أزواج وفضائيات .. أبغى تسريحة فلانة .. ومكياج علانة
الجمال".. حكاية لها بين الرجل والمرأة منذ القدم بريق خاص.. فهو من مفردات التجاذب الأولى بينهما، وهو محط أنظار الجميع.. شعراء وكتاب أو فلاسفة ومصممي أزياء ومصففي الشعر ومبتكري التسريحات وحتى صانعي الكريمات والوصفات الشعبية للجمال!
وفي دنيا العولمة الجديدة تتجه نماذج الجمال المنحوتة خطوات إلى الخلف لتصبح بلا لون ولا شكل ولا هوية.. فتقتحم على دنيا الأزواج والزوجات حياة كانت هانئة لتضعها على مسارات ( تسونامية ) أخرى صاخبة، ويتم ذلك وفى كثير من الأحيان رغما عنهم!
فكيف تؤثر وسائل الإعلام على مفهوم الجمال ومقاييسه لدى الزوجات والأزواج؟ وما هي أكثر عناصر الجمال جذبا للرجل تجاه المرأة؟ هل تغيرت نظرة الأزواج تجاه جمال زوجاتهم بمجرد رؤية ( دمى الشاشات )؟ وبماذا تحدثهم أنفسهم؟!
أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع تدور في الأذهان ومن خلال عينة قوامها 100 من الأزواج والزوجات استطعنا الحصول على إجابات صريحة وأخرى دبلوماسية حرصا على السلامة الزوجية!
بالنسبة للأزواج:
9%
قدموا اعترافات صريحة أكدت تأثرهم الواضح بنماذج الجمال المعروضة من خلال وسائل الإعلام تمثل ذلك في مقارنتهن بالزوجة.
25%
طالبوا الزوجة بالتغيير للوصول لنموذج الجمال المعروض على شاشات التليفزيون وإلا!!!!!
5 %
كان لديهم الاستعداد بالتضحية بكل شيء حتى تكون زوجاتهم القمة في مستوى التأنق والجمال
22 %
يريدون كل شيء بمعنى أن تهتم الزوجة بتجملها، وكل ما عليها من أدوار داخل البيت وربما خارجه أيضا
39 %
هي نسبة المقتنعين بأن الجمال ليس ماديا فحسب وهؤلاء يرون شريكات حياتهم أجمل ممن يرونهم على شاشات الفضائيات وأماكن العمل… إلخ.
أما الزوجات:
55%
أكدن وقوعهن تحت ضغوط نفسية كبيرة لمحاولتهن مجاراة ومماثلة نوع الجمال الذي يطالبهن أزواجهن أن يكن عليه وهؤلاء عرضن أنفسهن لإجراء كل شيء حتى العمليات التجميلية للمقتدرات منهن ماديا.
35%
هن زوجات لا يعانين كثيرا في إحداث التوافق بين مستوى جمالهن ومطالب أزواجهن، ويرجعن الأسباب في ذلك إلى نضج تفكير أزواجهن وتعشيش الحب على حياتهن معهم.
10%
مصابات باللامبالاة ولا يلقين بالا للتغيرات الطارئة على أذواق أزواجهن أو مطالبهم! ( طنااااااااااش )
تسريحة فلانة ومكياج علانة
ومن بين تلك الآراء نعرض لأبرزها كما وردت.. تقول ( ن ط) -35 سنة- متزوجة منذ عشر سنوات: لكثرة تشبعه بما يرى -تقصد زوجها- فإنه لا ينظر إليّ عندما نتحدث، نعم إنه يغض بصره تماما عني قد ينظر إلى الجدار أو التليفزيون أو الأولاد أما أنا فلا. رغم أني لا أهمل زينتي وهندامي، ولكنني مهما فعلت فلن أصل إلى مستوى تأنق وجمال فتيات الفيديو كليب وليس أمامي حيلة بعد أن استنفدت كل ما في وسعي.
"هذي الحريم والاّ بلاش".. هذه هي أبسط الكلمات التي يرددها زوج (هـ ز) -38 سنة- عندما يتراءى أمامه ظل فتاة إعلانات أو فيديو كليب أو... المهم أن تكون طويلة ورشيقة وشقراء فاتنة، أما إذا أضيف "الدلع" أي الدلال فعيار الإعجاب يزداد منسوبه لدرجة تحدث الخلاف الحاد بينهما ويستمر ليل الزوجين حالك السواد طويلا!!.. أماّ م -30 سنة- فتقول: أعاني الويلات بسبب الفضائيات اللبنانية فقد لا تصدقين أن زوجي لا يفعل شيئا إذا ما دخل البيت سوى مطاردة المذيعات والمسلسلات والفيديو كليبات اللبنانية على شاشة التليفزيون، وقد يئست من حالته التي تنعكس سلبا على حياتنا كلها.
أما السيد (م) -45 سنة- فهو زوج ذو ذوق تركي!.. تقول زوجته بكل أسى: بعد أن سافر إلى تركيا بحكم طبيعة عمله الصحفي في مهمة لم تستغرق سوى أشهر قليلة عاد منبهرا بجمال المرأة التركية وتوليفته العربية الأوروبية، وبدأت نظرته إليّ، تتغير فلم يعد يبدي إعجابا ولا إطراءً، وكأن نظراته الحادة تنكر علي ملامحي!
