[SIZE="4"][CENTER]بعض ما اشتهر عن المرأة من أحاديث ضعيفة ومكذوبة :
وقد آن الأوان لنراجع بعض ما اشتهر عن المرآة في القرون الأخيرة من أحاديث ضعيفة وموضوعة فمن ذلك :
1 . ( شاوروهن وخالفوهن ) ( رقم ( 512 عند ابن طولون ، 1529، عند العجلــوني ) وروى(12) العجلوني أنه لم يرو مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن عند العسكري عن عمر أنه قال : خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة .
2 . كذلك ورد بسند ضعيف جداً مع انقطاع عن أنس مرفوعاً : ( لا يفعلن أحدكم أمراً حتى يستشير ، فإن لم يجد من يشيره فليستشر امرأة ثم ليخالفها ، فإن في خلافها البركـــــــة ) .
3 . وروى العسكري عن معاوية : (عودوا النساء ( لا ) فإنها ضعيفة ، إن أطعتها أهلكتك ) .
4 . وروى بسند ضعيف عن عائشة مرفوعاً: ( طاعة النساء ندامة ) كما روي عن زيد بن ثابت مرفوعاً ..
5 . وروي عن أبي بكرة مرفوعاً : ( هلكت الرجال حين أطاعت النساء ..)(13) أما ما ينسب إلى عمر ( رضي الله عنه ) فقد ثبت عنه صحيحاً أنه خالف هذه النصوص كثيراً : فمن ذلك أنه كان " يقدم الشفاء بنت عبدالله في الرأي ويرضاها " ، وأنه استشار النساء في : كم تصبر المرأة على فراق زوجها ؟ وأنه ترك كبار الصحابة واقفين وأخذ يستمع إلى حديث خولة بنت ثعلبة حتى انتهت منه وقال في ذلك ما قال ، ومنه قوله : أصابت امرأة وأخطأ رجل ، والقصص في هذا كثير صحيحة .
أما ما يروى عن أنس مرفوعاً فقد خالفه النبي صلى الله عليه وسلم نفسه حين استشار أم سلمة في صلح الحديبية ، وعمل بمشورتها ، ووجد فيها البركة كلها(14) ، والعجب - كل العجب - من تعليق عالم جليل من علماء المسلمين هو إمام الحرمين(15) على هذه القصة حيث قال - فيما يروي عنه العجلوني وابن طولون وغيرهما - " لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة " وعلقا عليه بقولهما : " لكن اعترض عليه بابنة شعيب في أمر موسى عليهما الصــــلاة والســــــلام "(16) .. وتعليقهما عندي أعجب من قوله ! حيث لم يجد العالمان الفاضلان - ومن نقلا عنه - في التاريخ البشري كله إلا واقعتين أصابت فيهما المرأة ! فما قولهم إذن فيما أشارت به خديجة ( رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم ) - حين جاءه الوحي أول مرة - من الذهاب إلى ورقة بن نوفل ؟ وما قولهم في مشوراتها المتتابعة الصادقة المباركة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفيت ، فاستشعر لفقدها غاية الحزن.
وما قولهم فيما أشارت به ملكة سبأ على قومها بالإسلام وقادتهم إليه ؟ وما قولهم في مجمل أمرها الذي سجله القرآن الكريم في سورة النمل ؟ .
أما ما روي عن معاوية في هلاك الرجال بطاعة النساء ، فما نظنه صحيحاً ، فقد كانت أمه ( هند بنت عتبة ) في جاهليتها ثم في إسلامها - في مواقف عديدة - أحزم رأياً وأثبت جناناً من أبيه أبي سفيان سيد قومه وزعيمها في الجاهلية(17) .
أما ما يروى عن عائشة(18) وزيد بن ثابت وأبي بكرة مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم : فإن أخذ الكلام فيه على عمومه فهو مخالف قطعاً للوقائع الكثيرة الصحيحة التي ( لم تهلك فيها الرجال ) حين أطاعت النساء ! وما كان صلى الله عليه وسلم ليناقض قوله فعله ! بقي احتمال وهو : أكان هذا في خصوص واقعة بعينها لا تتعداها إلى غيرها أساءت المرأة فيها المشورة ( وهذا وارد أحياناً مثل الرجل ) فأطاعها رجال ما فهلكوا ؟ ربما كان الأمر كذلك(19) ، وإن كان ابن الجوزي قد أدخل حديث عائشة هذا ضمن الموضوعات(20) ! .
