رسالة إلى مــهــمــوم - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 24-02-2012, 10:15 AM
  #1
ابن عمر محمد
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 335
ابن عمر محمد غير متصل  
رسالة إلى مــهــمــوم


بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة إلى مــهــمــوم

عبد الله بن سعيد آل يعن الله

الحمد لله تعالى ولي الصالحين، رب العالمين، ومجيب دعوة الداعين،
والصلاة والسلام على صفوة المرسلين، وقدوة الناس أجمعين وعلى الآل
والأصحاب أقمار الدين وزينة المتقين :

هذه رسالة أرسلها... إلى كل من أحاطه الملل في حياته، وسكن القلق عيشُه
في صباحه ومسائه
أرسلها... إلى كل من بارت عليه الحيل وضاقت به السبل
أرسلها ... إلى كل من فنيت آماله ، وأوصدت الأبواب في زمانه
أرسلها ... إلى كل من ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وضاقت عليه نفسه بما
حملت
أرسلها ... إلى كل من تربى في فكره الوساوس، وزاد في منسوب عيشِه
الدسائس
أرسلها ... إلى كل من ذاق طعم الهم ، وتجرع كأس الغم
أرسلها ... إلى كل من اضطربت مشاعره ،واحترّت أعصابه
أرسلها ... إلى كل من تأخر عليه الفرج ، ويأس مِن من بيده مفاتيح الفرج

أرسلها ... إلى كل من لامه اللائـــــــمين ، وعذله العــــاذلين
أرسلها ... إلى كل عاطل عن العمل ، وذاق طعم الملل والكسل
أرسلها ... إلى كل من واجهته الصعاب، وترعرع في نفسه راسب الاكتئاب
أرسلها... إلى كل من خاف من المستقبل ، وانزعج من كابوس الماضي
أرسلها... إلى كل من أصيب بعاهة في جسده، وأصيب بالقرحة ومرض القلب
وكل مرض نغص عيشُه
أرسلها ... إلى كل من عانى وعانى من جفاء وقسوة ولده
أرسلها ... إلى كل من عانى وعانى من جفاء وقسوة والده
أرسلها ... إلى كل شاب صدره أضيق من سمِّ الخياط
أرسلها ... إلى كل شاب تصرمت حياته بين كل ذنب وحرام ،
وفقد الأنس بالعليم العلام
أرسلها ... إلى كل شاب عاش بين صفحات الاكتئاب، وضاقــــــت
عليه الأحوال من كل باب
أرسلها ... إلى كل فتاة أحسَّت بالعنوسه، وفقد الزواج
أرسلها... إلى كل امرأة انهار زواجها ، وفقدت حلاوة العيش ونعيم الزواج

أرسلها ... إلى كل فتاة لم تنعم بالحياة ، ولم تتلذذ بطعم الإيمان
إليكم أيها المسلمون... إليكم هذه الرسالة طرزتها بالود والوفاء،
جملتها بكل مايزيل العناء بإذن العليم العلام ....
ياالله ... ياالله ... ياالله ...

ولقد ذكرتك والخطوب كـــــــــــــــواحِلٌ *** ســودٌ ووجهُ
الدهــــــــــــــــــرِ أغــبرُ قــاتِمُ
فهتفت في الأســـــــــــحار باسمكِ صارخاً *** فإذا مُحيا كُـــلَّ
فَجــــــــــــــرٍ بَاسِــــــمُ

ياالله .. قلت وقولك الحق {قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب}
ياالله .. قلت وقولك الحق {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر}
ياالله.. قلت وقولك الحق {أليس الله بكاف عبده}
مهما رسمنا في جلالك أحرُفاً
قُدسيةً تشــــــــدو بها الأرواحُ
فلأنت أعظمُ والمعاني كلها
يارب عند جلالكم تَنداحُ
أيها المهموم :
بقربي تعال .. وسبِّح المُتعال..

