بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
موافقة الغاضب
دخلت المنزل وقد اشتد غضبي على ولدي لأنه استمر في مخالفة ما أوصيته به. يتابع عبد الرزاق قوله: فطلبت مني زوجتي العفو عنه قائلة: ما يضر، سامحه هذه المرة! فازددت غضباً عليها وعليه. وقلت لها : أنت لا تحسنين التصرف - يعني لحظة الغضب - بدلاً من أن توافقيني على سبب غضبي ، تتعاملين معي كما لو كنت طفلاً ؟!
هذه حوادث تحصل لكثير من الأزواج مع زوجاتهم. تريد الزوجة تهدئة الزوج ولكن بطريقة تثير الأعصاب بدلاً من تهدئتها وإخمادها ! إذ ينبغي أولاً موافقة الزوج على غضبه بسبب أخطاء الولد وأنه يستحق العقوبة ، وأن الزوج محق في هذا الشعور لتمتص بعض غضبه مع الإشارات البعيدة للرحمة والعفو.
قال الله تعالى لعيسى عليه السلام:
{أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك} ، ثم قال :
{إن تعذبهم فإنهم عبادك} فإنهم يستحقون العذاب وهم ما زالوا عبادك في ملكك لم يخرجوا عن قهرك،
{وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، فإن عفوت عفوت عن كمال العزة والقوة والقهر لا عن ضعف، وإن غفرت فإنك تعلم من يستحق المغفرة والوقت المناسب للعفو، فلا يخرج حكمك النهائي عن كمال الحكمة.
أكدي للزوج أن السبب الذي أغضبه هو سبب معتبر، ويستحق المؤاخذة لتشاطريه همومه.
اتصلت إحداهن بأحد المشايخ تشتكي زوجها وهي في قمة الغضب عليه، وأنه يظلمها ويمنعها كثيراً من حقوقها. فأجابها الشيخ: بأن هذه حال كثير من الأزواج وهو ظلم الزوجات، وقد حذر الله تعالى الأزواج من ظلمهن بالإكثار من ذكر العقوبة المترتبة عليه، والأمر بتقوى الله عز وجل في آيات النكاح
{واتقوا الله}. وإذا كان الأزواج يتعاملون بعلو مع الزوجات فإن الله تعالى أعلى من الأزواج
{إن الله كان علياً كبيراً}.
ثم سألها الشيخ: هل له من حسنة في تعامله معك ؟ فسردت وأطنبت في ذكر حسناته وهي تبكي. وبعدها أغلقت الهاتف ثم لم تتصل بعدها !
موافقة الغاضب فيما هو محق فيه تجعله يطرح عن كاهله أغلب ما في نفسه من ضيق وغضب، فتصفو نفسه.
عندما اشتد غضب النبي صلى الله عليه وسلم يوماً على نسائه بسبب أنهن يسألنه زيادة في النفقة وليست عنده، استأذن عليه أبوبكر الصديق رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه. فقال عمر رضي الله عنه : لأكلّمن النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك. فقال: يا رسول الله! لو رأيت ابنة زيد-زوجة عمر-سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها (وكان عمر صادقاً)، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه. فقال صلى الله عليه وسلم : هن حولي يسألنني النفقة. فهدأ غضب النبي صلى الله عليه وسلم عندما وافقه عمر رضي الله عنه.
فقام أبو بكر إلى ابنته عائشة رضي الله عنها ليضربها، وقام عمر إلى ابنته، وكلاهما يقول: تسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده، فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم.
وافقي الزوج الغاضب فيما هو محق فيه، ثم تلطفي في أن تثنيه عن رأيه ولكن من بعيد !
منقول