الشذوذ الجنسي
الشذوذ الجنسي
إن من أقذر ما لطخ به بعض الناس صفحة البشرية و أكثرها اشمئزازاً أنهم حادوا عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها . فهم لم يكتفوا بإقامة علاقة سوية مع الجنس الآخر وفق قواعد الدين و الفطرة ، لكنهم تركوا أنفسهم تأتمر بأوامر الشيطان ، و مضوا يمارسون نزواتهم على غير هدى ، و يقومون بممارسات من علاقات جنسية شاذة سواء مع زوجاتهم _ كالإتيان في الدبر _ أو بولعهم مع أناس من جنسهم _ اللواطة و السحاق _ ، أو بلغوا حداً أكبر من الانحطاط ليمارسوا الجنس مع الحيوانات أو مع الميتة .
الاتصال الجنسي الفموي :
و هي أكثر الشذوات الجنسية ممارسة و التي يبتغى من ممارستها الحصول على اللذة الجنسسية سواء مع شريك من نفس الجنس أو من الجنس الآخر كلعق الفرج و مص البظر أو مص القضيب . و قد تحصل هذه العادة بمشاركة الحيوانات كعادة لعق الكلاب لفروج أصحابهن من النسوة حتى تبلغ الواحدة مبتغاها .
و كل هذه الاتصالات يمكنها أن تنقل الأمراض الزهرية و خاصة الافرنجي و السيلان ، كما تختص الكلاب بنقل عدد من الأمراض الفتاكة .
و من الناحية الشرعية ، فهي إن حصلت بين الزوج و زوجته ، فإنها تبقى ضمن حدود المداعبة الزوجية المشروعة ، إذ قد أبيح لهما ما هو أشد منها و هو الجماع [ يقول زين الدين بن عبد العزيز الليباري في كتابه فتح المعين لشرح قرة العين بمهمات الدين : يجوز للرجل كل تمتع من زوجته بما سوى حلقة الدبر و لو بمص بظرها أو استنماء بيدها لا بيده . و يذكر العلامة أبي بكر المشهور بالسيد البكري في حاشية إعانة الطالبين شارحاً قوله : و لو بمص بظرها : أي و لو كان التمتع بمص بظرها فإنه جائز ] . و سنناقش هذا الموضوع في بحثنا عن آداب المعاشرة الزوجية في الجزء الرابع من كتابنا " روائع الطب الإسلامي " .
أما إن حصل الاتصال الجنسي الفموي بين شريكين غير متزوجين ، أو بين شخصين من جنس واحد أو مع البهائم ، فهي حرام قطعاً لما فيها من ابتغاء اللذة في غير ما أحل الله ، و من كشف للعورات أو لمس لها .
السادية Sadism :
هي تحقيق المتعة الجنسية من خلال إلحاق الأذى من قتل أو ضرب أو إحداث جروح ممضة في الشريك الآخر . و هذا التصرف محرم في الشرع ضمن قاعدة لا ضرر و لا ضرار و لما رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله : " لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يجامعها في آخر النهار " .
المازوشية :
و هي على عكس السادية ، التلذذ الجنسي عند تلقي الإهانة أو الضرب و الجلد بالسوط و غيره من الممارسات المؤلمة . و الإسلام قد كرم الإنسان فما يجوز له شرعاً أن يذل نفسه بمثل هذه الممارسات .
و قد نشرت مجلة التايم نتائج إحصائيات جرت في الولايات المتحدة الأمريكية أن ستة ملايين زوجة يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن كل عام و أن حوالي 2 _ 4 آلاف منهن يتعرضن للضرب حتى الموت ، و أن الشرطة يقضون 33 % من وقتهم في الرد على مكالمات حوادث العنف المنزلي .
الاحتكاك الجسدي :
و هو شذوذ يمارسه بعض الشبان في وسائل النقل و أثناء الازدحام من محاولة الاحتكاك بجسد امرأة من فوق ثيابها للحصول على المتعة من خلال هذا الاحتكاك .
