قـبـل أن يـقـع الـطـلاق " الـطـرق العـلاجية والسـحـرية " بمنتداكم فقط - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

المواضيع المميزة المواضيع المميزة في المنتدى

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-2006, 02:04 AM
  #1
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
doodah قـبـل أن يـقـع الـطـلاق " الـطـرق العـلاجية والسـحـرية " بمنتداكم فقط

بسم الله الرحمن الرحيم


" الـطـرق العـلاجية السـحـرية "

صفحة (( 1 ))

يقرر الإسلام أنه لا يصح شرعاً الاتجاه إلى الطلاق لأسباب يمكن علاجها أو يمكن أن تتغير في المستقبل أو تحول دون استقرار الحياة الزوجية على وجه.

حتى الأمور التي تتعلق بعاطفة الزوج نحو زوجته أو بكراهية لها ولبعض أحوالها لا يعدها الإسلام من مسوغات الطلاق.

فلا يستحسن أن يفكر الأزواج في الطلاق لمجرد تغيير عاطفتهم نحو زوجاتهم أو طرق كراهية لهن أو لمجرد عدم

ارتياحهم إلى بعض أحوالهن وأخلاقهن التي ليس فيها ما يمس الدين أو الشرف لأن هذه العواطف متقلبة ومتغيرة ولا

يصح أن تبنى عليها أمور خطيرة تتعلق بكيان الأسرة ومصيرها.

وبغيض الإنسان قد يصبح حبيبه يوماً ما(1), والزوج إن كره من زوجته خلقاً رضي منها آخر. كما جاء في الحديث : "لا

يفرك مؤمن مؤمنة, إن كره منها خلقاً رضي منها آخر"(2) ومعنى لا يفرك : لا يبغض.

أي لا ينبغي أن يبغض الرجل زوجته لخلق واحد لا يعجبه منها ويتغاضى عما بها من أخلاق أخرى فاضلة تعجبه. وقد

جاء على لسان الشاعر:

[poem=font="Simplified Arabic,5,white,normal,normal" bkcolor="black" bkimage="" border="double,6,black" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
إذا أنت لم تصبر مراراً على القذى *** ظمأت وأي الناس تصفو مشاربه[/poem]

ولحرص الإسلام على الوفاق بين الزوجين خاطب الله عز وجل الأزواج وأرشدهم إلى أن يغضوا نظرهم عن الهفوات التي

تصدر من زوجاتهم, وإن في الصبر عليهن وتحمل أخطائهن رضي الله عز وجل قال تعالى: < فَإن كَرِهْتُمُوْهُن فَعَسَى أنْ تَكْرَهُوْا شَيْئاً وَيَجْعَل الله فِيْه خَيْراً كَثِيْراً >

ومن الحكايات الطريفة التي تروى في هذا الصدد أن رجلاً جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليستشيره في طلاق

امرأته, فقال عمر؛ لا تفعل, فقال: ولكني لا أحبها, فقال له عمر: ويحك ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية

والتذمم؟

يقصد سيدنا عمر أن البيوت إذا عز عليها أن تبنى على الحب فهي خليقة أن تبنى على ركنين آخرين شديدين,
[SIZE="4
"] أحدهما
الرعاية التي تبث المراحم في جوانبها ويتكافل بها أهل البيت في معرفة مالهم وما عليهم من

الحقوق والواجبات.

وثانيهما: التذمم والتحرج من أن يصبح الرجل مصدراً لتفريق الشمل وتقويض البيت وشقوة الأولاد وما

قد يأتي من وراء هذه السيئات من نكد العيش وسوء المصير.

وقد كان من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك للزوجين أمور خلافاتهما ليسويانها بينهما إلا إذا طلبا من

أهلهما ذلك.

" فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت فاطمة رضي الله عنها فلم

يجد علياً (رضي الله عنه) فقال: أين ابن عمك؟ فقالت: كان بيني وبينه شي فغاضبني وخرج. فقال النبي صلى الله

عليه وسلم: لرجل انظر أين هو؟ فقال: هو في المسجد راقد فجاءه وهو مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه فأصابه

تراب فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "قم يا أبا تراب" قال سهل: و ما كان له اسم أحب إليه منه.

فأنت ترى أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن سبب الخلاف بل ذهب إلى زوج ابنته يداعبه ليستل من

نفسه كل أسي أو غضب.

وهذا معنى الحديث الآخر: (لا يسأل الرجل فيم ضرب زوجته)(3).

إذا قد يحدث أن يضرب رجل زوجته ويتدخل بعض الغرباء للصلح فيخجل من ذكر الحقيقة كل من الزوجين وقد يفتري كل

منهما قصة من خياله لم تكن محبوكة الفصول فتتبعها أقاصيص مفتراة من الجانبين تؤدي إلى اتساع الخرق على الراقع.

