الانحراف العاطفي
للشيخ الدكتور يوسف بن عبد الله الأحمد
الحمد لله الذي منّ علينا بنعمة الإسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فقد زُرتُ أحد مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان عندهم قضية اختلاء لفتاة في السنة الأولى ثانوية وعمرها ست عشرة سنة، بدأت علاقة هذه الفتاة مع الشاب منذ سنة، ويحرص الإخوة الأفاضل في ذلك المركز أن يعطوا المرأة المخالفة إذا دخلت المركز العباءة الشرعية لتجعلها فوق العباءة المتبرجة، ويعطونها القفاز والشّرّاب الأسود، ووضع ستارة بينهم وبينها أثناء الحديث معها.
كان لهذه الفتاة بطاقتان للخروج من المدرسة، الأولى لركوب الحافلة والثانية لركوب السيارة الخاصة، وكانت تستغل البطاقة الخاصة للركوب مع ذلك الشاب، وخلال فترة وصول الحافلة إلى منزلها تبقى في تجول بالسيارة مع ذلك الشاب، وربما ذهبا إلى مطعم عائلي، وحينما طلب أعضاء الهيئة من هذه الفتاة رقم هاتف والدها رفضت وبكت بكاءً مرّا، وكانت تتوسل لهم: ألا تخبروا أبي. تأثر أعضاء الهيئة بسبب استمرار الفتاة بالبكاء وهم أحرص الناس على الستر عليها، ولكنهم يدركون أنه من مقتضى الستر عليها أن يُخْبَر والدها بالموضوع. ويدركون أيضًا أن هذه الفتاة ربما لا تزال متعلقة بذلك الشاب فترجع إليه، وربما صدقت توبتها إلا أن ذلك الشاب يمارس الضغط عليها بقوة العاطفة، وربما هدّدها بالأشرطة والصور التي لديه، فإذا كانت هذه الفتاة تتوسل إلى أعضاء الهيئة حتى لا يعلم والدها، فكيف سيكون رضوخها أمام تهديد عشيقها.
حصل أعضاء الهيئة على رقم والدها، فاتصلوا به وأخبروه برغبتهم في حضوره، فجاء مسرعًا وأُخبِر عن ابنته بأسلوب هادئ، فتأثر تأثرًا عظيمًا، ورأيتُ التغير على وجهه، وأظن أن هذا الأب لم يمر عليه ولن يمر عليه موقفٌ هو أخزى من هذا الموقف.. فقد مرّغت تلك الفتاة وجه أبيها في تراب الفضيحة والعار.
أيها الإخوة الأفاضل
هذه القصة وأمثالها هي موضوع هذه المحاضرة، وهي قصة تتكرر كل يوم بعدد كبير، ومتوسط حالات المعاكسة والخلوة المحرمة التي ضُبِطت في عام 1421 مئة وست عشرة حالة تتكرر كل ليلة، ومما يؤكد على خطورة الموضوع أن خط الانحراف العاطفي انحرف إلى الطالبات، وهنا إحصائية مهمة في معرفة أكثر الفتيات اللواتي يُقْبَض عليهن في خلوةٍ محرّمة، والإحصائية هنا في فئة الطالبات: أكثر الفتيات اللواتي يقبض عليهن في خلوة محرّمة هنّ طالبات المرحلة الثانوية ثم طالبات المرحلة المتوسطة ثم الجامعية ثم طالبات السادس الابتدائي، وأسوق إليكم هذه الإحصائية لمركز هيئة واحد ولفترة زمنية محددة وفق الجدول الآتي:
طالبات الصف السادس الابتدائي---- 6 طالبات
طالبات المرحلة المتوسطة-------------------------- 75 طالبة قبض عليهن في خلوة محرّمة
طالبات المرحلة الثانوية-----------------------------91 طالبة قبض عليهن في خلوة محرّمة
طالبات المرحلة الجامعية---------------------------- 38 طالبة قبض عليهن في خلوة محرّمة
أحببت أن أقدم هذه المحاضرة بهذه القصة وهذه الأرقام حتى يدرك الجميع خطر الموضوع وأهمية بيانه.
ثانيًا: لم أكن أرى قبل خمس عشرة سنة طرح ذا الموضوع علنًا بهذا الوضوح؛ لأن المرأة كانت غافلة، والغفلة صفة مدحٍ وثناء للمرأة العفيفة، كما قال الله تعالى: ( إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور:23). أما الآن فقد تغير الحال وأصبح الانحراف العاطفي ظاهرة في المجتمع، وعمل الهيئات بضبط القضايا لا يكفي في العلاج، فلم تزل عدد القضايا في ازدياد مستمر، بل لابد من الطرح النظري الذي يحقق التحصين والتحذير من هذا الانحراف للآباء والأمهات والمربين والمربيات والشباب والفتيات.
لقد ترددت كثيرًا في طرح هذا الموضوع بهذه التفاصيل، وشاورت عددًا كبيرا من المشايخ وطلاب العلم، فمن كان له دراية بخطر الموضوع أو كان عاملاً في الهيئات فإنه لم يتخلف واحدٌ منهم عن القول بأهمية طرح هذا الموضوع بهذه التفاصيل وزيادة، ومع ذلك فقد حذفت قدرًا مهمًا من التفاصيل، وحرصت على انتقاء العبارة التي تؤدي الغرض وتحفظ حق احترام مسامع الناس.
