وضعت قهوتها .. و جلست على متكئها .. بعد أن بخّرت بيتها .. كما هي عادتها .. لكنها الآن وحدها في بيتها .. فقد تزوجت الأخيرة من ذريتها .. خلا عليها بيتها .. أحست أن غرف البيت كثيرها لخلوها .. والنور لم يعُد يضئ كما كان مشعشعا .. نادت بنيها وبناتها .. و لأول مرة لا تسمع إلا صدى صوتها ... سرحت ... وترنمت : هنا كانت هدى وهذه غرفة هيا .. تلك آثار ملابسهم .. و هناك بصمات عبثهم .. هذا مكان نوم فهد .. و هنا مكتبة سعد .. و تلك المركاة كان يضطجع عليها حمد ... أوّاه .. هل فعلاً استقلوا عني بحياتهم .. هل يمكن أن أحضنهم كما كانوا .. هل يمكن أن أعايشهم حباً و غضباً .. رضاً وعتباً ..
انتبهت و رفعت يديها للرحيم : اللهم إن قدرت هذا علينا في الدنيا .. فاجمعني بهم في جنات النعيم ...
هذا حال كثير من أمهاتنا ... و هو ـ بلا شك ـ قدر الله ... أن يتزوج البنين و البنات فيستقلوا بحياتهم .. وهو واقع لا يمكن دفعه ... لكن الذي نستطيع عليه هو :
التناوب على زيارتها ..
قرب السكن منها ..
إدخال السرور عليها ..
تواصل الاتصال بها ..
استضافتها و إظهار الأنس بها ..
جمعها في أمسية مع من تحب من صاحباتها ..