ولهذا كان الزوج لا يسأل عنه وإنما يسأل دوماً عن جذور المشكلة وأسباب الخلاف لا عما نشأ وتفرع منها. وسيأتي

مزيد من الشرح عند قول تعالى: < والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن >

وقد انتقد الشيخ محمد الغزالي في كتابه ( السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث) هذا الحديث واعتبره باطلاً وتعجب

قائلاً: "لماذا لا يسأل الرجل فيم ضرب امرأته؟ أنربي بناتنا ليذهبن إلى فحل يلطمهن أو يؤذيهن دون مساءلة في الدنيا

والآخرة..! بأي منطق تتكلمون < إن الله لا يظلم مثقال ذرة < من يعمل سوءاً يجز به, ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيرا>

ذلك في الآخرة. ومن حق المرأة في الدنيا أن تشكو ما نزل بها إلى أهلها أو الحكم الذي يمثلها أو القاضي الذي يجب

أن يسأل زوجها. ولها بعدئذ أن تطلب الخلع أو التطليق للضرر(4). انتهى كلامه.

والحديث بمنأى عن هذا وليس فيه ما يمنع من شكوى الزوجة لأهلها أو للحكم أو القاضي للبحث في جذور المشكلة كما

ذكرنا آنفاً لا للسبب الطارئ فإن الضرب وراءه ما وراءه من الخلافات العميقة حتى أوصلت الزوج إلى استعمال هذا

الأسلوب.

وهذا بالنسبة للزوج المسلم الواعي الذي سلك في تقويم زوجته ما أمره الله من الوعظ والإرشاد والهجر ثم الضرب. كما

سيأتي معنا. لا أولئك الأزواج الجهلة الذين يضربون زوجاتهم لأتفه الأسباب ضرباً مبرحاً دونه ضرب البهائم والحيوانات.

وكان الهدف الأساسي لوضع هذا الكتاب توجيه أمثال هؤلاء إلى السلوك الإسلامي الصحيح كما جاء ذلك في المقدمة.

ولو أن الشيخ انتقد الحديث (حسب طرق نقد الحديث سنداً أو متناً) فأبطله أو ضعفه كما يفعله علماء هذا الشأن

والمتخصصون فيه لكان لكلامه وقع جميل ولجاء مقبولاً لدى الجميع أما أن ينقده معللاً ذلك بأنه يخالف المنطق فلعمري

ليس نقداً وهو مما نخالفه فيه ولا نوافقه عليه. كما فعل في حديث (الحجاب) الذي يرويه جابر بن عبد الله رضي الله عنه

في " المرأة سفعاء الحذين" التي كلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم في محضر من الرجال والنساء وهي مكشوفة

الوجه.

واحتج بالحديث المذكور على إباحة سفور وجه المرأة أمام الجانب, وقد انتقد الشيخ العلماء وردوا عليه رداً قوياً

مظهرين بطلان استدلاله (5)

ولنعد إلى حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه لنأخذ منه حكمة سيدنا على رضي الله عنه إذا خرج بعيداً عن

موطن الخلاف الذي ينشط فيه الشيطان للوقيعة بين الطرفين وإذكاء نارها بينهما فآثر البعد حتى تنطفئ نار الغضب

كما هي تعاليم الإسلام في مثل هذا الموقف.

تعاليم الإسلام في مثل هذا الموقف.

وكان اختياره رضي الله عنه المسجد دون أصدقائه أو خلانه إذ المسجد أبعد أراضي الله من نفثات الشيطان ووسوسته.

وليت أولياء البنات وآباءهن فعلوا مثلما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذاً لعادت المياه إلى مجاريها بأسهل

طريق.

وليت الأزواج- أيضاً- فعلوا مثلما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاختاروا المساجد يستروحون نسائم الإيمان في

خير بقاع الأرض ريثما تهدأ ثائرة الغضب.

وليحاول الزوجان الإصلاح عند بوادر أي خلاف. ولتكن المبادرة من الزوج إذا الخطاب في ذلك موجه إليه. قال تعالى:

<والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن >(6)

فإذا لم تؤت المعاشرة بالمعروف ثمارها المرجوة ووقع خلاف بين الزوجين وعاندت الزوجة وساء خلقها لجأ الزوج إلى:

أولاً: الوعظ والإرشاد:

فيعظها الزوج بما يناسبها من كلام ويذكر أمثلة من واقع الحياة وتجارب الناس التي تلمسها وتعرفها ولكن نسيتها,

ويذكرها بواجباتها ويخوفها من عذاب الله وغضبه في الدنيا والآخرة ويحذرها سوء العاقبة بما تفعله بمنطق العقل.

واللبيب أدرى بحال امرأته, وصاحب الدار أدرى بما فيها.

فإن لم يثمر الوعظ والإرشاد وجنحت إلى العصيان واستمرت فيه خطا الزوج عندئذ خطوة ثانية وهي:

ثانياً التأديب. وهو ضربان نفسي ومادي:

فالنفسي: التأديب بالهجر في المضجع بمعنى أنه يدر الزوج ظهره لزوجته في الفراش إشعاراً بأنه غاضب وبأن

سلاح الإغراء الذي تملكه الأنثى وتعتز به- وهو أقوى صلاح وأمضاه في نظرها- لا يستعبده ولا يثنيه. فعليها أن تراجع

نفسها في الاعتماد على (مضاء صلاح الأنوثة) الذي تعول عليه, وكيف أنها لم تفلح فيه.

