الأشعة الصوتية واختبارات الهرمونات تكتشف العيوب الخلقية مبكراً
د.محمد بن حسن عدار
استكمالا لما تحدثنا عنه في العدد السابق عن الفحوصات المبكرة أثناء الحمل لاكتشاف العيوب الخلقية للجنين نواصل في هذا العدد الفحوصات الأخرى المهمة الذي قد يلجأ إليها استشاريو علم الأجنة للاستقصاء عن المشاكل الولادية. فهناك العديد من الجهود التي بذلت لتطوير هذه الفحوصات فهناك اختباران قد يكونان مفيدين في الكشف المبكر للحمل. وهذان الاختباران هما بروتينات الثلث الأول من الحمل وشفوفية الناحية القفوية عند الجنينNuchal translucency و هناك اختبار ثالث هو التشخيص الوراثي قبل الانغراس pre-implantation genetic diagnosis حيث يوفر فحصا للأبوين اللذين يستخدمان طريق الإخصاب بطفل الأنبوب IVF ان هذه الاختبارات لا تزال محدودة الاستعمال ولكن بدأت تتنامى وأصبحت متوفرة في بعض المراكز الطبية المتقدمة.
وكما هو معروف في كل اختبارات الاستقصاء أو التحري فان هذين الاختبارين بحاجة إلى إثبات بإجراء احد الاختبارات التشخيصية مثل أخذ عينة من الزغابات المشيمية أو أخد عينة مبكرا من السائل الامنيوسي.
بروتينات الثلث الأول من الحمل:
يظهر نوعان من البروتينات في الثلث الأول من الحمل هما : موجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية الحرة بيتا ( free-? HCG) و البروتين البلازمي-أ المصاحب للحمل ( PAPP-A) ويمكن كشفهما من خلال فحص يجري على الدم، كما وجد ان ارتفاع نسبة خطورة وجود متلازمة داون قد ترافق مع وجود مستويات شاذة من هذين البروتينين وهذين الهرمونين ليس لهما علاقة ببعض، لذا فان قياس أحدهما يعطي معلومات تختلف عن التي يعطيها الآخر، كما يمكن لنتيجة احدهما ان تعزز نتيجة الآخر أو بالعكس فقد تشكك فيهما. تعطي النتائج المأخودة من هذين الاختبارين مع عمر الأم عند الولادة نسبة الخطورة المتوقعة لمتلازمة داون ، مماثلة بذلك نسبة الخطورة المتوقعة المأخودة من نتائج الاختبار الثلاثي، كما أنها تعطي هذه النسبة بشكل أكبر من الاختبار الثلاثي الذي عادة يجرى في الثلث الثاني من الحمل. هناك بعض الحدود لهذا الاختبار، حيث تعد الفترة ما بعد الأسبوع الثاني عشر من الحمل هي الوقت الأفضل لقياس موجهة الغدد التناسلية المشيمائية الحرة بيتا HCG?. في حين يبدأ البروتين البلازمي-أ المصاحب للحمل A-PPAP يفقد دقته الاختبارية بعد الأسبوع الثالث عشر من الحمل مما يعني ان هناك فترة زمنية صغيرة يمكن خلالها إجراء هذين الاختبارين كما يجب معرفة مدة الحمل بدقة لتجنب الخطاء.
شفوفية الناحية القفوية عند الجنين ( Nuchal translucency):
يجرى هذا الاختبار باستخدام الاشعة الصوتية حيث يقيس حجم ناحية محددة تقع تحت جلد الجهة الخلفية لرقبة الجنين، حيث ان ازدياد هذا الحجم قد يشير إلى وجود متلازمة داون أو إلى وجود أي عيب خلقي مثل عيوب القلب الخلقية أو إلى وجود شذوذات أخرى ولا يعرف الأطباء تماما سبب حدوث ذلك ولكن يعتقد ان سبب ذلك هو تراكم السائل اللمفاوي الناجم عن نقص في نمو القنوات اللمفاوية.
التشخيص الوراثي قبل الغرس PGD :
ويعتبر الخيار الثالث بالنسبة لاختبارات ما قبل الحمل ويلجا لهذا الاختبار عند عمليات التلقيح الصناعي خارج الجسم بتقنية أطفال الأنابيب، حيث يقوم الأطباء إجراء اختبارات وراثية على المضغة الجنينية قبل غرسها في الرحم ويعد هذا الإجراء معقدا ،حيث ان عملية تخصيب البويضات تحدث في المختبر مما يؤدي إلى تخلق مضغ عديدة ثم تنزع خلية واحدة من كل مضغة ويجرى عليها تحليل وراثي ثم تنقى المضغ الخالية من العيوب الوراثية ويتم غرسها في الرحم. ولكي يستخدم هذا الاختبار فإنه ينبغي أن يكون هناك خطر كبير عند الزوجين لمجيء طفل لديه مشكلة معينة قابلة للكشف بواسطة هذا الاختبار، كما ينبغي على الأبوين ان يخضعا لاختبارات كشف الاضطرابات الوراثية. يهدف هذا الاختبار إلى البحث عن العيوب الوراثية التي يحتمل على الأغلب حدوثها مثل الطفرات الوراثية أو المراتبات الصبغية المتوازنة، وهذا الفحص مفيدا عن بعض الحالات مثل فقر الدم ألمنجلي أو داء التليف الكيسي. ويجرى هذا الاختبار أيضاء لتحديد جنس الجنين قبل الغرس.
