{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
الرئيسية
التسجيل
البحث المتقدم
المشاركات الجديدة
التحكم
اتصل بنا
اسم المستخدم :
كلمة المرور :
حفظ البيانات؟
نسيت كلمة المرور؟
منتدى عالم الأسرة والمجتمع
>
العين الثالثة
>
الثقافة الاسلامية
{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
الملاحظات
الثقافة الاسلامية
صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.
الذهاب إلى الصفحة...
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
27-09-2013, 07:51 AM
#
1
ابن عمر محمد
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 335
{وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
الشيخ عبدالله بن محمد البصري
أَمَّا بَعدُ،
فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
﴾ [الأنعام: 32].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ،
ف
ي
الأَيَّامِ الَّتي تَعقُبُ نُزُولَ الغَيثِ وَتَتَابُعِ هُطُولِ المَطَرِ، وَخَاصَّةً عِندَ اعتِدَالِ الجَوِّ وَتَوَسُّطِ الحَرَارَةِ، يَحلُو لِلنَّاسِ السَّيرُ في الأَرضِ وَالانتِشَارُ في الأَرجَاءِ، فَيَمشُونَ في مَنَاكِبِهَا فَرِحِينَ مُستَبشِرِينَ، يَنظُرُونَ إِلى آثَارِ رَحمَةِ اللهِ وَيُمَتِّعُونَ أَبصَارَهُم بما يَرَونَ مِن فَضلِهِ، وَيُرِيحُونَ أَنفُسَهُم بما نَالُوهُ مِن خِصبٍ بَعدَ الجَدبِ وَرَخَاءٍ بَعدَ الشِّدَّةِ. غَيرَ أَنَّ لِلعُقَلاءِ هُنَالِكَ شَأنًا آخَرَ غَيرَ التَّمشِيَةِ وَالتَّسلِيَةِ، فَهُم يَسِيرُون في الأَرضِ لِيَنظُرُوا وَيَتَفَكَّرُوا، وَيَتَأَمَّلُونَ مَا حَولَهُم لِيَعتَبِرُوا وَيَتَذَكَّرُوا، مُمتَثِلِينَ أَمرَ رَبِّهِم حَيثُ قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿
قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
﴾ [العنكبوت: 20].
لَقَد نَدَبَ اللهُ - تَعَالى - عِبَادَهُ إِلى السَّيرِ في الأَرضِ وَالتَّفَكُّرِ وَالتَّدَبُّرِ، وَحَثَّهُم عَلَى النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ وَالاعتِبَارِ، تَارَةً بِالأَمرِ بِذَلِكَ، وَتَارَةً بِالتَّنبِيهِ عَلَى فَضلِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَى أَهلِهِ، وَتَارَةً بِتَوَعُّدِ الغَافِلِينَ الَّذِينَ لا يَتَفَكَّرُونَ وَلا يُعمِلُونَ عُقُولَهُم فِيمَا يَرَونَ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
﴾ [البقرة: 164] وَقَالَ - عَزَّ شَأنُهُ -: ﴿
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ
*
الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
﴾ [آل عمران: 190، 191] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُم مِنهُ شَرَابٌ وَمِنهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
*
يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرعَ وَالزَّيتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ
*
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمسَ وَالقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمرِهِ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَعقِلُونَ
*
وَمَا ذَرَأَ لَكُم في الأَرضِ مُختَلِفًا أَلوَانُهُ إِنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِقَومٍ يَذَّكَّرُونَ
*
وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ البَحرَ لِتَأكُلُوا مِنهُ لَحمًا طَرِيًّا وَتَستَخرِجُوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسُونَهَا وَتَرَى الفُلكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبتَغُوا مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ
*
وَأَلقَى في الأَرضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُم وَأَنهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُم تَهتَدُونَ. وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجمِ هُم يَهتَدُونَ
*
أَفَمَن يَخلُقُ كَمَن لَا يَخلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ
*
وَإِن تَعُدُّوا نِعمَةَ اللهِ لا تُحصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ
﴾ [النحل: 18،10] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿
وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
﴾ [الأنعام: 99] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ
*
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ
*
تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ
*
وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ
*
وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ
*
رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ
﴾ [ق: 6 - 11] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿
أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت
*
وَإِلى السَّمَاءِ كَيفَ رُفِعَت
*
وَإِلى الجِبَالِ كَيفَ نُصِبَت
*
وَإِلى الأَرضِ كَيفَ سُطِحَت
﴾ [الغاشية: 17 - 20] أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ رَبَّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالى - يُرشِدُنَا إِلى النَّظَرِ في بَدِيعِ آيَاتِهِ، وَيَحُثُّنَا عَلَى التَّفَكُّرِ في عَظِيمِ مَخلُوقَاتِهِ، إِلى العَالَمِ العُلوِيِّ في بِنَاءِ سَمَائِهِ وَالتِئَامِهَا، وَارتِفَاعِ سَمكِهَا وَكَيفَ سَوَّاهَا، وَإِلى حُسنِ نُجُومِهَا وَدِقَّةِ سَيرِ كَوَاكِبِهَا وَأَفلاكِهَا، وَظُلمَةِ لَيلِهَا وَنُورِ نَهَارِهَا، وَإِلى العَالَمِ السُّفلِيِّ في بَسطِ أَرضِهِ وَمَدِّهَا وَتَذلِيلِهَا، وَتَثبِيتِهَا بِالجِبَالِ الرَّوَاسِي، ثم النَّظَرِ في تَصرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ، وَإِنزَالِ المَاءِ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِحيَاءِ الأَرضِ بِهِ بَعدَ مَوتِهَا، ومَا يَنبُتُ فِيهَا مِن كُلِّ صَنفٍ حَسَنٍ بَهِيجٍ، مُختَلِفِ الأَشكَالِ وَالأَلوَانِ وَالصِّفَاتِ وَالمَقَادِيرِ، وَكَيفَ أَنَّه جَعَلَ ذَلِكَ تَبصِرَةً وتَذكِرَةً بما أَخبَرَت بِهِ الرُّسُلُ مِنَ التَّوحِيدِ وَالمَعَادِ، وَقُدرَةِ اللهِ عَلَى البَعثِ وَالنُّشُورُ.
فَالنَّاظِرُ يَتَبَصَّرُ أَوَّلاً ثم يَتَذَكَّرُ، وَيَتَفَكَّرُ ثم يَعتَبِرُ، وَيَتَأَمَّلُ ثم يَعمَلُ، غَيرَ أَنَّ هَذَا لا يَحصُلُ إِلاَّ لِكُلِّ عَبدٍ مُنِيبٍ إِلى اللهِ، مُتَّجِهٍ بِقَلبِهِ وَعَقلِهِ وَكُلِّ جَوَارِحِهِ إِلى مَولاهُ، مُتَفَكِّرٍ في رِزقِهِ وَقُوتِهِ وُمَلبَسِهِ وَمَركَبِهِ، وَمَا حَولَهُ مِن جَنَّاتٍ مُختَلِفَةِ الثَّمَارِ وَحَيَوَانَاتٍ مُتَنَوِّعَةِ الأَجنَاسِ، عَالِمٍ بِيَقِينٍ أَنَّهُ لا قُدرَةَ لَهُ عَلَى خَلقِهَا وَلا جَلبِهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ للهِ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، القَائِلِ - سُبحَانَهُ -: ﴿
قُلْ أَرَأَيتُم إِن أَصبَحَ مَاؤُكُم غَورًا فَمَن يَأتِيكُم بِمَاءٍ مَعِينٍ
﴾ [الملك: 30] وَالقَائِلِ - تَعَالى -: ﴿
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
*
أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ
*
أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
*
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ
*
أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
﴾ [النمل: 59 - 63].
أَيُّهَا المُسلِمُونَ،
إِنَّ للهِ - عَزَّ وَجَلَّ - في الكَونِ مَخلُوقَاتٍ بَدِيعَةً، وَآيَاتٍ مَشهُودَةً وَأُخرَى مَسمُوعَةً، سَمَاءٌ ذَاتُ أَبرَاجٍ، وَأَرَضٌ ذَاتُ فِجَاجٌ، وَلَيلٌ دَاجٍ وَنَهَارٌ مُنبَاجٌ، وَبِحَارٌ ذَاتُ أَموَاجٍ، وَمَطَرٌ وَنَبَاتٌ وَأَرزَاقٌ وَأَقوَاتٌ، وَأَعظَمُ مِن ذَلِكَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ، لَو أُنزِلَت عَلَى جَبَلٍ لَرُئِيَ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا، وَكُلُّ هَذِهِ المَخلُوقَاتِ وَالآيَاتِ البَيِّنَاتِ، دَالَّةٌ عَلَى وُجُودِ اللهِ وَمُحِيطِ عِلمِهِ وَتَامِّ قُدرَتِهِ، وَنَافِذِ مَشِيئَتِهِ وَبَالِغِ حِكمَتِهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿
سَنُرِيهِم آيَاتِنَا في الآفَاقِ وَفي أَنفُسِهِم حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُ الحَقُّ أَوَلم يَكفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ شَهِيدٌ
﴾ [فصلت: 53] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَتَفَكَّرُوا في مَخلُوقَاتِهِ وَآيَاتِهِ، وَتَأَمَّلُوا دَلائِلَ عَظَمَتِهِ وَقُدرَتِهِ، وَشَوَاهِدَ وَحدَانِيَّتِهِ وَقُدرَتِهِ، وَلا تَكُونُوا مِنَ الغَافِلِينَ ﴿
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَعلَمُونَ
*
إِنَّ في اختِلَافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَّقُونَ
*
إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالحَيَاةِ الدُّنيَا وَاطمَأَنُّوا بها وَالَّذِينَ هُم عَن آيَاتِنَا غَافِلُونَ
*
أُولَئِكَ مَأوَاهُمُ النَّارُ بما كَانُوا يَكسِبُونَ. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالحَاتِ يَهدِيهِم رَبُّهُم بِإِيمَانِهِم تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ في جَنَّاتِ النَّعِيمِ
*
دَعوَاهُم فِيهَا سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُم فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعوَاهُم أَنِ الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ
﴾ [يونس:5، 10].