ومن الأزواج من يترك حجرة النوم أو البيت عند الغضب, وهذا خطأ منهم لأنه هجر للمضجع وليس هجراً فيه كما شرع الله

عز وجل, ونص عليه في كتابه الكريم فقال: {واهجروهن في المضاجع} والذي فيه ما قد يثير الرغبة في العتاب الرقيق

المضيق للهوة بينما هجر المضجع إلى بيت الأب أو الأم أو الصديق قد يدفع إلى العتاب المؤلم الموسع لشقة الخلاف إذ

يجد كل من الزوجين من يصغي إليه ويميل مع هواه.والمرأة هي التي تحس بأثر هذا الهجر أكثر حين يستدبر ها وهما

في فراش واحد.

وهذه طرقة أدبية صامتة مؤثرة وهي وإن تكن سلبية لكن لها تأثيرات إيجابية فعالة, تجعل الزوجة تفكر جدياً في

الحالة الطارئة عليهما وتعمل من جهتها على إزالتها وتفض النزاع قبل أن يكبر ويتعقد.

والنوع الثاني: التأديب المادي المتمثل في الضرب.

فإذا لم يؤثر في الزوجة الوعظ الجميل والعتاب الرقيق والكلام اللطيف ولم يقع الإنذار الخفيف الهادئ موقعاً من نفسها

فاستمرت تثير الشجار والمتاعب على الزوج والبيت بتصرفاتها السيئة. فهذا معناه أن المرض استفحل في نفسها وأنها

ليست ممن يستجيب الكلام الطيب والإنذار الخفيف بالهجر في المضاجع ولم تؤثر فيها هذه الجرعة من العلاج بل تحتاج

إلى أسلوب أقوى في الردع وإلى دواء أشد تأثيراً ولذلك قال الله تعالى: واضربوهن.

فإذا اضطر الزوج إلى استعمال هذه الطريقة أو بالأحرى ألجأته الزوجة إليها فلا يسرف في استعمال هذا العلاج ولا

ينساق وراء غضبه فيضربها ضرباَ شديداً مؤلماً تاركاً آثاره على جسمها بل يكون الضرب بشي خفيف (7) إذ الغية منه

التأديب لا التشفي والانتقام كما يحلو لبعض الأزواج الجهلة أن يفعلوه فيجاوزون بذلك الحدود المشروعة لهم ويؤدي بهم

الحنق والغضب إلى السفاهة والجهالة المقيتين وتكون الزوجة المسكينة الضحية وقد قال تعالى: < ولا تعتدوا إن الله لا

يحب المعتدين> ومثل هذا الزوج المنتسب إلى الإسلام ظاهراً يسئ إلى الإسلام ذاته بتصرفه المشين واعتدائه الصارخ

ويفتح للآخرين باباً واسعاً للتشهير والنقد لنظام الإسلام وفيما رسم من أحكام.

ــــــــــــــــــــ

(1)على حد قول الشاعر:
أحببْ حبيبــــــك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما
وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبــك يوماً ما
(2)البخاري ومسلم.
(3)أبو داود عن ابن عمر.
(4)انظر الكتاب المذكور. ص 203 الطبعة السادسة. وللحقيقة أقول: إن هذا الكتاب جرأ عوام الناس أن يطعنوا في أحاديث الرسول الكريم لمجرد أن عقولهم لا تستسيغها. وما كان له أن يفعل ذلك فقد فتح باباً واسعاً للطعن في الأحاديث يصعب سده.
(5)ممن رد عليه الشيخ عبد الرحمن بن عقيل في المجلة العربية التي تصدر في السعودية تحت عنوان (الداعية وهموم التخصص) أنظر العدد: 146 ربيع الأول1410هـ. وجمال سلطان في (أزمة الحوار الديني) ومحمد جلال الكشك في الشيخ محمد الغزالي بين النقد الصائب والمدح الشامت).
(6)سورة النساء: الآية 34.
(7)كان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يضرب زوجته بالسواك إذا غضب منها طاعة لأمر الله في الآية
.
[/SIZE]
قديم 16-05-2006, 02:04 AM
  #2
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
صفحة (( 2 ))

وقد نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن الضرب الشديد الذي يترك أثراً في الجسم فقال: "ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت"(8) ومعنى هذا أن الضرب يعتبر شديد اللهجة وليس المراد منه

إرواء الغليل.

وهي مرحلة لا يأتيها الرجل إلا بعد تكرار الغلط الذي لا يمكن الصبر عليه.

وقد شرع الخالق الحكيم الضرب وسيلة للتقويم لصنف من الناس إذ من المعلوم أن طبائع البشر ليست واحدة بل هم معادن (9)
فبعضهم تؤذيه الإشارة أو يقض مضجعه الإعراض عن الكلام معه وعن التبسم المعتاد, والنساء من البشر وعن هذا النوع

الحساس من النساء نص الفقهاء على أن للمرأة أن تطلب الطلاق أو الفراق لمضارة زوجها بالإعراض عن كلامها وإشاحة

وجهه عنها فليكن الزوج مع هذا النوع من النسوة الكريمات الحساسات كريماً حساساً.

ويكفي الزوج إذا خاف تعالى زوجته عليه وعلى معيشته وخشي نشوزها أن يشعرها بغضبه عليها بما بشعر به عادة

كالإعراض عن التجاوب معها في الكلام.