ثالثًا: هذا الموضوع موضوع حسّاس، وقد يجرح مشاعر بعض الناس وخصوصا ممن خطا في طريق الانحراف، أو كان له تجربةٌ فيه، ولذا فإني أعتذر إليهم وأجد نفسي مضطرًا بعدما استفحل المرض إلى العرض الصريح للموضوع؛ حماية للعفاف وإنقاذًا لمن زلّت به القدم، ومع ذلك فإني سأسعى جاهدًا في انتقاء الجمل والكلمات، وربما أترك بعض القصص وبعض التفاصيل مراعاةً لمشاعرهم.
رابعًا: أحببت ألا أطرح هذا الموضوع إلا بعد الإعداد المتين له ، وقد مضى على إعداده قرابة السنتين، التقيت خلالها بعدد كبير من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المنطقة الشرقية والوسطى والغربية، والتقيت كذلك بعددٍ كبير ممن وقع في الانحراف العاطفي من الشباب التائب، وعددٍ ممن لم يزل في طريق الانحراف، وكان من مصادري في ذلك استبانة وزعتها على جميع هذه الفئات.
خامسًا: أرجو بطرح هذه المحاضرة أن تكون سببًا مؤثرًا في صيانة الفضيلة والحد من ظاهرة الانحراف العاطفي بين الشباب والفتيات بتوعية المجتمع وتحصين الفتاة وأهلها، وعلاج من وقع في أسر الانحراف العاطفي.
سادسًا: ما أذكره من قصص كله ثابت دون مبالغة، فهي قصص باشرتها بنفسي أو أخذتها من عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي باشر القضية أو من شاب أدرك حياة الجاهلية ثم منّ الله عليه بالتوبة والاستقامة.
وبعد هذه المقدمة أنتقل إلى المظاهر ثم الأسباب ثم العلاج....
وفي انتظار بقية الاجزاء ..ونسأل الله ان يجعلها في موازين حسناتك...
تحياتي يثبت الموضوع بعد اذن المشرفين
__________________
سئل الخوارزمي عن الانسان فقال..
اذا كان الانسان ذو (اخلاق) فهو =1
واذا كان ذو جمال اضف الى الواحد صفر=10
واذا كان ذو مال ايضا اضف صفرا=100
واذا كان ذو جمال اضف صفرا ثالثا=1000
واذا كان ذو حسب ونسب اضف صفرا =10000
فلوذهب العدد (1) ذهبت قيمة الانسان وبقيت الاصفار بلا فائدة...
%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%%
اللهم اشفي امي وابي شفاء تاما..وعوضهما كل خير
جزاء الله خير الجزاء أخت/ الكنز الثمين وجعل الله هذا الموضوع في ميزان حسناتك لما فيه من نفع وتنبيه لكل غافلة عن دينها وغارقة في اوهام العواطف الكاذبة
وفي انتظار المزيد منك أختي في كل ما هو نافع ومفيد
__________________
[light=99CC99]فلسطينية كيف تبكي وأهلك أسياد.....الحزن لنا فرح والموت ميلاد[/light]
عادة ما تمر علاقة الشاب بالفتاة بثمان مراحل، وما سأذكره من مراحل يعرفها الشباب المنحرف حق المعرفة، ولكن المشكلة جهل الأبوين بها وكذلك الفتاة التي يتم استدراجها وهي لا تعلم، وهنا تأتي أهمية بيان هذه المراحل. ولا يمكن أن نستبين سبيل هؤلاء المجرمين إلا بكشفها، ومصالح ذكر هذه المراحل الآن تربو على مفاسد السكوت عنها:
المرحلة الأولى: الحصول على رقم هاتف الفتاة والاتصال بها، وهذه أهم وأخطر مرحلة؛ لأن الفتاة تكون هنا هي الأقوى، وإذا أغلقت الباب ولم تستجب له نجت بإذن الله تعالى.
المرحلة الثانية: البدء بالمكالمات ولا يريد الشاب من الفتاة بهذه المرحلة أكثر من أن تقبل الاستماع إليه فيجري الحديث بينهما على حياءٍ منها بأسلوب هادئ ولغة نظيفة، والهدف كما ذكرت هو أن يجري بينهما كلامٌ فقط وأن تتكرر هذه المكالمات، ويتحدث الشاب معها غالبًا باسم مستعار.
المرحلة الثالثة: تكوين العلاقة العاطفية، إذا تكررت المكالمات فإن الميل العاطفي يقع في قلب الفتاة بكل سهولة وليس ثمة أقوى في تقوية العلاقة العاطفية من تكرار المكالمات، ويستعمل الشاب في هذه المرحلة وسائل أخرى كسماع مشاكلها المدرسية أو البيتية والسعي في حلها وإشعارها بصدقه وأمانته حتى تطمئن إليه، وأنها محل اهتمامه الخاص حتى تتعلق الفتاة عاطفيًا بهذا الشاب، وربما أهداها هاتف جوال أو رقم شريحة بطاقة مسبوقة الدفع حتى تكلمه بجوال آخر لا يعلمُ عنه أحد من أهل البيت.
