الوفاء بالعهد.. خلق عال - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 05-03-2012, 08:10 AM
  #1
ابن عمر محمد
عضو مميز
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 335
ابن عمر محمد غير متصل  
الوفاء بالعهد.. خلق عال

الوفاء بالعهد.. خلق عال


جمال عبدالناصر

في زمننا هذا ابتعد كثير من الناس عن أخلاقيات ديننا الكريم، ففَصَلوا بين الجانب العمَلِي والجانب النظري، والإسلام قولٌ وعمل، فلا بُدَّ مِن الأخْذ بالاثنين معًا، ولا ينفعُ الانتماءُ للإسلام قولاً فقط، بل لا بد من عمِلٍ يُبرهِن على إيمان المرء بربه - جلَّ وعلا - فالإيمان اعتقاد بالقلب، وقول باللِّسان، وعمَل بالأركان.

ولقد وصَّانا ربُّنا - تبارك وتعالى - في مطْلَعِ سورةٍ كُبرى مِن السور الطوال؛ فقال الحق - جلَّ وعلا - في مستَهَلِّ سورة المائدة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ [المائدة: 1]، فالعقود: جمع عقد، وهو: العهد الموثق.

والمراد بالعقود هنا: ما يَشمل العقود التي عقدها الله علينا، وألزمَنَا بها؛ مِن الفرائض والواجبات والمندوبات، وما يشمل العقودَ التي تقع بين الناس بعضهم مع بعض في معاملاتِهم المتنوِّعة، وما يشمل العهود التي قطعها الإنسانُ على نفسه، والتي لا تتنافَى مع شريعة الله - تعالى.

المؤمنون عند شروطهم:

وقد قال الإمام القرطبي في تفسيره للآية السابقة: المعنى: أوفوا بعقد الله عليكم، وبعَقْدكم بعضكم على بعض، وهذا كلُّه راجع إلى القول بالعموم وهو الصحيح، وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمنون عند شُروطهم))، وقال أيضًا: ((كلُّ شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائةَ شَرْط)).

فبيَّن أن الشرط أو العقد الذي يجب الوفاء به ما وافق كتابَ الله؛ أيْ: دين الله، فإنْ ظَهَر فيهما ما يخالف رُدَّ، كما قال نبيُّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن عَمِل عمَلاً ليس عليه أمْرُنا، فهو رَدٌّ)).

الامتثال لأوامر الله:

رَوى ابنُ أبي حاتم أنَّ رجلاً أتى عبدالله بن مسعود فقال: اعْهَدْ إليَّ، فقال له: إذا سمعْتَ الله يقول: "يا أيها الذين آمنوا" فأَرْعِها سَمْعك؛ فإنه خيرٌ يَأمر به، أو شَرٌّ يَنهى عنه.

وقد أخذ العلماءُ مِن هذه الآية الكريمة وجوبَ الوفاء بالعهود التي شرعها الله - تعالى - وهذا المعنى تَزْخَر به سورةُ المائدة في كثير مِن آياتها.

وقَالَ الله - تعالى -: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ﴾ [الإسراء: 34] ، وقال تَعَالَى: ﴿ وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ ﴾ [النحل: 91]، وقال تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، وقال تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ﴾ [الصف: 2 - 3].

وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قَالَ: ((آيَةُ المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وَعَد أخلف، وإذا اؤْتُمن خان))؛ متفق عليه.

زاد في رواية لمسلم: ((وإن صام وصلَّى، وزَعَم أنه مسْلِم))؛ (رياض الصالحين للنووي - ج1/ ص 388).

النبي القدوة دائمًا:

لقد كان رسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - قدوةً في الوفاء بالعهد، فها هو يأمر عليَّ بن أبي طالب أن يَبِيت في فراشه ليلةَ الهجرة؛ كي يرُدَّ الأمانات إلى أهلها، أوَلَيس هو القائل: ((أدِّ الأمانة إلى مَن ائتمنك، ولا تَخُن مَن خانك))؟

وها هو - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُعاهِد سُهيل بن عمرو في الحديبية، فيأتي أبو جندل بن سهيل بن عمرو مُستصرِخًا مستنصرًا، فيردُّه رسولُ الله وفاءً بالعهد.

