قصتي فيها من العبر الكثير ..

أنا امرأة من جنوب الجزيرة العربية ( حيث مركزية القبيلة و عادات العرب من النخوة و الكرم و العزة لا تزال متجذرة متفجرة فيهم )
أعود لأسرة متميزة بالقرآن و العلم الشرعي ( وهذا هو سبب خطبة زوجي لي )

تزوجت من رجل من الشمال الأفريقي (حيث المستوى التعليمي المرتفع ، الغيرة ، عزة النفس ، المسؤولية ) أبرز ما يلحظ في أبناء هذه الرقعة ..

خطبني وهو رجل يتيم يعمل في وطني لسنوات لوحده
والدته و بقية اخوته في وطنه الأصلي

أذكر أنه خطبني و تحدث مع والدي بنفسه .. و كان متخوفاً من رفض والدته
لذلك أخذها للعمرة خصيصاً ليفاتحها في هذا الموضوع ف وافقت

سبحان الله رفضت الكثير من أبناء وطني و غامرت في الزواج من الخارج لأني كنت أبحث عن الدين و الخُلق
في زوجي و أهله

و كنت أقيم اسر الرجال كما أقيمهم هم ..
أفحص عباراتهم و ملبسهم و حجابهم الشرعي بطريقة دقيقة جدا و ما يقولونه عن حياتهم و أستخير و أدعو

كنت و لا أزال أؤمن أن الزواج في مجتمعنا المسلم العربي ( زواج أسر قبل أن يكون زواج شخصين فقط )
لذلك ركزت جداً في نقطة أهل الزوج المستقبليين تماما مثل تركيزي مع من سأختاره زوجي

.. رفض والدي زوجي ٣ مرات خلال مدة ٦ أشهر
و كذلك استمر الرفض من اعمامي و اخوالي عاماً كاملاً

ثم تمت الخطبة الرسمية و تقررت الرؤية الشرعية
أحضر زوجي والدته .. فاجئني منظرها العام (عكس الصورة النمطية لنساء بلدهم)
حيث وجدت امرأة نحيفة جداً قصيرة
هادئة تكاد لا تتحدث
لم تطرح أي سؤال الا عن تعليمي فقط و التزمت الصمت و الخجل بقية الجلسة

اطباعها العامة حسب تقييمي تعتبر ممتازة (الهدوء و الصمت) عدم كثرة الكلام اعطتني انطباع مقبولاً جداً عمن ستكون والدة زوجي
ثم ركزت على حجابها فوجدته ساتراً فقلت ( جيد اذاً لن يحدث هناك تعارض في رؤيتنا الدينية حين أربي أولادي )
خرجت من الباب فقلت لعلها حين تخرج لساحة منزلنا تضع النقاب (سبحان الله هنا وقع ما يسمى بالنصيب ، لأني لم أتأكد من هذه النقطة و أحسنت الظن و جرّت علي الويلات بعد ذلك )

استمرت خطبتي لزوجي عام ( بسبب عدم موافقة الحكومة )
و كان تواصلي مع والدته اسبوعياً
علاقتي بها كانت رائعة
لم ألحظ عليها أي شيء
سوى أنها كانت تركز على نصحي عن الجانب المادي و الاقتصاد و كنت أتقبل نصحها بكل رحابة صدر و حبور باعتبارها من أسرتي الثانية

وكان كل همي (من ناحية علاقتي فيها وقت الخطبة ) ماذا أهديها بعد زواجي من ولدها إن تم الموضوع ..

دخلت الزواج بلا أفكار مسبقة عن أهل الزوج
كانت تحاصرني الصورة النمطية من جميع الاتجاهات في وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي
لكني كنت اتجاهلها
و كنت أطمح أن يكونوا ك أسرتي الثانية

كانت جل النصائح تدور حول (تعاملي معهم برسمية في البداية حتى يتضح لك معدنهم )
لكن حتى هذه النصيحة رفضتها رفض قاطع رغم انها تنطوي على نسبة من الحكمة

ـ حاصرتني كذلك بصورة أشد الصورة النمطية عن (حماوات الشمال الافريقي ) كنت كلما اخبرت احدا ان زوجي من البلد الفلاني
اجابوني بقول (اعانك على الله والدة زوجك .. معروفين اهل البلد الفلاني )
لكني كذلك كذبتها و احسنت الظن بالله و قلت سيجزيني الله على حسن نيتي بأسرة أخرى كأسرتي تماماً

ـ أقولها بكل أسف
أفكاري كانت عن أهل الزوج ( وردية حالمة فيها من السذاجة الكثير ) لذلك كانت ولا زالت صدمتي قوية قوية قوية

أهم نقطة ساهمت في توجيه أفكاري الحالمة و تكاثرها تجاه أهل زوجي
خروجي من أسرة مترابطة من ناحية علاقات ام الزوج مع زوجة الابن
من جميع الاطراف و المواقع
لم أجد أحداً يشكي من هذه النقطة أبداً

