مرحبا
من منا لا يرغب في ممارسةهذا الدور العظيم؟!
من منا لا يرغب في الاستمتاع بذلك الصوت العذب الرقيق يناديه (أمي/أبي)؟!
من منا لا يرغب في رؤية قطعة منه تنمو وتتحرك أمام عينيه؟!
كلنا كذلك بالتأكيد.
ولكن..
هل كلنا مستعدون بالفعل لممارسة هذا الدور؟
هل كلنا مؤهلون لتحمل هذه المسؤولية العظيمة؟
هل كلنا مدركون أصلاً لمدى أهمية هذا الدور وتبعات هذه المسؤولية؟
بصراحة أشك....!!!
واسمحوا لي أن أعتقد بأن بعضاً ـ قد لا يكون قليلاً ـ من الناس ينجب فقط لأن ذلك هو سنة من سنن الحياة .. ومن باب أن الآخرين ينجبون فلماذا لا أنجب أنا أيضاً . ولأن الإنجاب يعني في عرف بعض الناس اكتمال الرجولة والأنوثة!!!!
يعني باختصار .. الأمر يتم دون تفكير حقيقي .. بالضبط مثل معظم الأمور التي نمارسها في حياتنا دون تفكير أو توقف قليل لمعرفة الهدف الحقيقي الذي يفترض أن نضعه في أذهاننا قبل أن نفعل هذا الشيء أو ذاك .. رغم أن هذا الشيء أو ذاك هو من الأمور الحيوية والمصيرية ذات التاثير العميق جداً في حياتنا وحياة الآخرين!!!!!
وأبلغ دليل على قولي هو تلك النماذج المختلفة والمتعددة للإهمال واللامبالاة .. وأحياناً الإيذاء ـ وإن كان غير متعمد بالطبع ـ التي نراها حولنا .. سواء كان ذلك يتعلق بأمور بسيطة أم عظيمة .. بداية بالآم التي لا تعلم أبناءها غسل أسنانهم! .. مروراً بالأم التي تنام صباحاً دون الاكتراث بإعداد أبنائها للمدرسة .. ودون مراعاة لتأثير هذا التصرف على نفسيتهم! .. وصولاً للأب أو الأم اللذين لا يلقيان بالاً لتعليم ابنهما الصلاة مثلاً وغيرها من الفروض التي يفترض أن تُغرس محبة ممارستها منذ الصغر! .. ونهاية بالأب الذي لا يهتم كثيراً بالقيم والأخلاقيات التي يتلقاها ابنه من هنا أو هناك .. دون مراعاة لانعكاس هذا التأثير سلباً على شخصيته وتكوينه وأخلاقه!
طبعاً سرد الأمثلة يطول.
وكأني بهذا النوع من الأمهات والآباء قد أنجبوا لتتولى الطبيعة تربيتهم وتنشأتهم والاهتمام بهم!!!!!
وكأن مهمة الواحد منا في هذا الكون هي فقط (الإنجاب)
أخوتي الأفاضل..
الأمر ليس أننا نرغب في زيادة عدد سكان الأرض فرداً جديداً ... ولكننا يجب أن نفكر في: (من) ذلك الشخص الذي نرغب في تقديمه إلى هذا العالم.
و(من) هذه تتعلق بشخصيته وسلوكه وأخلاقه وقيمه واستقراره وسلامه النفسي
وحقيقةً فإن قناعتي دائماً هي أننا يجب أن نضمن الحد الأدنى من النجاح في أي عمل نقوم به وإلا فإن الأفضل هو عدم القيام به على الإطلاق .. كما أؤمن بأن الإنسان منا يجب أن يعرف نفسه جيداً ويعرف قدراته وإمكانياته جيداً وبمنتهى الأمانة والصدق .. خاصةً أن هناك أموراً حيوية لا يصلح معها مبدأ(خلينا نجرب ونشوف!!!!) .. والفشل فيها لا يصيبنا نحن وحدنا بقدر ما ينعكس بالتأكيد على حياة أطراف آخرين لا ذنب لهم سوى أنهم ضحايا لسطحية تفكيرنا وقصر نظرنا وعدم قدرتنا على تحمل مسؤوليتنا.
وعلى ذلك أعتقد أنه من الأفضل عدم الإنجاب على أن نأتي لهذا العالم بطفل لا نرغب أو لن نتمكن من الاعتناء به ورعايته وتربيته وتنشئته بشكل صحيح .. طفل لا نهتم أو لا نستطيع أن نجعل منه فرداً صالحاً في المجتمع.
أدرك أنها فكرة مثالية جداً .. ومن الصعب .. بل يكاد يكون من المستحيل أن نطبقها في حياتنا .. لأن الأمومة والأبوة هما ببساطة فطرة جُبلنا عليها ولا نستطيع مقاومتها.
ولكنها على الأقل قد تكون دافعاً لإعادة حساباتنا وبرمجة خططنا بحيث نضع أمام أعيننا فكرةً أوضح للأمومة والأبوة .. وتحديداً أدق لمسؤولياتنا وواجباتنا كأمهات وآباء .. لنشعر بأننا أهلٌ لتلك الألقاب التي نحملها وأننا نستحق تلك النعم الصغيرة التي أنعم الله بها علينا.
ومنكم المعذرة