ويتنوع العلاج معها بحسب معدنها وبيئتها وتربيتها ابتداءً من العتاب المؤثر الذي يرضي نفسها وأنوثتها لعلها ترضى

وتهدأ وتستقيم إلى الالتجاء إلى علاج آخر وهو الهجر في المضجع فإن لم يثمر معها هذا العلاج أو ذاك لا ييأس ولا

يفكر الزوج في طلاقها بل يعطيها جرعة أقوى وهي الضرب المناسب لنفسيتها, وليكن خفيفاً أو ثقيلاً قليلاً بحيث لا

يوقعه في مشكلة أقوى ومعضلة أشد.

وهذا هو الشي المعقول والمقبول إذ النساء لسن على طبيعة واحدة كما أسلفنا, ولذلك كان العلاج متغيراً ليناسب كل حالة.

وقد يعترض بعض النساء من ذوات الإحساس الرقيق والخلق الرفيع والشعور المرهف على الضرب.

نقول لهؤلاء ونطمئنهن إلى أن الضرب ليس لأمثالهن, فهن أرقى وأفضل وإنما هو لغيرهن من ذوات الإحساس البليد إذ

قد تكون هناك نساء شواذ لا يردعهن إلا مثل هذا ولا يصلح لعلاجهن إلا الضرب.

ومن حكمة الخالق سبحانه أنه جعل الدواء متغيراً ليناسب كل حالة, وليسكن الفتنة ويقضي على تمرد الزوجة.

والضرب وإن كان مباحاً شرعاً غير أن العلماء اتفقوا على أن الأفضل تركه لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولن يضرب

خياركم"(10)

كل هذا من أجل دوام العشرة الزوجية وعلاج الأمراض الناشئة فيها, فإذا صح العلاج ونفع الدواء فلا يجوز للزوج أن

يتصرف تصرفاً سيئاً يضر كليهما.

قال تعالى: )فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً( (11)

فتذكروا أيها الأزواج قدرة الله عليكم في الدنيا وحسابه الدقيق في الآخرة إن أسأتم التصرف. قال تعالى: )من يعمل

سوءاً يجز به, ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً(. وقوله جل وعلا )إن الله لا يظلم مثقال ذرة(.

وقد جاء في الحكم والأمثال: (الضرب علاج مر قد يستغنى عنه الكريم الحر).

وبالرغم من كل هذا فإن الإسلام يأمر الأزواج بحسن المعاملة وإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

فالوعظ والإرشاد والهجر في المضجع والضرب غير المبرح هو منهج القرآن الذي تلخصه الآية الكريمة التالية: قال تعالى:

(والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان

علياً كبيراً) (12)

ومعنى الآية: واللاتي تخافون عصيانهن وترفعهن عن مطاوعة الأزواج فعظوهن واهجروهن في المراقد, واضربوهن ضرباً غير شائن.

والأمور الثلاثة من الوعظ والهجر في المضجع والضرب مرتبة ينبغي أن يدرج فيها.

(فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)أي وأزيلوا عنهن التعرض واجعلوا منهن كأن لم يكن فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. (13)
(إن الله كان علياً كبيراً)تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب فإن الله العلي الكبير وليهن وهو منتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن.

ولعل أخبث ما يتخذه أعداء الإسلام ذريعة للطعن والتشهير بالإسلام زعمهم أن الإسلام أهان المرأة حين سمح للرجل أن يضربها ويقولون:

كيف يسمح الله بضرب النساء وكيف يحوي كتابه هذا النص (فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوه )؟.

أ فليس هذا اعتداء على كرامة المرأة وإنسانيتها..!؟

نقول في الجواب: إن هذا الأمر علاج, والعلاج إنما يحتاج إليه عند الضرورة فإذا سارت المرأة خلف الشيطان وانقادت له

وأساءت عشرة زوجها ولجت في غيها وضلالها (وركبت رأسها) غير مقدرة للعواقب ولا بالنتائج. فماذا يصنع الرجل في

مثل هذه الحالة؟ أيهجرها أم يطلقها أم يترك لها الحبل على الغارب تفعل ما تشاء..!؟

لقد أرشد القرآن الكريم الزوج إلى اتخاذ الطرق الحكيمة في معالجة هذا النشوز والعصيان فأمر بالصبر عليها وتحملها

ما أمكن ووعده الله بالأجر والثوب العظيمين يوم القيامة فإذا نفذ صبره فبالوعظ والإرشاد فإذا لم يفلح فبالهجر في

المضجع فإذا لم تجد كل هذه الوسائل فلا بد من استعمال أقوى الأدوية فعالية وأشدها أثراً.

ولا شك عند كل ذي عقل أن الضرب الخفيف أقل ضرراً من إيقاع الطلاق لأن الطلاق هدم لكيان الأسرة وتمزيق لشملها

فيدفع الضرر الأشد بالضرر الأخف ( وعند ذكر العمى يستحسن العور) كما جاء في الأمثال.

ومع هذا فإن الضرب ليس إهانة للمرأة كما يتصورون وإنما هو طريق من طرق العلاج ينفع في بعض الحالات مع تلك

النفوس الشاذة المتمردة التي لا تفهم الحسنى ولا ينفع معها الجميل. والعبد يقرع بالعصا والحر تكفيه الإشارة وإن من

الناس من لا يقيم عوجه إلا التأديب ولا يصلح عوده إلا العقوبة البدنية.