والدتي كان لها٦ سلايف و ٧ أخوات زوج
جدتي والدة امي توفت رحمها الله و زوجات ابنائها الستة كل يوم واحدة تتناوب على السهر بجوارها في مرضها و المبيت معها في المستشفى بالاضافة لبناتها (خالاتي) و والدتي

خرجت من وسط نسائي مترابط لم أجد فيه حسد أو غيرة أو بغضاء
و حتى لو كانت موجودة مثلا في النفوس ، فلم تكن تظهر على السطح ابدا او تلحظ

وطبعاً نتيجة لذلك فعلاقات الاخوة كانت ببعض قوية (اخوالي و اعمامي ) لأن النساء متفقين متوافقين
صلة الرحم كذلك تبلغ ذروتها في أسرتي بفضل الله و رحمته علينا

كيف لإنسانة خرجت من هذا الوسط المتحاب أن تتوقع شراً ولو واحد بالمئة في حياتها من هذا الجانب في حياتها .. ؟

جدتي ( والدة والدي رحمها الله )
توفت و أوصت بذهبها كله لأمي لأنها كانت المفضلة عندها
طبعاً امي لم ترضى و بعد وفاة جدتي وزعت كامل ذهب جدتي على بناتها ..

خرجت من رحم هذه الأم الرائعة
و من وسط هذه الأسرة التي بها مواقف بين نسائها و في علاقاتهم ببعضهم تسطر بماء الذهب
أساسها الخشية من الله عز و جل و القيم و العادات العربية الأصيلة

كنت أطمح أن أكون لوالدة زوجي على الأقل مثل عظمة أمي .. !

اقراء ماتكتبين بتمعن نضرا اني من الشمال الافريقي
ومن البداية يظهر ان سقف توقعاتك كان عالي فالصدمة كانت قوية

__________________

ألمني ما تقولينه 💔💔💔

__________________
اللهم اغفر لي ولوالدي واخواني واخواتي الاحياء منهم والاموات .. اللهم نسألك حسن خاتمه يارب .. لاتنسوني من دعواتكم

الحقيقة أن أدق ما يصفني بعد قراءتي للردود ( أني ذهلت ) !
لم أتوقع رداً واحداً ..
لأني كتبت الموضوع فقط ( لأرتاح بالحديث )
خاصة أني حين كانت في بيتي ( كنت ممنوعة من ردود الأفعال )
كان يمنعني ( الدين و الحياء و الأصول و تربية أهلي وعادات العرب و كرم الضيافة ) أن أرد عليها ب حرف
كنت ألتزم الصمت
لم أرد عليها يوماً
لا بل كان واقعي مؤلماً و حاداً و أكثر قسوة
حيث لم أتمكن حتى من الانعزال في غرفتي قليلاً لأحزن مع نفسي فكانت تقتحمها علي !
كنت حتى لا أستطيع ابداء انزعاجي أو ألمي حتى في ملامح وجهي ..

كنت لا أستطيع الرد
لا أستطيع الانعزال
لا أستطيع الشكوى لأي أحد خارج بيتي
لا أستطيع حتى ترك المكان على الأقل أو إبداء الانزعاج في ملامح وجهي
لا شيء لا شيء لا شيء

كنت فقط أبكي لوحدي
هذا هو الشي الوحيد الذي كان مسموحاً علي

بعض هذه الحدود وضعتها انا
وبعضها وضعها زوجي علي

تخيل شخصاً يمتلك عزة نفس بحجم الكرة الأرضية
ثم يوضع في ظرف يحرم عليه أبسط أبسط أبسط ردود الأفعال ..

لذلك وصلت لمرحلة انفجرت فيها و سعيت للموت بنفسي
شعرت أن وجودي تحت التراب أرحم لي مما أتعرض له ..

لم يكن معي سوى الله
كنت يومياً أكلمه بين الأذان والإقامة و قبل نومي

و كان معي حتى في لحظة انفجاري .. رحمني .. لم يكتب لي الخاتمة السيئة

أكثر ما كان يرعبني حين كنت أسمع عن مشاكل غيري أو تعرضهم للبلاء
أن يفقد أحدهم دينه بسبب الابتلاء

يرعبني هذا النوع من الابتلاءات .. يخيفني جداً
انا أخاف من الابتلاء لا لمرارته أو صعوبته .. لكن أخاف دائماً أن يترتب عليه فقداني لديني ( ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم )

..

كتبت بعد سيل من الدموع !

الأسبوع الأخير لوجودها في بيتي كان الأصعب
لكني كنت أحاول أن أصغي السمع قدر الإمكان للرسائل الربانية من ( الله ربي )
المبثوثة عبر مآذن المساجد في أوقات الصلوات الجهرية

فكانت المفاجأة المسجد الذي بجانبنا يتلو لأول مرة يومين على التوالي ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها )
ثم المسجد الآخر يتلو ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ) سورة العنكبوت *
ف آمنت و أيقنت أنها ابتلائي في دار البلاء

ثم في نفس الأسبوع اختباري في ٢٠ جزء من القرآن
و تختار لي المعلمة كذلك سورة العنكبوت

إيقاني بأن الله لا تخفى عليه خافية كان يزيد يقيني بقوة هذه الرسائل المتتالية ..!