زوجـــــــي... "بـارد".. "جـامـد".." جـلـف".." خـشـن".. "قـاس".. !!!
زوجــــي...
"بارد".. "جامد".." جلف".." خشن".. "قاس".. !!!
عجيب أمر ذلك الكائن الظالم..الذي يتخفى داخله "الذكر".. وراء ستار الاسم الحركي له "الرجل".. عجيب أمره في علاقته مع "الأنثى" التي يوقعها حظها في برائن حياة زوجية معه.. والتي هي مجرد "أنثى" فقط.. من دون أية ادعاءات أو أسماء حركية.. فيمارس عليها "تسلطه" المريض الظالم..!
والأعجب في تلك العلاقة..أن امرأته.. إذا قاومت تسلطه هذا بتسلط مقابل.. كما تقتضى قوانين "الفعل ورد الفعل".. شكا لكل الناس من أنها "امرأة مسترجلة".. لا تعرف شيئاً عن "ضعف" الأنثى الذي كان سيزيدها جمالا على جمال..!! وإذا هي استجابت لتسلطه بخضوع.. كما تقتضي قوانين "التكامل".. انفض عنها وزهد فيها.. وبحث عن أخرى تجيد مراوغته و "ملاوعته".. فهو-ككل البشر- يعشق الممنوع "المتمنع"..!! وإذا هي تركته يتسلط كما يحلو له.. فلا هي تسلطت عليه.. ولا هي خضعت له.. بل تجاهلت تسلطه.. وانهمكت فيما يشغلها بعيداً عنه.. حتى لا تهدم عشها بيديها.. عندها تعلو شكواه من أنها امرأة باردة.. جامدة.. مات فيها الإحساس.. وأصبحت أطلال امرأة.. لا تصلح أن تكون زوجة...!!
والأعجب من ذلك العجب أن هذا الكائن "الرجل" يمتلك – ولا ندري من أعطاه هذا الحق- حق نقاش أي قضية خاصة بينه وبينها.. مهما بلغت سريتها.. مع من يريد ووقتما يريد.. مستغلا حياءها وخجلها من الرد عليه –أو على الحكم الذي يختاره- بما يفحمه ويفند قضيته.. واسألوا ملفات قضايا المحاكم الشرعية..!!
وعليه فإن ذلك الرجل يكسب –دوما- قضيته مع تلك الأنثى.. بينما قدرها هي أن تظل الخاسرة دوما..!!
هذا الرجل .. يمكن مثلا أن يقيم الدنيا ولا يقعدها لو اكتشف- فجأة.. ومن دون مقدمات.. وبعد فترة زواج تطول أو تقصر- أن زوجته ليست من ذوات الدم "الحار".. بمعنى أنها – من وجهة نظره- امرأة جامدة.. باردة.. بينها وبين "الأنوثة" أمد بعيد.. فلا هي تنفعل بانفعاله.. ولا هي تقابل رغباته بما يجب أن تقابلها به.. ولاهي تناوش رومانسيته بنعومة لا تكتمل سعادته إلا بها.. ولا هي تذرف الدموع مع ذكريات الوله والغرام مثلما تفعل كل النساء..!!
أقول بأنه إذا اكتشف ذلك.. حقا أو باطلا.. فإنه يضرب عرض الحائط بسرية العلاقة الزوجية وحصانتها.. ويحكى مرتديا ثوب المظلوم.. للقريب والبعيد.. للأهل والغرباء.. عن بلواه في أنثاه.. ومصيبته في "حلاله".. وعن أن البحث عن طريق للخلاص قد أعياه.. وعن أن تفكيره –الأخرق- لم يتمخض إلا عن حل واحد وأوحد ووحيد.. ألا وهو يتزوج عليها.. لأنه كما سيقول للناس.. "بات يخشى على نفسه الفتنة"..!!
وأعجب من هذا الأعجب من العجب.. أنه يجد دوما جوقة من "الذكور" توافقه على رأيه.. وتؤازره في قراره.. كنوع من "الدونكيشوتية".. البديلة.. التي يمارس فيها البعض التمرد على "الضعف الشخصي" استعانة بـ "قوة الآخرين".. فيما يسمونه في نظرية التحليل النفسي بـ "الإسقاط" أو "التعويض".. دون أن يفكر أحدهم في أن يسأل "صاحبة الشأن" الأصيل.. عن "أقوالها" فيما هو منسوب إليها..!!.. والحق أنهم يفعلون خيراً إذا لم يسألوها.. ذلك أن إجابتها- يرحمها الله- لن تزيد على طأطأة الرأس خجلاً.. والصمت حياء.. ولعل لسان حالها الأخرس يقول له وللسائلين: "وافضيحتاه"..!!
تعالوا ننتقل إلى الجبهة الأخرى.. ونتساءل: ماذا لو أن المرأة.. هي التي تعاقر المشكلة ذاتها؟؟.. ماذا لو أن الابتلاء حاصرها هي .. فرزقت برجل لا يعرف من الدنيا إلا طعامه. وشهوته.. بعيداً عن الرومانسية والشاعرية والإحساس المرهف الذي يشجى المرأة ويفتح لرجلها عندها أبوابا من النعيم المقيم..؟؟.. هل تشكو مثلما يشكو؟؟.. هل تحكى للرائح والغادي بلواها.. أم أنها ستنكفئ على نصيبها "الأعرج" ..؟؟.. وإذا افترضنا جدلا أنها وأدت الخجل وصاحبت الشجاعة.. فقالت.. وحكت.. وشكت.. فهل سيستمع لشكواها أحد..؟؟ أم أن كلمة "عيب".. ستنتظرها على نواصي الألسنة.. لتلطم أنينها وشكواها.. من القريب والبعيد على حد سواء..؟؟
واحدة من النساء المبتليات في أزواجهن.. خرجت على القاعدة.. وجاءتني ذات يوم على استحياء تشكو.."برود" زوجها وهي تنتحب حتى حسبت من فرط عويلها أنها جاءت لتنعاه لا لتشكوه..!! فطيبت خاطرها ببعض كلمات طيبة.. نستدعيها في مثل تلك الموقف- بحكم عملنا- لنخفف الأمر على صاحب المشكلة.. ولنفتح له باباً رحباً للدخول إلى الحديث الذي جاء من أجله..