المرحلة الرابعة: إذ تعلقت الفتاة بهذا الشاب، يكثر الحديث بينهما عن جانب المحبة والارتياح والرغبة في الزواج، فتعيش الفتاة حينها في الأوهام، ولا ترى في هذا الشاب إلا صفات المدح والثناء، ولا ترى العيوب ولا تطيق الصبر عنه، وتكون حينها في غاية الضعف أمامه.
المرحلة الخامسة: الخروج معه بالسيارة للمرة الأولى، ويكون هدف الشاب منها هو كسر حاجز الخوف، ولذلك فإنه يكتفي بالتجول بالسيارة قليلاً ثم يعيدها بسرعة، ومع ذلك فهي خطوة جريئة تخطوها الفتاة بسبب التعلق العاطفي الذي أعمى بصرها.
المرحلة السادسة: تكرار الخروج معها بالسيارة والنزول معها في المطاعم العائلية وربما ذهب بها إلى بعض الأماكن العامة كالمنتزهات والملاهي والحدائق، ومن علامات الريبة دخول شاب وفتاة في مطعم عائلي في الفترة الصباحية وقبيل صلاة الظهر في أيام الدراسة، وخلال المرحلتين السابقتين يكثر فيها الشاب من كلمات المديح والثناء والإعجاب وأنه يريد الزواج منها ويصحب ذلك تقديم الهدايا، ولا تكاد أن تسلم أي علاقة من هدية الجوال، ويحاكي الشاب فيها نفسية وميول الفتاة، ويكون مهتمًا كثيرًا بمظهره ونوع الجوال والرقم المميز واختيار السيارة المناسبة والتي قد يستعيرها أو يستأجرها، والشاب المتمرس في استدراج الفتيات غالبًا ما يكون لديه أكثر من جوال ويخسر خلالها أموالا كثيرة بسبب فاتورة الهاتف.
وخلال المراحل السابقة أيضا يستميت الشاب في الحصول على ما أمكن من المستمسكات على الفتاة بدءًا بتسجيل جميع المكالمات والاحتفاظ بما يأخذه منها من صور أو غيرها، وربما قام بتصويرها بالتصوير الفوتوغرافي أو الفيديو من خلال كاميرا الجوال أو بعض الكاميرات الصغيرة التي يخفيها في السيارة أو المكان الذي يختليان فيه، وهذه المستمسكات عبارة عن ضمانات يضعها الشاب في يده ضد هذه الفتاة حتى يضمن استمرار العلاقة بها ويضمن عدم تبليغها عنه لو تابت من فعلها، وأهم أهدافه هو أن يهددها بإيصالها إلى أهلها ونشرها في الانترنت إن رفضت الخروج معه والخلوة به.
وبعض الشباب ينشر في الانترنت كل صورة لفتاة يحصل عليها أو يرسلها إلى زملائه أو غيرهم برسائل الجوال وخاصية البلوتوث.
ولمّا ضُبِط أحد الشباب في حالة اختلاء وُجِد في سيارته ألبومًا مليئًا بالصور لفتيات كثيرات وهنّ في أوضاع مختلفة.
ولا تكاد أن تسلم كاميرا جوال الشاب المضبوط مع فتاة من لقطات الفيديو في جواله وهي تعلم أو لا تعلم.
المرحلة السابعة: الاختلاء الأشد إن صح التعبير، ويكون في مكان خاص كالمنزل أو الفندق أو الشقق المفروشة أو الاستراحة، وكل فتاة رضيت بأن تختلي مع شاب في مثل هذه الأماكن فقد أعلنت تركها للعفاف ولحاقها بركب البغايا والمومسات، ويستعمل الشباب حينها عددًا من الوسائل التي لا أرى من المناسب ذكرها والتي يتحقق بها اغتيال الفضيلة.
المرحلة الثامنة: بعد المرحلة السابعة تدخل الفتاة في نفق مظلم وتعاني من آلام نفسية وتدخل في دوامة مليئة بالمشاكل المعقدة، وقد وقفتُ على عدد كبير من هذه المشاكل من خلال أسئلة الهاتف، ولا يدرك كربها إلا من عايشها: مشكلة حمل السفاح، ومشكلة ستر الفضيحة بالزواج، وحينما يتخلى الشاب عنها، وحينما يتقدم لخطبتها فيُرفض بسبب الأعراف الاجتماعية، وتبقى هذه الفتاة بلا زواج أو تتزوج وتعيش معاناة أخرى تنتهي غالبًا بالطلاق.
والفتيات اللاتي يبادرن الشباب بالاتصال وتركب مع أي شاب منحرف دون المقدمات السابقة هنّ في الحقيقة ممن مررن بالمراحل السابقة وتجرأن على الفساد وغالبًا ما تكون عرضة للتعرف على الشباب والاتصال المحرّم متى ما سنحت لها الفرصة.
إن تلك الفتاة لم يخطر ببالها حينما كانت عفيفة أنها ستخلو بشاب أجنبي عنها في يوم من الأيام، ولكن اتباعها لخطوات الشيطان أوقعها في جريمة العلاقة مع شاب أجنبي عنها.
قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)(النور: من الآية21)
إن أخطر المراحل السابقة هي المرحلة الأولى وهي قضية الاتصال الهاتفي، ونظرًا لغفلة كثير من الناس عن مخاطره فسأبيّن موضوع الاتصال الهاتفي عند الذئاب البشرية في استدراج الفتيات.
أهم ما لدى الشاب المنحرف من أجل اصطياد الفتاة هو الحصول على رقم هاتفها، ولديهم وسائل كثيرة من أجل الحصول على رقم الهاتف، ومن وسائلهم: الاتصال العشوائي حتى يقع على صوت فتاة فتغلق السماعة في المرة الأولى ثم يستمر في معاودة الاتصال وإرسال رسائل الجوال حتى تضعف، ومن وسائلهم ما يسمى بالترقيم وهي الطريقة الشائعة بين الشباب وهو أن يكون لدى الشاب أوراق صغيرة وضع فيها رقمه واسمه المستعار ويرميه على الفتيات المتبرجات في الأسواق والأماكن العامة وربما وضعه في الحقيبة أو كيس الأغراض ونحو ذلك، فتأخذه الفتاة وهي لا تريد الاتصال عادة ولكن قد تأتيها لحظات ضعف فتتصل أو أنها تعطي الرقم لزميلتها فتتصل.
ولهؤلاء الشباب الساقط تفنن في كيفية صيد الفتيات بالترقيم، فهذا شاب عرض رقم جواله للبيع في جريدة جامعية لأنه يبدأ بـ 055 وهذا له دلالة عند كثير من الساذجات فاتصلت إحدى طالبات الجامعة بكل بساطة من أجل شراء الرقم واستطاع الشاب استدراج الفتاة، وبعد شهرين فقط من الاتصال الأول استطاع أن يأخذها من الجامعة أيام الاختبارات وأن يركبها في سيارته وضُبط مختليًا بها في بيت أحد أقاربه.
ومن الطرق أيضًا: حصول الشاب على الرقم عن طريق إحدى زميلاتها، وربما أخذ الرقم من دفتر تليفونات قريبته، ومن أشهر طرق الوصول إلى الهاتف هو شبكة الانترنت من خلال برنامج المحادثة ( الشات )، ولا يدخله الشاب إلا بحثًا عن الفتيات فيمكث عدة ساعات فإذا تعرف على فتاة نقلها إلى الماسنجر وتبدأ العلاقة بينهما عبر الماسنجر أو البريد الالكتروني ويستمر التواصل بينهما على هذه الحال عدة أسابيع حتى يتحقق من ميل عاطفة الفتاة إليه وتعلقها به ثم يأخذ منها رقم الهاتف، والشيطان يستدرج الطرفين بل يأتي الحديث أحيانًا من الشاب بالرغبة في التوبة إلى الله، ويسأل عن بداية الطريق فتسعى الفتاة على دلالته على بعض الكتب والأشرطة النافعة وربما كان العكس، هو الذي يبدأ بدلالتها على الخير؛ لأن هدف الشاب تكوين العلاقة وأن يجري الحديث بينهما حتى تقع في شراك العلاقة العاطفية.
وأذكر هنا قصة مؤثرة، قدمت مرة محاضرة في إحدى المدارس الثانوية للطالبات وكان من ضمن الأسئلة المكتوبة أن فتاة تعلقت بشاب من خلال الهاتف واستمرت الاتصالات بينهما وكان يحثها دائمًا على طاعة الله، وذكرت أنها حافظت بسببه على صلاة الوتر وأذكار الصباح والمساء، ولكنه في النهاية دعاها للخروج معه، ومن القصص المؤثرة قضية ضبطها أعضاء الهيئة وهي أن شابًا سيئًا كان يتصل اتصالا عشوائيًا ووافق أحد الاتصالات هاتف امرأة فلما أجابت علمت أنه من المعاكسين فأغلقت السماعة ثم عاودها الاتصال مرارًا وكلما رفعت السماعة أغلقتها حتى اتصل مرة فقال: اسمعي مني فقط ولا تتكلمي، فبيّن لها أنه شاب يبحث عن فتاة عفيفة وأنه لا يبحث عن غير ذلك وشكرها على إغلاقها الهاتف وأن هذا دليل على عفتها، وأخبرها بأنه سيأتي لأبيها من أجل خطبتها، وتوالت الاتصالات بعدُ في متابعة مشروع الزواج وأخبرها أنه قد بنى بيتًا وأنه على مشارف الانتهاء ودعاها لأن تراه، ودعاها الفضول أن ترى البيت بعدما تعلقت بذلك الشاب النظيف في نظرها، وحتى لا تقع في الخلوة المحرمة جاءت مع زميلتها فركبتا معه ثم أدخلهما منزله الجديد، وعند المرور على الغرف دخلت إحداهما غرفة فدفعها فيها وأغلق الباب، ثم دفع الثانية إلى الغرفة الأخرى وأغلق الباب، واعتدى على الأولى ثم اعتدى على الثانية.
ومن طرق الاتصال الذي يسبب الانحراف هو الاتصال الرسمي إن صح التعبير فهذه امرأة اتصلت على وكيل مدرسة أهلية من أجل متابعة ابنها، تكرر الاتصال واستطاع استدراجها بكلمات الثناء والتقدير، وتكونت العلاقة بينهما وبعد مضي سنة ضُبطا من قِبل الهيئة في خلوة محرمة.
