.. بدأت الأحداث تتوالى بشكل سريع وأنا التي ظننتُها ستهدأ الآن ..!
منذ زمن لم أشعر بأنّي طفلة .. بل أكاد أجزم أنه حتى في طفولتي لم أشعر بهذا ..
كنتُ أراني دائماً ناضجة ولَعُوبة ومُدللة وصعبة ..
لكني قط لم أشعر بأني "طفلة "..
اليوم فقط أحسستُ بذلك ..
اليوم فقط يا "أخي"
- حين سمعت هاتفي يرنّ .. ذهبتُ إليه على عجل .. وعندما رأيتُ إسم المتصل .. دُهشت وفَزعت و ( اضطربت )..!
وقبل أن أُجيب علمت قطعاً أنها( أمي الحبيبة )
هي من أخبرتة
والحقيقة أنّي لهذا السبب عمدتُ أن لا أخبر أمي إلّا بعد حين !! لأنها لن تصبر عن إخبار (أخي هذا) حتى ولو أخذتُ عليها العهود والمواثيق الغليظة
هو ليس (وليدها) .. بل أشبه بـ (وريدها) !
هو صديقها .. وجليسها .. وفخرها .. وأكسجين حياتها !
هي لاتتحدث إليه ومعه فقط !
بل تحدّثة حتى بما لايُحدّث به !! تحدّثة بكل ماتعلم وبكل ماسَمِعت وبكل ماقالوا وبكل مافعلت وبكل مافعلنا نحن
تحدّثة بما رأت في التلفاز وبما سمعت في الإذاعة !
تحدّثة عن كل شيء وهي
تحتضن (كفوفة ) تارةً .. وتقبلها تارةً أخرى !
تستقبله لحظة دخولة عليها إستقبال "أمير "
لكن لوحدها ! هي الحاشية وهي الموكب وهي الحرس وهي الطبول ..
بإختصار: هي الشعب كله وهو الـ "الملك " ..
حتى أنّا في عمر المراهقة أنا وأخواتي إن أردنا منها أمراً ورفضته بصرامة نـطلبها
بـ كنيتها " يلا يا أم فلان .. ماتردّينا يا أم فلان " فقط ذكر كنيتها كفيل بأن يجعل
قواها تخرّ .. ثم تبتسم .. ثم تضحك .. ثم توافق بنفس الصرامة التي رفضت بها !!
علماً أن (وليدها هذا) قد بلغ الـ 50 من عمره !!!
ويوجد أصغر منه الكثير ..
ولكن لايتجرأ أحد أن يُقارن حتى فيه .. ومن الإنصاف أيضاً أن أذكر أنه بلغ من البرّ بها مبلغاً مارأيته في حياتي قط ..
(
عجباً .. للأمِّ إذا أحبّت ؟؟ )
.
.
.
.. أمّا أنا .. فمنذ وُلدت وأنا لم أعرف كيف أحبه ؟
أنا فقط أحترمه .. تربيت وكبرت على أن أحترمه فقط ..
أنا حتى لا أعرفه كثيراً .. حضوره مُهيب وحديثة رسمي وقليل .. ونظرته الصامتة الناقدة تُخيفني! .. وأعلم أن الكثير فيني لايعجبه والكثير فيه أيضاً لايعجبني ..
ليس لأمر ما ! ولكن قد يكون بسبب تفاوت الأجيال .. قد ،، يكون !؟!
ومن المفارقات العجيبة أنّي حتى لم أختلي به في حياتي .. فـ كل جلساتنا تكون وسط العائلة ..
- أجبتُ على المكالة .. مرتبكة .. خائفة ..
أجبت على إستحياء وأنا حريصة على أن لايرتفع صوتي على صوته !!!
وبعد أن حميَ وطيس السلام بيننا ..
كانت الصاعقة عندما قال (أبمرك بعد نص ساعة)
دارت بي الدوائر .. لماذا ؟ ماذا سيقول ؟
هل تكفية ضيافة القهوة !! لا لا .. لاتكفي .. زوجي بعيد جداً
وأنا متأكدة أن أخي إختار هذا الوقت بالذات لعلمة أنه وقت إنشغال زوجي !
في نصف ساعه فقط .. أعددت القهوة والتمر وبعض الحلويات الجاهزة (المتواضعة) المتوفرة لدي .. ولبست أكثر جلاليبي إحتشام وستر وأكثرهم طولاً وإسبالاً
و بحثت عن أجود أنواع كِسَر (الـعـود) التي أحتفظ بها لأُطيّب بها مجلسي لأني أعلم أن (ولِيدها) هذا لايقتني من العود إلا الهندي الفاخر ..!! بينما نحن كالعادة نقتني الكمبودي الجيّد .
. (
علماً أنه يُمنع الطيب في فترة العلاج المجهري وبعده لمدة معينة ولكني أضطررت لذلك ) ..
..
يتبع