التناغم الفكري والتنوع الثقافي بين الأزواج
نعاني أيها الأزواج الكرام والزوجات الكريمات من فجوة ثقافية كبيرة بيننا وبين الأجيال التي تسبقنا بسبب الطفرة المعلوماتية والتطور العلمي المتسارع الذي نعيشه الآن في عصرنا الحاضر ولو ناقشنا أحد من كبار السن من الرجال أو النساء لوجدنا ذلك جلياً وواضحاً في النقد الذي يوجهه إلى حياتنا الحاضر والأمثلة التي تضرب من حين إلى آخر.. قد يكونون مصيبين وقد يكونون مخطئين في المقارنة التي يوردونها ليثبتوا خطأ التيار العلمي والثقافي الذي يجرفنا في سياقه ولكن هل بحثنا في هذه الفجوة في أنفسنا نحن؟ هل نجد أن هناك شيئاً غير طبيعي في حياتنا وثقافتنا المكتسبة ؟ قد لا نلاحظ ذلك لأننا وجدنا هذا الشيء في حياتنا وعايشنا واستطعنا التأقلم معه ولكن السؤال الحقيقي هل نلاحظ تلك الفجوة في حياتنا الزوجية من ناحية الأفكار والثقافات وحتى الأعراف والعادات ؟؟؟؟؟؟؟؟
أعتقد أن الإجابة نعم بدون تردد وخصوصاً في بداية الحياة الزوجية .. فأنا قد آتي من مجتمع له خصائصه الثقافية الخاصة وزوجتي قد تأتي من مجتمع يختلف عن تلك الثقافات وقد يصطدم معها في أمور كثيرة !!!!! وقد آتي من مجتمع دعوني أقلص ذلك المجتمع ليكون أسرة فأقول أسرة ذات تعليم معين قد يكون مرتفعاً وقد يكون منخفضاً وزوجتي كذلك ولكن الاصطدام هنا في حال التعاكس والتضاد فمثلاً قد أكون حصلت على الشهادات العليا وهي لم تكمل تعليمها الثانوي وقد أكون لم أصل حتى الكفاءة المتوسطة وهي تحمل درجة الماجستير في أحد التخصصات فهل من المعقول والبديهة أن نكون مشتركين في أفكارنا وثقافاتنا وأدرج معها أعرافنا وتقاليدنا إذا اعتبرنا بيئتين مختلفتين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نعم إن ذلك ممكن في الحياة الزوجية دون غيرها من المجتمعات المختلفة باختلاف تجمعها .. فتلك الحياة الجميلة شملت وضمت كل بنود الدين والدنيا جعلت في بنائها التأقلم والتعايش بين طرفين لكل منهما ثقافته المختلفة وطريقة عيشه المستقلة لتجمع بينهما في حياة واحدة لتصبح هذه الحياة مزيجاً بين تلك المعطيات فيصبح هناك ناتج واحد وهو السعادة الزوجية بإذن الله .
ولو تأملنا حديث النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) ونظرنا إلى ذلك من منظور التأثر النفسي والتأثير في الحياة لوجدنا أن ذلك هو التأثير النفسي والتأثر الفكري وقبله الديني بين الأزواج فإن معنى الزواج هو التمازج والازدواج بين شيئين فكل من الزوج أو الزوجة يتأثر تأثراً مباشراً من الطرف الآخر في كل شيء في الدين والعلم والمأكل والمشرب وحتى في طريقة الكلام وفي الأفكار نفسها وطريقة طرحها ونقاشها ولو تمعنا ذلك لوجدناه واضحاً وجلياً فينا وفي أنفسنا. فأنا قد اكتسب من زوجتي ما أراه مفيداً لي في حياتي وما يتناسب مع تكويني كرجل وكذلك زوجتي قد تكتسب مني ما يتناسب مع تكوينها كامرأة ، وقد يتم ذلك التبادل دون أن نعرف وحتى دون أن نعي بأن هناك ذلك التناغم الزوجي بيننا وهو ما يؤدي إلى التوافق في نهاية الأمر .. وقد تجتهد زوجتي لتتعلم مني وتقرأ حتى ما أقرأه وتكتب كما أكتب وقد أفعل العكس دون أن نعلم ولكنه حب التعايش بيننا والاقتداء النفسي الذي نعمله بدافع الإعجاب بيننا في بدايته لكنه ما يلبث أن يتحول إلى تمازج في أفكارنا وحتى في حياتنا الواقعية .. وقد أجد بعد فترة بأن ما أريده فعلته زوجتي قبل أن أطلبه وما تريده زوجتي قد أكون فعلته قبل أن تطلبه أو يتصرف كل منا بنفس ما سيتصرف به الطرف الآخر في أمر ما وفي موقف معين والسبب في ذلك أن كلاً منا أصبح يفكر بنفس طريقة التفكير الموجودة عند الطرف الآخر ويحملها في نفسه .. فلنحرص على الاكتساب من كل ما هو مفيد بيننا كأزواج سواء بإرادتنا أو بعفويتنا الزوجية فإن ذلك من أهم مفاتيح النجاح الزوجي والطريق المعبدة إلى السعادة الزوجية .....