السيد (و) زوج في الثلاثين من عمره.. يعترف بأنه بالفعل ظل ولفترة متأثرا بنماذج الجميلات من خلال وسائل الإعلام؛ لذا مكث طويلا في البحث عن فتاة تتوافر بها المواصفات نفسها لكي يتزوجها. وبسؤاله عن رأيه في شريكة حياته التي طال بحثه عنها الآن رد قائلا: لا بأس!
أما (ع) -36 سنة- فهو يرى أن الجمال الشكلي ليس كل شيء، فهو إن توفر الآن يزول غدا وتبقى مواطن أخرى للجمال في المرأة لا تزول. وعن مدى تأثره بوسائل الإعلام في تحديد مقاييس جمال المرأة لديه يقول: مقدار التأثر يحدث كنتيجة لقابلية الشخصية لذلك، وأنا شخصيا وضعت معايير الجمال التي تروقني بعيدا عن المؤثرات.
ولأن صالونات تجميل السيدات هي أحد أهم المواقع التي ترتبط مباشرة بالموضوع، فقد التقينا بالسيدة (هـ ز) خبيرة التجميل بأحد الأحياء الراقيةتقول: نعم تأتي إلى الصالون كثير من السيدات، وتكون مطالبهن غريبة لإرضاء أذواق أزواجهن، فهناك من تصر على صبغ شعرها باللون الفلاني لأن زوجها يحب ذلك. وأغلبهن يستشرنني في كيفية عمل الرجيم –نظام غذائي- القاسي للنحافة، حتى قصات الشعر والمكياج، فهذه تطلب قصة شعر المطربة الفلانية أو ماكياج الممثلة العلانية والمبرر "أصل زوجي يبغى كذا"! "زمان لم يكن الأمر هكذا فالزبونة كانت تطلب مني أن أصنع لها ما يليق عليها، وكانت للأزواج آراء مستقلة غير متأثرة بشكل المغنية فلانة أو أو… إلخ".
لا تنسَ ذاتك
ويعلق الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية على ما سبق فيقول: كل شيء يكون جيدا ما دام في حدود المقدرة والطاقة، ومقولة إن الجمال الحقيقي هو جمال الروح فهذه حقيقة وليس من كلام الفلاسفة، ونحن لا نناقش مسلّمة "أهمية تجمل الزوجة لزوجها" فهذا أمر مفروغ منه إلا أن الإسراف في التشبه بالأخريات أمر مرهق نفسيا يجعل الزوجة تفقد معه جمالها الطبيعي وخصوصيتها وشخصيتها التي تميزها عن كل امرأة أخرى، بل ويدخلها ذلك في دوامة صراع مع ذاتها، وعدم رضا عنها وذلك كله بالطبع.. مرفوض.
وتتفق الدكتورة نجوى عبد السلام الأستاذة المساعدة بكلية الآداب - قسم الإعلام مع ما سبق وتضيف: ببساطة شديدة تسبب وسائل الإعلام الإحباط للمرأة، وتبهر الرجل وتصيبه هو الآخر بالإحباط؛ لأنه لا يظفر بما يراه على شاشات الفضائيات من أجساد شقراء راقصة… إلخ من مقاييس نموذج الجمال الذي ترغّب فيه وتروج له تلك الوسائل، فعولمة مقاييس الجمال تتم من خلال بث فتيات ذوات أداء حركي ولون بشرة وتكوين جسم ومستوى جمال متماثل في كل عروض الفيديو كليب والإعلانات… إلخ، لا فرق في ذلك بين فضائيات عربية أو أجنبية فالكل نسخة واحدة.
ومن هنا يأتي الخطر، حيث تعتبر وسائل الإعلام وهي أهم أدوات ثقافة العولمة، ثقافة سمعية بصرية تصنع ذوق المشاهد وتشيد رؤية خاصة للإنسان والمجتمع، وهناك اتجاه عالمي يهدف إلى توحيد القيم حول كل شيء ومن تلك الأشياء المرأة وما يتعلق بها من جمال و... و… والمحك الحقيقي هو أن يلقى ذلك الاستجابة أو "لا".
وتنصح د/ نجوى الأزواج والزوجات فتقول: على الزوج أن يفكر قبل أن ينساق وراء عوامل الجذب والكاميرات المتحركة إلى حد الجنون التي تبذل جهدها بسرعة إيقاعها وتوليفاتها البصرية لإقناعه وإبهاره بما يرى. عليه أن يرفض مقارنة شريكة الحياة بهؤلاء وعليها هي أيضا أن ترفض ذلك، فنموذج الجمال الذي يراه لا يوجد إلا في دنياهم لأنهن ببساطة لا يؤدين في حياتهن غير هذا الدور الذي - وبكل أسف - يحرم كثيرا من الأزواج والزوجات من الاستمتاع بالحياة وبالجمال الحقيقي.!!!
lـــــــــــــــــــــ منقووول ــــــــــــــــــــــــــ