وها هو أبو بصير يأتي إلى مدينة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعد صُلْح الحديبية، فترْسِل قريش في عقبه رجلين يأخذانِه، فقالا: يا محمد، رُدَّه إلينا بالعهد الذي بيننا وبينك، فردَّه النبي الكريم وفاءً بعهده، غير أن أبا بصير مكَّنه الله من أحد الرجلين فقتله، وفرَّ الآخر عائدًا إلى رسول الله في المدينة، فلما رآه الحبيب المصطفى قال: إن هذا رأى ذعرًا.

فإذا بأبي بصير يأتي ثانيةً قائلاً: يا نبي الله، قد أوفى الله ذمَّتَك ونجَّاني الله منهم، فيقول النبي الكريم: ((ويل أمه مسعر حرب))! وهنا عَلِم أبو بصير أنَّ رسول الله لا محالة رادّه إلى قريش؛ وفاءً بالعهد الذي بينه وبينهم.

فهرب أبو بصير إلى منطقة تسمى "سيف البحر" عند البحر الأحمر، ومكث بها ولحق به أبو جندل بن سهيل وكلُّ مَن أسلم مِن قريش؛ فجعلوا يُرهِبون قريشًا، ويأخذون قوافلَها، حتى استغاثت برسول الله أن يأذن لهؤلاء النفر باللحاق به في المدينة؛ وبذلك يكون النبي الكريم قد ضرب لنا المثل الأعلى في الوفاء بعهده.

الصحابة قدوة في الوفاء:

لقد كان أسيادنا الصحابة - رضي الله عنهم - المثَلَ الأعلى في الالتزام بالأخلاق العالية، والوفاء في بَيْعِهم وشرائهم، بل فَتَحوا بلادًا بأكملها بحُسْن خُلُقهم.

فمِن المعلوم لِمَن قرؤُوا التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية العطرة - أنَّ أخلاق الصحابة كانت تَجذِب الناس للدُّخول في الإسلام، كما جرى وحدث بالفعل في بلاد السند، حيث فتحت هذه البلاد دُونَما أن يُرَاق دَمٌ، بل فتحت بأخلاق الصحابة؛ من وفاء وأمانة وصدق.

إذ كان الناس يرونهم، فيعجبون بأخلاقهم، فيسألون عنهم: مَن هؤلاء؟ فيقال لهم: هؤلاء أصحاب محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم -؛ فيَسألون: ومَن محمد هذا؟ فيقال لهم: هذا نبي جاء بدعوة الإسلام، فيُقبلون على دين الله أفواجًا.

فأين المسلمون اليوم من سادتنا الصحابة - رضي الله عنهم؟ ما أحوجنا إلى تاجر وَفِيٍّ، وصانع وفِيّ، ومعلم وفِيّ، ومسؤول وفِيّ؛ كي ترجع لنا مكانتُنا بين الأمم، وكي يعود لنا عزُّنا وشرفُنا.

رد مع اقتباس
قديم 07-03-2012, 01:26 PM
  #2
انتظار الفرج
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية انتظار الفرج
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 2,935
انتظار الفرج غير متصل  
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن عمر محمد مشاهدة المشاركة


فأين المسلمون اليوم من سادتنا الصحابة - رضي الله عنهم؟ ما أحوجنا إلى تاجر وَفِيٍّ، وصانع وفِيّ، ومعلم وفِيّ، ومسؤول وفِيّ؛ كي ترجع لنا مكانتُنا بين الأمم، وكي يعود لنا عزُّنا وشرفُنا.

بارك الله فيك ونفع بما خطت يداك
__________________

إذا كثُر الاستغفار في الأمة وصدَر عن قلوبٍ بربّها مطمئنة دفع الله عنها ضروباً من النقم، وصرَف عنها صنوفًا من البلايا والمحن،
{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:17 PM.


images