وقصة مشابهة لشاب منحرف اتصل على إدارة مدرسة أهلية من أجل السؤال عن أخته التي تدرس بها، تكرر الاتصال بهذه الإدارة، فتمكن من استدراجها وضبطا بعد مدة في خلوة محرمة.
ومن صور الاتصال أن يتصل الشاب بزميله في المنزل فترد أخته على المتصل ويتكرر الاتصال في أوقات مختلفة ويطرح فيها المتصل بعض الأسئلة: أين فلان، متى سيأتي؟ إذا جاء أخبروه أن فلان اتصل به، فتتعرف على صوته ويتعرف على صوتها والعلاقة دائمًا لا تحدث إلا مع التكرار وربما تعمّد بعد فترة اختيار الأوقات المناسبة التي لا يكون زميله موجودًا في المنزل، ويبرر اتصاله بالمنزل بأن جواله مقطوع أو لأنه أقل في التكلفة.
وكثيرًا ما يُقبض الشاب مع فتاة وتكون أختًا لصديقه الحميم، ومن القصص المؤثرة أن اثنين من الشباب كان بينهما صداقة قوية، وكانوا يجتمعون على معاكسة النساء، وفي يوم من الأيام اتصلت الهيئة بأحدهما لاستلام أخته التي قُبض عليها في خلوة محرمة مع أحد الشباب. تأثر الشاب كثيرًا وكانت كالصاعقة عليه حينما علِم أن الذي اختلى بها هو صديقه الحميم.
اتصلت مرة فتاة في المرحلة المتوسطة على زميلتها، فردّ أحد الشباب في البيت، وتبين أنها أخطأت في الرقم، انتهت المكالمة وراجعت الرقم ثم اتصلت على الرقم الصحيح لزميلتها وأخبرتها بالاتصال الأول وأنها لقيت ارتياحًا من صوت ذلك الشاب وأدبه في الرد، فأشارت عليها زميلتها أن تعاود الاتصال. رفضت الفتاة بشدة ثم ضعفت واتصلت مرة أخرى. يقول هذا الشاب: عرفت الرقم، كانت تتصل وهي ساكتة ولا تتكلم بحرف فكنت أتحدث لوحدي وأعلم بأنها رافعة للسماعة بحركة السماعة، ومضيت على هذه الحال مدة من الزمن، وبعد ذلك بدأت تخرج بعض الكلمات مثل كلمة نعم ونحو ذلك. تطورت الأحوال وتكونت العلاقة بيننا مدة ثمان سنوات وبسبب انشغال ذهني بها انخفض معدلي، تركت دراستي وبسببها ساءت علاقتي بأهلي. وهو الآن يعيش حالة نفسية بسبب ما أصابه.
هنا موضوع مهم: إذا تكونت العلاقة المحرمة بالهاتف فكيف يلتقي الشاب بالفتاة، والمجتمع عندنا محافظ ويرفض هذه العلاقات؟
والجواب: تتحقق اللقيا عادة عن طريق الاحتيال على أهلها، كثيرًا ما تتم اللقيا بين الشاب والفتاة في الأسواق، فينزلها والدها أو السائق إلى السوق، وتكون قد تواعدت معه عند محل معين وساعة معينة فتركب معه، وأحيانًا تنزل مع بعض أهلها وإذا نزلوا إلى السوق تفرقوا بحكم أن هذه تريد سوق الذهب والأخرى تريد الأقمشة، فتخرج مع ذلك الشاب في مدة التسوق، وليس الأمر مختصًا بالأسواق، بل كل مكان تذهب إليه المرأة ينزلها فيه وليها ثم يعود إليها في وقت لاحق. ولذلك فإن كثيرًا ما يضبط أعضاء الهيئة قضايا الخلوة عند المنتزهات والملاهي وصالات الأفراح والمشاغل والمستشفيات والمستوصفات والمدارس والجامعات، وتكثر حالات الاختلاء في أوقات الانفلات في الدوام كأيام الاختبارات وأيام التسجيل، وكم هو مؤسف أن أقول بأنه يكثر أيضًا في شهر رمضان بسبب كثرة تسوق النساء فيه. وهذا النوع من اللقيا يكون في المرات الأولى ثم يتطور الأمر فتكون اللقيا في المنازل أو الاستراحات، وبعض الشباب يكون لديه شقة أو استراحة مخصصة لهذا الغرض، وربما اشترك فيها مجموعة من الشباب، ويأتي بعضهم بالفتاة إلى منزله في أوقات غيبة أهله كوقت الصبح أو في حال سفرهم، وربما دعت الفتاة الشاب إلى منزلها في غيبة أهلها، ولدى بعضهم حيلٌ وجرأة عجيبة فيلتقيان حتى مع وجود أهل المنزل.
تعلقت إحدى الفتيات بشاب، وتطورت العلاقة وكانت قد أخبرت زميلتها بتعلقها بذلك الشاب فاقترحت زميلتها وهي متزوجة أن يكون اللقاء في شقتها الصغيرة، وأخبرت زوجها بأن زميلاتها سيأتينها، وبما أن الشقة صغيرة فإنه لابد أن ينشغل مدة بقائهم عندها خارج المنزل. جاء هذا الشاب إلى هذه الشقة واجتمع بالفتاة. فانظر كيف استغفلت أهلها وجعلت وليها هو الذي يوصلها إلى مكان الجريمة الآمن.
