ضرب الزوجات في الحضارة الغربية ـ حقائق وارقام ـ
--------------------------------------------------------------------------------
في الولايات المتحدة الأمريكية هناك 79% من الرجال يضربون النساء ،
وهناك 17% من النساء يدخلن غرف الإسعاف نتيجة لذلك الضرب .
في ألمانيا ذكرت دراسة أن ما لا يقل عن ألف امرأة سنوياً تتعرض لعنف جسدي ، أو نفسي يمارسه الأزواج ، أو الرجال الذين يعاشرونهن .
وفي فرنسا نقلت صحيفة ( فرانس سوار ) في تحقيق لها حول الموضوع أن 92.7 % من عمليات الضرب بين الأزواج في المدن ، و 60% من استغاثات الليل من نساء يسيء أزواجهن معاملتهن .
وفي بريطانيا ظهر أن 10% من المشاركات في أحد الاستفتاءات يضربهن أزواجهن ، و 70% منهن يشعرن بالمهانة في حياتهن الزوجية ، وفي تقرير بريطاني ذكر أن 77% من الحالات يضرب الزوج زوجته دون أن يكون هناك مبرر لهذا الضرب .
وفي كندا 150 ألف رجل يضربون نساءهم .
ونشرت مجلة التايم الأمريكية أن حوالي 4 آلاف زوجة من حوالي ستة ملايين زوجة تنتهي حياتها نتيجة لهذا الضرب .
وأشار مكتب التحقيقات الفدرالية إلى أن 40% من حوادث القتل ضد السيدات يرتكبها الأزواج .
وفي إحدى الدراسات في أحد المستشفيات الكبرى الأمريكية جاء أن 25% من محاولات الانتحار التي تقدم عليها الزوجات يسبقها ماض حافل بضرب أزواجهن .
التعليق
القوانين الغربية تمنع ضرب المرأة ؛ بل وحتى ضرب الطفل ولو كان للتأديب ويحق للمرأة أن تقاضي زوجها إذا ضربها بغض النظر عن دوافع ذلك الضرب ، وإذا وقع ضرب على طفل سواء أكان من أبيه أم أمه ، فما على الطفل سوى الاتصال بالشرطة لتحاسب الضارب ، ولو كان الهدف من ذلك التأديب ، ولربما نزعت الولاية عن الطفل من الأبوين ، وحولت إلى جهة أخرى كالرعاية الاجتماعية ، أو الكنسية ، أو غيرها من المؤسسات التي تعنى بهذا الأمر .
قد يعجب هذا القانون الذي يمنع الضرب مهما كانت الأسباب والدوافع قطاعاً كبيراً من الناس ، فضلاً عن المغتربين الذين يرون أن هذا القانون ما هو إلا بند من بنود حفظ حقوق الإنسان ، واحترام آدمية الطفل والمرأة .
ولي على هذه القوانين الحاظرة للضرب ، ونظرة الإعجاب إليها من المستغربين ملاحظات أهمها :
أولاً : أن هذه القوانين وما يؤيدها من نظرات مستغربة فيها مخالفة ظاهرة للشريعة الإسلامية التي جعلت الضرب وسيلة من وسائل التأديب :
1- فبالنسبة للزوجة ، قال الله تعالى : ] وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [ ( النساء : 34 ) .
وضرب الزوجة الذي أباحته الشريعة للزوج مشروط بشروط ، ومضبوط بضوابط هي :
أ- أن يكون مرحلة أخيرة لعلاج نشوز المرأة وهو عصيانها فيما فرض الله عليها من طاعة زوجها وذلك بعد مرحلتي الوعظ والهجر في المضجع كما هو ترتيب الآية الكريمة .
ب- أن يكون ضرب تأديب وليس ضرب انتقام وتَشَفٍّ ، فلا يكون مبرحاً ، ولا يضرب الوجه والمواضع المخوفة ، وقد ورد في السنة النبوية النهي عن الضرب المبرح ، كما في حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح ) ( رواه مسلم : 890/2 ، و أبو داود : 442/1 وغيرهم ) .
قال عطاء : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك ونحوه ( تفسير القرطبي 113/5 ) ، وقال القاسمي : منهم من قال : ينبغي أن يكون الضرب بمنديل ملفوف أو بيده لا بسوط ولا عصا ( محاسن التأويل 287/2 ) .
ج- أن ينتهي الضرب بانتهاء سببه ؛ عملاً بقوله تعالى : ] فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِياًّ كَبِيراً [ ( النساء : 34 ) .
2- وأما الولد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأنه : ( مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفَرِّقُوا بينهم في المضاجع ) ( رواه أبو داود 495 ) .
فبان بذلك أن ضرب الزوجة والأولاد الذي يراد به التأديب مشروع في الشريعة بضوابطه ، ولا يهمنا كون ذلك يزعج الآخرين ، أو يعتبرونه غير حضاري ؛ لأننا نستقي آدابنا وأخلاقنا ، ومعاملاتنا من كتاب الله تعالى وسنة رسوله لا من أفكار الآخرين وأهوائهم .
ثانياً : أن الغربيين شدَّدوا في منع تأديب الزوجة والأولاد ، وشرعوا هذه القوانين المغالية التي بلغت حد أن الأم إذا قرصت إذن ابنها بلطف في سوق وبكى أخفته عن الأعين ، وتوسلت إليه بالمال والعطايا لكي يسكت ؛ خوفاً من أن تعاقب أو يؤخذ منها ولدها ، وهذا كان سبباً في تمرد الأولاد على والديهم ، وعدم طاعتهم أو احترامهم ؛ لعلمهم أن والديهم لا يستطيعون معاقبتهم على أخطائهم .
