تأكيدا لما نشرته صحيفة "Die Presseالنمساويه" في عددها رقم 195 والصادر يوم الاربعاء الماضي، لم يستمر قلق وترقب العالم لمواجهة مرض أنفلونزا الخنازير المعروف عالميا باسم (H1N1) طويلا كما حصل مع مرض أنفلونزا الطيور الذي أنشغل به العالم لفترة طويلة نزفت فيه أموال طائلة على مذبح الإجراءات الوقائية والإستباقية لمواجهة المرض أو الالتزام باشتراطات منظمة الصحة العالمية التي أجبرت دول العالم على تخزين وشراء المضادات الطبية لهذا المرض.
فمنظمة الصحة، وهي الجهة الدولية الوحيدة المعنية بمتابعة المرض وتطوره في مختلف دول العالم، أطلت سريعا وبعد عدة أسابيع من انتشار المرض لتقول بأنه تم السيطرة عليه وأن المرض لم يتحول إلى وباء عالمي.
كما أكدت المكسيك تمكنها من السيطرة على انتشار المرض في عموم البلاد التي ظهر فيها مرض أنفلونزا الخنازير ابتداء، وقالت في بيان رسمي للحكومة ان انتشار المرض أنحصر وتمت السيطرة عليه، ودعت المواطنين إلى ممارسة حياتهم بصورة طبيعة.
وبينت آخر الإحصاءات الرسمية التي نشرت في موقع منظمة الصحة، أنه تم تسجيل 743 إصابة مؤكدة، توفي منها 20 حالة فقط، وتوزعت الإصابات (بحسب منظمة الصحة) على النحو التالي النمسا (1) وكندا (101) ومنطقة هونغ كونغ (1) وكوستاريكا (1) وكولومبيا (1) والدانمرك (1) والسلفادور (2) وفرنسا (4) وألمانيا (8) وأيرلندا (1) وإسرائيل (4) وإيطاليا (2) وهولندا (1) ونيوزيلندا (6) والبرتغال (1) وجمهورية كوريا (1) وإسبانيا (54) وسويسرا (1) والمملكة المتحدة (18).
التسارع الدولي الممثل بمنظمة الصحة العالمية في فرملة اتساع رقعة المرض وانحساره ثم التأكيد على السيطرة عليه وتحجيمه عالميا، يؤكد ما ذهبت إليه "Die Presseالنمساويه" في عددها 195 الصادر الأسبوع الماضي بأن انتشار المرض وترهيب العالم بأسره به يخضع لمزايدات ومخططات تصب في صالح شركات الأدوية ونهب ثروات دول العالم.
لقد أنعش انتشار فيروس مرض أنفلونزا الخنازير أسهم شركات الأدوية العالمية وتحديدا شركة "روش" السويسرية ، وشركة "غلاكسو سميث كلاين" البريطانية، بصورة دفعت متخصصين في القضايا الوبائية والطبية إلى القول إن هناك "أهدافا غير معلنة من وراء البهرجة الإعلامية العالمية في تناولها لتبعات وخطورة وباء أنفلونزا الخنازير".
ولا شك أن المقياس الذي تعتمده منظمة الصحة العالمية يعطي لها ولشركات الأدوية والجهات المستفيدة من انتشار المرض، حيزا واسعا للحركة وتحقيق أهدافها وخططها.
فالانتقال من المرحلة الثانية في مقياس المنظمة للمرض إلى المرحلة الثالثة يستدعي انتقال حالة واحدة للمرض من الحيوان إلى الإنسان، والانتقال من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الرابعة يستدعي حصول إصابة واحدة أخرى في ذات المنطقة التي حصلت فيها عملية الإصابة من الحيوان.
ويستدعي الانتقال إلى المرحلة الخامسة تسجيل إصابتين في بلدين مختلفين من كل دول العالم، فيما يتم الانتقال إلى المرحلة السادسة والأخيرة من قائمة تطور الوباء على مستوى العالم بتسجيل ثلاثة إصابات مؤكدة في ثلاث دول مختلفة.
هذه الأريحية في التنقل بين المراحل الست لانتشار المرض عالميا، تعطي الانطباع بأن من السهولة بمكان تمرير أو تنفيذ أي مخطط يستهدف نهب الثروات العالمية من خلال التلويح بورقة الوباء العالمي لمرض ما.
ويرى المراقبون أن بعض الدول تمكنت من تنشيط هذا المرض عبر منظمة الصحة العالمية من أجل تحريك اقتصادها المتدهور بسبب الأزمة المالية العالمية، فالأموال التي جاءت من شراء دول العالم للدواء المضاد لهذا المرض صبت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في جيوب تلك الدول المستفيدة من انتشار هذا المرض عالميا.
ويشير المراقبون إلى أن الفرملة تمت بعد أن أدركت تلك الدول أن هناك تبعات اقتصادية قد تلحق بها في حال استمر الوضع على ما هو عليه من قلق وتخوف عالمي من انتشار المرض، خاصة أن طلبات شراء الأدوية باتت متكاملة إلى حد كبير وامتلأت مخازن الأدوية في أغلب دول العالم بالأدوية المضادة لهذا المرض الوبائي، وبالتالي فإن الاستمرار في تهويل وتخويف العالم قد يكون له انعكاسات سلبية على واقع الاقتصاد العالمي المترنح حاليا من الأزمة الاقتصادية العالمية الكبيرة.