يخاطب نفسه أو شخصاً افتراضيا في خياله غير محدد.
*(ويحك) . الويح: يطلق و يراد به الرحمة أو العذاب ، بحسب السياق.و هي منصوبة بفعل محذوف تقديره "ألزمك اللهُ الويح"
أَرَاَكَ أَمِنْتَ أَحْدَاَثَ الَّليَاَلِيِ
وَ قَدْ صَمَدَتْ لِغَدْرِكَ وَ اغْتِيَاَلِكْ
*(صَمَدَتْ) : قصدتْ و ترصَّدتْ. و ليس بمعنى الصمود المعروف.
وَ مِلْتَ لِزُخْرُفِ الدُّنْيَاَ غُرُوُرَاً
وَ قَدْ جَاَءَتْ تَسِيِرُ إِلَىَ قِتَاَلِكْ
وَ كَمْ أَتْعَبْتَ بِالْآَمَاَلِ قَلْبَاً
تَحَمَّلَ مَاَ يَزِيِدُ عَلَىَ احْتِمَاَلِكْ
وَ لَمْ يَكُنِ الَّذِيِ أَمَّلْتَ فِيِهَا
بِأَسْرَعَ مِنْ زَوَاَلِكَ وَ انْتِقَاَلِكْ
فَعِشْ فِيِهَا خَمِيِصَ الْبَطْنِ وَ اعْمَلْ
لِيَوْمٍ فِيِهِ تذْهَلُ عَنْ عِيَالِكْ
*(خميص البطن) : "الخمْصُ": الجوع . أي : جائع البطن
*يشير إلى قول الله تعالى (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ) و قوله (يَوْم يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيِهِ وَ أُمِّهِ وَ أّبِيِهِ)
تَجِيِءُ إِلَيْهِ مُنْقَاَدَاً ذَلِيِلَاً
وَ لَاَ تَدْرِيِ يَمِيِنُكَ مِنْ شِمَاَلِكْ
*(تجيء إليه..الخ) .الضمير في "إليه" يرجع إلى يوم القيامة المذكور أعلاه ، أو إلى رب العزة و الجلال ، فيكون التفاتاً غير مُشارٍ إليه إلا بواسطة الحال و الغرض من القصيدة.
إِلَيْهَا فِيِ شَبَابِكَ مِلْتَ جَهْلَاً
فَهَلَّا مِلْتَ عَنْهَا فِي اكْتِهَاَلِكْ ؟!
*(اكتهال) .افتعال من الكهولة : و هي الطعن في السن.
فَمَهْلاً فَهْيَ عِنْدَ اللهِ أَدْنَىَ
وَ أَهْوَنُ مِنْ تُرَابٍ فِي نِعَالِكْ
وَ إِنْ جَاءَتْكَ خَاطِبَةُ فَأَعْرِضْ
وَ قُلْ مَهْلاُ فَمَا أَنَا مِنْ رِجَالِكْ
*(تزيَّنين..) . مجاز في قمة الروعة ، إذ شبَّه بهرج الدنيا و جمالها كبهرج العروس الطالبة للزوج التي تتزين له لتغريه بنفسها. و هو مناسب لحال الدنيا التي تغرُّ الإنس و الجن.
إِلَيَّ تَزَيَّنِيِنَ لِتَخْدَعِيِنِي
فَمَا أَبْصَرْتُ أَقْبَحَ مِنْ جَمَاَلِكْ
(إليَّ تزيَّنينَ لتخدعيني ..) و منه قول الله تعالى (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و ازيَّنتْ و ظن أهلها أنهم قادرون عليها)
أَمَا لَوْ كُنْتِ فِي الرَّمْضَاءِ ظِلَّاً
إِذَاً مَا مِلْتُ قَطَّ إِلَى ظِلَالِكْ
*(الرمضاء) . هجير الصحراء و وهج الشمس في العراء. و هو تنصُّلٌ من الشاعر من الدنيا و مبالغة في الحذر منها في قمة التَّأبي و الحذر. فهو يقول :
(أماَ لو..) . كلمة "أمَا" بتخفيف الميم هي هنا تأكيدٌ للقسم المُخفي فقد تاتي تأكيداُ للقسم كما هنا ، فهو يقول : أما و الله لو كنتِ ظلاً في وسط صحراء مُحرقة و اردتُ الإستظلال من الحر ما استظللتُ بك بل عبر بما هو أبلغ فقال (مِلْتُ) من الميل .. يقول : لن أميل بجزء من جسمي تحت ظلك..