أما أسباب وقوع الفتاة في الانحراف العاطفي كثيرة وأهمها الآتي:
السبب الأول: ضعف الإيمان بالله وقلة سماع المواعظ وقلة حضور مجالس الذكر.
السبب الثاني: القنوات الفضائية التي تنشر الرذيلة، ويتفق العاملون في الهيئات أن القنوات الفضائية هي من أبرز الأسباب التي تهيج الشباب والفتيات وتدعوهم للانحراف. وليعلم الذي أدخل القنوات الفضائية المحرمة في بيته أنه يشحذ السكين التي يتم بها اغتيال الفضيلة في بيته وهو لا يشعر.
السبب الثالث: سماع الغناء، وهو بريد الزنا كما قال أهل العلم؛ لأنه يهيج العواطف، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف. أخرجه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم من حديث أبي عامد أو أبي مالك الأشهري رضي الله عنه. وقد صححه جمع غفير من العلماء منهم البخاري والنووي وابن تيمية وابن القيم وابن حجر.
وثبت عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب. أخرجه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي بسند صحيح.
وما أجمل كلام ابن القيم رحمه الله في حديثه عن حكمة الشرع في النهي عن سماع الغناء حيث قال: ( فاعلم أن للغناء خواصا لها تأثير في صبغ القلب بالنفاق ونباته فيه كنبات الزرع في الماء، ومن خواصه أنه يلهي القلب ويصده عن فهم القرآن وتدبره والعمل بما فيه فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبدًا لما بينهما من التضاد فإن القرآن ينهى عن إتباع الهوى ويأمر بالعفة ومجانبة شهوات النفوس وأسباب الغي وينهى عن اتباع خطوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كله ويحسنه ويهيج النفوس إلى كل شهوات الغي إلى أن قال رحمه الله: فيميل برأسه ويهز منكبيه ويضرب الأرض برجليه ويدق على أمّ رأسه بيديه ويثب وثبات الذباب ويدور دوران الحمار حول الدولاب وتارة يتأوه تأوه الحزين وتارة يزعق زعقات المجانين إلى أن قال: فالغناء يفسد القلب وإذا فسد القلب هاج فيه النفاق). انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
ويتأثر النساء كثيرا بشكل المغني ولباسه وحركاته فتقول إحدى النساء وهي ممن يشاهد الغناء في التلفاز تقول: إذا رأيت المغني يغمز بعينه أشعر بأنه يقصدني، وهذا كلام امرأة متزوجة تجاوزت الثلاثين فكيف سيكون حال الفتيات الصغيرات.
السبب الرابع: ضعف متابعة الأبوين لأبنائهم وبناتهم، فالأب لا يدري أين ذهبت ابنته ولا من أين جاءت ولم يطلع يوما على جوال ابنته وما فيه من رسائل وأرقام مخزنة ولا يعرف حال صديقاتها وعلى ماذا يجتمعن، والسائق يقوم بالمهمة.
وقد ذكر بعض التائبين أن بعض الآباء لا يسأل عن ابنته مطلقًا وربما باتت في غير المنزل وهو لا يعلم، وأعضاء الهيئة يدركون تمامًا أن هذا ليس فيه مبالغة.
ذكر لي أحد أعضاء الهيئة أن فتاة تعرفت على شاب وهما من سكان المنطقة الشرقية وصعب عليهما اللقاء، وفي الإجازة الصيفية سافرت هذه الفتاة مع أهلها إلى مكة وأخبرت صديقها ذلك فسافر إلى مكة وكان يلتقي بها يوميًا بحجة ذهابها إلى السوق أو بقائها في الحرم بين المغرب والعشاء، وفي أحد الأيام استأجر سيارة وذهب بها إلى جدة وتم القبض عليهما هناك، وكانت في غاية التبرج والزينة، ولما تم استدعاء أبيها كان يؤكد بأن ابنته في الحرم، فانظر إلى غفلة الأبوين إلى ماذا تؤدي؟
ومن المناسب أن أذكّر هنا بتساهل كثير من الآباء والأمهات مع بناتهم إذا ذهبوا إلى مكة، فيترك البنات هملاً يذهبن إلى الأسواق والساحات وهن متبرجات حتى أصبحت ظاهرة يتأذى منها الكثير. إنني والله أتعجب كيف تأتي المرأة إلى مكة لتعتمر وتطوف وتسعى بالعباءة المتبرجة عبادة الكتف والعباءة المخصرة ونحوها التي لا يفهم منها الرجال إلا شيئًا واحدًا وهو أن هذه المرأة ضعيفة العفة والحياء، وأتعجب أكثر من ضعف رجولة وغيرة أبيها وزوجها وأخيها فيرضى بأن تكون قريبته مثارًا للفتنة عند الرجال الأجانب.