و هذا حرام قطعاً لقول النبي صلى الله عليه و سلم : " لئن يطعن رأس رجل بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له " [ صحيح الجامع الصغير و زيادته ، و قال الألباني حديث صحيح ] .
العادة السرية :
و تدعى عادة الاستنماء باليد ، و سماها العرب " جلد عميرة " و هي مداعبة الإنسان لأعضائه التناسلية حتى بلوغ النشوة أو القذف .
و هي حرام عند الأئمة الأربعة لقوله تعالى :
{ و الذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فألئك هم العادون } [ سورة المؤمنون : الآيات 6 : 7 ] .
فالشرع لم يبح للإنسان أن يروي غليله أو أن يشبع حاجاته الجنسية إلا في إطار الزواج المشروع ، و الاستننماء باليد ابتغاء للذة وراء هذا الإطار ، و هنا موضع التعدي .
غير أن الإمام احمد قال بجواز اللجوء إليها عند فورة الشهوة و في حدود الضرورة و اشترط لذلك عدم استطاعة الزواج و خشية الوقوع في الزنى .
أما الاستننماء بيد الغير ، فهو سواء حصل بين شريكين من جنس واحد أو من جنسين مختلفين فهو حرام قطعاً ما لم يحصل بين زوجين إذ يمكن اعتبارها حينئذ ضمن حدود الملاعبة و المعاشرة الزوجية المشروعة .
الجنسية المثلية Homomsexuality :
و هي أهم أشكال الشذوذ الجنسي شيوعاً و أكثرها قذارة ، و تعرف بأنها علاقة جنسية بين فردين من نفس الجنس ، سواء بين ذكرين _ اللواط _ أو بين امرأتين _ السحاق _ .
اللواط :
جريمة عرفتها البشرية قديماً ، و قد ذكرها سبحانه و تعالى على لسان نبيه لوط عليه السلام مخاطباً قومه :
{ أتأتون الذكران من العالمين ، و تذرون ما خلق لكم من أزواجكم بل أنت قوم عادون } [ سورة الشعراء : الآيات 165 : 166 ] .
و هو في الحقيقة انتكاس للفطرة و ترد للإنسانية في حمأة الرذيلة و إفساد الرجولة و جناية على حق الأنوثة ، و فيها خراب الأسرة و تدميرها .
و في عصرنا الحاضر فقد أصبح شائعاً بشكل غريب بعد أن أباحته بعض القوانين في أوربا _ القانون البريطاني _ الذي اعترف به كعلاقة شرعية مما زاد في انتشار الأمراض الزهرية إلى حد كبير .
و يؤكد Kinsey : أن 4 % من الشعب الأمريكي شاذون جنسياً . و في بعض الدراسات الحديثة وصلت نسبة الشاذين جنسياً في بريطانيا و أمريكا و السويد إلى 18 _ 22 % من مجموع الرجال .
و قد حارب الإسلام هذه الجريمة البشعة و جعلها من الكبائر و الفواحش المنكرة . قال سبحانه و تعالى :
{ و لوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة دون النساء بل أنتم قوم مسرفون } [ سورة الأعراف : الآيات 80 : 81 ] .
و قرر الشرع للواطة عقوبة رادعة ، قال صلى الله عليه و سلم : " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل و المفعول به " .
و قرر الشافعية بأن حد اللواط و هو حد الزنى بدليل ما رواه البيهقي عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان " .
و قال المالكية و الحانبلة بةوجوب الرجم في اللواطة سواء كان الفاعل محصناً أو غير محصن ، و يرجم المفعول به أيضاً إن كان بالغاً ، راضياً بالفعل .
و عند أبي محمد و أبي يوسف _ من الحنفية _ أن الحد في اللواطة كالزنى غير أن أبا حنيفة : ذهب إلى أن اللوطي يعزّر فقد و لا يحد ، إذ ليس في اللواطة اختلاط الأنساب ، و لا يترتب عليه حدوث منازعات تؤدي إلى القتل ، و لا يتعلق به المهر ، و ليس هو زنى كما يرى .
و إذا كان الإسلام قد حرم اللواط فقد حرم ما يؤدي إليها فحرم على الرجال كشف عوراتهم أمام بعضهم البعض .