أيها المهموم :

... افهم ما أقول ، وترجم كل ما تقرأُ على أرض واقعك ، وليكن لديك
وعياً في هذه الحياة،ولا تُصيُّرُك التوافه إلى الحضيض، وحقق السعادة
في دنياك وآخرتك .

أيها المهموم :

اصبر وما صبرك إلا بالله ،
استقبل المكارة برحابة صدر ....
استقبل الهموم والغموم بقوة وشجاعة تناطح السحاب ....
فهل أوجد العلماء
وهل أوجد الحكماء والأطباء
حلاً للأزمات والمصائب غير الصبر؟!
اصبر يامهموم فالله يقول { اصبروا وصابرو }
اصبر يامهموم فالله يقول {اصبر وما صبرك إلا بالله }
اصبر يامهموم فمحمد صلى الله عليه وسلّم يقول ( إن الله إذا أحبَّ
قوماً ابتلاهم )
اصبر مهما داهمتك الخطوب
اصبر مهما أظلمت أمامك الدروب
فإن مع العسر يسر ...
وإن مع الكرب فرج ...

أيها المهموم :

من الذي يفزع إليه المكروب
من الذي يستغيث به المنكوب
من الذي تصمد إليه الكائنات
إنه الله لا إلــــــــــه إلا هو

حقٌ علي وعليك أن ندعوه في الشِّدة والرخاء
حق علي وعليك أن ننطرح على عتبات بابه سائلين ... باكين ... ضارعين
... منيبين
{أمن يجيب المضطر إذا دعاه }
الله قريب
الله سميع
الله مجيب
يجيب المضطر إذا دعاه

يا مهموم
يا مهموم
يا مهموم
يا مغموم ...

مد يديك ...
ارفع كفيك ...
اطلق لسانك ...
أكثر من طلبه ...
بالغ في سؤاله ...
ألِحّ عليه ...
ألزم بابه ...
انتظر لطفه ...

أيها المهموم :
إذا أصابك مايُهِمُّك ...
ونزلت عليك النوازل ...
وأصابتك الملمات ...
وقهرك الرجال ...
وفشلت في الأعمال ...
فلا تغضب ...
ولا تجزع ...
ولا تنهر أهلك ...
ولا تشتكي على أحد ...
ولا تجعل شدّة المصيبة على أبيك أو على ولدك أو على أخيك أو على سيارتك

ولكن قل

الحمد له ...
قل
الشكر لله ...
قل
قدر الله وما شاء فعل ...
ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ، إلا في كتابٍ من قبل أن
نبرأها

وقال محمد صلى الله عليه وسلم /
عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابتها سرا شكر فكان خيرا له وإن
أصابته ضراء صبر فكان خيرا له

إذن
استسلم للقدر ...
لا تتسخط ...
لا تتذمر ...
اعترف بالقضاء والقدر ...
وليهدأ بالك ...
ولا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذاو كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل
...

أيها المهموم :

قد يكون همك بسب فراغك القاتل أوالعطالة عن العمل ...
ولكن ...
تذكر نعمة الله عليك
يكفيك أنك مسلم ...
يكفيك انك مؤمن ...
يكفيك أنك تصلي ...
يكفيك أن حواسك غير معطّلة ...
يكفيك الأمن والأمان ...
يكفيك أنك قادر على العمل وإن لم تتيسر لك ظروف العمل ...
يكفيك انك في صحة وعافية دائمة ....

فانظر لمن ملك الدنيا بأجمــعها *** هل راح منها بغير القطن والكفن

أيها المهموم :
سوف أدلك على واسطة تحقق لك كل ما تريد ...
ولكن إذا نويت الدخول عليه

فتهيأ تهيأًً كاملا والتزم بالشروط التي يجب إحضارها إليه من أجل أن
يقبل ما عندك
ثم بعد ذلك
أدخل عليه

فهو يفتح أبوابه لك كل ليل لكي يقبل طلبات المحتاجين ....

ثم أرسل له برقية مباشره بينك وبينه حتى تخرج من عنده بثقة كاملة في
الحصول على المطلوب وصد قني أن هذا الواسطة سوف تحقق لك من طلبك إحدى
ثلاث أشياء ....

