زواج التقاليد .. والآثار باقية
السلام عليكم
ليس ما يكتب أدناه شكوى ولا ما يدون هاهنا حسرة وآهات ، نعم قد تكون أنين صرخة رجل تتجلجل بأعماقه ، مكبوتة دهرا ونطقت اليوم عِبرة لمن أرادت أن تهتدي لحياة أسرية دافئة ولكل من تتعجله خطوات الشيطان أن يعيث ببستان حياته فيهلك حرثها ويقطع أوصالها .
قد تكون البداية من هنا أن يتنفس صمتُ أنفاسي الصعداء ويخرج من حشرجة دامت في صدري ، ولكن حين أستذكر دائرة العمر ومن حولي ، تجري كل الرياح المعاكسة تصد أفكاري وتعبس المشاعر بحنيني ، ويشمت بي عقلي ، ويضطرب عندها نبض قلبي ، فأعكف ألملم أنفاسي وأقحمها عنوة في صدري حذاري يا أنفاس لا تخرجي ..
الزواج أمنية كل إنسان شباب وشيبة ، رجالا ونساء ، رباط مقدس تتوجه آيات الرحمن ( والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ) النحل 16 ، وهو عفة من كل الفواحش وكثير من الموبقات وهذا ما أمر به إمام المتقين صلوات ربي وسلامه عليه حين قال : ( يا معشر الشباب، من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ) ولكن حين يتم هذا الرباط موثقه إذا بمنحنيات الهلاك والشر تتزايد وتتكاثر أمام قافلة ركبهما ، فمنهم من يصبر عند كل بلية ومنهم من يتعثر عند أول رجفة فيسقط ويحل هذا الرباط وتنفصل عرى الود والمحبة ويُحرم كل شئ كان في سابقه حلالاً .
قصتي وزواجي الميمون ...
كنت في سن المراهقة ولكن زِنت عقلي أكبر من عواطفي وشهواتي ، تمنيت ما يتمناه غيري من شباب جيلي ، فراودت خلوتي أن أكيّف فعل أعمالي وأتهيأ لأكون رجلاً تشتّدُ على أكتافه أثقال المودة وتبعاتها من نون النسوة وكفالة حقوقها قبل حقوقي ، ومع هذا كنت جريئاً بأحلامي أن أرى فتاة تعانق شوقي وتلجم رغباتي المكبوتة ، كنت أعظم لهفةً من أن يحويني دفء صدرها هذا الذي طالما كان آسراً لعنفوان شبابي ، كنت شواقاً تواقاً للأنثى بكل ما تحوي وما تهوي ، كنت وكنت وكنت ، تكذبها تجارب غيري وتصدقها أحلامي ويقضة نشوة شهواتي وندائها الحاني الجاني .
مضت أيام أحلامي واقترب الوقت المعلوم وحلت الليلة الموعودة ليلة (الدخلة) غرة زواجي، دخلت حين دخلت، وإذ بتلك الأنثى وهي بأطراف مقر سعادتي هناك واقفة ، يجذبني عبيرها الفتان وعطرها الفواح ، وبعد غشاوة الرهبة وركود المشاعر المضطربة وصفاء الأحاسيس اقتربت لها أجر خطوتي وتجرني الأخرى من رهبتي ، اقتربت أكثر وأكثر وقفت وأوقفني ذهولي عن الكلام ، تمعنت النظر فيما أرى ولكن .. ويلي ليست هذه فتاتي التي كنت أحلم بها طيلة أيامي الخاوية ، مالي أرى كل هذه المفارقات لباسها وجهها شعرها نحرها لا ليست هي ، ولكن .... هذه التقاليد وعادات أسلمت بها وطاوعتها أن لاترى زوجك حتى يأتي يوم زفافها وتكشف عن غطاء طالما أشغلك وأسر أفكارك وغرب أحلامك .
قاتل الله الحياء إن كان قاتلي ..
لم أتوانى في ترحيبها بحرارة مصطنعة لا تكاد تبين ، خفت على مشاعرها في أول ليلتها وأول نسمات حياتها الزوجية ، وألجمني الحياء من أهلها وأهل الحي كلهم، خوفا عليها وألماً في فؤادي ألجمت أحلامي وأخرستها واستسلمت لواقعي وقلت الحمد لله على ما أنعم به .
ومرت السنة الأولى تأكل بعضها في قلبي ، وأثرت في قوتي الجنسية فهي لا تهتم أيضا بالغريزة والكيفية في ترويضها ، تمضي الأيام ذات الشهور ولا أقربها ولا نداء في أعماقها يناديني أن هلم ، ولا تقصير إن طلبتها ولكن ما المفيد إن كان لهيباً من طرف واحد وبرداً في الطرف الآخر ، ما إن مضى العام الأول إلا ورُزقت بباكورة زواجي فلله الحمد والمنة ، ولكن أعلنت بعدها وفاة شوقي القديم حبي لنون النسوة .
مرت سنين خاليات من الشوق والهوى ، فلست ممن يتبع الشهوات في الحرام ولا أنا من متخذي الأخدان والصويحبات ، ولكن نداء أعماقي القديم يصرخ ، والكبت في شهواتي يكاد ينفجر وتلك النظرات أينما كنت كأنها تناديني ، وكل ما في الكون أخايله أنثى أطرب لذكرها وأحن للقياها ، وتكررت في كل لحظات عمري أن ألبي النداء وأعيد الكرة وها أنا الآن من جديد أُهيئ نفسي فهل أنا مصيب ؟