6 . والعجب من العجلوني بعد هذا حين عقب على الكلام على ( الحديث ) بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تعس عبد الزوجة " - ولم يخرجه - " فمن أطاعها فقد بدل نعمة الله كفراً (21) ) ومن ثم لم تكن هذه الروح تجاه المرأة مقتصرة على العوام ومن في حكمهم ، إنما تجاوزتها إلى العلماء ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .
والذي يقرأ ( قسم النساء ) في الكتب التي ترجمت للصحابيات والتابعيات ، تبين له أن هذه التراجم الصادقة تعطي صورة مختلفة تماماً ( إلى حد التناقض ) عن صورة المرأة التي تصورها هذه الأحاديث )(22) .
7 . ومن ذلك حديث ( اتقوا شرار النساء ، وكونوا من خيارهن على حذر ) وهو رقم (87 عند العجلوني ) ويقول عنه : " هو من كلام بعضهم ، وهو صحيح المعنى ، ففي الكشاف عن بعض العلماء قال : إني أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان ؛ لأن الله تعالى يقول : ( إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) وقال في النساء : ( إن كيدكن عظيم )(23) هذا كل ما علق به العجلوني على ( الحديث ) ، ومن الواضح أنه مع قطعه بأنه لا صلة له بالحديث النبوي - فإنه يصدر عن روح العداء للمرأة ، والخوف منها ، والزراية بها ، فهو يقول إن معناه صحيح ، أي متفق مع صحيح الإسلام ، وهذا غير صحيح ؛ لأنه يصدر عن سوء الظن بالمرأة الخيرة وانتظار الفساد منها وتوقعه في كل لحظة ! وهذا يخالف الأمر القرآني ( يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) (الحجرات 12 ) ، ثم لا يجد دليلاً على ذلك إلا قول ( بعض العلماء ) الذين نظروا للمرأة على أنها أسوأ من الشيطان نفسه وأكثر شراً ودعوة إلى الفساد والإفساد ! واستدلوا على ذلك بأن الله تعالى قال عن كيد الشيطان إنه ضعيف وعن كيد المرأة إنه عظيم . والواقع أن السياقين مختلفان : فالآية الأولى هي قوله تعالى : ( الذين أمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ) ( النساء 76 ) أما علة هذا الضعف فترجع إلى أن الله تعالى يكيد(24) لأوليائه : أي يدبر لهم أمورهم ويهيئ لهم خيرها ، ويكيد أعداءه - وأولهم الشيطان - فيبطل كيدهم ومكرهم وعملهم ، كما قال تعالى : ( إنهم يكيدون كيداً ü وأكيدُ كيداً ) ( الطارق 15 - 16 ) وقوله تعالى : ( كذلك كدنا ليوسف ) ( يوسف 76 ) ، فإذا قورن كيد الله تعالى بكيد الشطيان المخذول ( الذي ليس له سلطان على الذين أمنوا ) - ثبت ضعف كيده وهوانه .
أما الآية الثانية فسياقها - وموضوعها - مختلف ؛ إذ أنها تصور موقف هرب يوسف عليه السلام من فتنة امرأة العزيز ، وهي تطلبه ليرجع ويفعل ما تأمره به ، فإذا بهما أمام زوجها لدى الباب ، فلم ترتبك ولم تتلجلج في هذا الموقف العصيب بل على الفور قلبت الحقيقة وارتدت ثوب المرأة الفاضلة حين تشكو من يحاول إغراءها ! فالكيد العظيم هنا هو سرعة الانتقال النفسي - في لحظة واحدة - من موقف المجرمة المعتدية إلى موقف المظلومة المعتدى عليها وهي العفيفة المتأبية على الفتنة ، وانتقال مشاعر بعض النساء من النقيض إلى النقيض في لحظة واحدة كان مما يستوقف الرجال ويثير عجبهم ، يقول تعالى : ( واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يسجن أو عذاب أليم ü قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قُد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين ü وإن كان قميصه قُد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قُد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم ) ( يوسف 25 - 28 ) فالموقف مختلف ، وسياق الكلام فيه مختلف ، ونوع الكيد مختلف فلا يصح مقارنة الكيد هنا بالكيد هناك ؛ لأنه إنما يعني هنا براعة انتقال المرأة وسرعتها بين المشاعر المختلفة ، مما قد لا يستطيعه الرجل ، ومن هنا جاءت عظمة الكيد ، أما هناك فهو في مقابل كيد الله تعالى ؛ لأوليائه ولا شيء من فعل المخلوقات إلا وهو ضعيف حقير في جنب الله تعالى لأن كيده تعالى متين كمـا قال ( وأُملي لهم إن كيدي متين )(25) .
