أسعد الله أوقاتكما بالخير والبركة دوماً وأبقاكما سالمين ..
وأعاننا على طاعتكما وبركما ما حيينا ..
في هذه الرسالة سننقل إليكما الأحاسيس الدفينة في صدورنا والتي لم تطّلعا عليها من قبل فنرجو أن يكون في صدريكما مجال لاحتواء هذه الرسالة ..
والدي العزيز،
قالو قديماً في المثل " من جد وجد ومن زرع حصد"
فلا يمكن للمزارع أن يحصد ما لم تزرعه يداه ويعتني به فترة من الزمن،
ما أود قوله يا أبي أنني أبنك وأن لي حقوق عليك حتى قبل ولادتي..
وحقوقي عليك كأب لا تقف عند المأكل والمسكن والملبس فقط، فأنا بحاجة إليك أنت وبحاجة إلى أن أقضي بعض الوقت معك، نلعب معاً نتحدث معاً ، نكون معاً كأب وابنه ...
إنني بحاجة لأن تسألني عمّا فعلت لتأيدي فميا لو أصبت وتصويبي لو أخطأت ...
بحاجة لحنانك ...
إنني بحاجة لأن تعلمني ما تعلمته أنت خلال خبرتك في الحياة ...
بحاجة إلى أن نخرج معاً لنقترب من بعضنا البعض أكثر وأكثر.
وأنتِ والدتي العزيزة
أقدر لك جهدك الكبير والكبير جداً وأعلم أنني لن أتمكن من وفاء دينك مهما اجتهدت ومهما عملت
إلا أنني أحب أن أذكرك بأن هناك أموراً كثيرة يتوجب على الأم تداركها وهي تتعامل مع أطفالها - وهذه ذكرى -
فقد رأيتك تتعاملين معي وكأنك تجهلين هذه الحقائق أو تتجاهلينها، وعلى رأسها أن الخادمة ليست أمي ولا يمكن لها أن تأخذ مكانها أبداً مهما فعلت أو قالت ... ومهما كانت الظروف ،،،
ما أحتاجه منك أمي ليس المكان النظيف !!
والثوب النظيف
والطعام
إنني أحتاج إلى دفئ حضنك أكثر من كل ذلك أماه ،،،
فهل لك أن تخبرينني متى كانت آخر مرةٍ أخذتني بين يديك لتضميني إلى حضنك الذي أحنو إليه دوماً؟؟
أبي العزيز في أول لحظاتي في هذه الدنيا كنت أنتظر منك أن تؤذن في أذني وتقيم الصلاة في الأخرى،
ليكون أول ما أسمعه هو النداء للصلاة التي هي خير العمل وعماد الدين و فيها ذكر لله ولرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم،
كنت أنتظر منك أن تقرأ لي مما تحفظ من القرآن،
وأنت أماه كنت أنتظر منك أن تحنكيني بشي من التمر تأسياً بالرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام.
وبعد أن كبرت قليلاً كنت أنتظر منك ووالدتي أن تحمياني بالآيات والأحاديث والأذكار من وخز الشياطين وعين الأنس
وبعد أن تعلمت النطق كنت أنتظر مكنكما أن تحفظاني شيئاً من القرآن وشيئاً من الحديث والأدعية لأحفظ به نفسي،
كنت أنتظر الكثير منكما
ولكنما أغرقتماني باللعب وبالملابس الكثيرة
ونسيتما أنني بحاجة إلى من يشاركني هذه اللعب ويلاعبني بها،
إلى من يفهم أحاسيسي ومشاعري ..
وإلى من يعلمني أسرار نفسي قبل أسرار الحياة
وأنا أتابع النمو وأكبر يوماً بعد يوم ..
وعاماً بعد عام دون أن أعرف أشياء كثيرة عن النفس والجسد لا يمكن لأحد غيركما أن يعلمني إياها حتى تصل إلى مداركي بمفهومها الصحيح من دون تشويه أو تحريف.
وبمرور الأعوام وصلت أختي هدى ..
وفجأة التفت الجميع حولها وتركوني وحيداً تائهاً في زحامهم بلا اهتمام منهم يشعرني بأهميتي وسط هذا الجمع
حتى الخادمة أيضاً حولت كل اختصاصها من أجل هدى الضيف الجديد ونسي الكل خالد الذي كان ملء السمع والبصر للجميع
فأصبحت حائراً في أمري
أأحبها كالبقية؟؟؟
أم أكرهها لأنها سرقت مني الاهتمام والرعاية وحولت الأنظار نحوها؟؟؟
وبالطريقة نفسها التي تربيت وكبرت عليها تربت وكبرت هدى ..
يا للمسكينة تتكرر معها الأحداث ولكن مع تبديل بسيط في بعض المشاهد أو إعادة ترتيب بعضها الآخر،
وبدأت هدى تعاني ما عانيته،
وتمر الأعوام وتكبر هدى وأنت يا أمي بعيدة عنها
أحياناً لا تجدين الوقت الكافي
وفي الأغلب ينفذ صبرك معها سريعاً
فشعرت هي الأخرى بالغربة مع نفسها التي جهلت فيها أشياء كثيرة،
وبالغربة معك يا أمي ..
معك يا أبي
وقد كانت ترى فيك أول رجل وأول حب وأول صديق وأول مثل أعلى ..
إنها لم تجدك !!!!!!!!!!!!!
أبي ، أمي
نكتب إليكما هذه الرسالة .. أنا وهدى وننقل لكما ما في صدرينا علناً فلربما نستطيع معاً نحن وإياكما أن نغير شيئاً مع ضيفنا الجديد أحمد الذي وصل منذ قليل ولا تزالان إلى جواره حتى لحظة كتابة هذه الرسالة ّّّ!!!