عندما كنتُ عازباً
كنتُ أحلم بنصفي الآخر
وعندما أقول نصفي الآخر .. أعني بنصفي الآخر في كل شيء
في حياتي .. في قلبي .. في عواطفي .. في أحلامي .. في دموعي
حيث بالرغم من كثرة أصدقائي .. ومعارفي
لا أتحدث كثيراً عما في قلبي
لا أتحدّث عن الذي يهديني العسل .. ممزوجاً بالسم
ولا عن الذي يصفّق.. إذا اخترقت قلبي سهام الألم
كنتُ أظن أنني سوف أدخل جنة الدنيا
وأنا أمسك بيد حوريتي
واضعاً ورائي الحزن .. والكتمان .. والغربة
تزوجت منذ سنتين ونصف
رزقني الله بولد
زوجتي .. منذ الأيام الأولى للخطوبة
أدركتُ أنها ليست التي أريد
لا شكلاً .. ولا عقلاً .. ولا نسباً
رغم أنها طالبة دراسات عليا .. إلا أنها في واد .. والعلم في وادٍ آخر
أشعلتُ قناديل الأمل .. وقلتُ سوف تتغير إذا تزوجتها
وسوف أتغاضى عن لا يمكن تغييره .. كالشكل مثلاً
أقنعتُ نفسي أن أنظر إلى الشمس .. وأتعامى عن الغيوم
ولم أفكر، حينها، بالانفصال
لكي لا أطفأ فرحتي والديّ .. واللذان فرحا بخطوبتي .. بعد عزوبيةٍ طويلة نوعاً ما
ما كنتُ بأن كل ذلك سوف أدفع ثمنه .. فيما بعد
بل من رأى زوجتي .. قبل الخطوبة .. من قريباتي
نقلن لي أوصاف شكلية تختلف تماماً عما رأيته .. بعد الزواج !
ومنهن .. أمي !
حتى في النظرة الشرعية .. كان الارتباك على أشده
والخجل كذلك .. من طرفينا
وهي النظرة الشرعية الأولى لكلينا
ولم أفكر بالرفض !
وهي ليست بالمرأة القبيحة إطلاقاً .. لكنها ليست بالبيضاء أو الطويلة !
دعونا من الشكل .. فلم يعد من أولوياتي الآن !
تزوجت .. وأصبح نصفي الآخر خارج خريطة حياتي !
" نصفي الآخر " .. خارج الخريطة !
تعيش في عالم ٍ آخر .. ليس للعلم على عقلها أي بصمة
وهي التي أفنت حياتها في الدراسة !
شاردة ذهنياً .. طيلة الوقت
لا للوقت لديها قيمة .. ولا للمال
ولا تخطيط .. ولا أهداف
سوى أنها تجيد القيام بواجباتها المنزلية
حاولتُ تغييرها .. تعديلها .. تطويرها
ولكن محاولاتي كلها .. كانت صرخة في وادي
لم أكن أريد تفصيلها .. على مقاساتي
أو تذويب شخصيتها .. في إنائي
لكن كنتُ أريد منها .. أن تكون أفضل مما هي عليه
رددتُ ولا أزال " تغيير شخص واحد أصعب من تغيير دولة بأكملها " !
والأمر .. والأهم
لا أستطيع البوح في قلبي لها .. عما أعانيه
أو عن مشاكلي في العمل .. أو في الأسرة
وإذا حاولت .. لا أجد لديها صدى أو اهتمام
الكثير يغبطون حياتنا الزوجية
وهم رأوا ألوان الورد .. لكنهم لم يلسعهم النحل
كلمت أمي .. حدثت أبي
وأني ارتكبتُ خطأ فادحاً بزواجي من هذه الفتاة .. ومن أسرتها
وأنه لم يعدني يربطني بهم .. سوى ولدي الوحيد !
أرى في وجه أبي ندم على الارتباط بها .. وأمي تخالفه في ذلك
ولكنهما لا يبوحان بذلك .. حتى لا يشجعان على الانفصال .. أو الزواج
عليها
فكرتُ بالطلاق .. ولكن لم أرى له مبرراً معقولاً
فكرتُ بالتعدد .. ولكنه حملٌ ثقيل ينوء به ظهري النحيل
كتبت كثيراً .. عن مشكلتي في هذا المنتدى
ووجدتُ من الآراء الحكيمة .. ما جعلني عاجزاً عن شكرها
هربتُ إلى ساحل جديد .. هو " الاهتمام بنفسي لنفسي "
مع الحفاظ على كيان الزوجية الصغير
فقد يكون الخطأ مني .. وأنا لا أعلم
ورغم محاولة الهروب إلى نفسي
ما زال في قلبي .. مساحة كبيرة للأنثى
أحلم بأنثى جميلة رائعة .. تحتل وجداني
وتسمع صوتي .. وتشاركني حديثي
أحلم بأن أضمها .. أنام في حضنها
أشكو لها كل ما أعانيه
تفهم من عيوني نظرات .. دون أن أتكلم
تمرر أصابعها على شعري
" الاهتمام لنفسي بنفسي " .. ما كانت إلا هروباً من الفطرة السوية
وفراراً من العاطفة الجياشة .. إلى الواقع العملي
وهي ليست ناجحة كثيراً .. أشبه ما تكون بالمخدر
والذي ينتهي مفعوله في أي لحظة !
والله لا قيمة للجمال في الحياة .. بدون النصف الآخر
والذي أسلفت تعريفه في أول حديثي
لا تقولون بأن هذا مستحيل .. أو خيال
والله رأيت حالات، وإن كانت قليلة، لأزواج هم روحٌ واحدة بنصفين !
فكلُ نصفٍ .. هو النصف الآخر .. في كل شيء تقريباً
وهنيئاً، كل الهناء، لمن رزقهم الله هذه النعمة الجلّى
لدي استشارة
هل أواصل المسير في الاهتمام بنفسي، حتى وإن تكسرت أحلامي على صخور الواقع ؟!