العلاج بالألوان.. للتجاعيد وأمراض أخرى
ترتبط المرأة بالألوان بعلاقة وثيقة حتى تكاد تمتزج أنوثتها بطيف من الألوان، ألوان ترتسم على وجهها فتعكس جماله، وألوان في ثيابها نتضح بالحياة، وألوان في بيتها بين جدران وأثاث، وألوان تزين مائدتها مطعمة بأنواع مختلفة من الفاكهة والخضار..
ولم تقف علاقة المرأة بالألوان عند هذا الحد إذ تغلغلت في الجوانب الصحية والنفسية فيها، فقد وضع العلماء نظرية العلاج بالألوان منطلقين من أن كل لون في الطيف له تردد تذبذبي أو اهتزازي مختلف.
ويعتقد العلماء أن جميع الخلايا في الجسم تملك أيضا ترددا ينبعث بقوة وإيجابية عندما يكون الإنسان موفور الصحة ولكن عندما يصاب بالمرض فإن هذا التردد يصبح غير متوازن.
بينما تقول النظرية الأخرى أن الأجزاء المختلفة من الجسم والحالات المرضية المتعددة والأوضاع العاطفية المختلفة تستجيب بصورة أفضل للألوان المختلفة، وعندما يكون الجسم عديم التوازن فإنه يبحث بشكل طبيعي عن الألوان التي يحتاجها.
ويهدف علم التداوي بالألوان إلى مقارعة المرض عن طريق إعادة التوازن الطبيعي بين طاقات اللون في الجسم وبناء الجسم الأثيري عن طريق تطبيق ذبذبات اللون الصحيحة على المراكز التي تصبح عندئذ قادرة على بث الحيوية في الجسم المادي.
يقول الدكتور سمير البهواشي: مزج الله عز وجل جسم الإنسان بعناصر وموجات كهربية وإشعاعات تتجانس مع الأشعة الكونية والموجات الكهرومغناطيسية والذبذبات اللونية، ولكل شخص إشعاعات خاصة تختلف في طول الموجة والتردد وعدد الذبذبات عن غيره تماماً كالبصمات، وكل إنسان يرسل إلى الكون والآخرين إشعاعات خاصة به ويستقبل منهم إشعاعات أخرى فإذا كانت متقاربة نتج عن ذلك تفاهم ومحبة قوية وإذا كانت متنافرة نتج عنها العكس.
واللون عبارة عن طاقة مشعة لها طول موجي معين تقوم المستقبلات الضوئية في الشبكية بترجمتها إلى ألوان وتحتوي الشبكية على ثلاثة ألوان هي الأخضر والأحمر والأزرق وبقية الألوان تتكون من مزج هذه الألوان الثلاثة.
وعندما تدخل طاقة الضوء إلى الجسم فإنها تنبه الغدة النخامية والجسم الصنوبري مما يؤدى إلى إفراز هرمونات معينة تحدث مجموعة من العمليات الفسيولوجية، وبالتالي السيطرة المباشرة على تفكيرنا ومزاجنا وسلوكياتنا.
والغريب أن للألوان تأثيرا على مكفوفي البصر تماماً كالمبصرين وذلك نتيجة لترددات الطاقة التي تتولد داخل أجسامهم وهذه الفكرة استخدمها الصينيون القدماء في علاج الأمراض وتسمى بالـ"فينج شوي". وأيضاً استخدم الفراعنة اللون الفوق الأخضر داخل الاهرامات لمقاومة الجراثيم وقتل البكتيريا وبالتالي المحافظة على المومياوات.
دراسات وتجارب:
ابتكر فريق من العلماء أجهزة ووسائل يمكن من خلالها تسجيل جميع الانعكاسات التي تصدر عن الإنسان نفسياً أو جسمياً تحت تأثير الألوان، فتبين أن للألوان حسب أنواعها، تأثيرات في الإنسان تتمثل في تسارع ضربات القلب، وتناوب حركات الجفون فتحاً وإغماضاً، وازدياد قابلية الكف لتوصيل الحرارة والكهرباء بازدياد رطوبتها وإفرازها العرق، واختلاف في حركات التنفس، واختلاف في الرسوم البيانية التي تسجل نشاط الدماغ.
وأظهرت بعض الدراسات نتائج مهمة حول هذا الموضوع؛ ففي العام 1878 اكتشف العالم «دي. بي. غاديالي» المبادئ العلمية التي تشرح لماذا وكيف للأشعة الملونة المختلفة تأثيرات علاجية متنوعة في الكائن الحي.
