُجمع خبراء الرعاية الصحية العالميون على أن أهمية هذا الاكتشاف الأسترالي تكمن في تأثيره المستقبلي العميق على صحة الإنسان والحيوان سوية. فإمكانات المركٌب المستخرج من حليب الكنغر "والابي" تجعله قابل للإنتاج على المستوى التجاري من طريق الاصطناع، أي تكوين ذلك المركٌب تجارياً عبر التوحيد الكيميائي لعناصره، وهو ما سيثبت ثقله العلاجي الحيوي في مكافحة شتى الأمراض البشرية والحيوانية التي بدأت مقاومتها المتصاعدة أكثر فأكثر أمام تعاطي الأدوية تدهش حتى الشركات الصيدلانية الكبرى.
ويعتبر الاكتشاف، من وجهة نظر بيولوجية وتطورية، لا سابق له في العالم إذ لا يوجد شبيهاً للمركٌب (AGG01) عند البشر أو البقر، وكأن الثدييات فقدت، أثناء تطورها، جين ذلك المركٌب الأعجوبة المضاد للبكتيريا الذي ما زال حاضراً عند تلك الجرابيات(الجرابيٌ حيوان من الجرابيات أو ذوات الجراب كالكنغر وأضرابه). يذكر أن الكنغر "والابي" تولد من دون نظام مناعة جيد وتعتمد إذن على رضاعة حليب الأم، الذي يحوي المواد المغذية، حتى تبدأ ذاتياً إنتاج الأجسام المضادة ضد الجراثيم(هي تلك الأجسام التي ينتجها جهاز المناعة بالجسم من طريق خلايا الدم) بعد مرور مائة يوم على ولادتها.
وجاء الاكتشاف مصادفة حين كان العلماء منهمكون في دراسة الخصائص الكيميائية لحليب أنثى الكنغر الأسترالي، من النوع "والابي"، ابتغاء معرفة كيف يستطيع أطفالها، المولودين مع نقص في نظام المناعة، مقاومة البكتيريا خلال وجودهم في جيب الأم. لكن وبفضل المعطيات الآتية من مشروع أسترالي أوروبي مشترك حول رسم خريطة جينوم هذا النوع من الكنغر، المرتبطة بتحديد تسلسل الحمض النووي DNA، تمكن الباحثون من تمييز أكثر من ثلاثين جينة وعزلها في حليب أنثى الكنغر "والابي" تساعد في مكافحة البكتيريا.
وأظهر المركٌب (AGG01) فعاليته في محاربة البكتيريا الخارقة المروعة المسماة (MRSA: Methicillin Resistant Staphylococcus Aureus)، التي تتفشى حالياً في العديد من المستشفيات حول العالم من أميركا وصولاً الى أوروبا (مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا) وتقاوم بضراوة كافة أنواع المضادات الحيوية للالتهابات الفيروسية. علاوة على ذلك، يأمل الفريق الأسترالي في التقرٌب من الشركات البيوتقنية العالمية من أجل طلب العون اللوجستي والمالي لتطوير دواء جديداً، يحتوي على ذلك المركٌب الأعجوبة، واختباره على الصعيد التجاري العالمي.
منقول