من هو هذا الواسطة لكي نذهب إليه هذه الليلة
إنه ملك الملوك ....
إنه رب الوزراء ....
إنه إله الرؤساء ....
إنه الله ...
إنه الله ...

إنه الله الذي أمره بين الكاف والنون ....
{إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون}

فاستعد قبل الدخول عليه سبحانه عز وجل ...

فرغ قلبك من الشهوات ...
والتزم بشروط إجابة الدعاء ...
فإن الله لا يقبل من قلبٍ غافلٍ لاه ...
حقق شرط أكل وشرب الحلال ...
فأنى يستجاب لآكل الحرام

بعد ذلك أدخل عيه لوحدك في ظلمة الليل ...
أدخل عليه في ذلك الوقت الذي ينام فيه أهل الوساطة الذين نتعلق بهم ...


ولكن ...
ما نام الذي ما تنام عينه ...
ما نام الحي القيوم ...
يقول للعباد ...
يقول للشباب ...
يقول للعاطلين ...
هل من سائلٍ فأعطيه ...
...هل من داعٍ فأستجيب له ....

هل من مستغفر فأغفر له ...
نعم أليس الله سبحانه فرج الكرب عن أيوب ...
أليس الله سبحانه ألان الحديد لداود ...
أليس الله سبحانه فلق البحر لموسى ...
أليس الله سبحانه جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم ...
أليس الله سبحانه شق القمر لمحمد ...

لا إله إلا الله
سافر الناس يتوسطون بالناس ونسو رب الناس ...

لا إله إلا اله
في هذا الوقت قدم ما لديك على ربك ...

ادع ربك ...
ناده ...
اسأله ...
استغفر منه ...
استغفر منه ...
استغفر منه ...

ثم إذا فرغت من دعائك له ،فإنك سوف تفوز بإحدى ثلاث أشياء

إما أن يحقق لك طلبك ...
وإما أن يدِّخر لك يوم القيامة بشيء أفضل بكثير وكثير مما تطلبه في هذه
الدنيا ...
وإما أن يدفع الله بهذا الدعاء بلاءً ينزل ُ عليك من السماء ....

إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاق بها الصــــدر الرحيب
وأوطنت المكاره واطمــــأنـــت *** وأرست في أماكـــنــها الخطـــوب
ولم تر لانكشاف الضر نفعا *** وما أجدى بحيلته الأريـــــــب
أتاك على قنوط منــــك غوثٌ *** يمُنُّ بها اللطيف المستجـــيب
وكل الحادثات وإن تنــــاهت *** فموصــــول بها فرج قريب

أيها المهموم :
أذا ضاق صدرك ...
وصعب أمرك ...
وكثر مكرك ...
وأظلمت في وجهك الأيام ...

فعليك بالصلاة ....
عليك بالصلاة ....
عليك بالصلاة ....
{يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة }

سبحان الله الصلاة هي مستشفى تداوى البشر من السقم وتشرح الصدر من الهم
والغم
،فكان الرسول في المهمات العظيمة يشرح صدره بالصلاة ،
وكان العظماء يحاطون بالنكبات ،فيفزعون إلى الصلاة ، فيفرج الله عنهم .


أيها المهموم:

اعلم ...
ثم اعلم ...
ثم اعلم ...
أن قلة التوفيق ...
وفساد الرأي ...
وخفاء الحق ...
وفساد القلب ...
وإضاعة الوقت ...
والوحشة بين العبد وبين ربه ...
ومنع إجابة الدعاء ....
وقسوة القلب ...
ومحق البركة في الرزق ...
وحرمان العلم ...
ولباس الذل ...
وضيق الصدر ...
وطول الهم ...
والابتلاء بقرناء السوء ...
تنشأ
وتتولد

.... ... من المعصية والغفلة عن ذكر الله .... ...

