بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله للعلمين وآله وصحبه أجمعين وبعد
مقدمة
عنوان الدرس لا يعني تصوير الزوجة الثانية بالأجهزة أو التجسس عليها
بل يعني تكييف النظر إليها من نفسها والمحيطين بها
وهذا الأسلوب في الطرح استفدته من القرآن الكريم
حيث ترد القصة عدة مرات وفي كل مرة يتم تصوير الأحداث من زاوية مختلفة
مثل قصة موسى وما جرى له عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم فقد وردت القصة 19 مرة وفي إحداها من جهة موسى وثانية من جهة فرعون وثالثة من جهة السحر ورابعة من جهة النس وخامسة بوصف عام تحليلي وهكذا
الدرس
الصورة الشرعية الزوجة الثانية هي زوجة بعقد شرعي لرجل بذمته زوجة ولها حقوق الزوجية وعليها واجبات الزوجية وفق العقد الشرعي مع الزوج وعليها أداء ما عليها والمطالبة بحقها دون تعدٍّ أو ظلم
الصورة من الزوجة لنفسها تنظر الزوجة الثانية لنفسها حسب أساس زواجها من هذا الرجل فإن كان برغبتها وحريتها في القرار فإنها تنظر لنفسها بأنها قدمت تنازلات للحصول على فرصتها في الحياة الزوجية الكريمة والذرية الصالحة وإعفاف نفسها وأنه لسببٍ ما تنازلت لتتزوج بذي زوجة ومقتنعة أنها ستتعرض لضغوط وستحتملها في سبيل ما تريده من هذا الزواج.
وإن كان زواجها بغير رغبتها بل لرغبة من ولي أمرها لحاجة في نفسه وجعل هذه المرأة أداة يتم تسخيرها في صراع أسري أو مجتمعي أو قبلي أو ثمن لمكسب جاه أو مال وليس لرأيها قيمة فهي تنظر لنفسها بالتهميش والضغط من ثلاث جهات من جهة الإنكسار الداخلي لأنها زوجة ثانية وبغير رغبتها ومن جهة نظرة المجتمع لها وثالثة من دورها كزوجة مع أخرى وقد تنظر لنفسها بالفخر بأن استجابة لما يعزز ولي أمرها تجاه ولي أمر الزوجة الأولى أو أسرتها أو مجتمعها أو قبيلتها لما بينهم من خلاف.
الصورة من جهة ولي أمرها حسب الصورة أعلاه بأنه ستر موليته وأعانها على هذا القرار ليطمئن عليها وإن كان الوضع الثاني في الصورة أعلاه فهو يعتز بنفسه وأنه متمكن من أسرته ومجتمعه بلا قيمة لموليته بذاتها.
الصورة من الزوج مع الأسف قليل أو نادر أن نجد من يتزوج بثانية لمبرر يحبذه الشرع كالذرية وإعفاف النفس وتكثير الأمة وغيرها أو لعذر مقبول وفي الغالب أنه علاج لأخطاء الزوج مع زوجته الأولى ويظن بأنه يعالج وهو يفعل بالثانية ما فعل بالأولى وهو يظن أنه على صواب والخلل في غيره فينظر للزوجة الثانية أنها ستعوضه ما انحرم منه مع الأولى وسرعان ما يبتليها بما ابتلى به الأولى من طلب الحق وجحد الواجب وطلب التنازلات وعدم تقديمها ثم يبحث عن ثالثة وهكذا ويتهم الجميع بالسوء إلا نفسه.
الصورة من جهة الزوجة الأولى تنظر الزوجة الأولى للثانية نظرة معتدٍ أو أنها أداة الجريمة أو مساعدة للزوج في الاعتداء وأنه يجب عدم تمكينها من مرادها والعمل على إخراجها من الدائرة الأسرية للزوج وإعادته لهاوتسحب بعض الزوجات هذه النظرة على أولادها وأقاربها ليشاركوها النظرة والهدف بإبعاد الثانية المعتدية وإن كان الوضع كما سبق من أن الزوجة الثانية وسيلة لولي أمرها لتعزيز موقفه في الخلاف بينه وبين ولي أمر الأولى وأسرتها فتنظر الزوجة الأولى بأنها رمز الجانب الآخر المعادي لأسرتها.
الصورة من جهة أولاد الزوج قد تدخل الزوجة الثانية في حياة الزوج بوجود الزوجة الأولى أو بعدم وجودها بسبب الوفاة أو الطلاق وحال وجود الأولى ينظرون لها بنظرة والدتهم تعاطفا معها وأنها ( أخذت أبونا منا) ويتم التعامل مع الوالد من هذا المنطلق وإن كانت الزوجة الأولى غير موجودة فينظر للزوجة الثانية من الصغار بالأم البديلة ومن الكبار بالمعتدية.
الصورة من جانب والدتها تنظر أم الزوجة الثانية لابنتها بفرح أن عوضها الله خيراً عما سبق وإن كان بغير رغبتها فهي تنظر لها برحمة وقلة حيلة أمام سطوة ولي أمرها في تعزيزه لموقفه بلا قيمة لابنته
الصورة من جانب والدة الزوجة الأولى تعاطف وتشارك ابنتها النظرة وتسخر خبرتها لهذا التعاطف
الصورة من جهة المجتمع حسب وعي المجتمع دينيا تكون النظرة والتكييف وحسب موقف أفراد المجتمع من الزوجين ونوعهم من ذكور وإناث فالمجتمع الذكوري بين مؤيد مفتخر ومعارض والإناث بين ملتمس للزوج بالعذر وبين ناقم متعاطف مع الأولى.
الصورة من جانب الإعلام مع الأسف يتناول الإعلام ومنه النت جانب الزوجة الثانية من جهتين الأولى. من حيث المبدأ أي التكييف التشريعي له ويتناولونه هل هو مناسب أولا معتدين بذلك على تشريع إلهي من حيث المبدأ بجوازه شرعا والثانية من حيث التطبيق وهنا يكون التناول حسب المشاركين في الموضوع ومن المشارك من الزوجتين.
هذا العرض لتصوير الزوجة الثانية من عدة جهات يعطينا نظرة أبعد للزوجة الثانية لنتجنب النظرة الضيقة من زاوية واحدة.
وعلوم أن في الحياة نماذج مشرفة من الزوجات الصالحات كزوجات أولى وزوجات ثانية يؤدين حق الله وحق الزوج عليهن ولا يظلمن ولا يعتدين ولكن هذا التصوير العاجل لما في مجتمعاتنا الإسلامية من واقع لم يعي هذا الباب الشرعي الكريم ويستغله لعلاج سوء نفسه وينسى أن الله يسمع ويرى ويحصي ثم يحاسب ويجازي.
في هذا الدرس زوايا كثيرة تحتاج لتغطية ولكن لعل فيما ذكرت ما أوصل الهدف.
أسأل الله للجميع وخاصة الزوجات حسن القصد والعمل والاحتساب ومراعاة الله فيما يقدره ويقضي به عز وجل لا معقب لحكمه
وأتشرف بالنقد البناء والمشاركة الفعالة والتجارب القيمة.
كتبته واستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب.