تمهل وتأمل قبل أن تطلق ..........؟؟
هذه مطويه للشيخ عبدالملك القاسم وهي موجهه بالدرجه الأولى للزوج المتسرع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
أخي الكريم: أعرف أنك اليوم تحمل هموماً كثيرة، ولديك غموماً متوالية، أحياناً قد تحجبك عن السير في الإتجاه الصحيح.
دعنا نتعاون معاً في إنهاء هذه المعضلة التي نزلت بك، ونرفع سوياً المعاناة التي ألمت بك فإن أمر الطلاق عظيم، وقد يكون له مضاعفات على الزوجة مع فراق الأبناء وغير ذلك.
وقبل أن نبدأ المسير؛ انطلق بنا نطل على بيت النبوة، حال وقوع مشكلة أسرية وكيف هو موقفه منها.. نسير في وقفتين سريعتين مع خير الأخيار وسيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، لنرى موقفاً جرى له مع زوجاته أمهات المؤمنين.. فقد ذكر تلك القصة ابن سعد في الطبقات الكبرى [8/137]:
الموقف الأول: عن أم ذرة عن أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها قالت: ( خرج رسول الله ذات ليلة من عندي، فأغلقت دونه الباب، فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له، فقال: { أقسمت إلا فتحته } فقلت له: تذهب لأزواجك في ليلتي هذه، قال: { ما فعلت ولكن وجدت حقناً من بولي } ).
نبي هذه الأمة عليه الصلاة وقائدها ومعلمها يخرج لحاجته فيغلق دونه الباب، في الليل المظلم ويستفتح الباب فترفض زوجته.. فيقسم عليها أن تفتح له الباب، ويوضح لها ويشرح لها بكلمات حانية رقيقة لماذا ذهب؟! عندها ترضى أم المؤمنين رضي الله عنها. وتفتح له الباب وينتهي الأمر!! ولم يكن لينتهي لولا سعة حلمه، ونبل صفاته !!
أما الموقف الثاني: فهو موقف يقع أحياناً بين الضرات، فكيف حال الزوج، حين يقع بينهن أمر يكدر الخاطر، وكيف يتصرف حين تشتد الأمور وتظهر علامات القطيعة؟
روى النسائي عن أم سلمة رضي الله عنها: ( أنها أتت بطعام في صفحة لها إلى رسول الله وأصحابه فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر - حجر - ففلقت به الصفحة، فجمع النبي بين فلقتي الصفحة ويقول: { كلو، غارت أمكم } مرتين، ثم أخذ رسول الله صفحة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة، وأعطى صفحة أم سلمة عائشة ) وهكذا أنهى النبي المشكلة بتصرف حكيم!.
أوردت هاتين القصتين بين يدي الأخ الكريم حتى يعرف أن للصفح مكاناً وأن الإحسان أولى وأتم، كما قال تعالى في مدح المؤمنين: الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134] فهذه منازل تجعل المؤمن يتنازل عن حقوق له ويعفو عمن أساء إليه، لتدوم المحبة وتبقى الألفة. بل وتحسن إلى من أساء إليك، وهذا يتحقق لمن منحه الله عز وجل مرتبة عالية في حسن المعاملة وطيب المنبت..
أخي الكريم: أطرح بين يديك علاجاً شافياً بإذن الله عز وجل لما ألمّ بك، وجلاءٌ لما أصابك، ومن ذلك:
أولاً: عدم العجلة في الأمر: فإن العجلة مذمومة في كل شيء إلا في عمل الخير، وأراك ذلك الرجل الفطن الذي تدقق وتراجع، وتقدم وتؤخر في شراء سياؤة مثلاً، وما أنت فيه اليوم أولى وأحق بذلك، ثم إن التأخير لا يضرك شيئاً، وإن لم ينفعك فلن تندم بإذن الله، كم من رجل ندم على العجلة والطيش ولم يندم على الـتأخير مطلقاً، والقرار بيدك اليوم أو غداً فلم العجلة؟
ثانياً: من عادة عقلاء الناس إرجاع الأمور إلى أهلها واستشارتهم، فها أنت تستشير في شراء قطعة أرض أصحاب العقار والمهتمين بذلك، فمن باب أولى أن تقصد طلبة العلم والعلماء وتشرح لهم ما أنت فيه، فإن الحق ضالة المؤمن. وأنت بإخوانك عزيز الرأي ثاقب الفكر.
ثالثاً: ما نزل بك من الهموم والغموم والمشاكل إنما هو من أنواع الابتلاءات التي يجب الصبر عليها واحتساب الأجر فيها، قال : { ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة، يشاكها إلا كفّر الله بها من خطاياه } [متفق عليه] وأكثر من الإسترجاع.. قال :
{ ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول أمر الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف لله خيراً منها } [رواه مسلم].
رابعاً: طهر قلبك من الحقد والكراهية: فإن هذه الأمور تجعل على عينيك غشاوة تجعل فكرك مشلولاً، والشيطان يفرح بذلك النصيب منك، فاحذر أن تبني مصير حياة زوجية على حقد أو كراهية أو انتصار للنفس، والنبي يقول: { اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة } [رواه النسائي].
سادساً: لا تنس أن في بقاء الزوجة مع محاولة إصلاحها، إعفاف لبصرك، وسمعك وفرجك، من نزعات الشيطان. والإنسان ضعيف يتصدى للفتن بما أحل الله عز وجل وشرع.
سابعاً: إن كان لك أبناء فإنهم قد يعانون من سرعة إتخاذك للقرار، وقد تحرمهم حنان الأم أو حنان الأب، واعلم أن جزءاً من سعادتك هي رؤية صغارك من حولك، وأنت الآن على مفترق طرق فلا تتعجل الأمر، وإن كان عليك مشقة في البقاء مع الزوجة، إلا أن رجاء صلاح صغارك يجعلك تتحمل ذلك، فكم تحملت من التعب والحزن لأجلهم.
ثامناً: ابتعد عن الكبر والتسلط والانتصار للنفس، فإن النبي كان رأس المتواضعين وهو أشرف الخلق. وتجنب إيقاع الطلاق بدون سبب شرعي، ولا يكن فعلك حال الطلاق أو بعده الرغبة في الانتقام بإيذاء المسلمة أو أهلها فإن هذا من الظلم.
تاسعاً: اقرأ سيرة رجال كرام كان لهم أدوار عظيمة في قيام الأمة من الصحابة والتابعين وكيف هو حالهم مع زوجاتهم، بل واقرأ النماذج الحية من حال النبي مع زوجاته!.
عاشراً: توجه إلى الله عز وجل بالدعاء والاستغفار والصدقة لعل الله أن يصلح ما فسد وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً [الطلاق:2].
يتبـــــــــــــــــــــــع
__________________
•(≈• سُبْحَانَڪِِ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِڪِِ.أَشْهَدُأَن ْلاَإِلَهَ إِلاَّأَنْتَ.أَسْتَغْفِرُڪِِ وَأَتُو بُ إِلَيْڪِِ •≈)•