أعيــاد الميــــلاد.. ( مناسك، وشعائر ) ولكل أمة منسك
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على عبده ورسوله وخليله ، وأمينه على وحيه ، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين ، أما بعد :
فلا ريب أن سلامة العقيدة أهم الأمور ، وأعظم الفرائض . ولهذا رأيت أن يكون عنوان هذه الكلمة :
(القوادح في العقيدة ووسائل السلامة منها) .
العقيدة : هي ما يعتقده الإنسان ويدين به ، من خير وشر ، من فساد وصلاح .
والمطلوب : هو التمسك بالعقيدة الصحيحة ، وما يجب على العبد في ذلك . لأن في هذا العالم عقائد كثيرة ، كلها فاسدة إلا العقيدة التي جاء بها كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهي العقيدة الإسلامية الصافية النقية من شوائب الشرك والبدع والمعاصي ، هذه هي العقيدة التي جاء بها كتاب الله ، ودلت عليها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي : الإسلام .
قال الله تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ
وقال عز وجل : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا
فالإسلام هو دين الله ، لا يقبل من أحد سواه ،
قال الله عز وجل : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
وهو دين الأنبياء كلهم . فهو دين آدم أبينا عليه الصلاة والسلام ، وهو دين الأنبياء بعده :
نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وداود ، وسليمان ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، ودين غيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وهو دين نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي بعثه الله به للناس عامة ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وفي لفظ : أولاد علات
والمعنى :
أن دين الأنبياء واحد : وهو توحيد الله ، والإيمان . بأنه رب العالمين ، وأنه الخلاق العليم ، وأنه المستحق للعبادة دون كل ما سواه ، والإيمان بالآخرة والبعث والنشور ، والجنة والنار والميزان ، وغير هذا من أمور الآخرة ، أما الشرائع فهي مختلفة ، وهذا معنى " أولاد علات " أولاد لضرات ، كنى بهذا عن الشرائع ،
كما قال سبحانه : لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا
إخوة الأب : أبوهم واحد وأمهاتهم متفرقات ، هكذا الأنبياء دينهم واحد وهو : توحيد الله والإخلاص له .
وهو معنى (لا إله إلا الله) ، وهو : إفراد الله بالعبادة ، والإيمان بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وما يتفرع بعد ذلك من البعث والنشور ، والجنة والنار ، والميزان والحساب والصراط ، وغير هذا .
هكذا الأنبياء دينهم واحد ، كلهم جاءوا بهذا الأمر - عليهم الصلاة والسلام - ولكن الشرائع تفرقت ، بمثابة الأولاد لأمهات العلات ، فشريعة التوراة فيها ما ليس في شريعة الإنجيل ، وفي الشرائع التي قبلها أشياء ليست فيها ، وفي شريعة نبينا محمد كل أشياء غير ما في التوراة والإنجيل ، فقد يسر الله على هذه الأمة وخفف عنها الكثير ،
كما قال جل وعلا : وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ
وقال عليه الصلاة والسلام : بعثت بالحنيفية السمحة
فالله بعثه بشريعة سمحة ليس فيها آصار ، وليس فيها أغلال ، وليس فيها حرج ، كما قال سبحانه : وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ كان أتباع الشرائع الماضية قبل شريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا يتيممون عند فقد الماء ، بل يؤخرون الصلوات ويجمعونها حتى يجدوا الماء ، ثم يتوضئون ويصلون ، وجاء في هذه الشريعة المحمدية التيمم ، فمن عدم الماء أو عجز عنه تيمم بالتراب وصلى ، وجاء في ذلك أنواع كثيرة من التيسير والتسهيل .
وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة؛ إلى الجن والإنس ، والعرب والعجم ، وجعله الله خاتم الأنبياء . وكان من قبلنا لا يصفون إلا في بيعهم ومساجدهم ومحلات
صلاتهم ، أما في هذه الشريعة المحمدية فإنك تصلي حيث كنت ، في أي أرض الله حضرت الصلاة صليت ، في أي أرض الله . من الصحاري والقفار ، كما قال عليه الصلاة والسلام : وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
فالشريعة الإسلامية التي جاء بها نبينا صلى الله عليه وسلم شريعة واسعة ميسرة ليس فيها حرج ولا أغلال ، ومن ذلك : المريض . لا يلزمه الصوم ، بل له أن يفطر ويقضي ، والمسافر يقصر الصلاة الرباعية ، ويفطر في رمضان ، ويقضي الصوم ،
كما قال الله عز وجل : وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
والمصلي إن عجز عن القيام صلى قاعدا ، وإن عجز عن القعود صلى على جنبه ، وإن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقيا ، كما صحت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وإذا لم يجد من الأكل ما يسد رمقه من الحلال جاز له أن يأكل من الميتة ونحوها ما يسد رمقه حتى لا يموت .
فالعقيدة الإسلامية : هي توحيد الله والإخلاص له سبحانه ، والإيمان به ، وبرسله ، وبكتبه ، وبملائكته ، وباليوم الآخر من البعث والنشور ، ومن الجنة والنار وغير ذلك من أمور الآخرة ، والإيمان بالقدر خيره وشره ، وأنه سبحانه قدر الأشياء ، وعلمها وأحاط بها ، وكتبها عنده سبحانه وتعالى
ومن أركان الإسلام : الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج . ومن واجباته وفرائضه : الجهاد في سبيل الله ، والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ، وبر الوالدين ، وصلة الأرحام ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، إلى غير ذلك .
فالإسلام : هو الاستسلام لله ، والانقياد له سبحانه بتوحيده ، والإخلاص له والتمسك بطاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام ، ولهذا سمي إسلاما؟ لأن المسلم يسلم أمره لله ، ويوحده سبحانه ، ويعبده وحده دون ما سواه ، وينقاد لأوامره ويدع نواهيه ، ويقف عند حدوده ، هكذا الإسلام .
محاضرة ألقيت في شهر صفر عام 1403 هـ في الجامع الكبير بمدينة الرياض ، وصدرت في كتاب بنفس العنوان .
"حقيقة الإسلام "، موقع سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله
__________________
كل إنسان ناجح لديه قصة مؤلمة .........
.........وكل قصة مؤلمة لها نهاية ناجحة