ومفسدة تمرد الأولاد على والديهم أعظم من مفسدة معاقبة الأولاد على أخطائهم فهم قد ضحوا بالمصلحة الأعلى في سبيل تحصيل المصلحة الأدنى ، وارتكبوا المفسدة الأعلى درءاً للمفسدة الأدنى ، وهذا خلل كبير .
أما تأديب الزوج لزوجته فإن القوانين الغربية لا تعترف أصلاً بمسألة قوامة الرجل على المرأة ، ولا بوجوب طاعة الزوجة زوجها فيما تجب فيه الطاعة ، فكيف تسمح إذاً بمعاقبتها على النشوز إذا كان مبدأ الطاعة أو النشوز غير وارد .
وهذا القانون قد أتى بالجناية العظمى على الأسرة والأولاد ؛ لأن البيت أصبح فيه رأسان متنافران يديرانه ، ويتصارعان على الزعامة عليه . ويالشقاء أهل بيت هذه حالهم .
بينما نجد أن شريعة الله تعالى قد جعلت القوامة للرجل ، وأوجبت على الزوجة طاعته في المعروف ، وأعطت الزوج حق تأديبها ومعاقبتها إذا نشزت وتمردت ، وكان هذا التأديب مضبوطاً بالضوابط التي ذكرناها آنفاً ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رخَّص في ضرب النساء أخبر أن من يلجأ إلى الضرب دائماً ليس من خيار الناس ؛ كما قال عليه الصلاة والسلام : ( لا تضربوا إماء الله ، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذئرن النساء على أزواجهن - أي نشزن واجترأن على العصيان - فرخَّص في ضربهن ، فأطاف بآل رسول الله نساء كثير يشكون أزواجهن ، فقال رسول الله : لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ، ليس أولئك بخياركم ) ( رواه أبو داود : 2146 ) .
ثالثاً : ربما كان للغربيين ما يسوغ وجود هذه القوانين المتشددة في منع تأديب الزوجة والأولاد ؛ ذلك لأن أزواجهم ينتقمون من زوجاتهم ، وآباءهم ينتقمون من أولادهم ، وبيان ذلك : أنهم سمحوا للمرأة بمخالطة الرجال ، والخلوة بهم بلا قيد ولا شرط ، وتتعرف في عملها على زميل وسيم ، أو صديق حميم ، وكثيراً ما تخون زوجها ؛ فزوجها يضربها ضرب انتقام وتشفي ، وهكذا صار يشك في أولاده منها هل هم أولاده أم لا ؟ ! ! ولا سيما عندما يكتشف أنها خانته ؛ فينتقل الانتقام إلى الأولاد بعد انفصال الزوجين لظن الزوج أنهم ليسوا أولاده . ومع هذا الجو الانتقامي في منازلهم ، وكثرة حوادث الاعتداء والضرب ، والتشويه ، كان لا بد من وضع حد لذلك بمنع أيِّ ضرب ولو كان هدفه التأديب .
والمسلمون ليسوا بحاجة إلى مثل هذه القوانين المخالفة للشريعة إذا ما حافظوا على نسائهم من الاختلاط ، وأسرهم من الضياع ، وبيوتهم من التفكك ؛ لأن أسباب الانتقام والتشفي غير موجودة .
وهذا لا يعني إنكار وجود حالات كثيرة في مجتمعات المسلمين من ظلم الزوجة ، وضربها ، ومعاقبتها بلا سبب ، إما كراهة لها ، أو بسبب خلاف مع أهلها أو بغية الحصول على مالها إذا كانت عاملة ، أو وارثة ، أو غير ذلك من الأسباب بيد أن هذه الممارسات الخاطئة لا تحسب على الشريعة الغراء ، بل سببها الحَيْدَة عن شرع الله تعالى ، وإلا لو اتقى الرجل ربه في أهله وأولاده لأحسن معاملتهم عملاً بقول الله تعالى : ] وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [ ( النساء : 19 ) .
ووجود مثل هذه التصرفات الخاطئة لا يعني بالضرورة استجلاب قوانين الآخرين ، ولكنه يوجب علينا إزالة أسبابها ، وإقامة العدل في البيوت .
رابعاً : دل هذا التقرير على أن القوانين المتشددة لا تقضي على الظواهر السيئة إذا كانت أسبابها موجودة ، فرغم التشديد الغربي على منع الضرب كوسيلة للتأديب والعقاب ، فإن هذا التقرير يَشِي بِنِسَبٍ عالية من ضرب الزوجات ، والانتقام منهن في مجتمعاتهم ؛ لأن أسباب الانتقام والتشفي موجودة بوجود الخيانات الزوجية ، التي سببها التفسخ ، والاختلاط ، والإباحية .
وكان الأجدى لهم ، ولأسرهم ، ولمجتمعاتهم للقضاء على مثل هذه الظواهر السيئة معالجة أسبابها الحقيقية بدل التعامي عنها ، وتشريع قوانين تزيد من تفاقم المشكلة ، وقديماً قال القائل : ( دِرْهَمُ وقايةٍ خيرٌ من قنطار علاج ) .
lمنقول