جرى العرف بين الرجال في مجالسهم على الإشارة إلى زوجاتهم بتعبير وزارة الداخلية وهم يقصدون- ظاهراً- ما تمارسه النساء من رقابة ومحاسبة على تحركات أزواجهن،
وإن كان الأمر لا يخلو من إسقاط باطني لجميع الانطباعات التي تعتل في نفس الموطن العربي إذا ذكرت وزارة الداخلية من قمع وقهر وتعسف وتسلط ومهانة وتجبر.
على أية حال فإن هذا ليس موضوعنا، فنحن نرى أنه من الظلم للزوجة قصر وصفها على وزارة الداخلية فمن إذن وزارة الصحة؟ أليست هي التي تطبب كل مريض في البيت وتسهر على راحته وتتفرغ لإعداد طعامه الخاص وترقب مواعيد دوائه، ولا يغمض لها جفن حتى يسترد عافيته ويمن الله عليه بالشفاء، ومن وزارة التموين؟ إذا كانت الزوجة هي التي تحصر الاحتياجات وتحدد حجم المشتريات وتتولى توزيع الأقوات على الأفراد والأوقات، ومَن وزارة الدفاع؟ التي تعلن الحروب على الأقارب وتثير الفتن مع الجيران، ثم تتولى استخدام كل الأسلحة الفتاكة لعلاج ما أثارته من مشاكل، ومن وزارة المالية والاقتصاد؟ إذا كانت الزوجة هي التي تستولى على دخل الزوج وتجبره على توزيعه بالكيفية التي تراها مناسبة.
ووزارة أخرى كنت قد نسيتها وذكرني بها أحد الأصدقاء لأهميتها وهي وزارة التخطيط التي مهمتها تحديد الأهداف ورصد ودراسة المشاكل وتوقع احتمالاتها واقتراح الحلول لها ودرء مخاطرها عن المجتمع، فمثلا هذه زوجة جديدة رصدت مشكلة أسرية خطيرة تهدد مستقبل حياتها الزوجية، فقد لاحظت أن زوجها محب لأمه مرتبط بأسرته وهذا قد يترتب عليه الإكثار من زيارتهم وقضاء وقت طويل معهم، وقد يتفاقم الأمر إلى حد استشارتهم في حياته وتأثيرهم على قراره، أما الأخطر فهو أن يؤدي تعاطفه معهم إلى تقديمه مساعدات مادية لأحد منهم بصورة منتظمة أو طارئة، والهدف هو قطع علاقته بأسرته أو على الأقل تعكيرها لتجنب آثارها، أما خطة الحل الذكي فافتعال مشكلة صغيرة في إحدى زياراتهما المشتركة لمنزل أمه، مجرد مشكلة استفزازية تقتصر على كهربة الأجواء دون أن ينسب إليها إهانة أو إساءة، ثم يعقب ذلك الاعتذار المتكرر عن مرافقته لزيارة عائلته بدعوى أنهم لا يستريحون لها، مما يدفعه بشكل طبيعي لتقليل تلك الزيارات فإن لم يفعل تحتم مواجهته بأنه يهملها ويؤثر أهله عليها، ويسيء استغلال تسامحها معه في السماح بزيارته لهم وعلاقته بهم رغم أنهم لا يحبونها، وفي هذا إهانة لكرامتها وجرح لمشاعرها لن تقبله بعد اليوم، وبالطبع تنجح الخطة في بلوغ الهدف.
عزيزي الزوج:
يحق لك اليوم أن تزهو وتفخر بأنك إنما تزوجت مجلس الوزراء الموقر بكامل أعضائه.
العدد (70) يوليو 2002 ـ ص: 57
الفرحة