لأن عالم الجنس، عالم يموج بالرغبات التي تحكمها الغرائز الملتهبة والتي تعجز عقول البعض على السيطرة عليها، ولأنه عالم مثير يفتح آفاق اللذة المبهرة وخصوصا بالنسبة لمن يكتشفه في البداية، أو للذين ينغمسون فيه بكثرة، فيصبح الهاجس الأساسي في حياتهم، فإن هذا العالم، كثيرا ما يشعل شهوة النزوات الخاصة، المتأججة في غرابتها أو شذوذها وخروجها عن المألوف، والتي تصور لنا أوهامنا، أنها السبيل الأمثل لتجديد الحياة الجنسية، أو زيادة جرعة المتعة والإثارة أثناء الممارسة بين الزوجين. وهنا وقفة مع أبرز هذه النزوات:
1- إخضاع الشريك: يتلذذ بعض الرجال بإخضاع زوجاتهم أثناء الممارسة الجنسية إخضاعا تاما، يجعلها أداة وليست شريكة. وتصور لهم نزواتهم، أن فرض السيطرة المطلقة على جسد المرأة، وإذلالها نفسيا عن طريق تصورها وكأنها جارية في الفراش، يتيح لهم أن يحصلوا على متعة فائقة، وخصوصا عندما يصدرون الأوامر القاطعة التي تجعل المرأة أداة طيعة لممارسة الجنس الذي يشتهون.
قد تكون هذه النزوة محصورة لدى بعضهم في نطاق الممارسة الجنسية، وليست نمط تعامل سائد مع المرأة في الحياة الزوجية ككل.. لكن ذلك يهدد في الواقع الحالة التفاعلية للممارسة الجنسية بالخطر، إذ تشعر المرأة أن تمارس عملا روتينيا، ولا تعيش حالة من المتعة التي تشارك فيها .. لذا يمكن القول إن الديمقراطية مطلوبة هنا.. وضرورية ولو أحيانا.
2- إيلام الشريك: لا شك أن بعض العنف، أو القليل منه تحديدا، يضفي مزيدا من الإثارة والديناميكية على العملية الجنسية، وأن الآه التي تطلقها المرأة في حالة نشوة، ترضى أحاسيس الرجل لأنها مؤشر على نجاحه في إمتاع زوجته ، لكن يجب التمييز بين الآه الناجمة عن النشوة، وبين الآه الناجمة عن الألم، وخصوصا أن هناك من يعشقون إيلام زوجاتهم أثناء الممارسة، كواحدة من النزوات الجنسية التي يتعلقون بها.. من دون أن يفكروا أن الكثير من الألم يحول الممارسة الجنسية إلى عقوبة حقيقية.
3- تجويع الشريك: هذه نزوة قد يمارسها الرجال على النساء، أو النساء على الرجال أيضا .. وهي تعتمد على شدة إثارة الشريك بالكلمات أو الإيماءات، أو مداعبته في الفراش ، ثم تركه هائجا، يرجو ويشتهي إتمام العملية الجنسية.
والتجويع الجنسي للشريك قد يأخذ أشكالا أخرى، منها الهجر في الفراش من دون سبب موجب، سوى حب الإثارة، والاستحواذ على مشاعره ورغباته بغية رفع حرارة الممارسة الجنسية.. واستثارة غريزته الجنسية بشكل لاهب.
إن هذه النزوة قد تدفع الشريك إلى ردة فعل معاكسة، وخصوصا عندما يشعر أن الأمر ينطوي على ابتزاز لمشاعره، وان تلبية الرغبة الجنسية، لا تتم بشكل عفوي وطبيعي، وإنما عبر افتعال إثارة تنهك قدرته على الاحتمال أحيانا .. وتجعله يقع فريسة التوتر الناجم عن صعوبة تفريغ طاقته الجنسية الفائضة .. مما يهدد بفقدان حرارة الممارسة الجنسية.. ويدفع إلى الخيانة الزوجية.
4- الخجل المصطنع: ثمة نوع من الرجال لا يستمتع إلا بفك عقدة الحياء والخجل لدى المرأة أثناء ممارسة الجنس ، ولذلك تسيطر عليه نزوة غريبة، مفادها أن على زوجته أن تتصنع عقدة الخجل كلما أراد الممارسة معها، لأنه سئم من اعتيادها عليه .. وهو يحب حين تلعب زوجته مثل هذا الدور، أن يدهشها من جديد بتعرفها إلى عالم الجنس وما يخبؤه من متع، ولذلك يسمعها كلاما إباحيا فاحشا، ويستمتع بتعريه أمامها كأنه يستعيد طقوس ليلة الدخلة، ويجد لذة كبرى عندما ترتعش من رؤية منظر القضيب، أو عندما يشد كفها لكي تلمسه..وكأنها عذراء يمارس معها للمرة الأولى
إن هذه النزوة، تخاطب لدى بعض الأزواج، لذة المجون الذي يحب ممارسته.. ولذة إدهاش المرأة بلعبة الجنس المثيرة.. لكنها في النهاية تعبر عن نقص في شخصية الرجل وفي نضج رؤيته للجنس، وممارسته كحالة تستمد متعتها من عفويتها ومن تطور الخبرة الاعتيادية المكتسبة في ممارستها، لا من تصنيع حواجز نفسية هشة من أجل الفوز ببطولة تحطيمها.
5- الاستغراق في الإيهام: يحب بعض الأزواج، أن يمزج الممارسة الجنسية بشيء من لعبة الإيهام والتمثيل .. فيطلب من زوجته مثلا، أن تمثل دور المرأة المغتصبة، أو أن تمثل دور المرأة التي تريد اغتصاب زوجها لأنها تشتهيه .. أو المرأة الخائفة من شيء ما، والتي تلتجئ إلى حضن زوجها لتداري خوفها فيكون الجنس هو الدواء الناجع!
إن هذه النزوات كثيرا ما تهدد الممارسة الجنسية في صميم واقعيتها، لأنها تضفي عليها مشاعر عدوانية مستعارة من خيال جنسي مأزوم يبحث عن الإثارة عن طريق لعبة الإيهام والتمثل .. رغم أن الواقع أكثر صدقا ومتعة عادة.
وهنا ينبغي القول أخيرا: حذار من الاستغراق في هذه النزوات القاتلة.