وفي عام 1933 وبعد سنوات من البحث نشر غاديلي (موسوعة فن قياس الألوان الطيفية) وهو تحفة في مجال العلاج باللون.
والنظريات التي تم تطويرها تنحدر من عمل غاديالي، فقد أكد أن ألوان الفعاليات الكيميائية هي في مجموعات ثمانية التردد.
ولكل كائن حي ولكل نظام من أنظمة الجسم لون خاص يثير وينبه، وآخر يكبح عمل ذلك العضو أو النظام. وبمعرفة عمل الألوان المختلفة على أعضاء الجسم المختلفة وأنظمته يستطيع المرء أن يطبق اللون الصحيح الذي سيفضي إلى تحقيق توازن عمل العضو أو النظام الذي أصبح شاذا في تأدية وظيفته أو وضعه.
إن عملية العيش في حالة موفورة تقتضي تحقيق توازن جميع الطاقات اللونية داخل الجسم. وعندما يختل هذا التوازن ينشأ المرض.
للانسان جسم هالي يحيط جسمه المادي ويتخلله ووظائف الهالة هي أن تمتص طاقة اللون الأبيض من الغلاف الجوي وتقسمها إلى طاقات لونية أساسية تتدفق بعده إلى أقسام الجسم المختلفة لتنفخ فيها الحيوية والنشاط .
من المحتمل أن تحدث الآثار الملحوظة لدى استخدام العلاج اللوني من خلال فعالية الأشعة اللونية في الجسم الهالي الذي يؤثر بدوره في الجسم المادي.
ثمة عمليتان أساسيتان تعملان طوال الوقت في الفرد البشري وهما الابتناء عملية تمثيل المواد الغذائية وتحويلها )والانتفاض) عملية الهدم في الخلايا .والأولى هي عملية بناء وإصلاح بينما العملية الثانية معاكسة وتعالج طرح المنتجات السامة والنفايات من الجسم.
ويمكن الحصول على صحة جيدة فقط فيما لو تم الحافظ على توازن مناسب بين عمليتي الابتناء والانتفاض اللتين تشكلان معا الايض وهي مجموع العمليات المتصلة ببناء البروتوبلازما ودثورها.
وجد غاديالى أن الشعاع الأحمر هو لون التشييد أي انه يساعد على استمرار عدد خلايا الحمراء في الجسم وينبه الكبد، بينما الشعاع البنفسجي الذي ينشط الطحال هو لون الهدم أو الانتفاض.
واكتشف أن الطحال كان يدمر خلايا الدم الحمراء الأقدم عهدا وينتج خلايا الدم البيضاء التي تحارب البكتريا.
وفي الطيف يقع اللون الأحمر الذي يحرض نشاط الكبد في احد طرفي الضوء المرئي، بينما يقع اللون البنفسجي الذي يحرض النشاط الطحالي على الطرف الآخر وهو اللون الذي ينشط أو يشجع نشاط الغدة النخامية التي عرفت منذ القدم بكونها الغدة الرئيسية والمنظمة للغدد الأخرى وبهذا تؤثر في عمل كل جزء من الجسم.
كما قام العالم مندل الألماني في عام 1980م بتأليف موسوعة علمية عن الألوان الأساسية والألوان المكملة لبعضها وكيفية التداوي بها عن طريق أجهزة علاجيه مختلفة تسمى بأجهزة العلاج الطبيعي بالأشعة الملونة .. وحدد العالم الألماني 6 ألوان أساسية للعلاج وهى: الأحمر – الأصفر والأزرق والبرتقالي والأخضر والبنفسجي .
وأظهرت البحوث الحديثة أن الاستخدام الصحيح للألوان يمكن ان يزيد التركيز والنشاط والقدرة على التعلم والفهم والتذكر بحوالي 55 إلى 78%
دراسة أخرى أجريت عام 1982 في كلية التمريض بسان دييجو تم فيها تعريض 60 امرأة في متوسط العمر يعانين من التهاب المفاصل الروماتيزمي للون الأزرق مدة 15 دقيقة فشهدن تحسنا ملحوظا في شدة الألم الذي خف بدرجة كبيرة عن ذي قبل.
وبينت دراسة أجريت عام 1990 تم فيها تسليط أضواء حمراء اللون على عيون مجموعة من المرضى يعانون من الصداع النصفي في بداية ظهور النوبة فتعافى حوالي 93% منهم بشكل جزئي نتيجة هذا العلاج وأرجع المعالجون السبب في ذلك إلى أن اللون الأحمر يزيد ضغط الدم الشرياني ويوسع الأوعية الدموية.
كما بينت التجارب أن للألوان أيضا تأثيرا في مدى إحساسنا بالحرارة، حيث أجريت دراسة في النرويج عرفوا منها ان وجود الناس في غرفة مطلية باللون الأزرق يدفعهم إلى رفع مؤشر التدفئة المركزية ثلاث درجات أعلى من أفراد يجلسون في غرفة مطلية باللون الأحمر.
كما أثبتت دراسات أخرى أن خفة الألوان ودكانتها بعمقها وتدرجها يؤثر في دقة إدراكنا للوقت، كما يؤثر في قدرتنا على التركيز والتذكر.
وقام عالم دانمركي يدعى "نيل فنسين" باستعمال الضوء الأحمر في علاج الجدري وأثبتت التجارب أن اللون الأحمر يمنع وصول الأشعة فوق البنفسجية إلى الجلد المصاب كما يمنع حدوث التشوهات. وهناك معتقد أن ضوء الشمس بما فيه سرعة "ألوان الطيف" له قدرة على إنتاج فيتامين «د » تحت الجلد وهذا الفيتامين يقل في حالة الإصابة للين العظام حيث تعد من اهم الفلسفات في تكوين العظام.
كما كشف أخصائيو الجلدية في مركز بوسطن الطبي بالولايات المتحدة النقاب عن أن حزمة من الضوء الأزرق قد تعيد نضارة الشباب إلى البشرة وتزيد الوجه تألقا وجمالا.
ووجد هؤلاء في دراسة أن العلاج بالضوء الأزرق الذي صودق عليه أصلا لمعالجة الآفات الجلدية السرطانية في الوجه يزيل التجاعيد والخطوط الخفيفة والبقع البنية الداكنة من الوجه.
وأوضح الخبراء أن الضوء الأزرق يتفاعل مع محلول خاص يوضع على الوجه، وخلال 16 دقيقة تحته وبعد أسبوع واحد من النقاهة يتم الحصول على الهدف المطلوب.
وفسر علماء مركز بوسطن ذلك بأن الخلايا التالفة تخضع لهذا التفاعل الذي يسبب انفصالها وتساقطها لمدة أسبوع ليحل محلها خلايا جديدة سليمة، وأشاروا إلى أن نتائجها ليست مثيرة كنتائج عملية إعادة تسطيح الجلد بالليزر، لكن مدة التعافي فيها أقصر، وهي بديل بنفس جودة عمليات التقشير الكيماوي وقد تكون أفضل منها كونها أبسط وأقل عدوانية وإيلاما.
وأبان الخبراء أن هذه التقنية المضادة للشيخوخة مكلفة للغاية، حيث يصل سعر الجلسة الواحدة منها إلى 800 دولار، كما أن آثارها على المدى الطويل لم تتضح بعد لأنها ما زالت حديثة.
ولا يقتصر تأثير الألوان في الإنسان فحسب، وإنما يمتد ليأخذ تأثيراً أبعد من هذا، إذ للحيوانات والنباتات أيضاً استجاباتها للألوان؛ فقد أثبت بعض التجارب أن الدجاج إذا تعرض لضوء صناعي ملون، فإنه يبيض بسرعة أكثر من سرعته المعتادة، وأن ديدان الأرض يجذبها اللون الأحمر، كما أن الحشرات القارضة عديمة الأرجل من فصيلة أم 44 تحب اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر وتهرب من اللون الأزرق والبنفسجي والأخضر. ولكن الفراشات تحب بوجه خاص الألوان الأزرق والأخضر والبنفسجي، فيما الذباب يحب جميع الألوان ما عدا اللون الأزرق فإنه ينفر منه، ولهذا نجد أن الغرف المطلية باللون الأزرق تكاد تخلو من الذباب.
أما النباتات، فالأضواء يمكن أن تغير ألوانها، وتساعد على نموها، وقد تعرقل هذا النمو؛ فقد أثبتت سلسلة من التجارب أن الضوء البنفسجي يساعد على نمو العنب، والضوء الأحمر يساعد على إنبات الحبوب والبذور، فيما يساعد اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر على نمو الخلايا الصغيرة. أما الألوان الأخضر والأزرق والبنفسجي فتبطئ من نمو تلك الخلايا.