صِلِيِ مَاَ شِئْتِ هِجْرَاَنِي فَإِنِّي
رَضِيِتُ الدَّهْرَ هَجْرَاً مِنْ وِصَاَلِكْ
*(صِلِي..) . يقول : اجعلي هجرك لي موصولاً دائماً ، فإني رضيتُ الهجرَ منك فهو أفضل من وصالك و لقائك.
فَلَيْسَ النَّبْلُ مِنْ ثُعَلٍ إِذَاَ مَاَ
رَمَتْ يَوْمَاً بِأَصْمَىَ مِنْ نِبَاَلِكْ
(ثَعل) بضم الثاء المثلَّثة و فتح العين و هو أبو حى من طيئ ، وهو ثعل بن عمرو أخو نبهان، وهم الذين عناهم امروء القيس بقوله: (رب رام من بنى ثعل مخرج كفيه من ستره)
و كان مشهورا بالرمي بالنبال .
يقول الشاعر هنا: ليس رميك للمرء بنبال غرورك بـ (أصمى) يعني أكثر أصابة من رمية ثعل بن عمرو.
و يقصد أن رمي الدنيا للمرء أخطر من رمي ثعل بن عمرو.
حَرَاَمُكِ لِلْوَرَىَ فِيِهِ عِقَاَبٌ
عَلَيْهِ وَ الْحِسَاَبُ عَلَىَ حَلَالِكْ
يريد أن يقول: إن الحرام من أشياءك فيه عقاب من الله ، و حتى المباح ففيه حساب. كل ما فيكِ متعب و مرهق حتى الحلال الذي فيك فهو داخل تحت طائلة المحاسبة.
وَ كُنْ مِنْهَاَ عَلَىَ حَذَرٍ وَ إِلَّا
هَلَكْتَ فَإِنَّهَا أَصْلُ الْمَهَالِكْ
فَمَنْ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ بَنِيِهَا
زَوَاَلُهُمُ يَدُلُّ عَلَىَ زَوَاَلِكْ
يقول: إن زوال أبناء الدنيا الذين قد رحلوا و ما توا و تهدمت ممالكهم و غابت أحوالهم دليل على زولك أيها النفس أو أيها الشخص المًخاطب. فلا تغتر بما وصلك من زخرفها.
وَ كَمْ شَاَدُوا الْمَمَالِكَ وَ الْمَبَانِي
فَأَيْنَ تُرَىَ الْمَبَانِيِ وَ الْمَمَالِكْ
وَ أَنْتَ إِذَا عَقَلْتَ عَلَى ارْتِحَالٍ
فَخُدْ فِي جَمْعِ زَادِكَ لاِرْتِحَالِكْ
وَ دَعْ طُرُقَ الضَّلاَلِ لِمُبْتَغِيِهَا
فَطُرْقُ الْحَقِّ بَيِّنَةُ الْمَسَالِكْ
إِلَامَ وَ فِيْمَ -وَيْحَكَ- ذَا التَّصَاَبِي
وَ كَمْ هَذَا التَّغَابِي فِي ضَلَالِكْ
(التصابي) تفاعُلٌ من فعل الصبوة و الصبوة : أثرُ أيام الصِبا -بكسر الصاد المهملة- الذي هو منشأ الطيش و النزق و العبث و اللهو .
تَنَبَّهْ إِنَّ عُمْرَكَ قَدْ تَقَضَّى
فَعُدَّ وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي الْهَوَالِكْ
وَ عَاتِبْهَا على التَّفْرِيِطِ وَ انْظُرْ
لِأَيِّ طَرِيِقَةٍ أَصْبَحْتَ سَاَلِكْ
وَ قُلْ لِي مَا الَّذِي يَوْمَ التَّنَادِي
تُجِيِبُ بِهِ الْمُهَيْمِنَ عَنْ سُؤَالِكْ
وَ مَاَذَا أَنْتَ قَائِلَهُ اعْتِذَاَرَاً
إِذَا نَشَرُوُا كِتَابَكَ عَنْ فِعَالِكْ
فَخَفْ مَوْلَاكَ فِي الْخَلَوَاتِ وَ أجْأَرْ
إِلَيْهِ بِانْتِحَابِكَ وَ ابْتِهَالِكْ
(انتحابك... ابتهالك) الإنتحاب افتعال للنحيب و هو البكاء بصوت عالٍ ، و الإبتهال : التضرع إلى الله .