والعجب - كل العجب - من غفلة بعض العلماء عن هذا ! لكنه الشعور الجمعي المتوارث والمستكن أيضاً في اللاشعور يخاف المرأة ، ويحذرها ، وينتظر من صالحاتها فساداً وشراً متوقعين منها في كل لحظة ! .
وبمناسبة الحديث عن يوسف عليه السلام وصاحبته - فهناك حديث صحيح لا شك فيه سنداً ومتناً ،لكن بعض الجهال يتخذونه مستنداً للطعن في المرأة ، وبعض مدخولي العقيدة يتخذونه سنداً للطعن في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أو بعضهن .
والحديث برواية البخاري عن عائشة ( رضي الله عنها ) قالت : " لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه ، فحضرت الصلاة فأذن ، فقال : " مروا أبا بكر فليصل بالناس " فقيل له : إن أبا بكر رجل أسيف(26) ، إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس ، وأعاد ( قوله ) فأعادوا له ، فأعاد الثالثة ، فقال : " إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس " ، فخرج أبو بكر فصلى .. ووجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة ، فخـــرج ... ( صحيح البخاري ، أبواب وجوب صلاة الجماعة ، باب حد المريض أن يشهد الجماعة )(27) .
ويصور الحديث النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته وقد أمر أزواجه أن يبلغن أبا بكر الصديق ( رضي الله عنه ) أن يصلي بالناس بدلاً منه ، لكن عائشة ( رضي الله عنها ) لم ترد ذلك كيلا يتشاءم الناس به ( إذ يحل محل النبي صلى الله عليه وسلم ) - وقد صرحت بنيتها الباطنة بعد ذلك - لكنها " أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن الصديق ( رضي اللــه عنـــه ) كونه شديد الحزن رقيق القلب ، لا يستطيع أن يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم (28) في إمامة الناس فأعاد النبي صلى الله عليه وسلم أمره ، فأعادوا عليه قولهم ( ويبدو أن عائشة وجدت من يؤيدها فيما أظهرته ) فلما كانت الثالثة قال صلى الله عليه وسلم لهن : " إنكن صواحب يوسف " وأصر على قوله ، فخرج أبو بكر فصلى بالناس .. وتشبيهه صلى الله عليه وسلم الحاضرات ( أو بعضهن ) اللاتي راجعنه في أمر أبي بكر ، بصواحب يوسف إنما هو في اختلاف الظاهر المعلن عن الباطن الخفي ، أما الظاهر في قصة يوسف فهو حضورهن إجابة لدعوة امرأة العزيز لإكرامهن في بيته ، وأما الباطن الخفي فهو أن ينظرن إلى حسن يوسف وأن يعذرن امرأة العزيز في محبتها له ، فليس في هذا الشبيه ( في مجمله ) إلا وصف المرأة بأنها أحياناً تظهر في موقف ما سبباً معلناً غير السبب الحقيقي الذي تخفيه .. وهذا صدق وحق ، ولعائشة وصاحباتها فيه عذر الخوف على أبي بكر ( رضي الله عنه ) أن يتشاءم الناس منه إن حدث الموت بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وله أن يزجر أزواجه مؤنباً مؤدباً كي يطعنه فيما أمر ، ولم يقل في ذلك إلا حقاً ! لكن هل تنفرد المرأة وحدها بفعل هذا ؟ الرجال أيضاً يفعلونه في مواقف عديدة يظهرون فيها غير ما يبطنون مراعاة منهم لاعتبار ما ، لكن ربما كانت المرأة بطبيعتها أكثر فعلاً له(29) .. مرة بسبب الحياء ، وأخرى مكراً وتدبيراً ودهاء.. وهن بذلك كله متصفات ! فلا شيء في الحديث كله يعيب . ولنقرأ الآيات ( وقال نسوة في المدينة امرأتُ العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حباً إنا لنراها في ضلال مبين ü فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن واعتدت لهن متكئاً وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم ü قالت فذلكن الذي لمتنني فيه .. )(30) .
ثم لنعد إلى الأحاديث المشتهرة ..
التعديل الأخير تم بواسطة خواطر امراة ; 01-10-2007 الساعة 11:57 AM