السبب السادس: خروج الفتاة إلى الأسواق والمحلات بلا محرم. إن أخطر الأماكن كلها على النساء هي الأسواق المختلطة والخطر يأتي من بعض الباعة والشباب المتسكع الذين يتعرضون للنساء بالمعاكسات والترقيم والدخول في الأماكن المزدحمة من أجل الاحتكاك بالنساء، وربما تابع المرأة المتبرجة مدة طويلة حتى يحاسب عنها أو يطلب حمل الأغراض عنها وغير ذلك من الطرق السيئة في إيذاء النساء. وإن كان هؤلاء الفساق يتفقون على عدم التعرض للمرأة العفيفة، وقد حدثني عدد من التائبين بأن المرأة التي تلبس عباءة الرأس وتلبس القفاز والشراب الأسود لا يمكن أن يتعرض لها أحد، فإذا تعرضت امرأة لموقف من قبل هؤلاء الشباب فلتعلم أنها قد قصرت في حجابها.
والسوق أيضا أنسب مكان للمواعيد الأولى للشاب والفتاة ولذلك فإن 70% من عمل الهيئات تقريبا يكون في الأسواق، ومن مخاطر السوق أن كثيرًا من الباعة لديهم مقدرة عالية على استدراج النساء والقرب منهن بحجة تقريب البضاعة والحديث معهن بطريقة تفصيلية عن اللباس، وكثير من العمالة في هذه المحلات يأتي أول ما يأتي إلى هذا العمل يهيئة رثّة ثم لا يلبث شهرًا إلا وقد غيّر هيئته ولباسه وقص شعره بطريقة معينة، ومن الفتن الواضحة في الأسواق مجسم المرأة الذي توضع عليه الملابس وهذا المجسم يبرز مفاتن المرأة وكثير منها يصف تفاصيل عورة المرأة وأعتذر أن أصرّح بهذا، ولكنه واقع يراه النساء والرجال في المحلات وهذه المجسمات لا يجوز نظر الرجال إليها لأنها مثيرة للفتنة، فكيف إذا وضع عليها الملابس الضيقة والملابس الخاصة، ولك أن تتصور الآثار السلبية حينما تقهر المرأة حياءها وتدخل هذه المحلات لتسأل وتشتري تلك الملابس من أولئك الرجال، لقد علمتُ واقع الأسواق والوقت يضيق عن ذكرها ولدي قناعة فقهية بأنه لا يجوز للمرأة أن تذهب إلى هذه الأسواق بغير محرم لما في ذهابها بدونه من المفاسد التي سبق ذكرها، ولما فيه من الاختلاط المحرم.
وقد نبه إلى ذلك فضيلة الشيخ حمود التويجري وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله، والاختلاط الموجود في الأسواق ربما يكون أكثر شرًا من اختلاط المستشفيات في بعض الجوانب، ومن القضايا التي ضبطت من قبل الهيئة قصة امرأة كانت تذهب دون محرم إلى محل حلويات من أجل الشراء وكان البائع وسيمًا وهو من إحدى الدول العربية ومن كثرة مجيئها إلى المحل استدرجها وتكونت العلاقة وارتقت إلى الاتصال بالهاتف، ومع مضي المدة بدأت تدعوه لمنزلها أثناء غياب زوجها واستمر الأمر على هذه الحال مدة طويلة ثم جاء البلاغ عنه من قبل صاحب المحل الذي كان قد وضع جهاز تسجيل لضبط مكالمات المحل، فقدم شكوى رسمية إلى الهيئة ووثقها بهذه الأشرطة وضبط على إثرها العامل وكذلك المرأة.
السبب السابع: الخلوة بالسائق وأحيانا تكون الخلوة خفيفة كحال الحافلات التي تقوم بتوصيل المعلمات والطالبات، فتحصل خلوة حينما تكون هي أول من يأخذها أو آخر من ينزلها، فهذا شاب متزوج يعمل على إيصال الطالبات إلى الجامعة في حافلة صغيرة. لاحظ حارس إحدى الإدارات الواقعة أمام شقة هذا السائق أنه يأتي إلى منزله كل يوم بفتاة تختلف عن الأخرى وذلك بعد خروج زوجته إلى العمل، فاتصل في أحد الأيام على الهيئة وأخبرهم بأن امرأة دخلت معه شقته الساعة السابعة، وضُبِطت الفتاة مع هذا الشاب بعد خروجهما من المنزل في الساعة الثانية عشرة، وتبين أنها إحدى الطالبات اللواتي يوصلهن إلى الجامعة، وكانت هذه الطالبة تدرس بنظام الساعات في السنة الثالثة، وتبين أنه ليس لديها ساعات دراسية صباح يوم الثلاثاء، وأنها قد ضللت أهلها بذلك وتم إحالتها إلى سجن الفتيات.
ومن القصص أنه في أثناء تجول الهيئة في الصباح وجدوا على الشاطئ سيارة على حال مريب، فقربوا منها، وجدوا فتاة مع سائق هندوسي في حالة سيئة وبعد إحضارهم إلى المركز ذكرت أن حصول ذلك متكرر على التناوب بينها وبين أختها، وكان الأب في غاية الغفلة عن بناته.
السبب الثامن: السفر إلى الخارج إلى بلاد الفسق والفجور من البلدان العربية والأوروبية وغيرها الذي يربي الفتيات على التكشف وضعف الحياء.
