فصل في الزاهد من يلزم الصمت الدائم
وينفرد عن مخالطة أهله
فيؤذيهم بقبح أخلاقه وزيادة انقباضه وينسى قول النبي: (( إن لأهلك عليك حقا ))، وقد كان رسول الله يمزح فيلاعب الأطفال ويحدث أزواجه وسابق عائشة إلى غير ذلك من الأخلاق اللطيفة فهذا المتزهد الجاعل زوجته كالآيم* وولده كاليتيم لانفراده عنهم وقبح أخلاقه لأنه يرى أن ذلك يشغله عن الآخرة، ولا يدري لقلة علمه أن الانبساط إلى الأهل من العون على الآخرة، وفي الصحيحين أن النبي قال لجابر: ((هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك)) وربما غلب على هذا المتزهد التجفف فترك مباضعة ** الزوجة فيضيع فرضا بنافلة غير ممدوحة.
* الآيم: أَي الكَاسَدِة، وهو أَن تبقى المرأَة في بيتها لا يخطبها خاطب أي التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أَحد.
** المباضعة: مجامعة الزوجة.
تلبيس ابليس لإبن الجوزي، ج1، ص194.