ومن أجل هؤلاء وضعت العقوبات وشرعت التعزيزات وفتحت السجون, والعجب من بعض مقلدة الأجانب في آدابهم

وتفكيرهم كيف يستكبرون مشروعية ضرب المرأة الناشز ولا يستكبرون نشوزها وترفعها عليه فتجعله – وهو رئيس

البيت- مرؤوساً بل محتقراً وتبلغ الوقاحة ببعض الزوجات أن يضربن أزواجهن وتصر الواحدة منهن على نشوزها ولا

تبالي بإعراضه وهجره وتضرب بكل ذلك عرض الحائط. فماذا يقول هؤلاء في مثل هذه الحال..!؟

وليعلم هؤلاء أن الضرب لا يلجأ إليه إلا عند فساد البيئة وغلبة الرذائل فإذا رأى الرجل البصير أن رجوع المرأة عن

نشوزها يتوقف عليه فعل.

أما إذا صلحت البيئة وشاع في جنبات المجتمع الفضائل وصار النساء يعقلن النصيحة ويستجبن للوعظ أو يزدجرن بالهجر

استغني عن الضرب.

فلكل حال حكم يناسبها في الشرع.

ونحن مأمورون –على كل حال- بالرفق بالنساء وقد قال صلى الله عليه وسلم "ولن يضرب خياركم". فالضرب علاج

لبعض الحالات الشاذة.

فمن النساء من تؤثر فيها الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة ومنهن من تكون عاطفية تتأثر بالهجر ومنهن من لا تأتي إلا

بالعصا.

فإذا لم تنصع الزوجة لزوجها بالرغم من المراحل المتقدمة واستمرت على عنادها جاءت المرحلة الثالثة وهي التحكيم.

ثالثاً التحكيم:

إذا اشتد الخلاف بين الزوجين ولم يستطيعا أن يصلحا ما بينهما بنفسيهما ويحققا الوفاق وبسائلهما الخاصة أوجب

الإسلام أن يعرضا أمرهما على مجلس عائلي يتكون من حكمين حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة ليبحثا أسباب

الخلاف ويعملا جهدهما على القضاء على مثيراته و بواعثه ويوفقا بين رغبات الزوجين حتى يحل الصفاء والوئام محل

النفور والخصام.

وليس من الضروري أن يحدث الشقاق بالفعل للقيام بهذا التحكيم بل عند مجرد الخوف من حدوثه أي عند بوادر تنذر به ولا

يمكن للزوجين القضاء عليه بوسائلهما الخاصة.

وفي هذا يقول الله تعالى: <وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله

بينهما>(14)

وهذا بيان علاج ما إذا كان النفور من الزوجين معاً.

______


(8)كما في السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري. انظر تفسير ابن كثير: 492:1
(9)جاء في الحديث (الناس كمعادن الذهب والفضة) انظر المقاصد الحسنة للسخاوي.
(10)رواه البيهقي عن أم كلثوم بنت الصديق رضي الله عنه. وانظر آيات الأحكام للصابوني.
(11)سورة النساء: الآية 34.
(12)سورة النساء: الآية 34.
(13)انظر تفسير القاضي البيضاوي وابن كثير.
(14)سورة النساء: الآية 35.

قديم 16-05-2006, 02:57 AM
  #3
وجه الخير
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية وجه الخير
تاريخ التسجيل: Nov 2003
المشاركات: 10,270
وجه الخير غير متصل  
راااائع ومميز بارك الله فيك
يثبت بكل تقدير
احترامي
__________________





قديم 16-05-2006, 03:16 AM
  #4
wijdane
عضو نشيط جدا
 الصورة الرمزية wijdane
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 240
wijdane غير متصل  
جزاك الله الف خير
قديم 16-05-2006, 06:56 AM
  #5
شوبارد
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية شوبارد
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 5,397
شوبارد غير متصل  
بارك الله فيك وجزاك خير
__________________
اللهم لك الحمد والشكر
"ولئن شكرتم لأزيدنكم"
قديم 16-05-2006, 07:54 AM
  #6
ما يهزك
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 3,232
ما يهزك غير متصل  
بارك الله فيك وجزاك خير
قديم 16-05-2006, 08:06 AM
  #7
صاحب رأي سديد
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية صاحب رأي سديد
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 10,106
صاحب رأي سديد غير متصل  
ما شاء الله موضوع متكامل ومفيد جدا
الله يجزاك خير
__________________
جاء في الأثر أيضا خير الناس أنفعهم للناس .


ما أروع الانجاز والعمل المخلص اذا كان خالصا لوجه الله تعالى,, وكم من مؤمن وقاه الله شر صروف الدهر وأتراح الحياة فبارك الله له في عمره وماله وأولاده ووفقه الى كل خير وحبب عباده فيه، بسبب ما يقدمه في حياته[/SIZE][/B]
قديم 16-05-2006, 08:24 AM
  #8
al ameer
عضو مميز ومثالي
 الصورة الرمزية al ameer
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 2,087
al ameer غير متصل  
موضوع مميز حقا


وإن الطلاق الذي يكون بأن الزوج لم يحب زوجته وهي لم تقصر في حقة من أكثر الأشياء المحزنة للمرأه إذ أنها تعمل لإسعاده وإرضاءه وفي أغلب الأحيان طاعته تكون صعبه للمرأه لكنها تعمل هذا لله ولإسعاده ..

وفي الأخير ..


(((((((((((((أنا لا أحبها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟))))))))))))))))))


ألم تتوقع أخي ما هي الآثار المترتبة على ذلك ؟؟؟

ألأم تفكر في شعور تلك المرأه التي ياكم تحملت الأذى
وكم سهرت وكم تعبت

وكم أخفت دمعتها عن عينك

وهي تسمع الاهانات منك ومن أهلك
صابرة

صامدة

جعلتك بفضل الله تركع وتسجد وتذكر وتسبح
توقضك لصلاة الفجر

تذكرك بالتسبيح و التهليل و التحميد

تذكرك دائما بفضل والديك عليك

تذكرك بالقرآن الكريم

وفي الآخر


((((((((((((((((أنا لا أحبها)))))))))))))))

و الله رصاصة في قلبي أهون على نفسي من سماع هذه الكلمة


ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل
__________________
*************************
اللهم اغفر لأبـــي وأرحمه ... يا أرحم الراحمين
اللهم اغفر لـ أخينا سنون ومنون ..يا أكرم الأكرمين
اللهم غسلهما بالماء و الثلج و البرد
اللهم نقهما من خطاياهما .. كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس
يا أرحم الراحمين ..
آمين آمين أمين
*************************
قديم 17-05-2006, 10:18 PM
  #9
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
اشكركم على القرآءة والاشادة

لا حرمتم النفع بها

تحياتي
قديم 17-05-2006, 10:35 PM
  #10
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
الصفحة (( 3 ))


فإذا وقع الشقاق بين الزوجين أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم, فإن تفاقم

أمرهما وطالت خصومتهما بعث الحاكم ثقة من قوم الرجل وثقة من أهل المرأة ليجتمعا فينظرا في أمرهما ويفعلا ما فيه ا

لمصلحة مما يريانه من التوفيق أو التفريق. وتشوف الشارع إلى التوفيق ويعرف هذا من قوله تعالى: <إن يريدا إصلاحاً
يوفق الله بينهم>

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله عز وجل أن يبعث رجل صالح من أهل الرجل ومثله من

أهل المرأة فينظران أيهما المسي فإن كان الرجل هو المسي حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة. وإن كانت المرأة

هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة.

فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز.

فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره الآخر ثم مات أحدهما فإن الذي رضي يرث الذي لم يرض ولا يرث الآخر.(15)

والحكمة من قصر الحكمين على ذوي القرابة دون الغرباء واضحة إذ إن الشقاق قد تكون أسبابه مما يستحيا من ذكرها

للغرباء فتجهل العلة عندئذ ويستعصى العلاج.

يقول الزمخشري: "وإنما كان الحكمان من أهلهما لأن الأقارب أعرف ببواطن الأحوال وأطلب للصلاح, وإليهم تسكن

نفوس الزوجين ويبرز إليهم ما في ضمائرهما من الحب والبغض وإدارة الصحبة والفرقة وموجبات ذلك ومقتضياته وما

يزويان عن الأجانب ولا يحبان أن يطلعوا عليه".

وفي الآية الكريمة لطيفة دقيقة وهي أن الله تعالى لم يذكر فيها إلا الإصلاح.

فإن في التفريق خراب البيوت, وفي التوفيق الألفة والمودة والرحمة.

وغرض الإسلام جمع القلوب على المحبة والوئام. (16)

يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي معلقاً على اعتداد كل من الزوجين بنفسه:

"إن كل طرف يحرص على كرامته فلا يخطو إلى الآخر, لذلك يهئ الله طرفاً ثالثاً يصبح ستاراً للمتخاصمين. وقد يقول

أحد طرفي الخصومة لو لا تدخل فلان ( الطرف الثالث) لما تم الصلح.

ولعل الحكاية الطريفة التالية تعطي الصورة والواضحة لغرور البشر.

يحكى أن رجلاً تخاصم وامرأته التي يحبها وتحبه. وعز على كل منهما إزالة الجفوة حيث تمسك الرجل بموقفه والمرأة

بموقفها وطال الوقت عليهما ومع طوله يزداد شوق كل منهما إلى الصلح. والكبرياء ترفع الخصومة في الظاهر وتخفي

الشوق في الباطن. ويحدث أن يجلس الرجل في غرفته المغلقة والمرأة في حجرتها فأرادت المرأة أن تعرف حال زوجها

فسارت على أطراف أصابعها إلى حجرة زوجها فوجدت زوجها رافعاً يديه إلى السماء يدعو الله متوسلاً: يا رب اجعل

زوجتي تأتيني لتصالحني, وفرحت المرأة أكثر عندما سمعت زوجها يستغيث بأولياء الله ويقول: يا سيدة زينب لك

عندي نذر (17) قدره كذا وكذا إذا صالحتني زوجتي, وكان قلب المرأة يزداد فرحاً كلما سمعت توسل زوجها فلم تطق

صبراً فذهبت إلى حجرتها ولبست أجمل ملابسها وسارت بخطوات فيها خجل واستحياء وكأن هناك من يدفعها إلى

غرفة الزوج دفعاً وهي تهمس بصوت مسموع لماذا تجبريني يا سيدة زينب على الصلح معه...!