تعرف شاب بفتاة في لندن وكانا قد ذهبا إلى لندن مع أسرتيهما، وبعد رجوع الأسرتين إلى هذه البلاد استمرت العلاقة المحرمة بين الشاب والفتاة، وعلمتُ بهذه القصة حينما جاءني اتصال بالهاتف عن حكم إسقاط جنينها بعدما ظهر عليها حمل السفاح، ثم أسقطت جنينها ظلمًا وزورا، ووالداها وأهلها لا يزالون في غفلتهم.
السبب التاسع: تبرج الفتاة إذا خرجت إلى الجامعة أو السوق أو غير ذلك.
السبب العاشر: النظر المحرّم من الرجل والمرأة في التلفاز والأسواق وغيرها
السبب الحادي عشر: الصحبة السيئة وهذا من أهم أسباب فساد الشباب والفتيات، وصديقة السوء هي التي تتحدث مع زميلاتها في المدرسة أنها تتصل بأحد الشباب أو تعطيهن أرقام الشباب، ومن أسوء السيئات التي تعرّف بعض الشباب على زميلاتها، وكم من فتاة دخلت الجامعة وهي عفيفة فلا يمضي عليها إلا شهر واحد حتى تلحق بركب العباءات المتبرجة بسبب ما تشاهده من حال رفيقات السوء.
السبب الثاني عشر: كثرة غياب الأب أو المسئول عن المنزل وانفلات إدارة المنزل.
السبب الثالث عشر: اختلاط الرجال بالنساء في الأعمال والدراسة كالمستشفيات وكليات الطب.
حدثني أحد الاستشاريين في إحدى المستشفيات الكبرى بأن طبيبًا مقيمًا وطبيبة مقيمة وكلاهما من أهل هذه البلاد تكونت العلاقة العاطفية بينهما في العمل، وأصبحا يغلقان عليهما الباب كل يوم في إحدى غرف المستشفى فترة الغداء.
السبب الرابع عشر: الاختلاط الأسري، فتسكن أكثر من أسرة في بيت واحد أو أن يختلط الرجال والنساء في الصالة أو المجلس، أو أن تفتح المرأة الباب للرجل في غيبة رب الأسرة، لأن الطارق ابن عم ولا يغلق الباب دونه، فتفتح له الباب وتدخله المجلس وتقوم بضيافته، ومع الغفلة وتغليب حسن الظن تحدث المأساة،. اتصل بي رجل يسألني عن مشكلة حصلت له ومع كثرة سماعي للأسئلة المؤلمة إلا أن هذا السؤال كان صدمة عنيفة وملخص القصة: فتاة سافرت إلى مدينة أخرى من أجل الدراسة الجامعية وسكنت عند أختها المتزوجة ومكثت عندهم أربع سنوات وأثناء سنوات الدراسة تكونت العلاقة بين الفتاة وزوج أختها وأصبح يخرج معها كثيرًا دون علم زوجته، ثم ظهر الحمل ولم تتمكن من إسقاطه، ولما جاءت ساعة الولادة ذهب بها إلى المستشفى على أنها زوجته ونسب الولد إليه وأن أمه هي زوجته، وقد بذلا شيئا عجيبا من أجل إخفاء هذه الحقائق، وأوهمت الزوجة بأن أختها حملت من شخص آخر وأن الزوج سعى في الستر عليها بنسبة الولد إليه، وأن تقوم زوجته بتربيته، وإضافة إلى كل هذا يريد أن يطلق الأولى ويأخذ أختها. لقد أخذت هذه المشكلة عددًا من المكالمات المطولة عانيت من سماعها، ومنشؤها هو التساهل في جانب الاختلاط وأن الحمو أشد خطرًا من البعيد.
السبب الخامس عشر: الضعف العاطفي من الأبوين وكثرة المشاكل في البيت، والإشباع العاطفي من الأبوين لا يعالج أصل الفراغ العاطفي للفتاة، ولكنه يساعد في العلاج.
وأكثر الفتيات اللواتي يقبض عليهن وهنّ في سن المراهقة يبررن خروجهن مع الشباب بسبب الضغط الذي تعانيه من والديها، ولذلك فإنه من المهم أن يدرك الأبوان طبيعة سن المراهقة وأنه لا يكاد يسلم المراهقون من كثرة لوم الأبوين فيشعر المراهق كثيرًا بأنه مظلوم ومضطهد، فإذا أدرك الأبوان ذلك عرفوا كيف يتعاملون مع أبنائهم وأولادهم بلغة المحبة والعاطفة والتفاهم والحوار والإقناع.
ومن القضايا المؤلمة في المنطقة الغربية فتاة عمرها ثمانية عشر عامًا كانت تعاني من أهلها ومشاكل بيتها ثم تعلقت بأحد الشباب وعلّقت عليه جميع الآمال وظنت أن حياة الراحة والاستقرار لن تكون إلا معه ولشدة هيامها بذلك الشاب اتخذت قرار الهروب من بيت أهلها إليه وهو في مدينة أخرى، ولما استقرت عنده تحوّل من حمل وديع إلى ذئب مفترس وأسكنها في عزبة للشباب واعتدى عليها، ولدناءته وسوء طويته مكّن بعده سبعة من أصحابة ليعتدوا عليها تباعًا ثم تحولت حياتها إلى مأساة، ولم تضبط القضية في الهيئة إلا بعد أن تمكنت من الهروب من هذه العزبة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.