ما شاء الله تبارك الله
فيك الخير والبركة يا أخت الورد المجروح , أجدتِ وأفدتِ وأتقنتِ
وكلنا من كلام الله ملتمسٌ ** غرفاً من البحر أو رشفاً من الدِّيَمِ
..........
فائدة : روي عن المكيين أنه كانوا يكبرون بعد سورة الأضحى وقبل سورة الشرح , إلى آخر القرآن , ويذكرونها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ووردت في ذلك روايات كثيرة.
وهكذا تطبيقه : الله أكبرُ بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح ... , وهكذا إلى آخر القرآن عند بداية كل سورة.
قال الشاطبي :
وفيه عن المكين تكبرهمُ مع الــ*** ــخواتم قرب الختم يروى مسهَّلا
إذا كبروا في آخر الناس أردفو *** مع الحمد حتى المفلحون توسلا
وقال به البزي من آخر الضحى *** وبعض له من آخر الليل وصلا
ثم قال :
وقل لفظه (ألله أكبرْ) وقبله *** لأحمد زاد ابن الحباب فهلالاً
فروي أن البزي عن ابن كثير المكي يقول : (لا إله إلا الله والله أكبر) , وابن كثير أحد القراء السبعة المشهود لهم بالإتقان .
.......
..........
فائدة : قد يقول قائل : ما دام أن سورة الشرح مكملة لسورة الضحى فلماذا جعلتا سورتين ولم تجعلا سورة واحدة ؟
الجواب : أن الله ذكر في سورة الضحى نعماً شاهد النبي صلى الله عليه وسلم الحصول عليها بفعله , أما النعم التي في سورة الشرح فهي نعم كان مبدؤها قبل وجود النبي صلى الله عليه وسلم , هذا على تفسير شرح الصدر بأنه شرحه بالنبوة فالله قد اختاره نبياً وهو في صلب أبيه.
وهذا كمثل قوله تعالى لزكرياء (إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى) فالإنسان قد يرى أن هذه البشارة مستحقة له ومن كسبه وفعله , ثم ذكر الله بعد ذلك قوله ( وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً )
وهذا مثل لو أن رجلاً قال لولده : أما أعطيك من المصروف كذا وكذا ؟ أما علمتك ودرستك ؟ قد يقول الولد : هذا استحقاق لي , فيقول له الأب : ألم أختر أماً صالحةً لك ؟
فلا يستطيع الولد ههنا أن يقول شيئاً .
فهذا الأسلوب جار على عادة البشر , وحاشا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعترض أو يرى أن ذلك ليس من فضل الله .
.....................
وهذه السورة فيها الكثير من مقاصد القرآن , وبالمناسبة علم المقاصد القرآنية علم جليل القدر كبير المنفعة لكنه لم يعط حقه إلى الآن .
أقول في هذه السورة من مقاصد القرآن الشيء الكثير منها :
التعريف بالخالق جل وعلا وهذا مقصد عظيم من مقاصد القرآن ولا تكاد تخلو سورة منه , ويدل عليه في هذه السورة تعداد النعم , فالنعم المذكورة في هذه السورة [من شرح الصدر , ووضع الوزر , ورفع الذكر , وتقرير اليسر , والأمر بالتحدث بالنعم ] كلها تدل على المنعم , وعبادة الله متوقفة على معرفته , وخير ما يُوصِل المرء إلى التعرف على ربه ما ذكره الرب عن نفسه من وصف من أوصافه, أو فعل من أفعاله أو اسم من أسمائه , أو حكم من أحكامه , وهذه النعم من المفعولات الناتجة عن أفعال الله سبحانه.
ومن المقاصد القرآنية في هذه السورة : تقرير نبوة محمد صلى الله عليه وسلم , وهذا المقصد العظيم يأتي بعد المقصد الأول , ويدل عليه في هذه السورة قوله تعالى (ألم نشرح لك صدرك)) , فمن معانيها أن الله شرح صدره بالنبوة , وهذا تقرير لنبوته ولا شك.
إلى غير ذلك من المقاصد ..
ومن الفوائد :
أن المسلم ليس لديه وقت فراغ أصلاً , فكل وقته مشغول بطاعة الله , إما حقيقة أو مضموناً , فإذا فرغ من عبادة بدأ بأخرى , وإذا أراد الترويح عن نفسه نوى نية حسنة تقلب هذا الترويح إلى عبادة , فالنوم ينقلب إلى عبادة إن نوى الإنسان التقوي على طاعة الله أو نوى إعطاء البدن حقه من الراحة والتنعم بهذه النعمة , فيبيت ليلته والأجر ينصب عليه صباً , ما أعظم تفريطنا في هذه الأجور.
وكذلك ينوي بكل عمل نية طيبة , فدخولها إلى هذا المنتدى مثلاً ينوي به أموراً :
التعلم والتفقه في علوم الدين والدنيا والأخلاق
تعليم الناس
المساعدة والتخفيف على المسلمين
حل المشاكل
اقتراح ما يسعد الإخوان والأخوات
وغيرها وغيرها من النيات التي يمكن للإنسان أن ينويها .....
وكل هذا يدل عليه قوله (فإذا فرغت فانصب) , فليس هناك فراغ أو فضاوة أصلاً , الوقت كله معمور بما يجلب الأجور لمن فطن وعلت همته , والله المستعان
ولا أريد أن أطيل , فالإطالة قد تجلب السآمة ........
والله أعلم ...
__________________
(..ما أجمل أن تختم يومك ويكون قلبك خالياً من الغل أو الحقد أو الضغينة على امرئ مسلم ..)