بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
السلام عليكم
كل عام وأنتم بخير ونفعك الله وأثابك على المعروف الكبير الذي تؤديه لنا بردك على فتاوينا التي نحتاجها وجزاك الله عنا خير الجزاء
واسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا في ميزان حسناتك
سؤالي يا مولانا عن القراءه من المصحف أثناء الصلاه ؟
فانأ رجل مغترب وأعيش في أوروبا والمسجد بعيد عني وأصلي أنا وزوجتي جماعه وأعرف أن صلاة الفريضه لا تجوز من المصحف فأصلي بما تيسر لي في الفرض والنافله أؤديها من المصحف حتى نختم القران ولكن أحب فجر الجمعه يا شيخنا أن أصلي بسورتي السجده والانسان اقتداءا بسنة النبي ص الله ع وسلم وللاسف لا أحفظهما فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الصبح يوم الجمعه من المصحف أم لا ؟
أفتينا يا شيخ أكرمك الله
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.بسم الله والصلاه والسلام على رسول الله أما بعد:
وأسأل الله أن يعيننا وإياكم على صيام هذا الشهر وقيامه وأن يجعلنا من عتقائه من النار ويوفقنا لعمل الطاعات واجتناب المحرمات.
الحمد لله. يجب على المصلي إماما أو منفردا قراءة سورة الفاتحة في الصلاة فرضا كانت أم نفلا في جميع الركعات لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) متفق عليه. وأما قراءة سورة بعد الفاتحة فسنة مؤكدة في الركعتين الأوليين عند عامة الفقهاء قال عطاء : قال أبو هريرة : (في كل صلاة قراءة فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفى منا أخفيناه منكم ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأت عنه ومن زاد فهو أفضل). متفق عليه.
أما حكم القراءة من المصحف في الصلاة ففيه تفصيل:
1- في الفريضة لا يشرع القراءة من المصحف في الصلاة لأن السنة المحفوظة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه القراءة عن ظهر قلب ولم ينقل عن أحد منهم القراءة من المصحف ولأن معيار التفضيل في الإمامة الحفظ والاتقان للقرآن لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (وليؤمكم أكثركم قرآنا). رواه البخاري. وقد كره أهل العلم ذلك ولم يرخصوا فيه وذهب أبوحنيفة إلى بطلان الصلاة بذلك وإن كان الصواب صحة الصلاة مع الكراهة. فمن كان حافظا فليقرأ ومن لم يكن حافظا فليقرأ ما تيسر له ولو من قصار السور وليكرر تلك السور ولا حرج عليه في ذلك وينبغي عليه أن يجتهد في حفظ قدر أكبر من السور خاصة المفصل ليتمكن من أداء الفريضة من غير نظر إلى المصحف.
2- في النافلة فلا حرج ولا بأس في القراءة من المصحف لا سيما في قيام رمضان لأن النفل في الشريعة مبناه على التخفيف ولأن المقصود في النفل الإطالة وكثرة القيام والقراءة من المصحف يحقق ذلك لمن لم يكن حافظا ولما يترتب على ذلك من سماع القرآن ولما في ذلك من التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم لأنه قد يصعب وجود حفاظ في بعض البلاد والناس متشوقون لسماع القرآن وختمه في مواسم الخير ولأنه ثبت عن عائشة رضي الله عنها: (أنها أمرت مولاها ذكوان أن يؤمها في قيام رمضان وكان يقرأ من المصحف). ذكره البخاري في صحيحه معلقا. وسئل الزهري: (عن رجل يقرأ في رمضان في المصحف فقال: كان خيارنا يقرءون في المصحف). وقد رخص المالكية والشافعية والحنابلة في ذلك. قال أحمد : (لا بأس أن يصلي بالناس القيام وهو ينظر في المصحف . قيل له : في الفريضة قال : لا , لم أسمع فيه شيئا). وهذا القول أعني التفريق بين الفريضة والنافلة هو القول الموافق للأدلة والمقاصد الشرعية ولا ينبغي أن يسهل للناس ويرخص لهم في الفريضة لأن ذلك يفضي إلى تفريط الناس بالحفظ وعدم الاهتمام بشروط الإمامة المعتبرة.
فعلى هذا لا ينبغي لك القراءة من المصحف في صلاة الصبح بل اقرأ من حفظك وقراءتك ما تيسر لك عن ظهر قلب ولو كان يسيرا أولى وأفضل من قراءتك من المصحف وإنما تحصل السنة والفضيلة في الفريضة لمن قرأ عن ظهر قلب ولا تتحقق بالقراءة من المصحف.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة