*أشكرك أختي السائلة الكريمة على ثقتك الغالية، وأسأل الله أن أكون ممن يستحقها.
*لا أخفي أنني كنتُ أتابع موضوعك بصمت، وأدخل إليه لكني أكتفي بالفُرجة بلا تعليق، ولفت نظري بعض الردود الممتازة.
*فارق العمر بينكما مناسب جداً.
*زوجك فيه عاطفة، وحاول إشباعها بك، وإشباع ذاته الرومانسية في آن واحد، ولا غضاضة في هذا..هذا يعود إلى الأمر المعتاد بين الخطيبين في البداية من وصول الحب والعشق إلى ذروته الإفراطية لكنه ما يلبث أن يعود إلى وضعه الطبيعي المتوازن مع سنين الزواج بين الزوجين، وأيضاً قد يعود إلى حاجته لحب مفقود لم يجده في حياته الحالية.
*أراكِ سلّمتِ قلبك لهواه وحبه ودلاله...وأظن أنك فتاة رومانسية حالمة هادئة جداً؛ مع رنين حاجتك لإشباع عاطفي كبير وضخم، ووجود رغبة فطرية في تأسيس بيت سعيد، وعيش قصة حب رائعة مع زوج بالحلال، وخوف عميق من فوت القطار في هذا السن.
*انشغال زوجك بخروجه اليومي من البيت يندرج تحت قائمة من الرجال في مثل نوعه..ربما يكون الرجل صاحب عمل تجاري آخر، أو ربما أنه من الرجال الذين يعتقدون أن المرأة في بيتها مع أطفالها فلا داعٍ لمكوثي في البيت، وأما أنا أقضي وقتي مع الأصحاب، وبيني وبينها العودة إلى البيت في آخر الليل.
*أعجبني أنه كان صريحاً معك من البداية حول هذه النقطة، ولم يزيّف أو يراوغ أو ينمّق لك ما يخالف الحقائق..زوجته الأولى كذلك تعرف هذه الخصلة فيه، وتكاد تبلغ من الضيق مبلغاً كبيراً، وربما هي اعتادت الأمر الحاصل مع الأيام المتوالية بينهما، وآثرت أن تلوي عنقها لأولادها، وترضى من زوجها بالفتات القليل.
*أختي الفاضلة: أنتِ امرأة تريدين الحب والسخاء العاطفي، لكن الرجال يقدّمون أفعالهم في العموم، ولا يجيدون –ربما- هذه اللغة العاطفية السخية لدى النساء.
*من الطبيعي أن يعود لوضعه الطبيعي حينما يواجه منك ضيقاً وكدراً؛ كي يحاول إرضاءك وامتصاص حماسك..وأجده عليماً بالتعامل مع النساء، ولا غرو فهو صاحب زوجة وأولاد، وتجربة.
*إن زوجك رجل ذو طموح متوقد، ويرغب بالحصول على شهادة عليا..هذا النوع من الرجال –بالإجمال-يشغلهم طموحهم وجدّهم في الحياة عن أمور الحب كثيراً، ويعطون الحب وقته الخاص به كجزء من مهامهم وفق إطاره.
*لكن -يا حماكِ الله- أن يكون المعيار والأرضية المناسبة لقبول الخاطب من عدمه هي الحصول على شهادة عليا فلا أراه معياراً صحيحاً. وقد ألتمس العذر لوالديك أو أحدهما، فربما يكون أحدهما صاحب شهادة عالية جداً، ويريد شخصاً يساويكم في هذه الطبقة والمستوى؛ لذا ركزا على هذه النقطة كثيراً. وعادة الشخص المثقف يحب المثقفين، وكلٌّ يميل إلى جنسه وما يشاكله..يقول المثل: الإنسان ينجذب إلى نظيره.
لكني أستدرك قولي معتمداً على شهادتك في الرجل أنه مواظب على صلاته، ومحافظ على دينه، وهذه ميزة مهمة جداً تقف لصالحه، وترجّح كفته.
*أما فترة الخطوبة فأعتقد أنها طويلة جداً..وليس من المعقول -يا رعاك الله- أن يكون الرجل بلبلاً غرّيداً غنّاءً لمدة سنة قادمة يمطرك بمفردات الحب، ويدغدغك بهمسات العشق في أنسام الليل الحالمة...لا يمكن هذا؛ حتى الكلام ينفذ وينضب مخزونه، ويحتاج المرء لفترة كي يستجمع نشاطه، والنفس ملولة بطبعها..وأخبرك شيئاً فاسمعي مني وهو أن الرجال لا يمكن أن يكونوا عشاقاً طوال الوقت.
*لماذا الانهزامية؟!
أنتِ فتاة ذكية مثقفة متعلمة راقية وابنة كرام...مثلك ينبغي أن يكون صلباً كالحديد، راسخاً كالجبال، عالياً كالسماء.
احذفي هذه الكلمة من قاموسك، واستبدليها بالإقدام والجراءة.
*أنتِ لم تستطيعي التطنيش (التجاهل)؛ بسبب خوفك من فقدانه، وربما أنه لن يأتي من يشعل عواطفك ناراً كما فعل هذا...أليس كذلك؟
*تعدد والده لا تجعليه سبباً رئيساً تدور حوله رغبة زوجك في التعدد، وربما لديه أسباب أخرى، مثل: عدم تأقلمه وارتياحه للزوجة الأولى...الخ، والبيوت أسرار على ساكنيها.
