كيف تتخلص الزوجة الكارهة من زوجها؟؟؟؟؟
كيف تتخلص الزوجة الكارهة من زوجها؟
د. القرضاوي
هناك سؤال يعن لكثير من الناس: إذا كان الطلاق بيد الرجل _كما عرفنا من أسباب ومبررات _ فما الذي جعله الشرع بيد المرأة؟ وما سبيلها إلى التخلص من نَيْر الزوج إذا كرهت الحياة معه لغلظ طبعه، أو سوء خُلُقه، أو لتقصيره في حقوقها تقصيراً ظاهراً، أو لعجزه البدني أو المالي عن الوفاء بهذه الحقوق، أو لغير ذلك من الأسباب؟
والجواب: أن الشارع الحكيم جعل للمرأة عدة مخارج، تستطيع بأحدها التخلص من ورطتها:
1_ اشتراطها في العقد أن يكون الطلاق بيدها، فهذا جائز عند أبي حنيفة وأحمد. وفي الصحيح: "أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" (1).
2_ الخُلع: فللمرأة الكارهة لزوجها أن تفدي نفسها منه بأن ترد عليها ما أخذت من صداق ونحوه، إذ ليس من العدل أن تكون هي الراغبة في الفراق وهدم عش الزوجية، ويكون الرجل هو الغارم وحده. قال تعالى: (فإن خفتُم ألا يُقيما حدودَ اللهِ فلا جُناحَ عليهما فِيما افتدَت بهِ) (2).
وفي السُّنة: أنَّ امرأة ثابت بن قيس شكت إلى الرسول (ص) شدة بغضها له، فقال لها: "أتردين عليه حديقته"؟ _وكانت هي مهرها _ فقالت: نعم. فأمر الرسول ثاباً أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد(3).
3_ تفريق الحَكَمَين عند الشقاق.. فقد قال تعالى: (وإن خِفتُم شِقاقَ بينهِما فابعثُوا حكماً مِنْ أهلهِ وحكماً مِن أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفِق اللهُ بينهُما) (4) ، وتسمية القرآن لهذا المجلس العائلي بـ "الحَكَمَين" يدل على أن لهما حقّ الحكم والفصل. وقد قال بعض الصحابة للحَكَمَين: إن شئتما أن تجمعا فاجمعا، وإن شئتما أن تفرِّقا ففرِّقا.
4_ التفريق للعيوب الجنسية: فإذا كان في الرجل عيب يعجزه عن الاتصال الجنسي، فللمرأة أن ترفع أمرها إلى القضاء فيحكم بالتفريق بينهما، دفعاً للضرر عنها، إذ لا ضرَر ولا ضِرار في الإسلام.
5_ التطليق لمضارة الزوجية.. إذا ضار الزوج زوجته وآذاها وضيِّق عليها ظلماً، كأن امتنع من الإنفاق عليها، فللمرأة أن تطلب من القاضي تطليقها، فيطلِّقها، عليه جبراً، ليرفع الضرر والظلم عنها. قال تعالى: (ولا تُمسِكوهن ضِراراً لتعتدوا) (5) ، وقال تعالى: (فإمسَاكٌ بمعروفٍ أو تسريحٌ بإحسان). ومن مضارتها: ضربها بغير حق.
بل لقد ذهب بعض الأئمة إلى جواز التفريق بين المرأة وزوجها المعسر، إذا عجز عن النفقة، وطلبت هي ذلك، لأن الشرع لم يَكلِّفها الصبر على الجوع مع زوج فقير، ما لم تقبل هي ذلك من باب الوفاء ومكارم الأخلاق.
وبهذه المخارج فتح الإسلام للمرأة أبواباً عدة للتحرر من قسوة بعض الأزواج، وتسلطهم بغير حق(6).
إنَّ القوانين التي يضعها الرجال، لا يبعد أن تجور على حقوق النساء، أما القانون الذي يضعه خالق الرجل والمرأة وربهما، فلا جَوْر فيه ولا محاباة، إنه العدل كل العدل: (ومَن أحسنُ مِنَ اللهِ حُكماً لقومٍ يوقنونَ)(7).
ـــــــــــــــــــ
1 - متفق عليه من حديث عقبة بن عامر، اللؤلؤ والمرجان: 2/894.
2 - سورة البقرة، الآية: 229.
3- البخاري: 6/170 كتاب الطلاق باب (12) عن ابن عباس.
4- سورة النساء، الآية: 35.
5- سورة البقرة، الآية: 231.
6- انظر: "حق الزوجة الكارهة" من كتابي "فتاوى معاصرة": 2/361_366.
7- سورة المائدة: الآية: 50.
منقول