.
من الإدمان إلى المتاجرة
إحذري سيدتي.. إن الجو الذي تعيشين به وسط إدمان زوجك، وإحباطك، وقهرك، وتدهور العلاقة الزوجية بكل معانيها وأبعادها العاطفية والجنسية والاجتماعية، وما يترتب على ذلك من مشاكل في داخل الأسرة –قد يجعلك كل هذا سهلة الوقوع في حبائل الإدمان خصوصاً إذا استمر الزوج في الإدمان والتعاطي، والأمثلة على هذه الحالات كثيرة، فمثلاً إصرار الزوج الكحولي على زوجته أن تشاركه كأساً يخفف عنها المعاناة ويسهل النوم تلبّيه الزوجة أحياناً وتبدأ بالكأس فالاثنين فالخمسة، وقد تتجاوز في الشرب زوجها المدمن أصلاً، ومن الأمثلة الأخرى المحزنة زوجة مدمن الهيروين والتي تقبل مبدئيا بالخروج من البيت لشراء الهيروين لزوجها خوفاً من أن تأتي مواعيد الجرعات القادمة والبودرة البيضاء القاتلة غير موجودة ويتطور الأمر وكلما شكت الزوجة من صداع أو تعب أو اكتئاب نصحها الزوج بالشم فتوافق أخيراً على ذلك، وتنضم إلى قافلة الهلاك.
ولكون المرأة أقل لفتاً لنظر رجال الأمن فقد يقنعها الزوج بأن تشتري عشر غرامات إضافية غير حاجة العائلة وتقوم ببيعها للأصدقاء والضحايا الجدد فتنتقل بذلك للترويج والاتجار، والذي ترحب به كثيراً لحل المشاكل الأسرية المالية. وفي بعض الحالات التي يتردد مجموعة من المدمنين والمدمنات على المنزل لمشاركة الزوج في الشم والحرق أو التدخين فإن الضغط على الزوجة يكون أكبر مما يجعلها تنضم إلى زمرة التعاطي. ''
فاحذري سيدتي كل الحذر من أن تصبحي زوجة مدمن.. ثم مدمنة.. فمروجة.. فمتاجرة بالمخدرات والذي سيوصلك لا محالة إلى السجن المؤبد أو الإعدام ويدمر ما بقي من أشلاء أسرتك، ويخسر الأطفال الوالدين ويعانون بقية العمر؛ ولذلك إذا شعرت أنك غير قادرة على التعامل مع زوجك، وإذا تعذر الحال فمن الممكن أن تستعيني بالطبيب النفسي الخبير في هذا المجال والذي بإمكانه إرشادك إلى الطريقة الأصح في التعامل مع هذا الموقف الصعب
.
الآثار السلبية على الزوجة
لا
شك أن الإدمان وخصوصاً إذا طالت سنواته، يؤدي إلى تعثر الحياة الزوجية، ومعاناة الزوجة من الآثار النفسية والاجتماعية والمادية والصحية للإدمان، وكثيراً ما يصل الأمر بالزوجة للإحباط والقلق والاكتئاب النفسي، إذ سجلت الدراسات نسبًا أعلى للاكتئاب النفسي بين زوجات المدمنين، وبالتالي فإن جزءاً مهماً من معالجة المشكلة يكون أحياناً بمعالجة الآثار السلبية واكتئاب الزوجة، للخروج من استسلامها ورضوخها وهمّها وغمّها، وبالتالي فإنه إذا تبين للطبيب المعالج أو للزوج أو للزوجة نفسها أنها أصبحت قليلة النوم، وقليلة الأكل وكثيرة البكاء، فلا بد من معالجتها، وتحسن الزوج وخروجه من الإدمان ليس كافياً لمعالجة اكتئابها؛ إذ إن الاكتئاب فيه خلل كيماوي لا بد أن يصحح، فالسبب الأساسي الذي تم تصحيحه لا يكفي لخروج الزوجة المكتئبة من اكتئابها.
المشاكل الجنسية المرافقة
من المعروف أن معظم المدمنين يعتقدون خطأ أن تعاطيهم للكحول أو الهيروين أو الكوكايين سيعمل على تنشيط الوظائف الجنسية لديهم ويلبي رغباتهم ورغبات الزوجة، ولكن الحقيقة أن الإدمان بكافة أشكاله وأنواعه يؤدي إلى الضعف الجنسي، وضعف الشهية، وضعف الانتصاب، وضعف الأداء بشكل عام، ناهيك عن تبلد المشاعر والعواطف، والذي بدوره يضاعف معاناة الزوجة من هذا الجانب. ولا بد من التأكيد على أن بداية المعالجة من الإدمان لن تؤدي إلى حل المشاكل الجنسية، ولا بد للزوجة أن تنتظر الفترة الكافية حتى يمكن التخلص من كافة الآثار الجنسية المترتبة عن إدمان الزوج.
من الإدمان للزواج السعيد
إن مرور الزوجين بمشكلة إدمان والخروج منها بسلام باتجاه الزواج المنسجم السعيد، هي تجربة فريدة لا بد للزوج أن يقدر لزوجته وقوفها وصمودها معه خلال هذه المنحة، وأن يلتفت لمتطلباتها وأحاسيسها ومشاعرها وحاجاتها المختلفة، وصولاً إلى الرفاهية والسعادة والانسجام على كل المستويات.
من خلال ما تقدم يبدو واضحاً أن زوجة المدمن تلعب دوراً مهماً في كل المراحل، ولا بد لها أن تعي هذا الدور وأن تقوم به مستعينة بإرشادات الطبيب المعالج، ولا بد من التأكيد على أن وجود علاقة زوجية جيدة وزوجة متفهمة تتعامل مع الأمر بعقلانية، هو من أهم أسباب نجاح معالجة الزوج المدمن ووصوله إلى بر الأمان .
د. وليد سرحان
مستشار الطب النفسي-الأردن