*أراه قد أحسن صنعاً في إعادة زوجته الأولى لبيتها وأولادها، وأرى أنها –أعانها الله- قد وطّنت نفسها –ولو مجاملة- على الأمر الواقع من حيث زواجه بأخرى، والغيرة موجودة موجودة لا يمكن اجتثاثها من بنات حواء.
*لديك رغبة عميقة أنك كنتِ الزوجة الأولى، ومحور حياته...لا ألومك على هذا؛ لأنه شعور كل أنثى أن تستأثر بالرجل وعالمه لوحدها.
*لا تتوقعي أن تصابي بالاكتئاب المستقبلي حتى لا يأتيك فعلاً؛ فالتوقعات السيئة قد تجلب لك أشياءً سيئة، ولا تفتحي على نفسك باباً يلج منه الشيطان، فيصور لك رجالاً آخرين ربما يكونون أفضل منه أو أقل.
*بعدك عن أهلك سيعطيك ثقة بنفسك لبناء حياتك، وتقبل أهله سيحصل حتماً حالما تدخلين منزلهم، والأيام كفيلة بتطويع النفوس البشرية وقسرها للاقتناع بالحقائق الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، إضافة إلى أنه لا يعني لك شيئاً أولئك النسوة المتزوجات من أقارب زوجته الأولى..لكن مخاوفك هي ما تجعلك تثيرين هذه النقاط من حولك؛ كي ترسمين صورة قاتمة نوعاً ما لما قد يحدث، أو تهيء لك اقتناعاً بأمر ما كي يقودك لاتخاذ قرار يريح نفسك.
*من خلال قوله ألمح إلى أن الرجل لديه نقص في الناحية الجنسية في حياته الزوجية، ورغب أن يعف نفسه بأخرى، وربما لم يجد الإشباع المنشود من الطرف الأول لسبب ما، وعليه فهو يسلك مسلك المحبين في كلامهم وهيامهم كجزء من إشباع الرغبة حتى يصل لهدفه، وأيضاً ذكر لك أن حياته بدونك مستحيلة، ولا يمنع هذا أن يكون الرجل قد أحبك فعلاً بطريقته وكما يرى هو.
:::
أسئلة موجهة لك أنتِ:
1) هل سألتم عنه وعن أخلاقه ودينه قبل الموافقة؟
2) هل سألتم عن وضعه الاجتماعي؟
3) هل تعرفتم على أهله فكوّنتم –على الأقل-انطباعاً مبدئياً عنهم وعن حياتهم؟
4) هل تحدثت معه عن مستقبلك معه عن السكن، عن البيت، عن الوقت معك ومع زوجته الأولى، وأهله، وعن كيفية قضاء وقت فراغه وما شابه ذلك؟
:::
أقترح عليكِ ما يلي:
أولاً) التحدث معه في اتصال قريب، ثم مهّدي لبعض الأسئلة أدناه بكلمة لطيفة منك، وحديثاً عادياً ثم ابدئي الأسئلة:
أ) حبيبي: متى عادة تنام وتصحو؟
ب) أين وصلت في موضوع الدراسات العليا؟
ت) كيف تقضي وقت الفراغ عادة؟
ث) كيف حال أمك وأبيك؟ متى تذهب عندهم عادة؟ هل بيتهم قريب من بيتك؟
ج) ما رأيك أن أشغل وقتي بعد الزواج بتعليم أو إكمال دراسة أو البحث عن وظيفة؟
ح) ما رأيك أن تجعل بيت المستقبل لنا يا حبيبي قريب من بيت أهلك؛ كي أستطيع زيارتهم من قرب، وأشعر بالأمان حولهم والاندماج معهم؛ لأني أرى أمك كأمي، وإخوتك كأخواتي؟
ثانياً) بعد إجاباته سوف نستنتج –بشكل تقريبي لا بأس به- صورة مبسطة لما يمكن أن يكون وضعه ووضعك في المستقبل، والله أجل وأعلم.
ثالثاً) تجلسين مع نفسك في هدوء بمفردك+تقيّمين إجاباته (سأساعدك في فك رموزها وتحليلها)+ثم تسألين نفسك الأسئلة التالية مع تحييد العاطفة جانباً:
أ) هل سأرضى بهذا الحال لمدة طويلة؟
ب) هل أنجب أولاداً منه بسرعة كي أجذبه لي، أو لكي أنشغل بهم؟
ت) هل سيكفيني منه التواجد القليل؟
ث) هل لدي موهبة أو هواية أو عمل أستطيع مزاولته كي ألهو في حياتي، وأحقق شعوراً بالإشباع الذاتي لقدراتي؟
ج) هل هذا الرجل مناسب لي أم أن قلبي فقط من يريده؟
رابعاً) إن أمكن فاجعلي أخاك الأكبر يسافر لمنطقته، ويجلس معه، ويزور والده، ويتعرف عليهم بشكل أكثر، وإن حصل أن يخرج مع أصدقائه فحسن.
خامساً) تستخيرين الله أكثر من مرة في ِشأن الاستمرار معه، وتنظرين إلى انشراح صدرك، وتنظرين إلى داخلك وتوجهك؟
خامساً) لا بأس بعد أن تفرغي مما سبق أعلاه أن توافيني بجديدك.
:::
أخوكم في الله/حاتم بن أحمد-الرياض