ناقصات عقل ودين .. كيف فهمناها ؟
روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار . فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار ؟ قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن .... الحديث )
يستدل كثيرون بما ورد في هذاالحديث ((.. ناقصات عقل ودين .. )) بفهمهم الخاطىء له على أنه اتهام للمرأة وانتقاص من حقوقها ، بل ويستغل آخرون ذلك في تشويه نظرة الإسلام للمرأة حيث أنه بزعمهم يعتبرها ناقصة عقل ودين !
فهل المرأة ناقصة عقل ودين ؟!
نعود أولا لتفسير النبي عليه الصلاة والسلام للحديث حيث قال : (أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل ، فهذا نقصان العقل ، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين )
علما بأن نصاب الشهادة قد حدد في القرآن الكريم : (فرجل وامرأتان .. الآية) .
ولو عدنا لبداية ذلك الحديث لوجدنا نفي تلك التهمة بتعجب النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : ((أغلب لذي لبّ منكن )
وأن الواحدة منهن تغلب ذا اللبّ أي الرجل الذكي جدا فكيف تغلب ناقصة العقل الرجل اللبيب ؟
ولو تأملنا أن هذا الخطاب موجه لمسلمات فهل لو أن امرأة كافرة ذكية أسلمت فهل ستصبح ناقصة عقل بمجرد دخولها الإسلام ؟!!
إذن فالفهم الخاطىء للحديث هو السبب وراء النظرة للمرأة بنقصان العقل ، وإلا فالمرأة والرجل سواء بالفطرة من حيث الذكاء وعملية التفكير والتميز بينهما يأتي بحسب الفروق الفردية .
كما أن القرآن الكريم يؤكد ذلك بمخاطبته في كثير من الآيات للرجال والنساء بشكل عام ( يا أيها الذين آمنوا ) فهل استثنى الرجال لكمال عقولهم أو استبعد النساء لنقص عقولهن ؟ !
بل إن إعجاز هذا الحديث يؤكد للمرأة خصوصيتها من حيث أنها تمر بحالات وتغيرات جسدية تنعكس على نفسيتها فتؤثر بالتالي على طريقة تفكيرها مما قد ينعكس على قراراتها .
وإلا فإن من النساء كثير ممن تستطيع أن تدير بعقلها بقدرة وحكمة ما لا يستطيعه كثير من الرجال بل إن بعضهن تتخذ أصعب القرارات في أصعب المواقف وأحلك الظروف في مواقف لا يجرؤ عليها الكثير من الرجال .
ويكفي أن نستشهد بما ذكره راوي الحديث الإمام مسلم رحمه الله بأن النبي عليه الصلاة والسلام عندما ذكر ذلك الحديث قامت امرأة (( جزلة )) فخاطبت النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك . والجزلة عند أهل العلم هي ( ذات العقل والرأي والوقار ) .