الأخ الفاضل ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
لاشك ان الزواج بنية الطلاق من المسائل التي كثر الكلام حولها , ويجب ملاحظة أمر هام في الأحكام الشرعية المتعلقة بمثل هذا الزواج , فإن نية الشخص ووضعه ونحو ذلك من الأمور لها وقع في الحكم الشرعي , بمعنى ان البعض يتخذ من هذا الزواج ذريعة إلى محرم , فلايختلف هذا الزواج عن المتعة او حتى الزنا المقنع ألا بتلك الورقة التي يظهر بطلانها عند التامل ,, وهذه الأمور تتضح من خلال طريقة الزواج نفسها ومدى توفر الشروط الشرعية من عدمها ونحو ذلك , كأن يذهب الشخص إلى مكان معروف للزنا ويعقد بينهما شخص ليس له ولاية شرعية , ويكتب الزواج بشكل صوري فقط يتخذ تمويها وارضاء لنفس هذا الشخص , وهو في قرارة نفسه يحس بالخطا ,, وهذا يختلف عن حال انسان لم يسافر لهذا الأمر اساسا وانما دعته ظروف تواجده لمثل هذا الزواج ونحو ذلك ,, فلاشك ان العاقل خصيم نفسه , هنا تصدق مقولة / استفت قلبك , فاذا عرفت الحكم الشرعي العام وشروطه طبقه على حالتك بتأمل ,,,,
وهذه المقدمة ضرورية قبل ايراد الفتاوى الشرعية للزواج بنية الطلاق ويلزم استحضارها عند الاطلاع عليها :
فهذه فتوى للعلامة الشيخ / ابن باز ـ رحمه الله ـ :
جـ3 : الزواج في الخارج فيه ضرر عظيم وخطر كبير ، فلا يجوز السفر للخارج إلا بشروط مهمة؛ لأن السفر للخارج يعرضه للكفر بالله ويعرضه للمعاصي من شرب الخمر وتعاطي الزنا وغير هذا من الشرور . ولهذا نص العلماء على تحريم السفر إلى بلاد الكفار عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين فالإقامة بينهم خطيرة جدا سواء كانت للسياحة أو للدراسة أو للتجارة أو غير ذلك . ...
وقد نشأ عن ذلك شر كثير من الردة والتساهل بالمعاصي من الزنا وشرب الخمور وأعظم من ذلك ترك الصلوات ، كما هو معلوم عند من سبر أحوال من يسافر للخارج إلا من رحم الله منهم وهم القليل . فالواجب منعهم من ذلك وأن لا يسافر إلا الرجال المعروفون بالدين والإيمان والعلم والفضل إذا كان ذلك للدعوة إلى الله أو التخصص لأمور تحتاجها الدولة الإسلامية .
وعلى المسافر المعروف بالعلم والفضل والإيمان واجب الاستقامة حتى يدعو إلى الله على بصيرة ويتعلم ما بعث من أجله ، وقد يستثنى من ذلك ما يضطر إليه من العلوم وليس له من يدرسه ولا يتيسر استقدام من يدرسه ، وأن يكون المبتعث ممن عرف بالدين والإيمان والعلم والفضل كما ذكرنا آنفا .
أما الزواج بنية الطلاق ففيه خلاف بين العلماء ، منهم من كره ذلك كالأوزاعي رحمه الله وجماعة وقالوا إنه يشبه المتعة فليس له أن يتزوج بنية الطلاق عندهم . وذهب الأكثرون من أهل العلم كما قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني إلى جواز ذلك إذا كانت النية بينه وبين ربه فقط وليس بشرط ، كأن يسافر للدارسة أو أعمال أخرى وخاف على نفسه فله أن يتزوج ولو نوى طلاقها إذا انتهت مهمته ، وهذا هو الأرجح إذا كان ذلك بينه وبين ربه فقط من دون مشارطة ولا إعلام للزوجة ولا وليها بل بينه وبين الله .
فجمهور أهل العلم يقولون لا بأس بذلك كما تقدم وليس من المتعة في شيء؛ لأنه بينه وبين الله ، ليس في ذلك مشارطة . أما المتعة ففيها المشارطة شهرا أو شهرين أو سنة أو سنتين بينه وبين أهل الزوجة أو بينه وبين الزوجة . وهذا النكاح يقال له نكاح متعة وهو حرام بالإجماع.
