التربية السليمة الـمتكاملة هي التي تعنى بالصحة النفسية للطفل منذ وقت مبكر لأنها ستوفر على الوالدين مستقبلا الكثير من الجهد وتـمد طفلهما بالثقة والشعور بالتوازن النفسي اللذين سيقودانه إلى بر الأمان فتتفتح مواهبه ويزدهر نبوغه.
الدكتورة حكيمة لبار (اختصاصية في العلاج والتحليل النفسي) تحدثنا عن الدور الأساسي للوالدين في الرعاية النفسية للطفل.
أهم الأعراض
أهم الأعراض التي تشير الى معاناة الطفل من متاعب نفسية:
* صعوبة تعلم القراءة والكتابة.
* صعوبة الـمشي، مشاكل في النطق.
* عدم القدرة على اللعب والاندماج مع باقي الأطفال.
* الحركة الـمفرطة.
* الأرق.
* ضعف الشهية والتبول اللاإرادي وغيرها.
هذه العلامات عندما تظهر إحداها على الطفل يقوم الاختصاصي بالبحث في أسبابها حسب كل حالة من دون أن يحمل مسؤولية وجودها لأحد، خاصة الوالدين لأنهما قد يتصرفان من غير وعي بحيث يعتقدان أن كل ما يفعلانه ويقولانه يصب في مصلحة طفلها.
في البداية تعترف الدكتورة حكيمة بصعوبة مهمات الأم والأب عموما، إذ تقول:
أن تكون أماً أو أباً، وظيفة صعبة جدا وليس مجرد إنجاب الأطفال هو ما يجعلنا آباء وأمهات، بل هي مسألة مكتسبة عن طريق التعلم وتراكم التجارب والخبرات لأن فهم ومعرفة نفسية الطفل هي الطريق الصحيح للتنشئة السليمة، من هنا تبرز ضرورة وجود مؤسسات تقوم بتوجيه الآباء قبل الزواج وبعده ومساعدتهم ليصبحوا آباء صالحين في الـمستقبل كما هو حاصل في أوروبا وأميركا ومنها التجربة الرائدة لـ فرانسواز دالتو Fransoise Dalto عالـمة النفس وصاحبة «البيت الأخضر» الذي يقصده الآلاف من الآباء والأمهات بصحبة أطفالهم طلبا للمشورة والنصح من مجموعة كبيرة من الاختصاصيين النفسيين وخبراء التوجيه التربوي حول كل ما يتعلق بالصعوبات التي تواجههم أثناء التعامل مع أطفالهم، وللأسف يندر وجود مثل هذه الـمؤسسات في العالم العربي، لكن ذلك لا يعفي الوالدين من ضرورة السعي وراء التوجيه والـمعرفة من خلال الاطلاع على الكتب والـمؤلفات الـمتخصصة التي أصبحت توجد بوفرة وتهتم بـمختلف جوانب شخصية الطفل وسيكولوجيته، أما الخيار الأهم والأسهل فهو مراجعة اختصاصي نفسي.
العلاج في الصغر
لكن العائلة العربية لم تعتد بعد على وجود الاختصاصي النفسي في حياتها بشكل طبيعي، فكيف تقتنع الامهات ان مراجعة مثل هذا الاختصاصي ينبغي ألا يخجلها؟ تقول الدكتورة حكيمة: من المفيد جدا كسر الحاجز القديم حول ما يدور من تصورات مغلوطة عن الفئة التي تلجأ إلى الطبيب النفسي ويكتسي هذا الأمر أهمية مضاعفة بالنسبة للأطفال، حيث يجد الوالدان أمامهما محاورا لطرح كل الأسئلة التي تتبادر إلى ذهنهما والتكلم بحرية حول الصعوبات التي تواجههما في تربية أبنائهما ثم الاتفاق على الحلول الأنسب، فمراجعة العيادة النفسية قد تكون لـمجرد الاستشارة ولا تعني الدخول في علاج نفساني طويل، بل ربما لا يستغرق الوقت أكثر من جلسة أو جلستين مـما يوفر الجهد والوقت على الامهات والآباء.
دور الاختصاصي النفسي
بحكم معرفته بنمو وتطور الطفل يضع إصبعه مباشرة على الجرح ويـمدك بآراء وتوجيهات علمية بدل الاستغراق في البحث والتقصي والسؤال، وتؤكد الدكتورة حكيمة أنه كلما عالـجنا الـمشاكل النفسية في سن أصغر كان العلاج أسهل واكثر فعالية لأن استمرار الـمشكلة النفسية مع الطفل إلى فترة الـمراهقة والنضوج يجعلها أكثر تعقيدا وقد تترسخ الاضطرابات لتصبح جزءا من شخصيته ويرفض بعد ذلك العلاج نهائيا.
راقبي طفلك لتكتشفي علامات اضطرابه
تدعو الدكتورة لبار الأمهات إلى الـمتابعة الـمستمرة والـملاحظة الدقيقة لـمختلف الاختلالات والتصرفات غير العادية التي قد تطرأ على أطفالهن مهما بدت لهن بسيطة لأنها قد تكون مؤشرا مبكرا إلى اضطرابات سلوكية في الـمستقبل، لكن أغلب الأمهات للاسف لا يلاحظن أو لا يرغبن في الـملاحظة لأن قوة القرب والتعلق بالصغير تكون إلى درجة كبيرة لا تستطيع معها استكشاف مكامن الخلل النفسي لديه أو قد تقنع نفسها بعبارة «عندما يكبر سيتحسن» وهو تصور خاطئ بالتأكيد، فقد تتحسن الحالة ظاهريا لأنها تتوارى في العقل الباطن ثم تظهر بعد أن ينطلق في ميدان الحياة، لهذه الأسباب قد تشكل الـمدرسة الـمكان الأنسب لـملاحظة الطفل عن قرب، خاصة أنه يقضي معظم وقته فيها لهذا يجب وضع الثقة الكاملة في الـمدرسين والاستفسار الدائم عن أحوال الطفل وتصرفاته مع زملائه ومدرسيه.
الأطفال يحتاجون إلى الـحب
تؤكد الدكتورة لبار أن الـمستلزمات الأساسية للصحة النفسية للطفل هي أبسط بكثير مـما يتصور الآباء، فالحب والحنان هو ما يحتاجه لأنه من الحقوق الطبيعية لأي إنسان منذ مولده ويجب ألا يحرم منه، فالطفل سريعا ما يلاحظ ويتأثر حتى قبل عامه الأول بأي مظهر من مظاهر اللامبالاة وعدم الاهتمام أو التمييز في الـمعاملة، فشعور الطفل بأنه غير محبوب قد يدفعه إلى عدد من التصرفات الـمتباينة على عكس الطفل الذي يحظى بنصيب كبير من محبة الأب والأم فتكون شخصيته سوية واثقة وفاعلة، لكن هذا الأثر ليس النتيجة الحتمية لكل أنواع الحب، إذ لا بد للنوع الذي يعطي هذه النتيجة أن يكون قويا جريئا وليس قلقـا Angoissé LAmour كحب الأم التي تبالغ في الخوف على طفلها من غير داع وتحذيره مـما قد يتعرض له فتجعل منه إنسانا جبانا مترددا وبالتالي غير ناجح في الحياة
أنا كمان عندى ابنى الكبير فيه بعضا منها
لكن الله يعين فى إقناع ابوه بالذهاب به لطبيب نفسى صراحة مجتمعاتنا هنا لا تلجأ للطبيسب النفسى إلا فى نطاق ضيق جدا