حصل خلاف بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ندخل بيننا عمر بن الخطاب ،
فقالت عائشة : لا ، فقال : ندخل بيننا أبا بكر .
فقالت : نعم ، فجاء أبو بكر ودخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تكلمي أو أتكلم ؟ قالت : بل تكلم أنت ولا تقل إلا حقاً .. فالتفت إليها أبو بكر ولطمها على وجهها حتى خرج منه الدم ، فقال صلى الله عليه وسلم : لم ندعك إلى هذا .. ولم نرد منك هذا ..
إن هذا الموقف من خلاف بين الزوجين يحدث كثيراً في الحياة ويكثر في أوائل أيام الزواج ، وبالأخص في السنوات الخمس الأولى ، ولكن الجميل والمميز في هذا الموقف هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحسم الخلاف بقرار يتخذه في بيته وعلى زوجته وهو قادر على ذلك ، بل اقترح اقتراحاً لعلاج المشكلة حتى يرى آثار الرضى على وجه زوجته ، واقترح في ذلك إدخال حكم ، ثم اقترح أن يكون الحكم عمر الفاروق رضي الله عنه ، وعندما رفضته السيدة عائشة لم يعارضها ولم يجادلها ولم يستنتج بأن رفضها دليل على أن الحق معه في الخلاف ، بل تلطف مع زوجته أكثر واقترح اسماً آخر وهو والدها فوافقت على ذلك ، كل ذلك والحبيب صلى الله عليه وسلم يسير مع ما تريده زوجته وقت الخلاف ولم يصدمها لئلا يكبر الأمر أو يعظم .. فلما دخل أبو بكر رضي الله عنه للحكم سأل النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تبادر بالحديث أو أن يبادر هو ، وهو قادر بالطبع على تجاهل استئذانها والمبادرة بالحديث مباشرة ولكنها المداراة واللطف مرة ثالثة ، فلما ردت عليه بأن يبدأ هو بالكلام وقالت ولا تقل إلا حقاً ، لطمها أبوها على هذه الجملة لأنها تعني الكثير مما لا يجوز في حق النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذا بالفعل وقال له ، لم ندعك إلى هذا . ولم نرد منك هذا ، وهو إنكار صريح لفعل أبي بكر رضي الله عنه وهي المداراة الرابعة من النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة – رضي الله عنها ..
أقول : لو أن رجالنا يتعاملون مع نسائنا بهذه النفسية من المداراة واللطف لما وصلت نسبة الطلاق في مجتمعاتنا إلى أكثر من الثلث ، ولقلت ملفات المحاكم الخاصة بالمشاكل الزوجية ، وعلى أمور بسيطة وتافهة ، فكيفية النظر إلى نفسية المرأة وطريقة تفكيرها وأنواع تصرفاتها ومداراتها على ذلك واللطف بها أمر مهم جداً في العلاقة الزوجية ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن المؤمنين إيماناً وأكرمهم خلقاً ألطفهم بأهله . رواه النسائي .
بقلم الأستاذ : جاسم المطوع