فالله الله في ترك الذنوب ....
الله الله في ترك الذنوب ....
فالله الله في ترك الذنوب ....
كلنا نعرف الحلال و الحرام ...
ولكن السعيد
من فعل الحلال وترك الحرام
والشقي منا
من فعل الحلال وفعل الحرام

فتب إلى الله وارجع إليه واسمع الآيات التي تقوي من رجائك،وتشد عضدك ،
وتزرع في النفس التفاؤل وعدم القنوط
قال الله {قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم }
وقال الله {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله
فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا
وهم يعلمون}
وقال الله {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله
غفوراً رحيما}

أيها المهموم :

إن سِرَّ أسباب راحة البال ...
وهدوء الجنان ...
هو الاستغفار ...

يقول ابن تيميه :

إن المسألة لتغلق علي ،فأستغفر الله ألف مره ، أكثر أو أقل فيفتحها
الله علي .
قال الرب:{ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم
الرسول لوجدوا الله توابا رحيم }

أيها المهموم :

أبشر باللطف الخفي ...
أبشر بالأمل المشرق ...
أبشر بالمستقبل الحافل ...
فقد آن أن تداوي شكك باليقين ...
قدآن أن تقشع عنك غياهب الظلام بفجر صادق ...
آن أن تقشع مرارة الأسى بحلاوة الرض ...
أبشر أيها المهموم ... بصبح يملؤك نورا ...

أيها المهموم ...اطمئن فإنك تتعامل مع اللطيف بالعباد والرحيم بالخلق
.
أيها المهموم ... اطمئن فإن العواقب حسنه ،والنتائج مريحة ، والخاتمة
كريمه

لمعت نـــــارهم وقد عســــعـــس الليـــــــل ومل الحادي وحــار الدلـيــل
فتـــأملتـــها وفكــــري مــــن البـــيــــــن عليـــل وطــــرف عيـــني كليـل
وفــــؤادي ذاكــــ الفــــؤاد المعـــنى وغـــرامي ذاكـــ الغــرام الدخيل
وســألـــنا عن الوكــــيل الــمـــرجى للـــملمات هــــــل إلــــيه ســــبيل
فوجــدناه صاحـــب المــلك طــــرا أكـــرم المجــــزلين فرد جليـــل


أيها المهموم:

هدئ أعصابك بالإنصات إلى كتاب ربك ، أنصت إلى تلاوة ممتعه حسنه مؤثره
من كتاب الله تسمعها من قارئ جيد حسن الصوت ، أو اقرأ كتاب الله العظيم
الذي هجره بعض الناس ، اقرأ هذا الكتاب ، وتدبره ورتله ، فإن ذلك يفضي
على نفسكَ

السكينة
والراحة
والطمأنينة

قال تعالى/
الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنُ القلوب

هذه رسالتي بإختصار

أرجوا أني قد عالجت بهذه الرسالة ولو بشيء بسيط من همك ....
يامن هو عالم بالسرائر ...
يامن هو مطلع على مكنونة الضمائر ...
فرَّج همَ المهمومين من المسلمين ...
وفرج كرب المكروبين ....
إنك على كل شيء قدير ....





التعديل الأخير تم بواسطة ابن عمر محمد ; 24-02-2012 الساعة 10:28 AM
رد مع اقتباس
قديم 24-02-2012, 10:25 AM
  #2
ابن عمر محمد
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 335
ابن عمر محمد غير متصل  
من منفِّسات الهموم

بسم الله الرحمن الرحيم

من منفِّسات الهموم

حسن صالح الخالدي



يعيش الإنسانُ في هذه الدنيا ويتعرَّض فيها لشيء من الهموم والغموم
والنكد والطفش وضيق الصدر ومشاكل الأهل والأولاد والعمل وغير ذلك ،
وإذا لم يجد الإنسان ما ينفِّس به عن نفسه من هذه الويلات وإلا سيصيبه
ما يشتكي منه كثير من الناس هذه الأيام من الأزمات والأمراض النفسية
التي من أسبابها مشاكل وهموم الحياة .

1- القرآن نَفَس
يقول الله تعالى في سورة يونس ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم
مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ ... )
ويقول في سورة الإسراء ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء
وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ... ) ويقول في سورة فصّلت ( قُلْ هُوَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء ... ) ثلاث آيات تنص بوضوح على أن
القرآن شفاء ، عافية ، دواء ، نَفَس ينفِّس به الإنسان عن نفسه هموم
الدنيا ومشاكلها .
ويؤخذ من هذا أن المسلم لا بد أن تكون له علاقة وطيدة بالقرآن الكريم .
والميزان الذي يستطيعه عامّة الناس : هو ما ورد في قصة عبد الله بن
عمرو بن العاص رضي الله عنهما
فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
زَوَّجَنِي أَبِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيَّ
أَحْسِبُهُ ، قَالَ : لاَ أَلْتَفِتُ إِلَيْهَا أَوْ لاَ أَعْبَأُ
بِهَا مِمَّا لِي مِنَ الْعِبَادَةِ مِنَ الصَّوْمِ وَالصَّلاةِ ،
فَدَخَلَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهَا : كَيْفَ
وَجَدْتِ بَعْلَكِ ؟ قَالَتْ وَكَخَيْرِ الْبُعُولَةِ من رجل ، لم يكشف
لنا كنفا ، ولم يقرب لنا فراشا ، فأقبل علي فعضني بلسانه : كَخَيْرِ
الرِّجَالِ وَقَالَ : أَنْكَحْتُكَ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ فَفَعَلْتَ
وَفَعَلْتَ ، ثُمَّ انْطَلَقَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
فَشَكَانِي إِلَيْهِ ، قَالَ : فَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم فَقَالَ لِي : أَتَصُومُ النَّهَارَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ،
قَالَ : وَتَقُومُ اللَّيْلَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنِّي
أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ ، ثُمَّ قَالَ لِي :
اقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي شَهْرٍ ، قَالَ : قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُنِي
أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ،
قُلْتُ : إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ ، قَالَ : أَحَدُهُمَا
إِمَّا حُصَيْنٌ وَإِمَّا مُغِيرَةُ ، قَالَ : فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ
ثَلاث...
والحديث صحيح وله طرق وروايات متعددة وقد أخرجه البخاري وأبو داوود
والنسائي وهو في مسند الإمام أحمد وغيره
وبالجملة فالرسول صلى الله عليه وسلم تدرَّج مع الشاب عبد الله بن عمرو
بن العاص رضي الله عنهما من قراءة القرآن كاملاً في شهر إلى عشرين
يوماً إلى خمسة عشر إلى عشرة إلى خمسة إلى ثلاثة أيام ونهاه عن الزيادة
عن ذلك .
فيؤخذ من الحديث أن الميزان الذي يستطيعه الناس بعامة هو الذي أمر به
الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في أول
الحديث وهو أن يقرأ القرآن في شهر .
ومن قرأ القرآن في شهر ورتَّب نفسه ترتيباً سهلاً ميسّراً عليه : كان
حزبه اليومي جزءاً كاملاً من القرآن ، فالشهر ثلاثون يوماً والقرآن
ثلاثون جزءاً ، بمعدل جزء واحد يومياً .
ولو وفِّق الإنسان وجعل ترتيب الأجزاء مع التواريخ الهجرية بداية
ونهاية لكان أثبت وأدوم له ، يبدأ في الأجزاء مع بداية الشهر ويختم مع
نهاية الشهر ، فلو كان اليوم في التاريخ الهجري هو اليوم الثالث فإنه
يقرأ الجزء الثالث ، ولو كان اليوم في التاريخ الهجري هو اليوم السابع
فإنه يقرأ الجزء السابع ، ولو كان اليوم في التاريخ الهجري هو الثامن
عشر فإنه يقرأ الجزء الثامن عشر ... وهكذا
ولربما قال البعض من الناس : حتى الجزء من القرآن لا أستطيع إكماله ،
فنقول له : اقرأ ولو أقلّ القليل ، حتى ولو صفحة واحدة في دقيقة واحدة
، لأن الجزء من القرآن عشرون صفحة ، والصفحة تقرأ في دقيقة واحدة ،
وبالتالي فالجزء من القرآن كاملاً يقرأ في عشرين دقيقة ، فمن هو الذي
يبخل على نفسه بدقيقة واحدة في يومه وليلته من مجموع أربع وعشرين ساعة
، يقرأ فيها القرآن بتدبّر وتمعّن ووقوف مع معاني كلام الله فيجد راحة
ونَفَسَاً يتنفّس به من هموم هذه الدنيا ؟!