وَ رَاَقِبْ أَمْرَهُ فِي كُلِّ حَاَلٍ
يُفَرِّجْ فِي الْقِيَامَةِ ضِيِقَ حَاِلْك
وَ لَا تَجْنَحْ إِلَى الْعِصْيَاَنِ تَدْفَعْ
إِلَى لَيِلٍ مِنَ الْأَحْزَاَنِ حَالِكْ
(حالِكْ) : شديد الظلمة. ليلٍ حالك.
وَ إِنْ أَمْراً بُلِيِتَ بِهِ فَصَبْراً
"لَعَلَّ اللهُ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكْ"
فن التضمين معروف في علم البلاغة ، فقد ضمن آية قرءانية في شعره (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) .. و لم يكمل كلمة (أمرا) مراعاة لروي القصيدة .
فَرُبَّ مُصِيِبَةٍ مَرَّتْ وَ مَرَّتْ
عَلَيْكَ كَأَنَّ مَا مَرَّتْ بِبَالِكْ
أكثر من رائع..... يقول: إذا ابتلاك الله بأمر محزن .. فاصبر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .. فكم من مصيبة مرت عليك فنسيتها و كأنها ما مرت ببالك .. كأني به يشير إلى قول نبي الهدى صلوات ربي و سلامه عليه (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)
وَ كَمْ قَدْ ثَقَّفَتْ مِنْكَ الرَّزَايَا
وَ أَحْكَمَتِ اللَّيَالِي مِنْ صِقَالِكْ
(ثقَّفْتَ) : من التثقيف و هو تهذيب الرمح و تحسينه ، يقول كم هذبتك المصائب و المحن و كم أحسنت الليالي بصروفها من صقل ذاتك و نفسك حتى تعودت عليها و عرفتها جيدا.
القصيدة خالية من الشرح و التعليق:
أَضَعْتَ الْعُمْرَ فِيِ إِصْلَاَحِ حَاَلِكْ
وَ مَاَ فَكَّرْتَ وَيْحَكَ فِيِ مَآَلِكْ
أَرَاَكَ أَمِنْتَ أَحْدَاَثَ الَّليَاَلِيِ
وَ قَدْ صَمَدَتْ لِغَدْرِكَ وَ اغْتِيَاَلِكْ
وَ مِلْتَ لِزُخْرُفِ الدُّنْيَاَ غُرُوُرَاً
وَ قَدْ جَاَءَتْ تَسِيِرُ إِلَىَ قِتَاَلِكْ
وَ كَمْ أَتْعَبْتَ بِالْآَمَاَلِ قَلْبَاً
تَحَمَّلَ مَاَ يَزِيِدُ عَلَىَ احْتِمَاَلِكْ
وَ لَمْ يَكُنِ الَّذِيِ أَمَّلْتَ فِيِهَا
بِأَسْرَعَ مِنْ زَوَاَلِكَ وَ انْتِقَاَلِكْ
فَعِشْ فِيِهَا خَمِيِصَ الْبَطْنِ وَ اعْمَلْ
لِيَوْمٍ فِيِهِ تذْهَلُ عَنْ عِيَالِكْ
تَجِيِءُ إِلَيْهِ مُنْقَاَدَاً ذَلِيِلَاً
وَ لَاَ تَدْرِيِ يَمِيِنُكَ مِنْ شِمَاَلِكْ
إِلَيْهَا فِيِ شَبَابِكَ مِلْتَ جَهْلَاً
فَهَلَّا مِلْتَ عَنْهَا فِي اكْتِهَاَلِكْ ؟!