فقد صح عن النبي صلى الله عليه و سلم قوله : " غط فخذك فإن فخذ الرجل من عورته " [ صحيح الجامع الصغير ، قال الألباني : حديث صحيح ، و قد رواه الإمام أحمد و الحاكم عن عبد الله بن عباس ، و في رواية أخرى عن الحاكم عن محمد بن عبد الله بن جحش أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " غطّ فخذك فإن الفخذ عورة " ] .
و حض على التفريق في المضاجع بين الأولاد ، كما حرم على الرجل إتيان زوجته في دبرها .
عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا ينظر الجل إلى عورة الرجل و لا المرأة إلى عورة المرأة ، و لا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ، و لا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد " [ رواه الإمام مسلم في صحيحه ، و الإمام أحمد و الترمذي ] .
و اللواطة عدا عن تسببها في نقل و انتشار الأمراض الزهرية المعروفة من سيلان و إفرنجي و غيرها ، فقد ساهمت إلى حد كبير في انتشار وباء الإيدز .
كما أن لها آفاتها الخاصة بها ، فاللواطة هي جماع في الشرج ذلك الموضع القذر المفعم بالجراثيم ، كما أنه غير مهيئ للإيلاج ، فهو مجرى تغلقه عضلات حمراء مخططة تشكل المصرة الشرجية و هي غير قادرة على التمطط و احتواء قضيب الرجل بشكل سوي ، على عكس مهبل المرأة المكون من عضلات قابلة للتمطط إلى حد كبير عدا عن كونه قناة نظيفة لها إفرازاتها الملينة و المرطبة لاستقبال عضو الرجل .
و تقسم الآثار السيئة الناجمة عن اللواطة إلى لواطة حادة و مزمنة .
فاللواطة الحادة هي الوطء الشرجي الأول أو القليل العدد و تنجم آثاره الخطيرة إذا تم الفعل قسراً و خاصة عند عدم التناسب بين حجم القضيب و فوهة الشرج ، كما يحصل عند اغتصاب الأطفال بعد التغلب على عمل المصرة الشرجية الدفاعي من شقوق مدماة و من تمزق مختلف العمق في المصرة الشرجية قد تؤدي آلامها المبرحة إلى وفاة الضحية .
كما تنخفض الناحية الشرجية و تأخذ شكل القمع ، و قد تصاب المصرة الشرجية بالشلل فتبقى مفتوحة ولا يقدر المجني عليه على ضبط برازه . و هذا الشلل وقتي قابل للشفاء ، لكنه قد يستمر مدة طويلة .
و نعني باللواطة المزمنة الأعراض الناجمة عن استمرار تعاطيها مع رضا الطرفين _ و العياذ بالله _ و يعتبر التشوه القمعي للشرج أهم مظاهرها .
كما يحصل ارتخاء دائم في المصرة الشرجية ، فتنتفخ الفوهة الشرجية لأقل جذب و يبرز منها الغشاء المخاطي للمستقيم ، و قد ينتج عن ذلك سلس غائطي .
كما ينعدم المنعكس الشرجي و تنمحي الثنيات الجلدية و تكثر التقرحات و الشقوق و الأورام الشرجية و التي يمكن أن تتطور إلى آفة سرطانية .
السحاق :
شذوذ تمارسه بعض النسوة ، و هو لقاء جنسي بين امرأتين كما يحصل بين الأزواج من احتكاك جسدي بقبليهما و عناق و تقبيل و سواها للحصول على المتعة الجنسية .
و هو محرم قطعاً لقول النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا ينظر الجل إلى عورة الرجل و لا المرأة إلى عورة المرأة ، و لا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد ، و لا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد " [ رواه الإمام مسلم في صحيحه ، و الإمام أحمد و الترمذي ] .
و قد اتفق الفقهاء عن أن السحاق يشرع فيه التعزير و التأديب و التوبيخ . و تصاب السحاقيات غالباً بانحراف في مركز الشهوة الدماغي حيث يصبحن بارادات جنسياً تجاه أزواجهن أو تجاه الرجال بشكل عام .