-
وثالث الدروس:
أن إسرائيل قد طغت واستكبرت في الأرض بغير الحق،
و اقترفت أبشع الجرائم بلا مبالاة، فهي في كل صباح ومساء،
تعيث في الأرض فسادا، وتهلك الحرث والنسل، تسفك الدماء، وتقتل الأبرياء،
وتغتال النجباء،
وتذبح الأطفال والنساء،
وتدمر المنازل، وتجرّف المزارع،
وتقتلع الأشجار، وتنتزع الأرض من أصحابها
بالحديد والنار، وتقيم الجدار العازل على الأرض الفلسطينية
عنوة، جهارا نهارا، وقد توجت جرائمها المستمرة بهذه الجريمة النكراء،
أم الجرائم، اغتيال الرجل القعيد المتطهر المصلي بتخطيط من شارون وإشراف منه.
فهي تجسد إرهاب الدولة بأجلى صوره.
وهذا نذير ببداية النهاية للطغاة،
فإن ساعتهم قد اقتربت،
فإن الطغيان إذا تفاقم،
والظلم إذا تعاظم:
يسوق أصحابه إلى الهلاك
وهم لا يشعرون (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا
بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى
إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ.
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام: 45،44.
4- ورابع الدروس:
أن أمريكا شريكة في المسئولية عن هذه الجريمة
وما سبقها من جرائم، فإسرائيل ترتكب مجازرها بسلاح أمريكا،
ومال أمريكا، وتأييد أمريكا . وهي لا تقبل أن تؤدَّب حبيبتها إسرائيل،
أو تدان أو توجه إليها كلمة لوم، وإلا فإن (الفيتو) الأمريكي بالمرصاد.
فالمتهم الأول في هذه القضية هو الرئيس الأمريكي (بوش). فهو المحرض الأول
على الجريمة، وهو الذي أعطى المجرم السلاح، وهو الذي يَعتبر المجرم القاتل
مدافعا عن نفسه، بوش هو الذي أفتى شارون وعصابته بأن
(المقاومة الفلسطينية إرهابية) وفي مقدمتها حماس والجهاد،
ومعنى أنها إرهابية: أنها تستحق القتل، وأن لا عقوبة على من قتل الإرهابيين.
وهكذا صرح زعماؤهم : إن أحمد ياسين كان ممن يستحق القتل.
هذا هو منطق أمريكا وإسرائيل: أحمد ياسين إرهابي مجرم يستحق القتل؛
لأنه يدافع عن وطنه، عن أرضه وعرضه، عن منزله ومزرعته وشجرته،
عن حرماته ومقدساته. أما شارون القاتل السفاح، فهو عندهم ضحية مسكين،
لا يمكنه الفلسطينيون الأشرار من أن يلتهم كل ما يريد من أراضيهم.[/color]5-
وخامس الدروس:
أن لا أمل فيما سموه (مسيرة السلام) والخيار الأمثل والأوحد،
فإن كل راصد للأحداث بحياد وإنصاف: يستيقن أن إسرائيل لا تريد سلاما حقيقيا:
سلاما عادلا شاملا، يرد الحق إلى أهله، إنها لا تعترف إلا بمنطق القوة،
ولا تتكلم إلا بلسانها ،ولا تفهم إلا لغة الحديد، ، وإنما تلهي
الفلسطينيين والحكام العرب بهذه الوعود الكاذبة،
والأماني الزائفة.
لقد عرفنا بالممارسة والتجربة أن ما أخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة،
وأن الخيار الوحيد للفلسطينيين هو خيار المقاومة، والبديل عن المقاومة
هو الاستسلام الخاضع لإسرائيل، ولا حد لأطماع إسرائيل. البديل للمقاومة هو الموت.
6- وسادس الدروس:
أن على الفلسطينيين جميعا أن يتحدوا: وطنيين وإسلاميين،
سلطة ومقاومة، فإن عدوهم يضرب الجميع، ويتحدى الجميع،
ولا تدري الضربة القادمة إلى من توجه من القادة؟ فليضع كل منهم
يده في يد أخيه. وليكن شعارهم قول الله تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ
فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) الصف: 4.