وهكذا نرى أن التبجج بالسيدة زينب إنما هو ستار للحب.والحكاية على طرافتها تبين بوضوح كيف أن كل طرف في

الخصام يحب بأن يتدخل طرف ثالث" (18)

وإذا رأى الحكمان من دراسة الأحوال –بعد بذل الجهد في جمع الشمل- أن استمرار الحياة الزوجية لا يعني إلا استمرار

الآلام فالفراق هو الحل وفيه الراحة على أن يكون فراقاً بالمعروف ينهى الخصومة ولا يزرع مشكلات جديدة تسقى في

دهاليز المحاكم. قال تعالى <وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته> (19)

أما إذا رأت المرأة من زوجها إعراضاً عنها أو خافت منه أن ينفر عنها فلها أن تسقط حقها أو بعضه من نفقة أو كسوة

أو مبيت أو غير ذلك من حقوقها عليه إن كان هذا يرضي زوجها, وله أن يقبل ذلك فلا حرج عليها في بذلها ذلك له ولا

عليه في قبوله منها.

قال تعالى: <وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا> (20)والصلح خير من الطلاق كما جاء في الآية

الكريمة.

وتشير الآية الكريمة أيضاً أن الشح طبع في النفوس فقد جعلت حاضرة له مطبوعة عليه فتجد المرأة تشح نفسها ولا

تسمح بحقوقها التي لها قبل الرجل وترى الرجل شحيحاً لا يجود بحسن العشرة وطيب المعاملة, هكذا جبلت النفوس

وعلى هذا طبعت كما يقول خالقها.

لكن الله تعالى جعل الفلاح من نصيب أولئك الذين يخالفون شح نفوسهم ويقونها شر الوقوع فيه فقال: <ومن يوق شح

نفسه فأولئك هم المفلحون>

ومن هذا ما فعلته أم المؤمنين –سودة بنت زمعة- رضي الله عنها حين تنازلت عن ليلتها للسيدة عائشة رضي الله عنها

عندما أحست بميل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تطليقها بعد أن كثرت أعباؤه فخشي أن يقصر في حقوقها

فتنازلت عن حق مبيته عندها مؤثرة أن تبقى في عداد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فتم صلحها على هذا- ونعم ما

فعلت(21).

ومن الصور التطبيقية في هذا الجانب ما فعلته إحدى النساء حين رأت زوجها غاضباً لأن والدها لم يأت بستائر للمنزل

في جهازها فقالت لزوجها حين وجدته غضبان "لا تغضب فهذه أسورتي بعها واشتر بجزء من ثمنها الستائر التي

تعجبك فإن بقاء الأسرة خير من بقاء الأسورة". فما أحرى الأولياء والأزواج أن يعملوا جاهدين للوفاق والاتفاق دون أن

تكون الأموال من ذهب وفضة وأثاث وعقارات وبنايات سبباً للشقاق وافتعال المشكلات ثم الفراق فإن بقاء الأسرة خير

من بقاء الأسورة وليتقوا الله الذي يعلم السر وأخفى.

ولنتوسع قليلاً في معنى الآية السابقة فإن التعقيب بقوله سبحانه:<وأحضرت الأنفس الشح>هو في اصطلاح علماء

البلاغة كناية عن البخل وهو صفة من صفات الإنسان رجلاً أو امرأة لذلك دعانا القرآن الكريم للتخلص من سلطانه الذي

يضعف العلاقات الاجتماعية. ولهذا البخل صور كثيرة.

فقد يكون الشح في الزوج فعلى المرأة أن تكون هي الكريمة فلا تعامله بالمثل.

وقد يكون في الزوجة فيوصيها القرآن بأن تتخلص من سلطانه لأن الطلاق بيد الزوج لا بيدها. وعليها أن تقطع على

الزوج طريق الطلاق الذي تزينه له الماديات. وليس من خلق العاقلة أن تعقد بين حين وآخر مقارنة بين زوجها وبين غيره

ممن هو أكرم وأسخى فتتعب نفسها وأولادها. وقد حدث أن أولاداً استشعروا من موازنات كانت تعقدها أمهم بين

أبيهم وبين زوج أختها فرأوا فارقاً كبيراً فأصبحوا يتمنون الموت لأبيهم كي يستمتعوا بما جمعه من ثراء فلتحذر كل أم

من أن تفعل هذا. وقد يكون الشح شحاً بعواطف الخير وحبه للآخرين وهو الحسد المذموم إذ يكره بعض الرجال أو النساء

أن يروا زوجين سعيدين فيزيدون النار اشتعالاً إذا اشتركوا في إصلاح بين متخاصمين.

ولذلك نبه الحق سبحانه وتعالى إلى ما ينجم من طبيعة البخل بالمال أو بالعاطفة والتمنيات الطيبة من عواقب وخيمة,

وذكر (الشح) بعبارات مطلقة وإن كان المقام مقام ذكر شح المرأة بحقوقها التي لها عند الزوج من نفقة أو مهر أو م

سكن أو (مبيت) لأن العموم مقصود كالخصوص الذي نزلت فيه الآية الكريمة سواءً بسواء. فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص

السبب.

وإذا كان التعقيب من الله سبحانه وتعالى بقوله: <وأحضرت الأنفس الشح>عند الحديث عن حكمين من أقارب الزوجين

فكيف يكون الأمر في الأباعد..!؟

فما بالنا نشركهم في الصلح ونقيمهم مقام الحكمين وهم لا يمتون إلى الزوجين بصلة ممن يسمون بـ (الخبراء) في إصلاح

الأسرة. إنهم قوم يتلهون بأعراض الناس وأسرار العائلات.(22)

الطلاق لمرة واحدة:

"فإذا لم تجد كل الوسائل والأسباب المتقدمة فلا مندوحة عندئذ من الطلاق إذ (آخر الدواء الكي).

