ياللهول من موقفٍ هكذا يجعلني أخجل من نفسي وأنا أرى زوجتي تقف علي رأسي لتنفذ كل ما أريد من أعمال مختلفة سواء كانت طبخ أو عمل أو غيرهن مماتحويه القائمة اليومية، ياللهول..! حين أقرأ بين عيونها وبين خلجات أنفاسها ذلك الأنعكاس التخيلي الذي يتجلى على صفحة وجهها وهي تقول في أعماقها هل ياتراه راضٍ عني، ياللهول..! من حرصها وتفانيها على أن تكسب رضاي وألا تجعلني أتضايق من شيء، ياللهول..! وهي تشعر وكأن الأرض أنطبقت عليها وكأنها على شفى حفرة توشكُ أن تسقط فيها حين تراني قد هَمِمتُ من أمرٍ ما وكأنها هي السبب فيه، ياللهول..! حين تمضي ساعات وساعات في المطبخ لتطبخ لي مايرضيني ولأكل أشتهي، ياللهول..! وهي تنظف ملابسي وتنحني لتنظف ماتسقط من الأشياء في الأرض لتجعل البيت جميلاً مُريحاً، ياللهول..! حين تأخذ قطعة قماش وتنظف بها المرآية لأنظر إلى وجهي صوبها بوضوح، ياللهول..! حين أصحو من النوم وأفتح دولابي وإذا بملابسي مرتبة على نحو جميل، ياللهول..! وهي تأقلم مشاعرها ونفسيتها تبعاً لمشاعري ونفسيتي ومزاجيتي! ياللهول..! حين تأتي وتستأذنني بأن أسمح لها بأن تعمل هذا أو ذاك، وبناء على أجابتي تطيع وتنصاع! من أنا!؟ لستُ سواء رجلاً غريباً أتخذته زوجاً.
يالله..! كم هو مخجلٌ ذلكَ الصنيع منها! وكيف لي بمكافئتها و بماذا أجازيها وماهما أعطيتها لن يفيها حقها!؟ مالذي يدعوها لأن تتفانى بذلك!؟ ويمضي وقتها طويلاً وطويلاً وهي مسخرة لخدمتي، أنا ذلك الذي قد لا أحسن تعاملها أو تضيق نفسي ولا أحسن الرد عليها أو أقصر عن شكرها ومع ذلك تبقى متفانية لي باحثة عن رضاي، أو قد يخرسها التعبير عن حاجة تريدها أو فكرة تأمل تقديمها فتشعر أني لن أرضاها أو سأغضب منها فتكتمها بصدرها رضاءً لي!
أحياناً وهي تقدم كل تلك الخدمات الجليلة والعظيمة لأجل سواد عيوني، أقول لنفسي مالذي أجبرها على ذلك ومالذي دعاها لهذا الفعل، وكأنها خادمة في بيتي بل أشد من الخادمة جعلتني أتحكم بها حيث أريد، فحريتها مرهونة بموافقتي، وجسدها تحت تصرفي، وكل ماتتمناه نفسي تقوم به بنفسٍ طيبة!
يالله.. أدركتُ كم أنا وكم نحن مقصرون تجاه زوجاتنا..!
لستُ أنا الوحيد الذي يحظى بذلك، بل كلنا نحن الرجال، نعم كلكم أنتم أيها الرجال الذين تقرؤون هذه الكلمات حظيتم بذلك، مهما شعرتم من تقصير من قبلهن تجاهكم إلا أنهن يصنعن المستحيل لأجلكم، أحيانا أشعر أن مايقمن به تجاهنا هو نوع من الأستعباد رغم أنهن يصنعن ذلك عن طيب خاطر وبنفس طيبة متقبلة، رغم أنه ليس من واجبهن ولا من حقهن علينا. لنخلع غمامة الوهم التي تجلت فوق رؤسنا ولنتأمل صنيع زوجاتنا ولنكتشف تلك الجماليات الكبيرة التي أمدها الله بها لنا، ولنضع جانباً تلك المشكلات الطفيفة أو الخلافات اليسيرة التي لا يجب أن تكون سبباً لتذمرنا وشكوانا وشعورنا بأنهن مقصرات أو غير مؤهلات، أجزم أن بعضكم يظن أنني أملك زوجة أستثنائية لا عيب فيها أو لا سلبيات تحتويها، لكن الحقيقة أنها مثلها مثل غيرها من النساء، وقد آخذ عليها مثل ما تأخذون على زوجاتكم من ملاحظات ولكن العدل العدل والحق الحق، ولكني أيضاً لا أغمض عيني عن تلك الأعمال العظيمة التي تقوم بها، وهي نفس تلك الأعمال التي تفوم بها زوجتكَ أنت وزوجات الرجال الأخرين، ولا تنسيني تلك الخلافات العابرة أو بعض الضيق اليسير جهودها وتعبها وأهتمامها وأوقاتها التي سخرتها لي، آن لنا ألا نحجم العيوب وألا تطغى علينا بعض المشاكلات الصغيرة والتافهة فتعمينا عن جمالياتهن وننسى كل تلك الصنائع الكبيرة والتسخيرات الرهيبة والحرص على رضانا، لنقل لزوجاتننا شكراً كثيراً فأنتن تستحقنَ الكثير، وأعاننا الله على جزائكنَ خير الجزاء.