ايقظها صوت المنبه الذي يشير إلى تمام الساعة السادسة والربع ، قامت بخطى متثاقلة وهي تجر اقدامها لتبدأ يوم جديد يحمل الكثير من المسؤوليات والطلبات التي لا تنتهي بحكم كونها أم لخمسة أبناء اكبرهم في الثانية عشر من عمره
على عجل ايقظت ابنها وابنتها لتعدهم للذهاب للمدرسة ، وبسرعة اتجهت للمطبخ لإعداد وجبة افطار سريعة لهما ، وبعد ذلك اشرفت على هيئتهما وودعتهما
تنفست الصعداء فلم يتأخروا اليوم عن الطابور الصباحي للمدرسة ، وها هي تعود مجدداً لتبدأ تنظيف ما خلفه الاثنان ، ومن ثم البدء في جولة التنظيف والغسل والطبخ اليومية
بين كل تلك المسؤوليات كان زوجها رجل اعمال بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، دائما مشغول في الصباح في عمله وفي المساء بعالمه الخاص ، حيث اختار غرفة وضع بها تلفزيون شاشة مسطحة كبيرة واريكة مريحة تقابله ، حيث يمضي كل امسيته هناك يتابع قنواته المفضلة
رغم انه كان مغرم بها اول ارتباطه بها وكان ينظر لها على انها اميرة متوجة قبلت ان يدخل مملكتها الساحرة ، وكان لا يرفض لها اي طلب ابدا بل حتى قبل ان تطلب
الا انها باتت تشعر الان انه لم يعد يحبها ، لا بل لم تعد ترى نظرة الاعجاب والافتتان بها وبشخصيتها ، لالا بل { عدم الاحترام } نعم انها الكلمة المناسبة لم يعد يحترمني ، رغم انه لم يتكلم ولم ينتقد ولم يصرح بشئ سلبي
لكنه احساس الانثى بزوجها ، هي تعرف ماذا يريد ان يقول حتى قبل ان يقول او ينوي القول ، رغم انها لم تقصر بشئ ابداً ، تستيقظ كالمفزوعة لتلبي طلبات ابنائه وطلباته رغم انها قد تكون لم تنم تلك الليلة لمرض اصغر ابنائها ، يعود فيجد البيت قمة في النظافة والرائحة الزكية ، وما لذ وطاب من الأكل جاهز ليتناوله ، كل ثيابه نظيفة وجاهزة متى طلبها
حتى هي لم تهمل في نفسها مقارنة بإنجابها خمس مرات ، فما زالت تحتفظ بجمالها واناقتها
ولكن لماذا لا يحترمني ؟ لماذا اصبح الفتور يملئ اركان البيت حتى وصل لعلاقتنا ؟
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
حتى تعرفت على المفتاح السحري والحل لما تعانيه
كانت في جلسة نسائية وكانوا يتحدثون عن بعض الاحاديث النبوية الشريفة وتطرق الحديث لصلاة الاستخارة وللصلاة بصفة عامة ومن تصلي كل الاوقات في وقتها
فأجابت الحمدلله أصلي كل صلواتي في وقتها ، إلا ما قد يؤخرني في اشد الاوقات كمرض احد الابناء او غيره من الاشياء التي لا استطيع تركها ولكني بالمجمل لا افوت فرض ابداً
حتى تبادر الى ذهنها ،،، نعم انها هي { صلاة الفجر }
لطالما كنت اصليها اما قبل طلوع الضوء او بعده نظرا لمشاغلي الكثيرة جدا ؟ بعكس طبعي قبل الزواج كنت مضرب للمثل في المحافظة على صلاة الفجر
نعم اني اؤخر صلاة الفجر ، ولكنها هي الوحيدة التي اؤخرها ولي عذري فأنا ام لخمسة ابناء طلباتهم لا تنتهي ابداً { كانت تحدث نفسها اثناء عودتها من الزيارة }
ولكن اليست صلاة الفجر هي التي يوزع اثنائها الرزق على العباد ؟
كانت في صراع شديد بين مبرراتها لتأخير صلاة الفجر وبين ان تصارح نفسها انها مقصرة في حق من حقوق الله
حتى عزمت على ايجاد ولو تغيير بسيط فيها ولكنه كبير ومهم في حياتها وليكن الاستيقاظ فور سماعها صوت المؤذن
وبالفعل قامت بظبط المنبه على اذان الفجر واستيقظت فور سماعها صوت المؤذن قامت واتجهت لتتوضأ ولبست ثياب الصلاة وبعد انتهائها من صلاتها شعرت بشعور غريب ، شعور لاول مرة تشعر به منذ فترة طويلة انه شعور القرب من الله
وعاهدت نفسها على المحافظة على هذه الفريضة الغالية
وبدات تطور علاقتها بالله اكثر فبدأت تستيقظ قبل الاذان بنصف ساعة وتتجهز لصلاة الفجر وكأنها تتجهز لحدث عظيم او لمناسبة سعيدة او لزفاف احد من عائلتها فتغتسل وتلبس اجمل الثياب وتضع افضل انواع البخور لتعطر ثيابها التي ستصلي بها
وبدا زوجها يلاحظ تغيرها وكيف انها تترك فراشها الدافئ وتتركه ليس من اجل اعداد الافطار له او لتوقظ الصغار بل من اجل حبيب آخر غيره بدأ يشغل قلبها وعقلها ولاحظ كيف تتجهز للقائه بكل حب وشغف
فبدأ زوجها يشعر ان لها كيان منفصل وشخصية جذابة شعر ان لها اهتمامات وعالم خاص بها ولكنه عالم نقي جميل
شعر ان هناك ما يشغل قلبها وعقلها وبالها غيره انه حبها لله
بدأ زوجها يتغير ويصبح اقرب لما كان عليه سابقا
وبدأت تفهم المعادلة الصحيحة نعم اصبح يحترمني ارى ذلك في عينيه ، وانا من كانت تظن انه لا يحترمني لاني مجرد ربة بيت لا اخرج سوى من المطبخ الى غرف البيت لانظفهم واهتم بهم وليس لي اهتمامات اخرى تشغلني عنه
بل اصبحت ارى احترامه لي وانبهاره بشخصيتي وانا ما زلت ربة بيت لا اتحرك سوى بين غرف المنزل ، ولكن اصبح لي اهتمامات اخرى غير ابنائي وزوجي
انه انشغالي بالله
ولكن هذا الانشغال لم يبعدني عنهم بل زاد من قربي لهم ولكنه قرب راقي هادئ جميل لاني اشعر بسعادة وراحة وانسجام مع نفسي بعد ان حققت ذاتي واصبحت اكثر قرب من الله
سعيدة بطاعتي لله وبعدها وجدت ان الكل اصبح يطيعني حتى الظروف والوقت