2- الصلاة نَفَس
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( حُبِّبَ إِلَىَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ
النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِىَ فِى الصَّلاَةِ )
صحيح الجامع برقم 3124 ويقول : (يَا بِلاَلُ أَقِمِ الصَّلاَةَ
أَرِحْنَا بِهَا ) صحيح الجامع برقم 7892 و( كان النبي صلى الله عليه
وسلم إذا حزبه أمر صلّى ) صحيح الجامع برقم 4703
هذه الأحاديث توضِّح بجلاء أن الصلاة راحة ، وأنها تنفيس ، وأنها ملاذ
آمن يلتجئ إليه المؤمن فيشعر حينئذ بالإستقرار والراحة النفسية .
لكنْ : ليست كل صلاة يجد معها المصلِّي الراحة المنشودة ، بل هي الصلاة
الخاشعة ، التي يخشع فيها المصلّي ، فتخشع جوارحه عن الحركة ، ويخشع
قلبه حين مناجاة ربه ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{1} الَّذِينَ هُمْ
فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُون ) ، فإذا قام للصلاة وقرأ الفاتحة تدبّر
آياتها العظيمة ، فإذا قرأ ( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
تذكّر أنّه يناجي ربه ، وأنّ الله يقول : حمدني عبدي ، فإذا قرأ (
الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ) تذكَّر أنَّ الله يقول : أثنى عليّ عبدي ،
فإذا قرأ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) تذكَّر أنَّ الله يقول : مجّدني
عبدي ، فإذا قرأ ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) تذكَّر
أنَّ الله يقول : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قرأ (
اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ{6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ
عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) تذكَّر
أنَّ الله يقول : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل 0 والحديث رواه الإمام مسلم
في صحيحه .
ثم إذا ركع اطمأن راكعاً وقال : سبحان ربي العظيم وأثنى على الله بما
هو أهله ، ثم إذا رفع رأسه من الركوع اعتدل واقفاً حتى يطمئن في وقوفه
وقال : سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ... ثم إذا سجد قال : سبحان
ربي الأعلى واطمأن في سجوده ودعا ربَّه وشكى إليه حاجته وبثّ إليه
مسألته وشكى إليه همومه وأحزانه ، وعرف أنّه يدعو رباً يملك كلّ شيء ،
وبيده مفاتيح كلّ شيء ، وأنه رب رؤوف رحيم ، يحب من عبده أن يسأله
ويلحّ عليه في المسألة وقد وعد بالإجابة وقال ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ ) ثم إذا جلس بين السجدتين اعتدل في جلوسه واطمأن جالسا ، وهكذا
يفعل ذلك في صلاته كلّها .
هذه هي الصلاة العلاج ، الصلاة الدواء ، الصلاة المنفّسة للهموم
والغموم والأحزان والمشاكل

أما الصلاة على عجالة ، وبدون خشوع وخضوع وإنابة وذكر ودعاء ، والصلاة
دون اطمئنان وسكينة ، فلن يجد معها المصلّي راحته ، وأنسه ، وعافيته ،
وشفاه ، بل قد تكون باطلة كما في حديث المسيء صلاته كما في الصحيحين
وقد أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة ثلاث مرات وفيها
كلّها يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ارجع فصل فإنك لم تصلّ )
، ثم علمه كيف يصلِّي وقال له : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاةِ
فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ،
ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ
حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثم ارفع حتى تستوي قائما ، ثم اسجد حتى
نطمئن ساجدًا ، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي
صَلاتِكَ كُلِّهَا .
فالرجل صلّى لكنَّ الرسول المعلِّم صلى الله عليه وسلم أوضح له بأن
صلاته باطلة ليست صحيحة ، ثم علّمه الصلاة الصحيحة التي مدارها في
الحديث على الخشوع والطمأنينة .
وكم من الناس من قد بلغ الثلاثين والأربعين وجاوز الخمسين وهو لم يجد
طعماً للصلاة ولو يوماً من الأيام ولو لصلاة واحدة ، فهذا إنسان محروم
من عافية الصلاة ، من حلاوة الصلاة ، من شفاء الصلاة ، والسبب أن صلاته
بدون خشوع وخضوع لله رب العالمين .

