حوادث التفجير الإرهابية،خطف الطائرات،الزلازل،مرض سارس،وأخيرا ظاهرة تسونامي..
كلها كوارث تساهم في كسر قارورة السياحة الزجاجية المصنوعة
من زجاج هش قابل للكسر بمنتهى السهولة،تلك هي صناعة السياحة الشديدة
التأثر بالأحداث السياسية والاجتماعية والمرضية،والتي تجد نفسها في يوم
وليلة تسقط من أعلى إلى اسفل،من اكبر الدول التي تستقطب السائح إلى
دولة لا يرغب في زيارتها أحد..ويبرز السؤال..
كيف يستفيد السائح من هذه الكوارث..؟ بل ماذا يفعل بعض السياح المحترفين
للاستفادة من هذه الكوارث..؟ أسئلة أحاول الإجابة عليها من خلال هذه السطور.
ان سقوط طائرة ما فوق أي بلد قد يؤدي إلى عدم تدفق قوافل السياح إليه
وحدوث زلزال مدمر في أي بلد ستمتد تأثيراته إلى عمق البرامج السياحة في
البلد المصاب. فتتوقف أفواج السياح والزوار، في الوقت الذي يحتاج إليهم البلد
المنكوب ليعوض بعضاً من خسائر الزلزال. ولكن الطبيعة البشرية ترفض المجازفة
والسفر إلى أرض غير مستقرة أو تفتقد الأمان النفسي والبدني فيها.
فتركيا بلد سياحي، ويعتمد كثيرا على السياحة في تنمية الدخل القومي، كما
أن هناك قطاعا كبيرا من الناس يعمل في هذا الحقل، وعندما تعرضت تركيا
للزلزال المدمر في عام 2000، توقف أفواج السياح، ولم تعد كسابق عهدها
بل إنها وخلال عامين كاملين لم تستطع إعادة الطمأنينة إلى السياح الذين
تناقصوا إلى 50% مما كانوا عليه قبل الزلزال الكبير ...
وتعرضت منتجعات بالي الشهيرة إلى نكسة سياحية كبيرة نتيجة الأحداث
الأخيرة التي مرت بها إندونيسيا منذ عام 1999م فلم تستعد السياحة صحتها
حتى الآن في هذا البلد، وهذه الاضطرابات السياسية كانت السبب في شرخ
كبير في إقبال السياح على منتجعات بالي التي تفتخر بها إندونيسيا،
وجعلتها من أهم المناطق السياحية في العالم، وكانت الملجأ للباحثين عن
الهدوء الجمال والرفاهية المتناهية.
وليس بالي فقط بل أن الشرق الأوسط هو الآخر تعرض لاحداث أثرت كثيرا في
السياحة، بل إن السياحة هي الضحية الأولى للحروب والقلاقل في أي بلد،
عامل مقلق للسياحة، لذا فإن أحداث الشرق الأوسط تسبب الكثير من التذبذب
السياحي فيها، ولعل الإحصائيات الأخيرة تبين مقدار ما خسرته الأردن وفلسطين
ومصر ولبنان من السياحة التي تتمتع بها المناطق الآمنة الأخرى، على الرغم من
أنها لا تقدم ما يقدمه الشرق من جذب طبيعي وتراثي وتاريخي للسائح، ويقدم له
صفحة تاريخية ماضية أو سهرة غير ما اعتاد عليه في بلده،
إنها متعة السائح
أن يجد الجديد وما أكثره في الشرق الأوسط، فلولا الحروب والاضطرابات لأصبح
الشرق الأوسط أكبر منطقة سياحية في العالم على الإطلاق، كما تقول التقارير
ومكاتب السياحة في كل أنحاء العالم، ففيه الأماكن المقدسة، وفيه الشمس
الدائمة، وفيه الأسعار المنخفضة، وفيه الآثار العجيبة والغنية والثمينة. من الملاحظ أن هناك مجموعة من الفنادق المميزة في الشرق الأوسط، بل إن بعضها
يعتبر من العشرة الأولى في العالم من حيث الموقع والجمال والخدمات، ولكن
أسعارها تقل كثيرا عن مثيلاتها في الدول الأخرى، والسبب في ذلك يرجع إلى
اضطرار هذه الفنادق إلى جلب السياح من الداخل أو من المناطق المجاورة، فالأحداث الكبيرة والمرعبة تنفر السياح من الأماكن البعيدة، فتبقى الخدمة مقدمة للأقربين
ولا بد من تشجيعهم على الحضور وعلى التمتع بهذه الفنادق العظيمة والمميزة
والتي تبحث عن الزبائن والسياح،
لذا فأنها تخفض الأسعار بحثا عن العميل. وهذا يشجع السائح المحلي على التمتع
بهذه الفنادق، كما أن السعر المنخفض يجلب السائح البعيد، لذا فإن هذه الحروب والاضطرابات لها فائدة هامة للسائح، فهي تضطر الفنادق إلى تخفيض أسعارها
بحثا عن السائحين.
إن فنادق الدرجة الأولى في شرم الشيخ تقدم خدمات مميزة جدا، ولكنها بنصف
القيمة التي تقدم في مثيلاتها في أوروبا والأمريكيتين، وهذا يدعو إلى جذب
السياح كثيرا، فالسعر المخفض بميزات النجوم الخمسة يجعل الشرق الأوسط بؤرة
جذب سياحي هام.
إن الأحداث توقف النشاط السياحي الكثيف، ولكن بإغراءات السعر المنخفض
وغير المعقول أحيانا، تعود السياحة كما كانت، أن الشرق غني بما لديه من
جذب سياحي، ولذا فإن السائح سيعود حتما حال وجود تشجيع إضافي، وهذا
أمر مقدور عليه، وتستطيع الفنادق أن تتنازل عن جزء من أرباحها.
إ ن السياحة ستعود قوية إلى إندونيسيا وماليزيا إذ إن الفنادق الفخمة التي اعتادت
على تقديم خدمات مميزة بأسعار عالية، تقدمها الآن بنصف السعر، مما جعلها
محطة جديدة للسياح بأسعارها التي تلغي مفهوم الخوف من القلاقل السياحية
خاصة إذا صاحبتها دعاية كبيرة لنشر الطمأنينة عند السائح.
تحياتى للجميع
محمد الشرقاوى
( اهداء الى أخى همام صاحب موضوع شجعوا السياحة فى بلدانكم الاسلامية )