قالت وهي تشهق كالدجاجة التي ذبحت للتو.. "زوجي بارد.. جامد.. جلف.. خشن.. قاس.. وهو برغم سنوات الزواج الأحد عشر التي قضيناها صحبة.. لا يعرف كيف يفهمني.. ويبدو أنه لا يريد ذلك..!! فأنا- يا سيدي- امرأة رومانسية حتى النخاع.. تنساب دموعي حناناً لو ربتت يده على ظهري.. بينما هو رجل –كما يدعى- عملي أكثر من اللازم.. لا تروقه دموع الضعفاء من أمثالي..!! حياتي معه هي حياة النقيضين عندما يجتمعان.. فأنا أتمنى مثلا أن يمنحني كلمة شاعرية واحدة.. لأستجيب له , وأبادله.. أما هو فيرى أن امتلاء ثلاجة منزلي بكل ما لذ وطاب.. وتوفر المال في حافظة نقودي.. كاف لأن أركع عند أطراف أقدامه..!! أنا أتمنى لو أنه يغار على.. مثلما نتمنى نحن النساء أن يفعل معنا ولنا الرجال .. وأن ينفعل إذا التفت بغير قصد – إلى رجل سواه.. أما هو فيرى أن هذا لا يعدو أن يكون "لعب عيال".. وأنه رجل أعقل وأكبر من هذا بكثير..!! أنا أتمنى أن أراه زوجاً بكل ما في الكلمة من معنى.. وهو يرى أن على أن أنتظره في سريره لـ "أداء الواجب" .. أنا أعشق أن يطعمني الطعام بيديه.. وهو يرى أن يدي تستطيعان أن تفعل ذلك..!! أنا لا أمل أسأله كل يوم "هل تحبني؟؟".. وهو لا ينفك يجيبني بامتعاض "أسئلة المراهقات في مثل هذه السن لا تليق بك أو بي"..!! أنا أدعوه دوماً ليتابع معي قصص الحب العفيف.. وهو يتعمد في كل مرة أن يفضل مشاهدة مباراة في المصارعة.. أو برنامجاً عن عالم الحيوانات.. غير مكترث بمتابعتي أو رغبتي..!! أنا أنتظر منه لفتته الرقيقة في المناسبات والأعياد التي تمر بنا.. همسة أو لمسة حانية أو "كارت" رقيق تدغدغني حروفه.. أما هو فيسألني في كل مناسبة بجفاء.. "هل هناك ما ينقصك أو ينقص بيتك؟.. "..!! أنا امرأة تعشق التغيير.. بدءاً من تسريحة الشعر له.. على كل تغيير أجريه.. بالقول "أكيد دي تصرفات واحدة فاضية".. باختصار .. أنا–يا سيدي- في واد.. وهو في سفح جبل خلف سبعة جبال تفصله عني..؟؟
فهل من الدين ومن العدل أن أستمر بصحبته..!!؟؟
.... لم أحاول أن أنتقى كلماتي.. أو أرتب أفكاري للرد عليها.. "لا ... يا سيدتي.. أقسم أنه ليس من العدل أو الدين.. فاللقمة تطعمها في فم أهل بيتك صدقة.. كما يقول الرسول الكريم فيما معناه .. لا .. يا سيدتي .. فهذا الذي تعيشينه انتحار بطئ.. لا يرتضيه منصف أو عاقل.. والرسول الكريم يقول بأنه.. " لا ضرر ولا ضرار..!!"
ثم سرعان ما أدركتني حرفتي .. فأصلحت بعض انفعالي الإنساني "الفطري".. وغلبت على لساني بعض الحكمة.. فواصلت..
"ولكن يا سيدتي.. وآه من لكن تلك التي يجبرنا عليها الخوف على الحرائر من الضياع بعيداً عن سقف بيت آمن في ظل رجل يقيها غوائل الدهر.. أقول.. ولكن الدنيا- يا سيدتي- لا تعطي لأحد كل شئ.. ولا تحرم أحداً من كل شئ.. وعليه فإن الذي حكيته لي هو بعض عيوبة التي لا تعجبك فيه.. ولا أظن أنه خلو من المزايا التي تعجبك.. فتعلمي أن تنظري بـ "عدسات مكبرة" لمزاياه الأخرى... وأن تنظري بـ "نصف عين" إلى مثل تلك العيوب.. وبإمكانك أن تصنعي لنفسك – منفردة- عالما من الرومانسية تعيشينه بمفردك.. لترضى تلك الشاعرية داخلك.. ثم انتظري يوماً يأذن فيه الله له بأن يشاركك رومانسيتك.. يأذن فيه الله فيكافئك على أنك.. "رزقت مثله فصبرت"
.. مع خالص مواساتي..!!
منقول من كتاب <ترويض الرجل>..للدكتور / يحي الأحمدي
إحترامي
مع كل اااااااااالود لكم