رحلتي مع رجل عانس .. رجل ولا كل الرجال.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حال إخوتي وأخواتي ؟
أتمنى أن تكونوا بخير ، وأن ترزقوا كما يرزق الطير .
كانت لي قصة مع أحد الرجال ، ويشهد الله أنها واقع وليست من الخيال ، أأكذب وربي وربكم يقول :
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين
أحببت أن أنقلها كي نأخذ منها العبر ، نقف معها بصدق حتى نقنع قلوبنا اللاهية وعقولنا الواهية أن
لا حياة أسمى وأسعد إلا بالقرب من الله ، ولا امان ولا أنس إلا في جناب الله ،ألم نقرأ قول الله جل في علاه :
من عمل صالحا من ذكر وأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة
هي سيرة يستأنس بها كل قارئ لها ، وأخص بالذكر المتأخرين والمتأخرات عن الزواج من إخواننا وأخواتنا .
القصة
بعد أن شاء الله عز وجل ، وبسبب ظرف خير خاص واجهني ، أن أتعرف على شخص في إحدى الجامعات
الشخص اسمه : فلان
عمره : 33 عاما
مؤهله : ماجستير في إحدى التخصصات العلمية.
وحكاية تعرفي عليه لوحدها تحكي خلقا رفيعا يتمتع به ذلك الشخص ،
خلقا أسرني وأدخله وإلم أرد إلى أعماق قلبي ، خلقه الذي فتح أبواب قلبي، وفطرتي كما هي
فطرتكم في حب الأخلاق والطيبة سمحت له بالدخول والإستقرار ، استقرار أنا بعده منعته من الفرار.
كان وقت صلاة الظهر ، وكنت مجهدا ، ذهبت إلى مسجد الجامعة ، نمت من حيث لا أشعر ، قد كنت
مجهدا فلم أنم منذ البارحة..
أثناء نومي أتى الإمام ونهرني نهرا شديدا ، قم إلى الصلاة ، هذا ليس مكان النوم !..( ليس هذا خلق الأئمة ، فأنا
أعلم أن أغلب الأئمة فيهم خير ) ، أهملته ، وعدت إلى النوم ولم أشعر إلا وصوت الإقامة ..
قمت وتوضأت فصليت ، وما إن انقضت الصلاة ، لم ألبث إلا وشاب أتى .. وجلس بجانبي مبتسما..
قال : السلام عليكم .. ورددت السلام.
قال : سامح الإمام إن كان قد قسى عليك !.. قلت له : لا بأس.
قال لي: قم معي .. فقلت : إلى أين .. فقال : إني أضيفك اليوم وغداؤك عندي إن شاء الله.
ذهبنا وتغدينا وتجاذبنا أطراف الحديث.. لم أكن أعلم أن ذلك الغداء الذي جمعنا هو بداية مشوار 6 أشهر.
هو قد علم لماذا أنا في الجامعة في ذلك الحين .. فاقترح علي أن أنام في سكنه ذلك اليوم ، ومن ثم
أنتقل إلى سكني الخاص بي ... وافقت بعد أن ألح .. والحمد لله أنه قد ألح !.
وبعد أن نمت تلك الليلة لم يدعني أذهب مدة ستة أشهر .. كرم لا يوصف ، ووصف كرمه وصف مجحف .
بمجرد تخطي عتبة بابه ، قد خطوة خطوة من عالم أجدب إلى عالم كله ريحان ريان وروضات جنان.
وسأنقل لكم ما رأيت من ما ابهرني من علو همته وطريقة حياته.وأسأل الله أن يعينني على الصدق في ما أقول.
نصلي الفجر .. ثم يجلس ذاكرا لله تاليا لكتابه حتى يصلي الضحى، إن لم يكن هناك درس علمي بعد الفجر وإلا ذهب إليه.
يعود ويستذكر بعض دروسه إلى صلاة الظهر..دوامه يكون بعد الظهر تقريبا إلى العصر.
بعد صلاة العصر ، يذهب إلى الجمعيات الخيرية ليعين على قضاء حوائج الناس ، أو إلى مراكز الدعوة
والإرشاد وتوعية الجاليات ، ليجلس مع المسلمين الجدد ، أو يحضر لا صقات إعلان عن محاضرات يقوم بتوزيعها على
المساجد ... يصلي المغرب ويعود إلى مسكنه ... يأخذ أحد الكتب المشروحة ويجعلني اقرأها عليه
ويعلق عليها ، أو يقرأها هو ويعلق عليها بحسب ماهو مشروح أو سمع من العلماء.
