نحن نعيش في عالم المشاهدات اكثر من عالم الوجدانيات والعقلانيات والروحانيات
والوقع المعاش هي البيه الماديه والاجتماعيه التى تعيشها
العمارات والسيارات والمراكب والاتصالات والناس والمطاعم والحدائق والاموال .. الخ الخ الخ
كلها من عالم المشاهدات او عالم الحس
وعالم الوجدانيات هي العيش بشعورك حتى تغاب به عن الواقع المعاش
عالم العقلانيات هو العيش بتفكيرك حتى تصل الى الغياب عن الواقع المعاش
عالم الروحانيات ان تعيش بفكرك وذكرك ودعائك لحد الغياب عن الواقع المعاش
والغيبوبه عن الواقع البشري هي مطلب اهل الحقائق ويعتبرونها قمة الاشراق
الروحاني .. بحيث يصل التفكير والشعور والاحساس بالانسان على مرحله يغاب
فيها عن واقعه ..
وهناك فرق بين الحقيقه والمعلومه او الاحساس والمعرفه
الاحساس هو ذوق الشي والاحساس به والشعور بطعمه
المعرفه هي ادرك الشي ومعرفته بدون ذائقه وجدانيه شعوره
فالمعرفه بدون ذوق وجداني
يشبه رؤيه الحلوى ومعرفة مقاديرها ..
لكن بدون ان تذوقها بفمك وتستمع بها بمشاعرك
قال بعضهم ان من عشرين سنه اذا وجدت قلبي فقدت ربي واذا فقدت ربي
وجدت قلبي ..
وقيل ان ادراك الشي كالوقوف على البحر ومشاهدته بالعين
وذوق الشي كالركوب فيه بالسفن
والغياب بالشي كالغرق في البحر
وهذان المعنيان يشرحان معنى قولنا بالغيبوبه والانشغال بالشي عن الشي
قال بعض اهل العلم في قول النبي عليه السلام (( ابيت يطعني ربي ويسقني ))
ان قلب رسولنا ينشغل بالله عن كل شي .. فيحصل له استغناء جسدي عن الطعام
والشرب ..
وهناك ثلاثة اسباب
تحفز على الخروج عن عالم المشاهدات والولوج في عالم الاشراق الروحي
الاول الغموض بالنسبه للعقل
والثاني الهرب او الطلب بالنسبه للروح
الثالث الاهتمام بالنسبه للوجدان
1 - الغموض
هو وقوف شي مجهول امامك تريد ان تعرف كنهه وحقيقته
فينشغل ذهنك في محاوله فك غموضه ومعرفة اسراره حتى تغاب عن واقعك
وتعيش عالم الشهود اكثر من عالم الوجود
مثل انكباب العالم على كتبه حتى لا يفطن لمن حوله
ويقال ان احد علماء الحديث اكل زنبيل من التمر وهو يكتب الحديث ولا يشعر
بنفسه فما اصبح عليه الصباح الاو هو شاك .. ثم مرض ومات بسبب كثرة اكله
للتمر ..
وسبب هذا
الانشغال القلبي بالعلم حتى غاب عن الشهود
2 - الطلب هو قلق القلب وخوفه بسبب توقع سؤ مستقبلي
لا يحمي منه ولا يجير الا الله تعالي ..
مثل الخائف من مرض او فقر او مصيبه .. يشعر بقلبه انها قريبه الوقوع
فيعشها بالخيال .. فيخاف من وقوعها في عالم الشهود ..
ثم يلجاء الى الرب العزيز الكريم في منعها ..
فيعش حالة من الغياب عن الشهود بسبب قوة خوفه وشدة تعلقه بربه
قال بعض العباد
رحم الله البلاء اذاقنا طعم الدعاء
لانه حصل له غيبوبه عن الشهود .. وعاش في عالم الوجود وذاق حلاوه
الاقبال والانطراح بين يدي الله ..
اما الطلب
فهو شدة تعلق القلب بالطلب والخوف من فقده .. فليجي من وفقه الله الى
طلبه من حضرة الرب الكريم .. فيغاب بقوة طمعه وشدة تعلقه عن عالم الشهود
كما قال بعضهم
اصبحت وكأني انظرالى عرش الله بارزا .. واهل الجنه يتنعمون فيها
واهل النار يعذبون فيها
وانت ترى ان بعض الناس في حالة الدعاء القوى لا يشعر بمن حوله
واذا كان يمشي ربما غاب عن الطريق والناس والوقت حتى بداء لا يرى
الا نفسه وربه الكريم
3 - الاهتمام هو اهتمام القلب ورعايته وحرصه على الشي
فيغاب بهذا الاهمتام والرعايه عن كل شي
ولعل قلب الام خير مثال على ذالك
فهي تعرف ابنها وتحس به
وقلب المحب
لا يعرف الا محبوبه ولا يفكر الا فيه ويغاب به عن عالم الشهود
ومن احب شي غير الله عذب به
وحبك للشي يعمي ويصم
يعميك ويصمك عن عالم الشهود ..
فمحب المال ومحب الجاه ومحب العلو غائب بمحبوبه عن عالم الشهود
المقصد من هذا
ان الانفصال عن عالم المشاهدات والعيش في نطاق الروح
وحصول الاشراق العقلي والمواهب الروحيه والاحساس الوجداني
يكون بثلاثة اشياء
1 - السعى لفك الغموض والاشكال .. وبهذا غاب العلماء في مكاتبهم
ومعاملهم عن حياة الناس
2 - السعى لتحصل محبوب والهرب من مكروه .. وبهذا غاب العباد والصالحين
عن حياة الناس وعاشوا مع ربهم خوفا ورغبا
3 - الاهتمام بالشي والرغبه فيه . وبهذا غابت الام عن الناس بسبب ابنها
وغاب المحب عن عالم الشهود بسبب محبوبه
وصار العشق يسمى سكرا ..