خالفت أهلها وتزوجته لأنها تحبه. رأت فيه الفارس الذي كانت تبحث عنه، رأت فيه من خلال مشاعرها كل ما كانت تحلم فيه من صفات.. بعد 18 شهراً من الزواج وقف الزوجان أمام القاضي يطلبان الطلاق، بعد أن أصبح النفور هو الصفة التي تطغى على حياتهما معاً.
هذه الزيجات غير الناجحة كثيرة، فقد جاء في إحصائية مصرية أن 88% من الزيجات التي تتم نتيجة للميل العاطفي انتهت بالطلاق، بينما لم تنتهي بالطلاق سوى 12% من الزيجات التقليدية التي تتم بمشاركة أهل الشاب وأهل الفتاة.
يأتي الزواج ليهدم التصورات السابقة وتفسير ذلك هو أن اللذين يتزوجان نتيجة الميل العاطفي أو ما يسمونه ( الحب )، لا يبصران صفات كثيرة يجب أن يعرفها كل منهما عن الآخر.
إنهما ينظران بعين العاطفة وحدها، وعين العاطفة ( عين الرضى )لا ترى كل شيء، فإذا ما تم الزواج وهدأت العاطفة المتأججة، صحت عيون أخرى وصارت ترى ما لم تكن تراه عين العاطفة.
يقول الدكتور صول غوردون الأستاذ المحاضر في جامعة سيراكوز الأميركية: (حين تكون في حالة حب؛ فإن العالم كله –بالنسبة إليك- يدور حول شخص من تحب، ويأتي الزواج ليثبت عكس ذلك ويهدم جميع تصوراتك بعد أن تكتشف أن هناك عوالم أخرى كان لابد أن تنتبه لوجودها، إنها عوالم المفاهيم والقيم والعادات ).
ويضيف الدكتور غوردون متسائلاً: (لماذا يكون الزواج اكثر نجاحاً حين لا يسبقه ما يسمى الحب ؟ ويجيب فيقول: مع الميل الشديد لا يستطيع الشاب أو الفتاة أن يقيم مختلف جوانب شخصية الآخر، ولا يستطيع أن يتعامل معه بعقلانية، لأنه دائماً يجد التبريرات لما يفعل الآخر، وفي أحسن الأحوال يأمل في أن كل شيء سوف يتغير بعد الزواج. ولكن الوقائع أثبتت أن ذلك غير صحيح، لأن كلا الطرفين –حين يتعود كل منهما الاستحسان من الآخر- لا يمكن أن يتحمل النقد منه أو اللوم بعد الزواج حول وضع معين يعرف يقيناً أنه لم يضايقه من قبل، والدليل أنه لم يعترض عليه ولم يضع ملاحظة ما حوله ).
ويؤكد غوردون هذه المعاني بقوله: ( حين يسيطر الحب في العلاقة، فإن الواحد لا يرى الآخر في الحقيقة بل في إطار من المثاليات، ولذلك فهو يتجنب الانتقادات ويتجنب حتى إثارة أي موضوع يشعر بأنه لا يروق للآخر.
وهكذا يستمر حباً سطحياً، لا يرى الواحد في الآخر إلا أحلامه وأمانيه، فلا يستطيع أن يفكر فيه وفي تصرفاته بعقلانية حقيقية ).
مشاركة الأهل مهمة وضرورية:
فماذا نقول للفتى ؟ وماذا نقول للفتاة ؟
نقول أولاً للفتاة التي تعلقت بشاب لا تريد الزواج إلا منه ولا ترى السعادة إلا في العيش معه، نقول لها: مشاعرك هذه نقدرها، وأحاسيسك تلك نراعيها، لكنها لا تكفي لضمان زواج ناجح، ولابد معها من معرفة أشياء كثيرة عن هذا الذي تعلق قلبك به. وهذه المعرفة لا يمكنك – في الأغلب – توفيرها وحدك بصورة دقيقة صحيحة شاملة، بل بمساعدة أهلك الذين يسألون رفاقه في الحياة، وزملاءه في العمل، وجيرانه في السكن، فيحيطون بأخلاقه وطباعه وسلوكه ويمتلكون صورة متطابقة – إلى حد كبير- مع حقيقته و واقعه.
وكذلك نقول للشاب: دع أهلك يشاركوك الرأي و يسألوا عن أسرة الفتاة، وقدر ملاحظاتهم وخذها بعين الاعتبار، فهم لا يريدون لك إلا السعادة و النجاح في زواجك وهم أدرى وأبصر منك في كثير من الأمور.