نصلي العشاء .. ثم يحرص على النوم مبكرا ..ليصحوا قبل الفجر بساعات ويقوم الليل إلى الفجر..
وكم سمعت أزيزه وأنينه بصوت خافت في الظلام.
والله لم تخلوا ايامه طيلة الشهور الستة من ذلك ، وتختلف شيئا يسيرا من يوم إلى يوم ، حسب ظروفه وما يتطلب يومه.
كم رأيته يسدد ديون الناس ..
كم رأيته يحاول جاهدا إخفاء أعماله..
كم رأيته خاضعا خضوعا لا يوصف مع والديه في التلفون ...
والله ثم والله ثم والله ما رأيته رأى منكرا يستطيع تغييره أو بذل النصح وما فعل.. وابتسامته تسبق قوله وفعله.
كم نهاني أن أغتاب الناس ويطلب مني أن أستغفر لمن اغتبتهم..
حافظ للقرآن .. وما أحسن ترتيله الخاشع..
ما أحسنه لتطبيق السنه ، وما اقواه على البدع ..
والله ثم والله ما رأيته إن لم يحدث أحدا إلا محركا شفتيه بالذكر والإستغفار..
يعفوا بقوله ( عفا الله عنك ) لمن أساء إليه.
كم سألت نفسي .. لم لم يتزوج؟
لم أسأله ، ربما له الأسباب والرؤى الخاصة ...
والسؤال الأهم .. ألا يخاف على نفسه من الفتن؟
وجدت الجواب في عمله..
إن المرء الذي يعلم عن الله ويعمل بما يعلم .. لن يخاف على نفسه وحصنه الحصين تقواه لله..
ألم نقرأ قول الله عز وجل ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون)
وماذا بعد معية الله ؟ هو يكفيه ومن الفتن يحميه ، اتقى الله حتى أصبح سمعه الذي يسمع به ،
وبصره الذي يبصر به ، لا يريه الله إلا الخير ، ولا يسمعه إلا الخير.
كم كان صواما .. كثير الصوم ..فكان الصوم له وجاءا من الشهوة رادعا لها.
كم سمعته يقول الحمد لله في كل أحواله في السراء والضراء ، وإن كانت ضراء قرن الحمد بالإبتسامة
دلالة على الرضا ...عرف الله فعلم ان كل ماهو من الله خير ..وفهم معنى حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم ( عجبا للمؤمن : إن أمره كله له خير ، إن أصابته سراء شكر ، وإن أصابته
ضراء صبر)
كم تعلمت منه الكثير والكثير .. من أخلاقه قبل علمه .
جمع الدين والدنيا .. وماذاك إلا بالتقوى والصبر.
رجل اعتبره " عانس " إن نظرت إلى سنه ، لكني أجزم أنه في داخله من أسعد الناس.
كم افتقده كثيرا والله.. أحببته في الله .. أريد العودة إلى رفقته كي يحذوني وأشم المزيد من رائحته الطيبة،
التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انها في أمثاله حينما قال ( ومثل الجليس الصالح كحامل المسك،
إما أن تبتاع منه أو تجد منه ريحا طيبة)
أتأسف على الإطالة ، ولكني نقلتها لتشمير السواعد والإفادة ..
عفا الله عني وعنكم ورزقنا من حيث لا نحتسب.
__________________
رب اغفرلي ولوالدي
سبحان الله بحمده
سبحان الله العظيم
عزيزي القارئ : إن كل ما أكتبه ليس لي فيه أدنى فضل .. بل الفضل لله
ثم لوالدي وأناس قد قرأت لهم أو تحدثت إليهم .. من أجل هذا ليس لك أن
تستأذنني في نقل ماتراه مناسبا وصالحا للنقل إلى أي منتدى وأي مكان
ومن غير أن تشير حتى إلى إسمي .. لكنني أتبرأ إلى الله إن كان فيما نقلت
أي زلل مني لم أدركه والله يغفر لنا ولك.