فَمَهْلاً فَهْيَ عِنْدَ اللهِ أَدْنَىَ
وَ أَهْوَنُ مِنْ تُرَابٍ فِي نِعَالِكْ
وَ إِنْ جَاءَتْكَ خَاطِبَةُ فَأَعْرِضْ
وَ قُلْ مَهْلاُ فَمَا أَنَا مِنْ رِجَالِكْ
إِلَيَّ تَزَيَّنِيِنَ لِتَخْدَعِيِنِي
فَمَا أَبْصَرْتُ أَقْبَحَ مِنْ جَمَاَلِكْ
أَمَا لَوْ كُنْتِ فِي الرَّمْضَاءِ ظِلَّاً
إِذَاً مَا مِلْتُ قَطَّ إِلَى ظِلَالِكْ
صِلِيِ مَاَ شِئْتِ هِجْرَاَنِي فَإِنِّي
رَضِيِتُ الدَّهْرَ هَجْرَاً مِنْ وِصَاَلِكْ
فَلَيْسَ النَّبْلُ مِنْ ثُعَلٍ إِذَاَ مَاَ
رَمَتْ يَوْمَاً بِأَصْمَىَ مِنْ نِبَاَلِكْ
حَرَاَمُكِ لِلْوَرَىَ فِيِهِ عِقَاَبٌ
عَلَيْهِ وَ الْحِسَاَبُ عَلَىَ حَلَالِكْ
وَ كُنْ مِنْهَاَ عَلَىَ حَذَرٍ وَ إِلَّا
هَلَكْتَ فَإِنَّهَا أَصْلُ الْمَهَالِكْ
فَمَنْ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ مِنْ بَنِيِهَا
زَوَاَلُهُمُ يَدُلُّ عَلَىَ زَوَاَلِكْ
وَ كَمْ شَاَدُوا الْمَمَالِكَ وَ الْمَبَانِي
فَأَيْنَ تُرَىَ الْمَبَانِيِ وَ الْمَمَالِكْ
وَ أَنْتَ إِذَا عَقَلْتَ عَلَى ارْتِحَالٍ
فَخُدْ فِي جَمْعِ زَادِكَ لاِرْتِحَالِكْ
وَ دَعْ طُرُقَ الضَّلاَلِ لِمُبْتَغِيِهَا
فَطُرْقُ الْحَقِّ بَيِّنَةُ الْمَسَالِكْ
إِلَامَ وَ فِيْمَ وَيْحَكَ ذَا التَّصَاَبِي
وَ كَمْ هَذَا التَّغَابِي فِي ضَلَالِكْ
تَنَبَّهْ إِنَّ عُمْرَكَ قَدْ تَقَضَّى
فَعُدَّ وَعُدَّ نَفْسَكَ فِي الْهَوَالِكْ
وَ عَاتِبْهَا على التَّفْرِيِطِ وَ انْظُرْ
لِأَيِّ طَرِيِقَةٍ أَصْبَحْتَ سَاَلِكْ
وَ قُلْ لِي مَا الَّذِي يَوْمَ التَّنَادِي
تُجِيِبُ بِهِ الْمُهَيْمِنَ عَنْ سُؤَالِكْ
وَ مَاَذَا أَنْتَ قَائِلَهُ اعْتِذَاَرَاً
إِذَا نَشَرُوُا كِتَابَكَ عَنْ فِعَالِكْ
فَخَفْ مَوْلَاكَ فِي الْخَلَوَاتِ وَ أجْأَرْ
إِلَيْهِ بِانْتِحَابِكَ وَ ابْتِهَالِكْ
وَ رَاَقِبْ أَمْرَهُ فِي كُلِّ حَاَلٍ
يُفَرِّجْ فِي الْقِيَامَةِ ضِيِقَ حَاِلْك
وَ لَا تَجْنَحْ إِلَى الْعِصْيَاَنِ تَدْفَعْ
إِلَى لَيِلٍ مِنَ الْأَحْزَاَنِ حَالِكْ
وَ إِنْ أَمْراً بُلِيِتَ بِهِ فَصَبْراً
"لَعَلَّ اللهُ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكْ"
فَرُبَّ مُصِيِبَةٍ مَرَّتْ وَ مَرَّتْ
عَلَيْكَ كَأَنَّ مَا مَرَّتْ بِبَالِكْ
وَ كَمْ قَدْ ثَقَّفَتْ مِنْكَ الرَّزَايَا
وَ أَحْكَمَتِ اللَّيَالِي مِنْ صِقَالِكْ
أخيرا و ليس أخراً:
دعوة لوالدي بالمغفرة ممن مر و اعجبه انتقائي للقصيدة و شرح ما ظننته يحتاج للشرح.
و لا يحتاج كتابة الدعاء إذ أن الدعاء من اللسان بما يأمر القلب و الروح أفضل من الكتابة المجردة عن النية المُستحضرة.