7- وسابع الدروس: أن على العرب أن
يصحوا من سكرتهم، وأن يخرجوا
من كهفهم الذي ناموا فيه
طويلا، ليؤدوا ما عليهم
نحو إخوانهم، بل نحو أنفسهم،
فقضية فلسطين قضية الأمة كلها، للأسف الشديد،
لم يعد الصراع عربيا إسرائيليا كما كان، بل أصبح فلسطينيا
إسرائيليا، أما العرب فغائبون (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) الحجر: 72.
دافع العرب عن فلسطين سنة 1948م وكانت الجامعة العربية وليدة ضعيفة عمرها ثلاث
سنوات، مكونة من سبع دول، فلما قارب عمرها الستين، وزاد عدد دولها ،
تخلت عن دورها، ونكصت على عقبها، وتركت الفلسطينيين وحدهم يقاومون
بصدورهم وأيديهم أكثر ترسانة عسكرية في الشرق الأوسط،
مؤيدة بالإمكانات الهائلة القاتلة.
8- وثامن الدروس:
لا بد إحياء الشعور بالواجب ، وإيقاظ الضمائر،
وترسيخ معاني الأخوة لجميع أفراد الأمة الإسلامية ،
ما واجبا نحو أرض الإسراء والمعراج، نحو القدس الشريف،
ونحو المسجد الأقصى، الذي بارك حوله، أن الأقصى ليس ملك
الفلسطينيين وحدهم، حتى يكلفوا بالدفاع عنه دون سائر الأمة. لقد اغتصب
المسجد الأقصى قديما من الصليبيين، وبقي أسيرا في أيديهم نحو تسعين عاما،
وكان الذين هبوا لنجدته وتحريره من أجناس وألوان شتى من المسلمين: عماد الدين
زنكي التركي، وابنه نور الدين محمود، وتلميذه صلاح الدين الأيوبي الكردي، والظاهر
بيبرس المملوكي، وغيرهم، و(المسلمون أمة واحدة يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من
سواهم). وفرض عليهم أن يتضامنوا ويتلاحموا حتى يحرروا أرض الإسلام، ومقدسات
الإسلام، ويدافعوا عن حرمات الإسلام والمسلمين.
وإن استشهاد الشيخ أحمد ياسين لهو نذير لهم: أن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا،
وأن يسمعوا صوتهم، واحتجاجهم بالبرقيات والمسيرات بالدعاء والصلوات. يجب على
المسلمين جميعا: أن يقفوا بجانب إخوانهم في أرض النبوات، يمدونهم بكل
ما يمكنهم من الدفاع عن أنفسهم وذراريهم، وما يقدرهم على العيش بالحد الأدنى،
فحرام على العربي وعلى المسلم أن يأكل ملء بطنه، وينام ملء جفنه،
وإخوانه لا يجدون ما يمسك الرمق. إن الصهاينة وحلفاءهم الأمريكيين أرادوا
أن يجففوا كل المنابع التي تمدهم بالقليل من المال، وعلينا أن نفشل خططم،
ونحبط كيدهم، ونوصل إليهم ما يعينهم على البقاء والجهاد.
الصهيونية الشنيعة المتكررة، والتي لا تدع لها زرعا ولا ضرعا،
وآخرها اغتيال الشيخ القعيد على كرسيه بلا رحمة ولا شفقة. كما ننادي المؤسسات
والهيئات العالمية -وعلى رأسها مجلس الأمن- أن يقوموا بواجبهم في فرض الشرعية الدولية
على الصهاينة الذين يضربون عرض الحائط بكل بالأخلاق والأعراف والقيم والقوانين
.
وختاما نقول للصهاينة: لقد ارتكبتم الفعلة التي لا يغفرها أحد لكم، وإن في ذلك لبشرى
لنا، وتدميرا لكم، ورب ضارة نافعة. وعلى الباغي تدور الدوائر. وإن مع اليوم غدا، وإن غدا
لناظره قريب. "وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ
الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) هود: 102 ،
وهم يعلمون جيدا قرب انتصار المسلمين،
وأن تجمعهم بفلسطين لنيل حتفهم،
فنهايتهم تقترب كما بشرنا
رسولنا الكريم _
وهم أعرف الناس بصدقه_
في حديث متفق على صحته قَال
رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َ
لَا تَقُومُ السَّاعَةُ
حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمْ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ
الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوْ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا
عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلَّا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ).[/size]