جربوها .. ربما تكون طريقة نافعة
السلام عليكم ورحمة الله..
كنت دائماً أظن أن الحياة مع شريك آخر ليست سهلة كما يظن كثيرون، والاحتكاك اليومي يسبب الكثير من المشاحنات والخلافات التي لابد منها في الحياة المشترَكة، والتي يمكن تجاوزها بقليل من التعقل والتفهم والصبر والذكاء.
الإنسان الكامل ليس موجوداً بطبيعة الحال، وكلنا فينا عيوب، وكلنا نرتكب زلات وهفوات وأخطاء قد تسبب الضيق والغضب لدى الطرف الآخر، إلا أن هذا لا يعني أن الإنسان المخطئ هو شرير بطبعه، ولا يعني أن الحياة معه مستحيلة.
فكرتُ في بعض الخطوات العملية التي قد تعين كل شريك على تجاوز نقاط الخلاف وهفوات الطرف الآخر، أو على الأقل وضعها في إطارها المناسب والنظر لها بطريقة موضوعية دون مبالغة أو تهويل.
ربما يكون غيري قد سبقني في طرحها، ولكن لا بأس من التذكير بها لتعم الفائدة.
التراكم ..
فتراكم الخلافات والمشاحنات الصغيرة والكبيرة يؤدي إلى تعميق الإحساس بالضيق والغضب وربما الظلم لدى أحد الطرفين، بل ربما يتطور الأمر إلى مشاعر سلبية يكنّها للآخر مثل النفور والكراهية، وبالتالي فإن أي زلة جديدة أو هفوة بسيطة حتى لو كانت غير مقصودة قد تسبب رد فعل أكبر مما يحتمل الموقف.
لذلك فإن الحوار الجاد وحل أي مشكلة صغيرة أو كبيرة يشعر أي طرف بعدم قدرته على تجاوزها هو الأفضل، بحيث تبدأ مناقشة الأمر فوراً دون تأخير منعاً لهذه التراكمات التي لها عميق الأثر السلبي على الحياة بين الزوجين.
ونظراً لأن الرغبة في النقاش عادةً تكون من قِبَل الزوجة أكثر من الزوج، ونظراً لأن الرجل لا يحب الكلام الكثير بطبعه، فإن الأمر يتطلب (تضحية ) وسعة صدر من الرجل وتفهم واستعداد للإنصات والحوار حتى يمكن احتواء الأمر وحل المشكلة في وقتها.
ومن وجهة نظري فإن المرأة ـ خصوصاً ـ إن لم تبُحْ بما في نفسها أولاً بأول فإنها تضيع على نفسها فرصة كبيرة في حل الخلافات والمشاكل، لأن الرجل ببساطة يظن أنها انتهت و أصبحت من الماضي ولا داعي للتطرق إليها!
فالرجل ـ حسبما أظن ـ لا يحب التشعبات الكثيرة بطبعه، بل يحب التركيز على نقطة واحدة فقط، والانفجار الذي يولده الكبت لدى المرأة يؤدي بطبيعة الحال إلى التطرق إلى مشاكل سابقة مما يُشعر الزوج بالتشتت والتشعب وعدم فهم زوجته وسبب غضبها بالضبط.
بل ربما ينقلب الموقف ويغضب هو بسبب عجزه عن العثور على نقطة محددة لمناقشتها وعدم قدرته على فهم ما تريده زوجته وما سبب غضبها بالضبط في تلك اللحظة، وهكذا تتحول الزوجة، رغم أنها قد تكون على حق في تلك اللحظة، إلى مذنبة ونكدية و .. و .. إلى آخر الاسطوانة التي يحلو للرجال ترديدها.
أما البوح الآني، بمعنى إفراغ ما في النفس وقت حدوث المشكلة مباشرةً أو على الأقل بعدها بقليل، فإنه يمنع هذا التشعب ويعطي الزوج فرصة للتركيز وفهم ما تتحدث عنه وتريده زوجته بالضبط، وبالتالي يمكن احتواء الأمر بشكل أفضل وحل المشكلة بشكل أسرع.
الورقة والقلم ..
الإنسان بطبعه يتذكر السيئ أكثر مما يتذكر الحسن، ولحظات الغضب قد تعمي صاحبها وتُنسيه كل إيجابيات الطرف الآخر أثناء المشكلة، وربما يكون هذا الطبع في المرأة أكثر من الرجل، لذلك أقترح استخدام الورقة والقلم لتدوين إيجابيات وسلبيات الزوج.
أجل .. اكتبي كل شيء مهما كان صغيراً وبسيطاً، ومهما شعرتِ بأنه تافه لا يستحق الذكر، حتى لو كانت مجرد كلمة صباح الخير يقولها بحنان أو بطريقة مختلفة.
فهذه الطريقة لها فائدتها عند حدوث أي مشكلة، حيث إنها تعطي الزوجة الفرصة لاستعادة المواقف والسلوكيات الإيجابية السابقة لزوجها مما له تأثير جيد في تخفيف غضبها وضيقها، وبالتالي التعامل مع الموقف الحالي بهدوء، كما تعطيها القدرة على تقييم الموقف بشكل موضوعي بحيث يكون حكمها عادلاً من خلال المقارنة بين الموقف الحالي والمواقف السابقة، وتحديد ما إذا كانت المشكلة التي تسبب لها الضيق في الوقت الحالي تستحق منها رد فعل غاضب وكبير أم مجرد عتاب رقيق، أم حتى تجاوز الأمر وعدم التطرف إليه على الإطلاق.
ولا يمنع هنا أن يجرب الزوج تلك الطريقة العملية، فأظنها ستفيده هو أيضاً.
وشخصياً جربت هذه الطريقة وساعدتني كثيراً في إصدار أحكام حيادية وعادلة مما يحميني من الإحساس بتأنيب الضمير أو بأنني ظلمت أحداً، بل إنني أزعم أنها قد تفيد في كافة العلاقات الإنسانية وليست العلاقة الزوجية فقط.
مع احترامي