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ،
فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَاشكُرُوهُ، وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ ﴿
وَللهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَلَقَد وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَإِيَّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِن تَكفُرُوا فَإِنَّ للهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا
﴾ [النساء: 131].
أَيُّهَا السَّائِرُ في الأَرضِ وَالمَاشِي في مَنَاكِبِهَا، إِذَا أَعجَبَكَ حُسنُ الرَّبِيعِ وَنُضرَتُهُ، وَاستَهوَاكَ نَبَاتُهُ وَشَدَّتكَ خُضرَتُهُ، وَشَمِمتَ نَفحَ أَزهَارِهِ وَنَشِقتَ شَذَاهَا، فَفَكِّرْ فِيهِ بَعدَ شُهُورٍ كَيفَ يَصِيرُ؟! وَتَأَمَّلْ كَيفَ يَضمَحِلُّ بَعدَ قَلِيلٍ وَيَتَلاشَى، وَيَتَحَوَّلُ إِلى هَشِيمٍ تَذرُوهُ الرِّيَاحُ؟! بَل إِذَا مَرَرتَ في مَسِيرِكَ بِحَائِطٍ فِيهِ أَعجَازُ نَخلٍ خَاوِيَةٍ، وَبِئرٌ مُعَطَّلَةٌ وَقَصرٌ مَشِيدٌ، فَتَذَكَّرْ مَن عَاشُوا هُنَالِكَ في خَالي الأَيَّامِ وَمَاضِي السِّنِينَ، وَتَأَمَّلْ كَم بَذَلُوا في غَرسِ حَوَائِطِهِم وَالاعتِنَاءِ بها! كَم سَقَوهَا وَرَوَّوهَا وَتَعِبُوا في حِفظِهَا! كَم تَحَدَّثُوا عَنهَا مَسرُورِينَ وَفَاخَرُوا بها مُكَاثِرِينَ! ثم هِيَ الآنَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، أَعجَازٌ لا رُؤُوسَ لَهَا وَلا خُضرَةَ وَلا ثَمَرَ، وَأَطلالٌ دَارِسَاتٌ وَدِيَارٌ مُوحِشَاتٌ، وَآبَارٌ غَائِرَاتٌ وَمَنَازِلُ مُقفِرَاتٌ، كَأَن لم يَكُن بها أَنِيسٌ ولا جَلِيسٌ، تَصَرَّمَت وَانتَهَت، وَمَضَت وَانقَضَت، وَهَكَذَا هِيَ حَيَاتُكَ الَّتي رُبَّمَا اغتَرَرتَ بها وَأُعجِبتَ فِيهَا بِقُوَّةٍ أَو فتوَّةٍ، أَو رَفَعتَ رَأسَكَ مُتَكَبِّرًا، أَو تَجَاوَزتَ فِيهَا الحُدُودَ مَزهُوًّا، وَكَأَنَّكَ لم تَعلَمْ أَنَّهَا مَوسِمُ رَبِيعٍ قَلِيلٌ مُكثُهُ سَرِيعٌ جَفَافُهُ! وَكَأَنَّكَ لم تَقرَأْ قَولَ رَبِّكَ - سُبحَانَهُ -: ﴿
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
﴾ [يونس: 24] وَقَولَه - جَلَّ وَعَلا -: ﴿
وَاضرِبْ لَهُم مَثَلَ الحَيَاةِ الدُّنيَا كَمَاءٍ أَنزَلنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرضِ فَأَصبَحَ هَشِيمًا تَذرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ مُقتَدِرًا
﴾ [الكهف: 45].
نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ -
إِنَّ الحَيَاةَ الدُّنيَا تُبهِجُ وَتُسَرُّ وَقَد تَغُرُّ، لَكِنَّ العَاقِلَ يَعرِفُ أَنَّهُ لا مُنتَهَى لأَمَلٍ دُونَ الجَنَّةُ، وَلا خُلُودَ إِلاَّ بِجِوَارِ الرَّحمَنِ فِيهَا، فَيَزهَدُ في الدُّنيَا وَإِن تَزَيَّنَت، وَيَجعَلُهَا وَرَاءَ ظَهرِهِ وَإِن تَجَمَّلَت، أَو يَتَّخِذُهَا مَطِيَّةً إِلى آخِرَتِهِ وَبَلاغًا في سَفَرِهِ، وَأَمَّا المَغرُورُ المَخمُورُ، فَإِنَّهُ يَلعَبُ وَيَلهُو وَيَرتَعُ وَيَتَمَتَّعُ، فَلا يَشعُرُ إِلاَّ وَقَد يَبِسَ عُودُهُ وَجَفَّ جَسَدُهُ، وَذَهَبَ صَفَاؤُهُ وَزَالَ بَهَاؤُهُ، فَيَندَمُ حِينَ لا يَنفَعُ النَّدَمُ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أيها المُؤمِنُونَ - وَاعمَلُوا لِدَارِ الخُلُودِ وَالبَقَاءِ، وَلا تَغُرَّنَّكُم دَارُ الغُرُورِ وَالفَنَاءِ ﴿
يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ
*
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ
﴾ [غافر: 39، 40] .
شبكة الألوكة
ابن عمر محمد
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها ابن عمر محمد
27-09-2013, 02:18 PM
#
2
شقـردية
عضو المنتدى الفخري
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 4,994
رد : {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}
جزاك الله خير ..
__________________
شقـردية
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها شقـردية
مواقع النشر
delicious
Digg
Facebook
twitter
StumbleUpon
Google
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
انواع عرض الموضوع
العرض العادي
الانتقال إلى العرض المتطور
الانتقال إلى العرض الشجري
ضوابط المشاركة
لا تستطيع
إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع
الرد على المواضيع
لا تستطيع
إرفاق ملفات
لا تستطيع
تعديل مشاركاتك
BB code
متاحة
الابتسامات
متاحة
كود
[IMG]
متاحة
كود HTML
معطلة
قوانين المنتدى
الانتقال السريع
لوحة تحكم العضو
الرسائل الخاصة
الإشتراكات
المتواجدون الآن
البحث في المنتدى
الصفحة الرئيسية للمنتدى
الحياة الزوجية
المقبلين على الزواج
المتزوجين
التوجيهات الزوجية (أرشيف)
ساعدني
رومنسيات زوجية
السعادة الزوجية
المطلقات والأرامل والمتأخرات
الحياة الاجتماعية
العلاقات الأسرية والإجتماعية
ركن الطفل
مراسلة أقسام الحياة الاجتماعية
المشاكل المحلولة
العين الثالثة
الفتاوى الشرعية
الثقافة الاسلامية
مقاطع مرئية وصوتية
مساحة مفتوحة
أخبار الاعضاء
سؤال وجواب
مساحة فكر
قناتنا على اليوتيوب
السفر والسياحة والرحلات
التقارير السياحية المصورة
المطاعم و المقاهي
الرجل
مطبخ الشباب
السيارات
التصاميم والدروس
التقنية والاتصالات
صحتك بالدنيا
الريجيم والحمية وضبط الوزن
صحة المرأة
استفسارات الحمل والولادة
استفسارات الامراض النسائية
عيادة الاسرة
الطب البديل
مراسلة أقسام صحتك بالدنيا
المرأة
مملكة المرأة
الديكور والأعمال اليدوية
مطبخ المرأة
حلويات
إستفسارات مطبخيه
مطبخ الشيف الصائمه لله
مطبخ الشيف gawlp
مطبخ الشيف مستكة_مستكة
المميزة
أخبارنا
الاستضافات
الدورات
المواضيع المميزة
إستشارات خاصة محلولة
استشارة بخصوصية
الاستشارات الطبية
الاستشارات الشرعية
الاستشارات الخاصة
عالم الادارة
المواضيع المنقولة
الساعة الآن
07:36 PM
.
-- Default Style
-- 2011
-- تصميم 6nn - تصميم مجموعه ترايدنت العربية
-- استايل بي إم دبليو - تصميم ترايدنت
الاتصال بنا
-
عالم الأسرة والمجتمع
-
الأرشيف
-
الأعلى