هي مسألة معقدة وشائكة أكثر مماتتخيل ياعزيزي ولكن يمكن إيجاز ذلك في حالتين فقط وتتشعب الحالتان إلى عدة أقسام فيمكن القول بأن أي شخص يستطيع معرفة قيمته الاجتماعية بين الناس عن طريق أحد هاتين الحالتين وهما أولا: اهتمام الآخرين بك واحترامك وتقدير شخصيتك وهذا لايخرج عن سببين
أ- إما مجاملة لوضع ومكانة اجتماعية أنت تتبوأها وهذا السبب سلاح ذو حدين لأن هذا الاهتمام سيكون اهتماما مرحليا أي ينتهي بانتهاء الشيئ الذي وجد من أجله بمعنى إذا تغيرت وضعية حالتك الحالية للأسوأ فستجد تغيرا كليا في معاملة الآخرين لك لأنها مبنية على مصلحة اكتسبوها منك وعند فقدانها فلانفع لهم من التقرب إليك
ب- أما السبب الثاني فقد يهتم بك الآخرين لصفات خلقية أوجدها الله فيك كحسن الخلق والتدين وغيرها من الصفات الحسنة التي تحبها النفس البشرية وهذا السبب كمعدن الذهب مهما علاه الغبار عندما ينتفض يزداد لمعانا وبريقا وعندها لن تتغير معاملة الآخرين لأنك أنت من اكتسب قلوبهم بحسن فضائلك وستجد نفسك يوما بعد يوم تكسب مزيد من محبة الآخرين لك
ثانيا: تجاهل الآخرين لك وهذا أيضا مبني على سببين هما على النحو التالي:
أ- احتقارك من قبلهم لعدم وجود فائدة مرجوة من معاشرتك وهنا فلتطمئن لأن العيب ليس فيك وتذكر دائما قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم .....) فربما أنك أثقل ميزانا عند ربك من ذي مكانة يلهث الناس وراءه وهم الخاسرون لأن المرء يوم القيامة يحشر مع من أحب فلا تبتئس بأفعالهم تجاهك
ب- قد ينفر الناس منك لسوء أخلاقك وسمعتك الرديئة بينهم فكل منهم يخشى على سمعته عندما يعاشرك وهنا أنت المخطئ فلاتلومن إلا نفسك وتذكر قوله تعالى ( ولن يغير الله مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم.....) فلا تنتظر تغير معاملة الآخرين للأحسن دون أن تغير حالك لأحسن مما أنت عليه فالجزاء من جنس العمل
هذه حالتان تعرف عن طريقهما قيمتك عند الآخرين ولكن هناك حالة هي نادرة الحدوث وقد تكون استثنائية وهي أنك تعيش في مجتمع لايعرفونك ولاتختلط بهم كثيرا فهنا لاتلق باللوم على أحد لأن الذي لايعرفك لا يقدر ثمنك وأنت المسؤول عن التعريف بشخصيتك ويتم ذلك بعدة طرق منها الاختلاط مع الآخرين والبشاشة في وجوههم ومشاركتهم مناسباتهم وأحزانهم وإظهار حسن الخلق في مختلف أفعالك فعندها بعد فترة ستجد نفسك واحدا منهم
ماأردت الوصول إليه هو أن المجتمع كخلية النحل يكون المتعاون فيها محبوبا والشاذ فيها منبوذا فإذا اهتم فيك الناس فأسأل نفسك لماذا يهتمون بك فإن كان لشيئ حسن فاعمل على تقويته وإن كان لمصلحة فاحذر لأن المصلحة يستحيل استدامتها لأنه لا يدوم على حال واحد سوى الله وإن تجاهلوك أيضا فأسأل نفسك فإن كان لتدني مكانتك بالمجتمع ولا فائدة لهم منك فلاتحزن فربما تكون بمنزلة أفضل منهم يوم القيامة أما إن كان لسوء أخلاقك دور في ذلك فلتغير من نفسك وتذكر أن أقرب الناس منزلا من الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة أحسنهم أخلاقا
((اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق فإنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها فإنه لا يصرف سيئها إلا أنت ))