أما أن يتزوج في بلاد سافر إليها للدراسة أو لكونه سفيرا أو لأسباب أخرى تسوغ له السفر إلى بلاد الكفار فإنه يجوز له النكاح بنية الطلاق إذا أراد أن يرجع كما تقدم إذا احتاج إلى الزواج خوفا على نفسه . ولكن ترك هذه النية أولى احتياطا للدين وخروجا من خلاف العلماء ، ولأنه ليس هناك حاجة إلى هذه النية؛ لأن الزوج ليس ممنوعا من الطلاق إذا رأى المصلحة في ذلك ولو لم ينوه عند النكاح .
وهذه فتوى للشيخ / فضيلةالشيخ أ. د. ناصر بن سليمان العمر :
أنا رجل مسلم في بعثة دراسية بالغرب، ولا يخفى عليكم فتنة النساء في هذه البلاد، فهل يجوز لي الزواج بنية الطلاق عند انتهاء الدراسة؟ مع اشتراطي على الزوجة عدم الإنجاب، مع العلم أن ولي الأمر يمنع على المبتعثين الزواج بأجنبية، فهل طاعته واجبة مع خشية الزنا؟ أفتونا مأجورين، وبماذا تنصحوننا أثابكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجواب:
الذي يظهر لي جواز ذلك لمن هو في مثل حالتك ،وهذا أصح قوليالعلماء في المسألة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ورجّحه الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، على أن لا تخبر المرأة بذلك، لا تصريحاً ولا تلميحاً، كماننبهك أنه لا يجوز لك أن تكتب نيتك بالتطليق بعد مدة في عقد النكاح، لأنك إذا كتبتفي عقد النكاح أنك تطلق بعد مدة محددة أصبح العقد عقد متعة، ونكاح المتعة نكاح باطلبالإجماع، والله أعلم.
وهذه الفتاوى تنطبق على من في مثل هذه الحالة , ولذا فتكون كل حالة لها ظروفها ,,,
وهذا توجيه من الشيخ عبدالرحمن السحيم :
الزواج بنيّة الطلاق من حيث الأصل جائز ، وذلك بالنظر في توفّر أركان النكاح وشروطه .
ولكنه تسبب في مفاسد كبيرة ، بل بأمور خطيرةوالفقيه من لا يقصر نظره علىمجرّد توفّر الشروط والأركان بل ينظر في المصالح والمفاسد ، وما يترتّب على ذلك .
فأصبح كالمتعة بل أصبح تجارة لها روّادها ولها سماسرتها في بعض الدّولخاصة الفقيرة منها .
وأصبح الذين يعملون في نشر البغاء وإشاعة الفاحشة أصبحواينظرون في القادم إليهم إن كان من أهل الفساد عرضوا عليه البغايا ، وإن كان مظهرهالصلاح عرضوا عليه الزواج بنية الطلاق !
والسلعة هي السلعة !!
وقدحدّثني بعض الثقات أن رجلا ذهب لبلد فقير فتلقّفه زبانية ( الزواج بنية الطلاق ) وتم زواجه ، فلقيه رجل من بلده يعرفه فدُهش مما رأى ! حيث رأى مع صاحبه امرأة كانتالأسبوع الماضي زوجة لرجل آخر !
فسماسرةالبغاء لا يهمهم سوى الحصول على المال مع ضعف الدّيانة وقلّة الوازع وانتشار الجهل .
ومن يفعل ذلك
من يتزوّج ذلك الزواج لا يرضاه لقريبة منقريباتهوالنبي صلى الله عليه وسلم قال : منأحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ،وليأت إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه. رواه مسلم .
فمالا يُحب الإنسان أن يُؤتى إليه ويُفعل به فلا يفعله مع غيره .
ثم إن القاعدة أن درء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح .
والشريعة جاءت بتحقيقالمصالح وتكميلها ، وتقليل المفاسد وإعدامها ، كما قال ابن القيم رحمه الله.
هذا والله أعلم ...