حيث لا يمكن أن يجبر مثل هذين على أن يعيشا زوجين وأن يكونا عضوين فاسدين في شركة الزوجية فإن بقاءهما

معاً يحيل الحياة الزوجية إلى جحيم.

وليس الغرض من الزواج أن يجمع بين قطبين سالبين في مكان واحد أو يجمع بين اثنين كل منهما يضمر شراً للآخر

وينغص عليه حياته ويتفنن في الكيد له والأولاد يتفرجون عليهما.

والشركة إذا تعادى فيها الشركاء وعمل كل عضو على إفساد مجرى الحياة فيها ثم أخفقت كل المحاولات لرأب الصدع

كان من الضروري فضها وإنهاؤها حتى لا تتعرض لخسارة أكبر أو للإفلاس.

فليس من الطبيعي إذاً أن نرغمهما على استمرار الحياة الزوجية ولا سلطان لعقد الزواج عليها, وتتصرف الزوجة كما

تشاء ثم إذا جاءت بولد كان من طبيعة العقد القائم أن تنسبه إليه والزوج يعلم من أين جاء وهي كذلك تعلم.

كما أن الزوج يتصرف حسب ما تمليه عليه شهوته ويعيث فساداً في نساء الناس وبناتهم لأنه محروم من زوجته فإذا حرم

أيضاً من الزواج الشرعي فإنه سيجد العذر في مثل هذا التصرف, وإن لم يكن معذوراً فيه...!

إن الأمر الطبيعي بعد بذل كل الجهود للإبقاء على الحياة الزوجية ثم إخفاقها أن يعالج الوضع أو الصدع بالطلاق لمرة

واحدة وتكون المرأة خلال العدة في بيت الزوج لعله يراجعها.

وفي هذه الحال يفضل الإسلام أن يراجع الزوج زوجته ويعود كل منهما للآخر ولذلك اعتبر هذا الطلاق رجعياً إذ يجيز أن

يراجع زوجته بكلمة أو فعل يدل على ندمه, ويعيد للزوجة اعتبارها وبقاءها كأن يقول (راجعت زوجتي) أو يعاشرها

معاشرة الأزواج – عند فريق من الفقهاء- على أن تكون المراجعة خلال مدة معلومة قدرها الشرع بثلاثة أطهار أو ثلاث

حيضات أو نحو ثلاثة أشهر هلالية ولا يشترط فيه رضي الزوجة ولا الإشهاد وله أن يراجعها حتى بعد هذه المدة ولكن

بعقد ومهر جديدين , ,أي مهر- مهما كان- كاف في صلاحية العقد, ويعود كل منهما للآخر ويستأنفان حياة جديدة بعد

هذه الهزة التي لا بد أن يستفيدا منها ويتعقلا" (23)

الحقوق المالية والاجتماعية المترتبة على الطلاق:

وقد رتب الإسلام على الطلاق من الناحيتين المالية والاجتماعية نتائج خطيرة وأبقى بسببه على كاهل الزوج أعباء

ثقيلة من شأنها أن تحمل الزوج على ضبط النفس وتدبر الأمر قبل الإقدام على الطلاق.

فقد قرر أنه يجب على الزوج إذا طلق زوجته أن يوفيها مؤجل صداقها ويقوم بالنفقة عليها من مأكل ومشرب وملبس

ومسكن ما دامت في العدة إذ تكون أثناءها في بيته.

وتكون حضانة أولادها الصغار لها ولقريباتها من بعدها كأمها مثلاً حتى يكبروا كما أنه يقوم بالنفقة على أولادها

وأجور حضانتهم ورضاعتهم في مرحلة الحضانة حتى لو كانت الأم نفسها هي التي تقوم بذلك. قال تعالى: <فإن

أرضعن لكم فأتوهن أجورهن>(24)


________________


(15)انظر بن كثير: 423:1.
(16)انظر: آيات الأحكام: محمد على الصابوني ج:1: 468.
(17)النذر لا يكون إلا الله ولكن يوهب ثوابه. وقد أوردنا الحكاية كما هي للأخذ بمغزاها دون الحكم الشرعي.
(18)انظر: تربية المسلم للشعراوي. بتصرف.
(19)سورة النساء: الآية 128.
(20)سورة النساء: الآية 128.
(21)انظر تفسير ابن كثير. والتفسير والواضح لمحمود حجازي.
(22)انظر التصور الإسلامي للمرأة. عبد المتعال الجبري. بتصرف. وكتاب أحكام الأسرة للشلبي وبداية المجتهد لمحمد بن رشد القرطبي وسبل السلام شرح بلوغ المرام للعسقلاني.
(23)انظر الإسلام والغرب وجهاً لوجه. د. عبد المنعم النمر. بتصرف. وكتاب أحكام الأسرة للشلبي وبداية المجتهد لمحمد بن رشد القرطبي وسبل السلام شرح بلوغ المرام للعسقلاني.
(24)سورة الطلاق: الآية: 6.


 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 AM.


images