رد : أمر ضروري ومستعجل ..
مداخلة على كلام الأخ الرسمي والمتفائل (مع العلم أنا أيضاً أستوقفتني كلمتك وقلت يمكن كتبها في لحظة غضب ...لكن وجدت إنك مصر على صحتها) ..لذلك أردت التوضيح وليس لغرض شخصي فنحن هنا لنقوم بعضنا بعضاً فليكن صدرك وسيعاً لتقبل آراء الآخر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. و بعد:
فإن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة، فهو رحب الميدان ليس له مرد ، ولا لمجاله منتهى وحد، ولهذا ينبغي لكل مسلم أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام ، إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة.
ومن فلتات اللسان الخطيرة على المسلم التألي على الله عز وجل ، مثاله أن يقول القائل : والله لا يغفر الله لفلان ، أو أن فلان في النار ، وهذا يدل على اليأس من روح الله ،واحتقار عباد الله عند القائل ، وإعجابه بنفسه.
فقد روى مسلم في صحيحه: عن جندب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك ) .
قال النووي - رحمه الله - : ( قوله صلى الله عليه وسلم: ( أن رجلا قال: والله لايغفر الله لفلان وأن الله تعالى قال من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان فإني قدغفرت لفلان وأحبطت عملك) .
معنى يتألى : يحلف، وفيه دلالة لمذهب أهل السنة في غفران الذنوب بلا توبة إذا شاء الله غفرانها ) أ.هـ، انظر شرح مسلم 16/174
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين أحدهما يذنب والآخرمجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب فيقول: أقصر، فوجده يوما على الذنب فقال: له أقصر فقال: خلني وربي، أبعثت علي رقيبا؟ فقال: والله لايغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: كنت بي عالما أو كنت على ما في يدي قادرا، وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار) ، قال أبو هريرة والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أهلكت دنياه وآخرته ) .رواه ابن حبان في صحيحه. صحيح الجامع 4455
قال ابن جوس رحمه الله : دخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بشيخ مصفر رأسه، براق الثنايا معه رجل أدعج جميل الوجه شاب فقال الشيخ : لا تقولن لرجل أبدا لا يغفر الله لك، والله لا يدخلك الجنة أبدا، قلت: ومن أنت يرحمك الله؟ قال أنا أبو هريرة قلت: إن هذه لكلمة يقولها أحدنا لبعض أهله أو لخادمه إذا غضب عليه قال: فلا تقلها إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر الحدبث
قال أبو الطيب – رحمه الله - : ( متواخيين أي متقابلين في القصد والسعي، فهذا كان قاصدا وساعيا في الخير وهذا كان قاصدا وساعيا في الشر، أقصر من الاقتصاد وهو الكف عن الشيء مع القدرة عليه، أبعثت : بهمزة الاستفهام وبصيغة المجهول، أو بقت دنياه وآخرته في القاموس أو بقه أهلكه أي أهلكت تلك الكلمة ما سعى في الدنيا وحظ الآخرة ) أ.هـ ، عون المعبود 13 /166 – 167.
فعلى المسلم أن يحفظ لسانه ويتورع عن إطلاقه فيما لا يعنيه فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) رواه الترمذي .
و قال صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ) ، متفق عليه .
اللهم طهر ألسنتنا مما يغضبك، واحفظ جوارحنا عما يباعدنا عن الجنة برحمتك يا أرحم الراحمين. والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقول
__________________
و ما إنعكاس روحي في طيفك
إلا ظلاً يفر من صاحبه