ومن المهم التذكير بان هذه الاختبارات هي للتحري فهي لا تستطيع ان تكشف عن الوجود الفعلي للمشاكل والعيوب، وإنما تشير فقط إلى وجود خطورة معينة تتعلق بوجود مثل هذه المشاكل ولهذه الاختبارات محدوديتها لبعض الأمراض فإذا كانت النتائج طبيعية فان الاحتمال يظل قائما لمجيء طفل مصاب بمشكلة صحية وحتى عندما تكون النتائج غير طبيعية فقد يكون احتمال نتائج ايجابية كاذبة مثلما يمكن ان يكون هناك نتائج سلبية كاذبة.
الأشعة الصوتية:
إن الفحص بالأشعة الصوتية هي أكثر الاختبارات التي تستخدم لتقييم الجنين ما قبل الولادة ويستخدم الأطباء التصوير بالأشعة الصوتية لتحديد الحمل وتشخيص بعض الأنواع من العيوب الخلقية مثل شذوذ الحبل الشوكي أو عيوب القلب في بعض الحالات. يعمل هذا الفحص عن طريق توجيه أمواج صوتية ذات طبقة عالية جداً نحو أنسجة الجنين ثم ترتد هذه الأمواج وتترجم بصريا إلى رسم من مساحات مضيئة وأخرى مظلمة وتحدث هذه الأمواج صورة للجنين على شاشة. تتوفر العديد من النماذج لطريقة الفحص بالأشعة الصوتية وهي:
الأشعة الصوتية المعيارية: ويقدم هذا النوع صوراً ثنائية الأبعاد يمكنها ان تعطي معلومات عن الحمل للطبيب المعالج حيث قد يظهر العمر ألحملي للجنين وكيف يتنامى والعلاقة بين جسم الأم والجنين ويستمر إجراء هذا الفحص حوالي عشرين دقيقة.
الأشعة الصوتية المتقدمة: وتدعى أيضا فائق الصوت ألهدفي وتستخدم غالباً لاستكشاف الشذوذات المشتبه بها الموجودة على فائق الصوت القياسي أو في الاختبار الثلاثي ويعد هذا الفحص أكثر شمولا وربما يستخدم معدات أكثر تعقيداً كما ان زمنه أطول حيث يستغرق أكثر من ثلاثين دقيقة وعندما يرى الطبيب ان الحمل عالي الخطورة فإنه يوصى بهذا النوع من الفحص ويتصف هذا الفحص بأنه طريقة غير جارحة للجسم وقد تضيف معلومات أعمق بحيث لا يوجد بديل عنها سوى طريقة البزل الامنيوسي الوراثي ، ويمكن ان يستخدم هذا النوع من الاشعة الصوتية في رؤية رأس الجنين وعموده الفقري بشكل مفصل حيث إنه فعال بنسبة 95% في تشخيص عيوب الأنبوب العصبي.
الأشعة الصوتية المهبلية: في أول الحمل يكون الرحم وقناتي فالوب اقرب إلى المهبل من سطح البطن. ويعطي هذا الفحص صورة أكثر وضوحا للجنين وما يحيط بة تراكيب وبنى ويقوم هذا الفحص باستعمال أداة رفيعة شبيهة بالعصا حيث يجري وضعها داخل المهبل وترسل هذه الأداة أمواجا صوتية وتستجمع البيانات المنعكسة.
الأشعة الصوتية ثلاثية الأبعاد: وهو النموذج الأحدث من الأشعة الصوتية، حيث يقدم إشكالا ثلاثية الأبعاد شبيهة بتلك الموجودة في الصور الفوتوغرافية وهي تستخدم في المراكز الطبية المتقدمة من اجل تحسين فهم الصور المأخودة بالأشعة الصوتية المتقدمة.
الاشعة الصوتية الدوبلري Doppler) : ) يقيس التصوير بالدوبلر التغيرات الدقيقة في تواتر الأمواج فوق الصوتية عندما ترتد عن أجسام متحركة كخلايا الدم ويمكن لهذا الفحص ان يقيس سرعة الدم واتجاهه في أي مكان يمر فيه وبذلك يستطيع الطبيب المعالج ان يحددوا مقدار المقاومة الموجودة تجاه تدفق الدم في أثناء جريانه في مختلف أنسجة الجسم. وإذا كان لذا المريضة الحامل ارتفاع في ضغط الدم فربما يفيد هذا الفحص في تقدير نقص تدفق الدم المتجه نحو الجنين أو المشيمة مما قد يفيد الطبيب في أخد فكرة عن تأثير الضغط المرتفع أو الشدائد الأخرى في الجنين.
منقوووووووول