3 - الإستغفار نَفَس
يقول الله تعالى (اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ
يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً ... )
يقول الإمام القرطبي في تفسيره 4 / 9 : هذه ثمرة الإستغفار والتوبة أي
يمتعكم بالمنافع من سعة الرزق ورغد العيش ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل
بمن أهلك قبلكم .
ويقول الإمام جمال الدين القاسمي في تفسيره 93 / 9 أي : يطوِّل نفعكم
في الدنيا بمنافع حسنة مرضية ، من عيشة واسعة ، ونعم متتابعة ، إلى وقت
وفاتكم كقوله (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن
العبد إذا أخطأ خطيئة ، نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإن هو نزع واستغفر
وتاب صُقِل قلبه ، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه ، وهو الران
الذي ذكر الله تعالى ( كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا
كَانُوا يَكْسِبُون ) صحيح الجامع برقم 1670
وفي صحيح الإمام مسلم من حديث أبي بردة المزني رضي الله عنه أن الرسول
صلى الله عليه وسلم قال ( إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في
اليوم مائة مرة )
ومعنى ليغان على قلبي : أي ما يرد على قلب النبي صلى الله عليه وسلم من
ضيق الصدر بما كان يصيبه من الهمّ بأمر أمته ، لا أنه كان يغان على
قلبه من ذنب يذنبه .
وقيل ليغان : بمعنى ما يتغشى القلب من الغفلة عن الذكر ، فإذا فتر عنه
أو غفل : عدَّ ذلك ذنباً واستغفر منه .
وروي في الحديث كما في سنن أبي داوود ( من لزم الإستغفار : جهل الله له
من كل ضيق مخرجا ، ومن كل همّ فرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب )
وفي صحيح الإمام مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : يقول الله
تعالى ( يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا
فاستغفروني أغفر لكم )
هذه نصوص وغيرها كثير تبيِّن أن الإستغفار جلاء للقلوب ، وأنّه عافية ،
وأنه حياة طيبة ، وذلك لأن الخطيئة هي بقعة سوداء في القلب ، تؤثر فيه
تأثيراً سلبياً فتسبب له الضيق والحرج والقسوة ، فمع دوام الإستغفار
تصقل هذه الخطايا وتمحى فيستمر صفاء القلب ونقاؤه وحيويته وراحته التي
خلقه الله عليها ، وهكذا يمتد أثر الإستغفار إلى الهموم والأحزان
فيبدّدها ويشتّتها ويفرّقها ، فيطردها من القلب ، فيشعر القلب بأنسه
بالله وقربه من الله ، فيجد السكن والراحة والطمأنينة ، والسبب في ذلك
أن المستغفر يعترف بفقره وذلّته وحاجته إلى رحمة مولاه وإلى إحسانه
إليه ، فإذا علم الله ذلك من العبد وعلم انكساره بين يديه قابله
بالمغفرة والرحمة والرضوان والإنس به والراحة في السكون إليه ، وهكذا
المستغفر يشعر بلسعة المعصية وحرارتها ووحشتها وأنها قد جلبت له الهمّ
والغمّ والنكد والطفش فإلى أين الملجأ والملتجأ إلا إلى الله الذي كل
السعادة والهناء والراحة والنعيم عنده تبارك وتعالى 0


المصدر : موقع صيد الفوائد

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:30 AM.


images